مصطلحات نفسية: الطفل غير المرغوب

الطفل غير المرغوب: Unwantel child

شبكة النبأ: قاد علماء النفس التشيكوسلوفاك ببراغ، في بداية السبعينات، من 1971 إلى 1974، دراسة مقارنة تناولت مئتين وعشرين طفلاً من الأطفال غير المرغوبين، أعمارهم بين عشر سنوات وإحدى عشرة سنة، ومئتين وثمانين طفلاً مرغوباً لهم الأعمار نفسها (الجماعة الضابطة). وعلينا أن نعلم أن الإجهاض مشروع في تشيكوسلوفاكية؛ ولكن ممارسته غير ممكنة إلا بطلب من الأم ولأسباب طبية أو اجتماعية، وفي الأشهر الثلاثة من الحمل فقط. وليست كل الالتماسات مقبولة مع ذلك ولجنة المقاطعة للإجهاض ولجنة المنطقة للاستئناف ترفض نحو 2% من الطلبات. وكانت أمهات الأطفال المئتين والعشرين غير المرغوبين قد طلبن، في مناسبتين، إيقاف الحمل وقوبلن بالرفض في المرتين. ويؤكد ذلك أن أياً منهن لم تكن ترغب في هذا الطفل. وعندما وُلد، احتفظن به مع ذلك، في أغلب الأحيان، في أسرة كاملة مع أن إمكان التخلي عنه متوافر، كما هي الحال في أوضاع مماثلة (عدد الأطفال موضع التخلّي، والموضوعين بهدف التبني أكثر ارتفاعاً بست وثلاثين مرة، لدى أولئك الذين كانت أمهاتهم قد رأين طلب الإجهاض مرفوضاً، من عددهم في المتوسط لدى السكان التشيك).

ونرى، إذا جمعنا الملاحظات كلها أن ثمة أيضاً فروقاً، حتى بعد تسع سنوات من الولادة، بين الأطفال غير المرغوبين والأطفال الآخرين. فالأطفال غير المرغوبين لم يكونوا يختلفون في البدء، من وجهة النظر البيولوجية (حمل، ولادة، وزن عند الولادة، الخ)، عن أولئك الأطفال الذين كانوا مرغوبين. ولكنهم لم يكونوا قد أرضعوا إلا خلال فترة زمنية قصيرة، أقصر كثيراً من نظرائهم في الجماعة الضابطة؛ إنهم كانوا يقتضون عناية طبية أكبر وكان نموهم الجسمي أقل انسجاماً (في هذه الحالة، زيادة في الوزن) من نمو الأطفال المرغوبين، ولم تكن أمهاتهم يعترفن لهم إلا بمزايا أقل، في العمر السابق على المدرسة وفي فترة استقصائنا على حد سواء. وكان المعلمون في المدرسة يعتبرون أن قدراتهم ضعيفة بالحري وطبعهم أكثر عسراً من طبع رفاقهم في الصف. ومن وجهة نظر الذكاء، المقيَّم انطلاقاً من سلّم ويشلر للأطفال (W.I.S.C)، لا يوجد مع ذلك فارق ذو دلالة مع جماعة إنجازاتهم المدرسية (الصبيان أكثر من البنات).

فالفروق التي أوضحها الاستقصاء والامتحانات السيكولوجية لم تكن لها، في أي حال من الأحوال، أي سمة مأساوية، ويمكننا القول إن طفلاً لا ترغبه أمه ينتهي إلى أن يتجاوز إعاقته ويضع نفسه على مستوى الآخرين، إذا لم يشكل موضوع نبذ دائم من أمه.

متعلقات

الطفل غير المرغوب فيه واشكالية علاقته بوالديه(1)

 عندما يرتبط الرجل والمرأة بعلاقة زواج في المجتمعات الحديثة غالبا ما يتساءلان في بداية زواجهما: متى يجب أن ننجب طفلنا الأول؟ وتختلف الإجابة على هذا السؤال من أسرة لأخرى باختلاف ظروفهما الاجتماعية والاقتصادية والثقافية… ويمكن حصر هذه الإجابة في احتمالين رئيسيين: إما أن يقرر الزوجان تأخير الإنجاب بعض الوقت باللجوء إلى وسائل عديدة بانتظار أن يتمتعا أكثر بعلاقتهما الزوجية قبل تحمل مسؤولية الطفل، وبانتظار أن يوفرا للوافد الجديد الظروف الملائمة لمجيئه، وإما أن يقررا الإنجاب دون تأخير لرغبتهما في أن ينجبا طفلا في مرحلة مبكرة من زواجهما.

عندما يكون الطفل غير مرغوب فيه من طرف والديه أو أحدهما:

في بعض الحالات قد يأتي الطفل دون أن يكون مجيئه مرغوبا فيه من طرف والديه أو من طرف أحدهما على الأقل، كأن يكون مجيئه نتيجة عدم فاعلية الوسائل التي لجأ الزوجان إليها لتأخير الإنجاب، أو نتيجة خطأ في استعمال هذه الوسائل. وقد يكون الزوجان يرغبان في أن يرزقا بطفل ذكر إلا أنهما يرزقان بأنثى، أو قد يحدث العكس. وفي هذه الحالات يأتي الطفل دون أن يكون مرغوبا فيه من طرف والديه أو من طرف أحدهما، الأمر الذي ينعكس –بصفة شعورية أو لا شعورية- على تعاملهما مع الطفل حيث يرضخان على مضض للأمر الواقع مما يشعرهما بالذنب لإدراكهما أن الطفل ليس مسؤولا عن كل ذلك.

وفي مجتمعنا العربي باعتباره مجتمعا أبويا ذكوريا فإن الشعور بالذنب قد يبلغ درجة قصوى حيث يقدم الزوج، في بعض الحالات، على تطليق الزوجة لأنها لم تنجب طفلا ذكرا على الرغم من أن الرجل –من الناحية العلمية- هو المسؤول عن تحديد جنس المولود، أو قد يتزوج بامرأة أخرى على أمل أن تلد له طفلا ذكرا، أو قد يعرب صراحة عن عدم ارتياحه لمجيء الطفل مخالفا بذلك ما تدعو إليه القيم الروحية والأخلاقية والاجتماعية.

والذي يهمنا في هذا الموضوع هو وضعية الطفل الذي يأتي إلى هذا العالم وهو غير مرغوب فيه: كيف يعامل من طرف والديه، وانعكاسات مجيئه عليهما وعلى علاقتهما ببعضهما البعض؟ وهذا التساؤل يشمل أيضا الطفل الذي يعامل من طرف والديه بشكل يجعله يشعر بأنه غير مرغوب فيه من طرفهما. وعدم رغبة الوالدين بابنهما قد تكون شعورية أو لا شعورية. وغالبا ما يكون التعبير عنها بكيفية غير مباشرة ولا شعورية، فقد يتسم تعامل الوالدين مع الطفل غير المرغوب فيه بنوع من القسوة التي لا يجد الأبوان تفسيرا لها، كأن لا يستجيبان لمعظم رغباته ويضيق هامش التسامح في تعاملهما معه بحيث يؤنب ويعاقب لأتفه الأسباب، مما يشعره فعلا بأنه غير مرغوب فيه من طرف والديه، الأمر الذي يبعث فيه الخوف وعدم الشعور بالأمن. ويشير المعالج النفسي الفرنسي راباي في هذا الصدد إلى أن الأفراد الذين يعتقدون بأنهم مرغوب فيهم من طرف والديهم يشعرون بالاطمئنان والتوازن النفسي، على عكس الذين يعتقدون بأنهم جاؤوا إلى هذا العالم بطريق الخطأ أو صدفة فإنهم يعانون من صعوبات في علاقاتهم بوالديهم ويشعرون بالذنب كما لم كان الخطأ ما زال مستمرا.

وأي طفل لا يريد فقط أن يكون مرغوبا فيه من طرف والديه، وإنما أيضا يريد أن يكون هو وحده المرغوب فيه قبل غيره من الآخرين حتى ولو كانوا إخوته. وليتذكر كل منا بعض مراحل طفولته ليرى كيف أنه أحيانا كان يتنافس مع إخوته وأخواته للاستئثار بعطف الوالدين وحبهما، وأنه كان يحرص أن لا يغضب والديه له كان يمنحه شعورا بالأمن والثقة بالنفس.

الحب هو الغذاء النفسي للطفل:

يخطئ بعض الآباء الذين ينظرون إلى أبنائهم كما لو كانوا مجرد جهاز هضمي، ويغيب عنهم أن الأطفال لا يحتاجون فقط إلى الطعام.. وإنما أيضا إلى الحب والعطف، وإلى أن يشعروا بأنهم مرغوب فيهم وبأنهم يحظون برعاية أسرهم وعنايتها، كما أنهم مصدر سعادتها وفرحها. ومما يؤكد هذه الحقيقة أن الإحصائيات المتعلقة بانحراف الأحداث في مختلف المجتمعات المعاصرة تشير إلى أن عدم توفر الوسط الاجتماعي الملائم لنمو الطفل، حيث يحرم الطفل من اهتمام ورعاية والديه وعطفهما عليه… يشكل السبب الرئيسي لانحراف الأحداث.

إن الحب هو الغذاء النفسي للطفل، وحاجة الطفل للحب لا تقل عن حاجته للطعام. ويخطئ الآباء عندما يربطون حبهم للطفل بما يحققه من نجاح فيؤكدون له بأنه كلما نجح أحبوه أكثر، وكلما فشل فإن حبهم له يتناقص. وعلى الآباء أن يظهروا لأبنائهم حبهم الدائم لهم، وأن لا ينسوا أن الحب يعتبر من أهم الشروط الضرورية لنمو شخصية الطفل بكيفية سوية. لذا فقد نص المبدأ السادس من الإعلان العالمي لحقوق الطفل على حاجة الطفل إلى الحب والتفهم لكي تتفتح شخصيته وتنمو بكيفية متوازنة.

ولتأكيد أهمية الحب في نمو شخصية الطفل فقد نشرت صحيفة الفيغارو الفرنسية نتيجة استطلاع أجري على عينة من الأطفال الفرنسيين تتراوح أعمارهم بين 8 و14 سنة، وعرضت على الأطفال مجموعة كبيرة من الكلمات، وطلب إليهم اختيار أجمل هذه الكلمات وترتيبها تنازليا حسب تقديرهم لجمالها وما توحيه إليهم من معاني رقيقة. وقد اختار غالبية الأطفال المستجوبين كلمة "حب Amour" كأجمل كلمة في اللغة الفرنسية، أما كلمة الأم Mère فقد جاء ترتيبها الحادي عشر، وكلمة أب Père جاء ترتيبها الخامس والعشرين.

ومن المفارقات التي قد نصادفها في مجتمعاتنا في هذا المجال أن الأم، وقد أنجبت ابنها الذي لم تكن ترغب بإنجابه، ينتابها خوف من شعورها بعدم رغبتها بالمولود الجديد، فتحاول إخفاء هذا الشعور بما هو نقيض له، فتبدي اهتماما مبالغا فيه نحو طفلها وعطفا شديدا عليه، كما لو كانت –بطريقة غير واعية- تريد التكفير عن شعورها الآثم إزاء ابنها الذي لم تكن ترغب في مجيئه إلى هذا الوجود. ويكتشف المعالجون النفسيون أحيانا أن التعلق الشديد والمرضي بالطفل قد يكون في الأصل تعبيرا عن رغبة لا واعية برفض هذا الطفل.

الطفل غير المرغوب فيه من طرف زوج الأم، أو زوجة الأب:

بالنظر لتزايد حالات الطلاق في مجتمعاتنا فإن كثيرا من الأبناء يجدون أنفسهم بعيدين عن أمهاتهم أو آبائهم حيث يجبرون على العيش، في غالب الأحيان، إما مع زوجة الأب أو مع زوج الأم عندما يتزوج الأب من جديد أو تتزوج الأم من جديد. وعلى سبيل المثال يستفاد من بحث ميداني أجرته الجمعية المغربية لمساعدة الأطفال ذوي الحالة غير المستقرة (A.M.E.S.I.P.) على عينة من الأطفال المشردين بمدينة الرباط، أن 33 بالمائة من الذين شملتهم الدراسة يعيشون مع آباء مطلقين أو أمهات مطلقات، وأن 40 بالمائة من هؤلاء الآباء والأمهات تزوجوا من جديد. وقلما تنجح الأسرة –في هذه الحالة- في تفادي مشاعر الكره والرفض التي تنتاب الطرفين (الابن وزوجة الأب، أو الابن وزوج الأم). ونتيجة لذلك كثيرا ما يتوزع أفراد الأسرة بين طرفين متصارعين بكيفية صريحة أو خفية.

فالابن الذي يضطر أن يعيش مع زوجة والده الذي انفصل عن أمه يشعر بالعداء إزاء زوجة والده التي يعتبرها مسؤولة عن انفصال والده عن أمه، ويحاول أن يلجأ إلى كل ما من شأنه أن يثيرها كتعبير عن رغبته في الانتقام منها، وتبادله زوجة الأب نفس الشعور إذ تعتبره يمثل المرأة التي ترى فيها غريمة لها.

وتتأجج مشاعر الكره المتبادل عندما تنجب الزوجة ويشعر الابن أن زوجة أبيه تعامله بقسوة وحقد على عكس معاملتها لابنها الذي أنجبته. وكثيرا ما تقع نزاعات داخل هذا النوع من الأسر بسبب سوء معاملة زوجة الأب لابن زوجها مما يجعل الأب يشعر بالإحراج، فهو من ناحية، يتعاطف مع ابنه المظلوم، ومن ناحية أخرى لا يرغب في تعميق الخلاف مع زوجته.

ونفس المعاناة يعيشها الابن، مع زوج أمه، حيث تتعاطف الأم مع ابنها، مما يثير غيرة وغضب الزوج، وأحيانا يتطور الموقف إلى نزاع مكشوف بين الزوج وزوجته. ويتعزز شعور الكره بين الابن وزوج أمه عندما تنجب هذه الأخيرة ولدا يعامل من طرف والده بمزيد من الحب والعطف، على عكس المعاملة القاسية التي يلقاها ابن الزوجة من طرف زوج أمه.

وينطبق هذا التحليل على الابنة التي تجد نفسها –بسبب انفصال والديها عن بعضهما البعض وزواج والديها من جديد- مجبرة على أن تعيش إما مع زوجة الأب، أو مع زوج الأم، فإذا تعلقت الابنة بوالدها –وهذا ما يقع غالبا- فإن زوجة الأب تشعر بالغيرة من هذه الفتاة التي تقاسمها حب زوجها. ونفس الموقف يتكرر عندما تتعلق الابنة بأمها، فإن زوج الأم يشعر هو الآخر بالغيرة من هذه الفتاة التي تقاسمه حب واهتمام زوجته.

ويتأجج الصراع بين الزوج وزوجته عندما يبالغ كل منهما في الاهتمام بابنه أو ابنته (أو بابنها أو ابنتها) كتعويض عن الحنان الذي افتقده الابن أو البنت بسبب ابتعادهما عن الأم أو الأب. ويتخذ الصراع طابعا خطيرا عندما يلجأ الابن أو البنت إلى أساليب في السلوك تستهدف الانتقام من زوجة الأب أو زوج الأم، أو يفقدان القدرة على الاستمرار في هذا الجو المشحون بالبغضاء والقسوة فيقرران الهرب من المنزل ليتعرضا لكل احتمالات الانحراف.

وليس من باب الصدفة أن نجد في مؤسسات رعاية الطفولة كثيرا من الأحداث الذين ألقي عليهم القبض وأودعوا في هذه المؤسسات بتهمة التشرد. فمن الأسباب التي تدعو بعض الأحداث إلى التشرد القسوة التي يعاملون بها داخل أسرهم. وغالبا ما تكون هذه القسوة في المعاملة من طرف زوج الأم أو زوجة الأب، أو من طرف كليهما، خاصة عندما تشعر الأم أن علاقتها بزوجها الجديد قد تسوء بسبب ابنها، كذلك الشأن بالنسبة للأب الذي يشعر أن وجود ابنه إلى جانبه قد يكون سببا في سور علاقته بزوجته الجديدة.

وعلى الآباء والأمهات الذين قادتهم الظروف إلى الزواج من جديد والعيش مع طفل الطرف الآخر أن يكون سلوكهم إزاء هذا الطفل يتميز بنوع من المرونة واللباقة بحيث يشعر الطفل بالاطمئنان الذي يخفف من وطأة ابتعاده عن أمه أو أبيه. وعلى هؤلاء الآباء والأمهات عدم اعتبار طفل الطرف الآخر خصما أو عدوا، وأن كل ما يصدر منه من تصرفات موجه ضدهم ويستهدف الانتقام منهم وتحديدهم، وعلى الآباء والأمهات أن يكونوا على وعي مسبق بالصعوبات التي سيواجهونهامع أطفال الطرف الآخر وأن قرارهم بالزواج من جديد يجب أن لا يكون سببا في تعاسة الآخرين، بل يمكن لهم أن يتكيفوا مع هذا الوضع ويوفروا الظروف المناسبة التي تشعر جميع أفراد الأسرة بالاطمئنان والأمن. وإذا طرح الطرفان، قبل إقدامهما على الزواج، جميع الجوانب المتعلقة بالعيش مع طفل الطرف الآخر، وتوصلا إلى اتفاق واضح بشأن هذه القضية، أمكن لهما التغلب على الصعوبات التي قد تعترضهما في المستقبل بهذا الشأن.

كيف يدرك الطفل أنه غير مرغوب فيه:

قد يتساءل البعض: هل يدرك الطفل، خاصة في سنواته الأولى، أن والديه لم يكونا يرغبان فيه، أو كانا يتمنيان لو كان من جنس آخر (ذكر أو أنثى)، رغم أنهما لا يعبران عن ذلك صراحة؟

الواقع أن الطفل يدرك، من خلال تعامل والديه معه، ما إذا كان مرغوبا فيه عند ولادته أم لا، أو يدرك ما إذا كان والداه يرغبان بأن يرزقا طفلا ذكرا عوض الأنثى أو العكس.

وبدون أن يشعر الوالدان فإنهما يعبران عن هذه الرغبة من خلال إشارات قد تبدو تافهة وسطحية، إلا أن الطفل يستطيع استيعابها وفك رموزها. فقد يرزق الأبوان بطفل ذكر إلا أنهما كانا يتمنيان لو رزقا بأنثى، وكتعبير عن هذه الرغبة المحبطة والتي لم تتحقق يعاملان طفلهما الذكر –في كثير من المواقف- كما لو كان أنثى، كأن يطيلا شعره، أو يصبغا أظافره، ويختارا له من الألبسة التي يشترك فيها مع الإناث، ويحيطا برعاية تحاط بها عادة الطفلة… إلى غير ذلك من الممارسات التي لا تخفى على الطفل ويدرك معناها الحقيقي ولو بكيفية غامضة وغير دقيقة.

وفي مرحلة لاحقة قد ينجلي هذا الغموض لدى الطفل، خاصة عندما يتعرض لمعاملة قاسية من طرف والديه دون أن يكون لهذه المعاملة في نظره مبرر ظاهر ومعقول. عند ذلك يتساءل الطفل، وأحيانا بصوت مسموع، هل أنا بالفعل ابن مرغوب فيه من طرف والدي؟ وإذا لم أكن مرغوبا فيه فلماذا جئت إلى هذا العالم، أو لما جيء بي إلى هذا الوجود؟ وإذا لم يكن مجيئي تحقيقا لرغبة والدي فما مسؤوليتي في ذلك؟ وبمقارنة المعاملة التي يلقاها غيره من الأطفال من طرف والديهم والتي تقوم على العطف والحب.. بالمعاملة التي يلقاها هو من والديه يدرك الطفل أن هناك أمرا يخفيه والداه عنه ويتعلق بعدم رغبتهما في إنجابه مما يجعله يشعر وكأنه عبء على والديه.

ويستشهد هشام شرابي في كتابه مقدمات لدراسة المجتمع العربي بشهادة شاب تونسي تعكس هذا التساؤل الذي كثيرا ما يطرحه أبناؤنا على أنفسهم. يقول الشاب التونسي في شهادته: "من منا نحن العرب يستطيع أن يزعم بأن عائلته أو البيئة التي عاش فيها قد أرادته وقبلته وأحبته واعترفت بذاتيته؟ لا أحد بكل تأكيد. إذ كيف يمكن للإنسان أن يكون محبوبا عندما ينحصر وجوده في كونه شيئا مفيدا قد جرى إنتاجه من أجل استمرار العائلة وضمان شيخوخة الوالدين، أو من أجل إرضاء كبرياء الأب الذي يثبت رجولته بكثرة أطفاله..".

وكتعبير عن شعوره الغامض بأنه غير مرغوب فيه قد يلجأ الطفل إلى التخريب ومعاكسة والديه وأحيانا إلى التمرد على سلطتهما، وكأنه بذلك يعاقبهما لكونهما يتخذان منه هذا الموقف، أو قد يسقط هذا العقاب على ذاته على شكل سلوك مازوخي Masochique يهدف من خلاله –وبطريقة غير مباشرة- إلى إيلام والديه، كأن يتعمد الطفل أن لا يهتم بدروسه، وبالتالي يتعمد الفشل، لأنه يدرك بأن فشله سيغضب والديه ويؤلمهما، وبذلك يتمرد على موقف والديه اللذين يشعرانه بأنه غير مرغوب فيه. وهذا الشعور يعطيه صورة سلبية عن ذاته ويجعله يميل إلى الخروج عما هو متعارف عليه في محيطه كتعبير عن رفضه، وقد يدفعه ذلك حتى إلى الانحراف.

ولعل ظاهرة الأطفال المشردين، أو ما يسمى بظاهرة أطفال الشارع، هي النتيجة شبه الحتمية للطفل غير المرغوب فيه. فعندما تحدث القطيعة بين الطفل ووالديه نتيجة معاملة الوالدين اللاإنسانية للطفل لا يجد الطفل من سبيل له للتخلص من الوضع الذي يعاني منه سوى الهروب من المنزل والتسكع في الشارع ليتعرض لجميع أشكال الانحراف. والهروب –في هذه الحالة- يعتبر خطابا غير مباشر موجها للوالدين بعد أن انقطع التواصل المباشر بين الطرفين. وكأن الطفل بلجوئه إلى هذا "الهروب-الخطاب" يريد أن يقول لوالديه: إنكما تتحملان مسؤولية غيابي، وعليكما أن تتألما كما تألمت، وأن تعيشا معاناتي، ولن أعود إلى "المنزل-السجن" الذي حشرت فيه، وسأبحث خارج هذا السجن عن الحرية وعن من يمنحني الحب والتقدير والأمن.

كما قد يلجأ الطفل، غير المرغوب فيه إلى الصمت، أو يحتمي بالصمت كرد فعل على ما يعانيه من إحباط وتجاهل وانعدام الشعور بالأمن والحب… من طرف المحيط الذي يعيش فيه لا سيما من طرف والديه أو من ينوب عنهما. والصمت في هذه الحالة "سلاح عدواني" Arme aggressive يلجأ إليه الطفل كسلوك انسحابي يهرب فيه من مواجهة الموقف ليسقط ما يشعر به من توتر على ذاته. ومثل هذا السلوك يظهر على الخصوص لدى الأطفال الذين يعيشون في وسط لا يقبل الحوار ولا يتيح لأفراده التواصل الطبيعي والتعبير العفوي عما يشعرون به، الأمر الذي يجعل الطفل يرى في الصمت ملجأه الأخير. ومما يؤسف له أن بعض الآباء أو المعلمين.. يعاقبون الطفل إما بالضرب أو التخجيل… ويفرضون عليه الصمت ويمنعونه من التعبير عن انفعالاته (الكلام، البكاء…)، وكثيرا ما تتردد عبارات مثل: "اسكت، اخرس…" على لسان الآباء وهم يزجرون أبناءهم أو يعاقبونهم.

إن من أسباب تولد المشاعر العدوانية لدى الطفل شعوره بأنه غير مرغوب فيه من طرف أسرته أو من طرف رفاقه في المدرسة.. مما يجعله غير قادر على ضبط هذه المشاعر والتحكم فيها، فيميل إلى العزلة والخوف والخجل ويشعر بالنقص والدونية وعدم الثقة بالنفس. وقد يعبر الطفل في هذه الحالة عن مشاعره العدوانية من خلال أحلام اليقظة أو اللعب التمثيلي أو الإيهامي، حيث يسقط مشاعره العدوانية على لعبة يلهو بها أو على شخصيات خيالية يسبغ عليها كل الصفات التي يشعر أنه محروم منها.

والطفل الذي يعاني من صعوبة التوافق مع مشاعره العدوانية غالبا ما يبدو سلوكه متناقضا بكيفية واضحة، فإما أن يكون سلوكه عدوانيا مفرطا في عدوانيته، أو يكون هادئا هدوءا مبالغا فيه، وهاتان الحالتان تشكلان مظهرا لعدم قدرة الطفل على أن يضبط مشاعره العدوانية ويتحكم فيها.

ومأساة الأطفال المتبنين أصدق تعبير عن معاناة الطفل غير المرغوب فيه. فالطفل المتبنى، رغم ما يغدق عليه من اهتمام واستجابة لحاجياته لا سيما المادية منها، لا بد وأن يشعر –إن آجلا أو عاجلا- بأنه لم يكن مرغوبا فيه في حد ذاته، وأنه ألحق بالأسرة التي تبنته كحل لمشكل تعاني هي منه. وعندما يصل إلى مرحلة المراهقة ثم الرشد تظهر المأساة على السطح ويصبح من الصعوبة بمكان إخفاؤها ومعالجتها.

الطفل غير المرغوب فيه بسبب عاهته الجسمية:

قد يعاني الطفل من عاهة جسمية، كأن يكون أصم أو أعمى أو مبتور الرجل أو اليد…الخ، مما يشعره بالنقص عندما يقارن نفسه بالأطفال الآخرين أو الأشخاص الذين يعيشون معه داخل أسرته. وبما أن الطفل المصاب بعاهة جسمية، أو ما يسمى بالطفل المعاق، يحتاج إلى معاملة خاصة تختلف عن معاملة الأطفال العاديين، مما يسبب الكثير من المتاعب لأسرته، فإن ذلك قد يشعره بأنه غير مرغوب فيه من طرف أسرته أو من طرف الأطفال الآخرين.

إن شعور الطفل بأنه غير مرغوب فيه بسبب عاهته الجسمية غالبا ما ينعكس على سلوكه بسبب الصورة السلبية التي يكونها عن نفسه، لذا نراه يميل إلى العزلة وعدم الاختلاط بالآخرين، ويكون سريع التأثر والانفعال والغضب. ويتعمق هذا السلوك الانسحابي للطفل عندما يجد نفسه غير قادر على مسايرة الأطفال الآخرين فيما يقومون به من أنشطة، أو عندما تقابل عاهته بسخرية هؤلاء الأطفال.

ولعل أهم ما يحتاج إليه الطفل المعاق بسبب عاهته الجسمية هو تقدير الآخرين له وقبولهم التعامل معه بشكل لا يختلف عن تعاملهم مع الأطفال العاديين. إن الطفل المعاق قد يتوفر، رغم إعاقته، على قدرات ومهارات وصفات إيجابية، من شأن التركيز عليها وإبرازها وتنميتها أن تساعده على أن يكون صورة إيجابية عن ذاته، مما يعينه على تجاوز إعاقته والاندماج بكيفية طبيعية في المحيط الذي يعيش فيه.

وتلعب الأسرة والوسط الاجتماعي بصفة عامة دورا هاما في جعل الطفل المصاب بعاهة جسدية يتقبل عاهته دون أن يشعر بالخجل من اطلاع الآخرين عليها. ولن يتأتى لمثل هذا الطفل أن يتقبل عاهته ما لم يشعر بأنه مرغوب فيه من طرف أسرته ورفاقه.. رغم عاهته، وبأن إصابته بعاهة لم تؤثر في علاقته بأسرته التي تحيطه بالعناية والحب كغيره من الأطفال العاديين. وتقبل الطفل لعاهته سيتيح له الفرصة للتكيف مع المواقف المختلفة التي سيواجهها سواء في المدرسة أو أثناء تعلمه لمهنة ما.. إلى غير ذلك من المواقف التي تتطلب توازنا نفسيا وشعورا بالثقة والمسؤولية.

لكي يكون الابن مرغوبا فيه من طرف والديه:

قد يعترض البعض على ما سبق ذكره حتى الآن عن الابن غير المرغوب فيه بأن الابن قد يكون فعلا غير مرغوب بمجيئه إلى هذا العالم من طرف والديه، ولكن عندما يولد ويصبح مجيئه أمرا واقعا فإن الوالدين يخضعان للأمر الواقع ويعاملانه باعتباره مرغوبا فيه. فالمسألة إذن –في نظر أصحاب هذا الاعتراض- ليس في هل الطفل مرغوب فيه أو لا، وإنما يكمن الإشكال في السؤال التالي: كيف يمكن أن يتصرف الوالدان إزاء الطفل لكي لا يشعر بأنه غير مرغوب فيه، على اعتبار أن الخبرات التي يمر بها الطفل في علاقته بوالديه هي التي ستقوده إلى الاعتقاد بأنه مرغوب فيه أم لا. وهذا ما ذهبت إليه مدرسة التحليل النفسي التي رأت أن الخبرات الأليمة التي يمر بها الطفل في علاقته بوالديه، والتي غالبا ما ينساها ويختزنها في لا شعوره، هي المسؤولة عن تكوين شعور لديه بأنه غير مرغوب فيه، وبالتالي هي التي تحدد صورته عن ذاته ومواقفه من العالم الخارجي المحيط به. للإجابة على هذا السؤال نورد بعض الشروط والحقائق التي يجب أن لا تغيب عن بال الآباء وأن يأخذوها بعين الاعتبار لكي لا يشعر الطفل بأنه غير مرغوب فيه.

1 ـ أولى هذه الشروط أن يكون قرار الإنجاب قرارا مشتركا يتخذه الوالدان بوعي وحرية وبناء على رغبتهما معا. فلا يجب أن يكون إنجاب الطفل نتيجة قرار يتخذه أحد الزوجين، أو نتيجة خطأ في استعمال الوسائل التي استعملاها لتأخير الإنجاب. وممارسة الزوجين لحريتهما في اختيار إنجاب طفل هي التي تجعل من علاقتهما بالطفل علاقة إنسانية، بحيث يشعر الطفل بأنه لو كانت له حرية اختيار الأبوين لاختار والديه الفعليين. وبذلك تكون علاقة الابن بوالديه ليست مجرد علاقة بيولوجية. وظاهرة تأجير الأرحام المعروفة في بعض المجتمعات الغربية تؤكد هذه الحقيقة بكيفية واضحة(*).

2 ـ والشرط الثاني هو أن يكون الزوجان على وعي مسبق بأن إنجابهما لطفل سيغير من نمط حياتهما، بحيث يصبح اهتمامهما المشترك ينصب حول الوافد الجديد إلى حياتهما. وإذا توفر هذا الشرط فإن الزوجين لن يشعرا بأن مولودهما قد حال دون أن يحققا طموحات مشتركة كانا يعتزمان تحقيقها. وبدافع من هذا الوعي قد يقرر الزوجان تأخير الإنجاب لبعض الوقت لإدراكهما بأن مجيء الطفل قد لا يسمح لهما بالوقت الكافي لتحقيق كثير مما يطمحان إلى تحقيقه.

3 ـ أما الشرط الثالث، وهو مستخلص من الشرطين السابقين، فيتمثل في أن على الوالدين أن يعتبرا مجيء الطفل حدثا هاما في حياتهما وحياة الطفل نفسه. وعادة الاحتفال بميلاد الطفل قد تكون الغاية منها هي أن يشعر الطفل بأنه مرغوب فيه من طرف والديه وأقاربه. وأن يعبر الوالدان عن فرحتهما بمجيء الطفل. وليتذكر كل منا الحرج الذي قد ينتابنا عندما نزور شخصا ما ونشعر بأنه لم يكن يتوقع زيارتنا، وبأنه لا يرغب أن تتم هذه الزيارة في هذا الوقت وبدون إشعار سابق.. وكثيرا ما يقلقنا ضيف ثقيل فنضطر إلى مجاملته حتى تنتهي الزيارة التي نحاول أن تكون قصيرة ما أمكن. ألم يقل الشاعر.

لا تكن ضيفا ثقيــلا يكره الناس لقــاءك

لا تكن عبئا عليهـم لا تحملهم عنـــاءك

وبتوفير هذا الشرط يصبح الطفل "ضيفا" نتشوق لقدومه، ويملأ حياتنا متعة وانشراحا.

4 ـ والشرط الرابع: وهو الأهم في نظرنا، ويتمثل في أن يحترم الوالدان شخصية الطفل ويعاملانه بحب وعطف في جميع الحالات بما فيها الحالات التي يخطئ فيها أو يفشل في أداء عمل كان ينتظر أن ينجح فيه. فلا يشعر الطفل أننا نحبه فقط عندما ينجح، وكأن حبنا ليس له وإنما للنجاح الذي حققه، مما يجعل الطفل يتساءل: عندما أخفق في تحقيق أمر ما هل يستمر حب والدي لي رغم إخفاقي؟ وفي هذا الصدد يشير المعالج النفسي "ارثر جانوف" بأن "المشكلة ليست في السؤال: كيف نربي أطفالنا؟ وإنما كيف نتعامل مع الذين نحبهم؟" ويقصد "جانوف" بذلك إلى أن الوالدين إذا استندا في علاقتهما بأبنائهما باعتبارهم أشخاصا لهم شخصيتهم الخاصة بهم، وليسوا مجرد تابعين أو مستعمرين على حد تعبير جيرار مندل، فإن علاقتهم بأبنائهم تصبح علاقة خلاقة تسمح للطرفين معا –الآباء والأبناء- أن يعيشا حياتهما بقدر كبير من الصدق والحب والعفوية.

5 ـ والشرط الخامس يكمل الشرط السابق بحيث يلتزم الوالدان باحترام شخصية الطفل وتدعيم الجوانب الإيجابية فيها. وعلى هذا الأساس فإن مؤاخذة الطفل على خطأ ارتكبه أو لإخفاقه في تحقيق نتيجة إيجابية في أمر ما يجب أن لا تتحول إلى احتقار للطفل وتخجيله من ذاته، بل يجب أن نشعره بأننا جميعا معرضون للخطأ والإخفاق، وبإمكانه التراجع عن الخطأ وتحقيق النجاح في المستقبل. وكما يقول عالم النفس الألماني "إيريك فروم" ليس أقسى على الإنسان من أن يشعر بأنه تافه وحقير.

6 ـ والشرط السادس هو أن لا يسقط الزوجان على الطفل التوتر الذي قد ينتاب علاقتهما في بعض الحالات، وأن يظل الطفل في منأى عن أي توتر قد ينشأ بينهما. فالأبوان بالنسبة للطفل هما مصدر الأمن والحب، ومن شأن إدراكه لسوء العلاقة بينهما أن يشعر بالتهديد والاضطراب، الأمر الذي ينعكس سلبا على كل ما يأتيه من أفعال.

7 ـ الشرط السابع: على الآباء أن يأخذوا بعين الاعتبار أن الطفل جاء إلى هذا العالم دون أن يستشار في ذلك، ومنح اسما دون أن يكون له رأي في اختيار هذا الاسم. وعلينا، نحن الآباء، أن نعامله بحب وعطف واحترام لشخصيته بحيث نصبح نحن أيضا مرغوبين من طرفه. صحيح أن على الابن احترام والديه وطاعتهما، ولكن على الوالدين أن يدركا أن احترامهما وطاعتهما من طرف الابن تفرض عليهما أن يعاملانه بشكل يصبح معه الاحترام والطاعة كتحصيل حاصل لموقفهما منه.. فالاحترام يفقد صفته الأخلاقية إذا كان بدافع التهديد، والطاعة تصبح رهبة واستسلاما إذا كانت بدافع الخوف، وفي ظل التهديد والقسوة لا مجال لممارسة الحرية والحب والاحترام.

8 ـ الشرط الثامن: إذا كان الأبناء، خاصة في مرحلة الطفولة، لا يستطيعون الاستقلال عن آبائهم وغير قادرين على تحقيق حاجاتهم بمعزل عن الآباء إلا أن ما يجب أن لا ينساه الآباء هو أنهم أيضا بحاجة إلى الأبناء. فمن خلال الأبناء تتاح للآباء ممارسة قيم العطف والحب والتضحية.. والتمتع بممارسة هذه القيم في الواقع. فهل للأمومة والأبوة من معنى بدون الأبناء؟ وإذا كان الأب والأم في بعض المجتمعات (الشرق العربي مثلا) ينادى عليهم بـ"أبو فلان" و"أم فلان" بعد إنجابهما لابنهما الأول، فما ذلك إلا لأن الأب والأم يكتسبان هوية جديدة بعد تكوينهما أسرة وإنجابهما للابن، وهي هوية تهمش أو حتى تلغي الهوية السابقة التي كانا يتمتعان بها قبل زواجهما. والهوية الجديدة هي هويتهما كأب وكأم. وفي هذه المجتمعات المشار إليها يبدو من غير اللائق أن ينادى على الرجل باسمه الشخصي إذا كان متزوجا وله أبناء، وكذلك الشأن بالنسبة للأم.

وهكذا فالحياة إذا كانت عبارة عن مسرح يؤدي كل منا فوق خشبته مجموعة من الأدوار المختلفة، فإن للأبناء دورا في هذا المسرح، وهو دور لا يقل أهمية عن دورنا كآباء، بل إن دورنا يفقد معناه بدون دور الأبناء. فإذا كنا كآباء نعمل على نمو أبنائنا ونضجهم، فإننا في نفس الوقت ننمو وننضج معهم وبهم، بل سنكون بدونهم كالثمرة اليابسة وقد جف ماؤها وفقدت نضارتها .

هل يغير الضرب السلوك غير المرغوب فيه؟ وما البديل للعقاب البدني(2)

- هل يغير الضرب السلوك غير المرغوب فيه؟ ؟ وما البديل لذلك ؟

- عندما تضرب طفلك أو توبخه وتطلب منه أن يذهب لغرفته ، ماذا يقول في نفسه عندما يخلو بنفسه؟ سيقول في نفسه أنا سيء جدا لأني عصيت والدي ، أبي حقير جدا أنا أكرهه ، وماذا يقول في نفسه عندما تتقبل مشاعره وتدعه يعبر عنها ؟سيقول : كم أنت طيب يا أبي ، أنا محظوظ لأن لدي أب مثلك ، أنا طفل طيب يحبني والدي ، لابد أن اطيعه واطيع امي 0

- معظم مشاكل الأبناء تكون نتيجة سوء علاقتهم بآبائهم ، عندما تسؤ علاقة الولد بابيه يقل حب الأب لابنه وتغشى ضبابية من الكره للولد امام عيني الوالد ، وتزول هذه الغمامه عندما تتحسن هذه العلاقه 0

- هل علاقتك بابنك حميمة وهل هو قريب منك يراعي مشاعرك ، ويلبي طلباتك ، أنت إذن محظوظ ، انت تسير في الطريق الصحيح 0

- عندما تطرد ابنك من البيت أنت لا تدري إلى أين يذهب ، ماذا تعتقد أنه يشعر ؟ هل يؤنبك ضميرك ، وتندم؟ نعم مهما كنت غاضبا منه لسؤ تصرفاته فإنك سوف تبحث عنه في كل مكان ليرجع إلى البيت وتبدأ بلوم نفسك ، أنا السبب انا الذي اجبرته على مغادرة البيت أين ذهب ابني ، ماموقف والدته منك ؟ إنها ستلومك وتقول لك أنت السبب 0

- عندما يكون الطفل منفعلا فإنه لايستطيع التفكير في مشكلته فإن الغضب يسد منافذ تفكيره ، ومن هنا نحن نقول يجب أن نعالج قضايانا النفسية والاجتماعية على نار هادئة وعندما يزول الغضب ، أما إذا كان الفرد غضبانا فإنه يتصرف بدون تفكير ويقع في أخطاء فضيعة يندم عليها عندما يعود إلى وضعه الطبيعي 0

- الوالد الغاضب قد يتصرف ويفعل اشياء يندم عليها عندما يهدأ0

- الأطفال عادة لا يصدقون أننا نسعى لادراك مشاعرهم 0لايكفي أن تقول لطفلك أنا أحبك عندما يكون في حالة غضب ، بل تقول له : أنا أدرك أنك غضبانا ، ولك الحق أن تشعر هذا الشعور ، إن ابنك سوف يرتاح لحديثك هذا وستخف سورة غضبه ، لأنك إعترفت بمشاعره ، وشاركته نفس الشعور 0

- عندما تهدأ الأم ويهدأ الطفل نطلب من الطفل أن يفكر في مشكلته ويوجد البدائل والحلول لها ، وسيوافيك بسيل جارف من الحلول للمشكلة لم تقع لك على بال 0

- تنفيذ الإتفاقية السلوكية (التعاقد السلوكي ) بين المربي والطفل ، وهي عبارة عن اتفاق بين الأب وابنه أو بين المعلم وتلميذه على أن ينفذ الثاني أمورا يتفق عليها كأن ينام الولد مبكرا لكي يصحو مبكرا ، أو يتفق المعلم مع التلميذ على أن يؤدي التلميذ واجباته مقابل منحه هدية أوجائزة أومبلغا ماليا وعندما لايفي التلميذ بوعده لايمنح شيئا 0

- مقارنة بين تصرفين الأول خاطيء والثاني سليم من قبل الأم أو الأب أو المعلم 0( الموقف الأول الخاطيء الأم سمحت لبنتها أن تسبح قبل الأكل لأن البنت بكت فلم تستطع الأم تحمل بكائها ، أما الموقف الآخر فالأم لم تسمح للبنت بالسباحة حتى تناولت غذاءها ) ( قانون بريماك ، قانون الجدة)000فيي الموقف الأول تعلمت البنت سلوكا سيئا هو سلوك البكاء والأحاح نتيجة تجاوب الأم مع ابنتها بالسناح لها بالسباحة قبل الأكل أما الموقف الآخر فإن الأم لم تمكن ابنتها من تعلم سلوك رديء ، بل ضعف هذا السلوك ولم يعزز لذافإنه لن يظهر مستقبلا 0

- هل نقبل سلوك الطفل الخاطيء ونوافقه عليه؟نحن نقبل شخصية الطفل ولا نقبل تصرفه الخاطي لذا يجب التفريق بين الشخصية والسلوك ، مثلا عندما يشاغب الطفل فيجب الا نرميه بعبارات سيئة مثل ياحمار يامجنون ، يجب على المربي أن يعالج أسباب المشكلة بدون جرح لمشاعر الطفل 0

- أحيانا يواجهني طفلي بمشكلته وانا متعب ،هل أستمع إليه أم ارده؟إذا جاءك طفلك يشتكي إليك وأنت في حالة سيئة ينبغي أن ترده بلطف وتعده أنك سوف تنظر في مشكلته في وقت لاحق ، ولكن من الخطأ الكبير أن تدفعه بعنف ، وتقول له إقلب وجهك ماني فاضي لك ، إنك بهذه الطريقه تدمر شخصيته ، لأنه طفل صغير ولا يدري عن حالتك النفسية أنها متعبة ، لذا فإنه لن يعرض عليك بعد هذه الحادثة مشكلته مرة أخرى ، مهما حاولت ، وسوف يلجأ إلى غيرك عندما تصادفه مشكلة ما ، فانتبه أخي الأب ,اختي الأم لهذه الملاحظة 0

- إذا أراد مني طفلي أن اشتري له لعبة ، ولكن هذه اللعبة خطرة عليه ، هل اشتريها له ، أم اتركه يصيح إحتجاجا منه على عدم شرائها له؟( التعزيز السلبي ) للسلوك غير المرغوب فيه 0لايجوز لك شراء هذه اللعبة لطفلك مهما كان إحتجاجه ومهما صاح ، وبالغ في الصياح ، لأنك لو اشتريت هذه اللعبة له فسوف تعزز سلوكا غير مرغوب عند طفلك الا وهو اسلوب الإلحاح والصراخ في المستقبل ، وسوف يستخدم هذا الأسلوب كلما اراد أن يحقق لنفسه شيئا ، بعد ذلك لن تستطيع تخفيض اسلوب الألحاح ، وسيحدث بينك وبين ابنك صراع دائم ، كان يمكنك تحاشيه لو أنك امتنعت عن تلبية طلباته الضاره 0

- بعض الآباء يعتقدون أن التعبير عن المشاعر لا يكفي بل لابد من حل مشكلة الطفل فهل احل المشكلة له أم اتركه يحلها بنفسه مع مساعدتي له ؟

- من اهم مباديء حل المشكلات أنك تدع الطفل يحل مشكلته بنفسه بأن تمهد له الطريق ليفكر في مشكلته ويقترح الحلول الممكنه ، واستبعاد الحلول غير المنطقية وغير الممكنه0

- لتمسك ورقه وقلم وتبدأ بكتابة ما يقوله الطفل بدون تعليق منك أو استهزاء 00

- ثم بعد ذلك الاتفاق بين الأم والطفل على تنفيذ الحلول الممكنة بعد ذلك يتصافحا وتنقلب مشاعرهما من مشاعر سلبية إلى مشاعر إيجابية ، وما اجمل أن تضم الأم ابنها عندما يحصل الاتفاق0 بينها وبين ابنها أو ابنتها 0والله ولي التوفيق0

التواصل مع الطفل : طــرق تعــديل الســـلوك لدى الاطفال(3)

تتعدد طرق تعديل السلوك لدى الاطفال وتتنوع

وسنتطرق هنا للاساليب اوالطرق الجوهرية لتعديل السلوكيات لدى الاطفال مالم تكن ذهانية :

التعزيز:

وهواجراء يعمل على تقوية السلوك المرغوب فيه وزيادة حدوثه مستقبلا وله عدة انواع سنتطرق الى اهمها وهي :

*المعزز السلبي : وذلك بإزالة مثير مؤلم يكرهه الطفل بعد حدوث السلوك المرغوب مباشرة

*المعزز الايجابي: ظهور مثير معين بعد السلوك مباشرة ليزيد من احتمال حدوث ذلك السلوك مستقبلا في مواقف مماثلة.

*المعزز الاجتماعي :مثيرات طبيعية تقدم بعد حدوث السلوك مباشرة كالابتسامة والثناء والانتباه والتقبيل وغيرها.

النمذجة :

ملاحظة الطفل لسلوك الاخرين الايجابي وتقليده من خلال عرض نماذج مختلفة ايجابية تعلم الطفل السلوك الصحيح فالطفل الذي يعاني من الخوف من القطط يعرض امامه فلما لطفل لايخاف من القطط فيقلده.

الاطفاء :

ويعني ان نتجاهل السلوك غير المرغوب فيه من الطفل حتى يضعف ويتوقف نهائيا فبعض الاطفال يعمل على لفت انتباه والدته بالبكاء مثلا الذي ليس له سبب ولكن رغبة من الطفل في حمله مثلا وعندما تتجاهل هذا السلوك من الطفل فإنه ينطفئ تدريجيا.

الاقصاء :

ويعني تقليل او ايقاف السلوك غير المرغوب بازلة المعززات الايجابية مدة زمنية محددة مباشرة بعد حدوث ذلك السلوك وله عدة انواع :منها العزل ويعني عزل الطفل في غرفة خاصة لايتوفر فيها التعزيز بهدف كف الطفل عن السلوك غير المرغوب اوابعاده عن الاخرين والتفاعل معهم ونجعله ينظر اليهم ويراقبهم وهم يفعلون ما يرغبه من اموروتجاهل مايصدر عنه من سلوكيات في اثناء ذلك والتركيز على الاخرين او منع الطفل من الاستمرار في تأدية نشاط معين عندما يقوم بسلوك غير مرغوب كتوقيفه او رفع يده وغيرها

تصحيح الاخطاء

عندما يقوم الطفل بعمل سلوك غير مقبول نوجهه لتصحيح خطئة بنفسه مثلا عندما يسكب الماء لابد ان ينظف المكان وهكذا

الكف المتبادل :

ونعني به كف نمطين سلوكيين مترابطين بسبب تداخلهما واحلال استجابة متوافقة محل الاستجابة غير المتوافقة وهو يفيد في حالات التبول اللااردي بكف النوم حتى يحدث الاستيقاظ والتبول

وكف البول بأكتساب عادة الاستيقاظ أي ان كف النوم يكف البوال وكف البوال يكف النوم بالتبادل.

الاشباع :

اعطاء الطفل كمية كبيرة من المعزز نفسه فترة زمنية قصيرة حتى يفقد قيمة المعزز واهمية فمثلا الطفل الذي يتعلل بوجود مرض كي لايذهب للمدرسة لحضور الامتحان يطلب من اهله ادخاله المستشفى ثلاثة او اربعة ايام فعندما ازدادت عدد الايام بمعنى ان الاهل قاموا بادخال الطفل للمستشفى اكبر مدة من التي طلب وجد ان الطفل تغير سلوكه وكف عن ذلك .

الممارسة السلبية :

يعني ان يطلب من الطفل عند تأديته للسلوك غير المرغوب الذي نريد تقليله ان يقوم بتأدية السلوك نفسه بشكل متواصل فترة زمنية محددة الى ان يصبح ذلك السلوك مكروها ومزعجا للطفل .

تغيير المثير :

بعض السلوكيات السلبية تحدث بظروف بيئية معينة لذا نلجأ لتغيير وتعديل الظروف البيئية التي تحدث فيها .

مثل الطفلان الذان يتشاجران بجانب بعضهما البعض يفصل بينهما بطفل آخر .

الحرمان :

حرمان الطفل من الحصول على شيء يريده عند قيامه بسلوك غير مرغوب مثل الطفل الذي يريد ان يخرج وهو لم يكمل واجباته او مذاكرته فيحرم من الخروج للعب .

العقاب :

وهواجراء يعمل على اضعاف وايقاف السلوك غير المرغوب ويجب ان نعرف متى وكيف ومع من نستخدم العقاب فأحمد مثلا يكف عن العقاب بعكس محمد الذي يؤدي به العقاب الى زيادة السلوك غير المرغوب

وقد يكون العقاب نفسي كالتأنيب كقول، اسكت، خطأ، كلا، او يكون او بالحركات وتعبيرات الوجه والايماءات وغيرها.

وقد يكون عقاب جسدي كالضرب والقرص وغيرها ولايجب استخدامها بكثرة الا عندما تفشل جميع الطرق السابقة وايضا يجب ان لايؤذي الطفل او يعكس بآثاره سلبا على سلوكه فيؤدي لعناده واستمراره على السلوك.

منابع السلوك السيىء عند الأطفال(4)

قد يتسائل الوالدان ، وهذا التساؤل له ما يبرره كل التبرير ، لماذا يلاحظ على بعض الأطفال خلال مرحلة طفولتهم بعض السلوك العابر المزعج والمسيء للأهل ، بينما يعتري البعض الآخر أنماط السلوك السيىء بحيث يخلق مثل هذا السلوك بالنسبة للوالدين مشكلة دائمة ، وأعباء تربوية مرهقة مضنية ؟

الذي لا جدال فيه أن السلوك المقبول التكيفي ، والآخر السيئ المنافي المرفوض ، إنما يتعززان بالإثابات والمكافآت التي يتلقاها الأطفال من قبل الوالدين خلال العملية التربوية . ففي بعض الأحيان ، وبصورة عارضة ، قد يلجأ الوالدان إلى تقوية السلوك السيء الصادر عن أطفالهما بدون أن يعيا النتائج السلبية السلوكية لهذه التقوية أو التعزيز ، وهنا يكونان قد خلقا متاعب بأيديهما من جراء هذا الخطأ في تعزيز السلوك السيئ .

مثالنا على ذلك إغفال الوالدين للولد عدم التزامه بموعد ذهابه إلى الفراش الذي اعتاد عليه ، وتركه مع التلفزيون يتابع برامجه التي تجذبه . هذا الإغفال هو إثابة غير مباشرة من جانب الوالدين لسلوك غير مستحب ينشأ عنه نشوب صراع بين الطرفين من أجل إجباره على النوم في وقت محدد وبخاصة إذا كانت مدة النوم قليلة بالنسبة للولد ، تجعله في تعب عصبي يمنعه من القيام بواجباته المدرسية البيتية . لذا فالسلوك غير المستحب إذا ما تم عدم إثابته أو عوقب من أجله ، فإنه سيظل ضعيفاً غير مرسخ ولا معزز ، سهل الإزالة والمحو ، وأقل احتمالاً في استمراره أو ظهوره مستقبلاً .

هناك ثلاث قواعد أساسية ناظمة لتربية الطفل يتعين على الوالدين مراعاتها . وهذه القواعد سهلة التطبيق ، غالباً ما تجنب المتاعب السلوكية التي تصد عن أولادهما ، والالتزام بهذه القواعد يستوجب الاستمرارية واتخاذها نهجا تربويا أساسياً . وهذه القواعد هي :

1- إثابة السلوك المقبول الجيد إثابة سريعة بدون تأجيل . فالطفل الذي التزم في المكان المألوف العادي الذي عينته له والدته ( المرحاض )، عليها أن تبادر على التو بتعزيز هذا السلوك ، إما عاطفياً وكلامياً ( المدح والتشجيع والتقبيل ) ، أو باعطائه قطعة حلوى ، ووعده بمتابعة إثابته في كل مرة يلتزم بالتبول في المرحاض . والأمر كذلك عند الطفل الذي يتبول ليلاً في فراشه ، حيث يثاب عن كل ليلة جافة .

2- عدم إثابة السلوك السيئ إثابة طارئة عارضة ، أو بصورة غير مباشرة . ومثالنا هو الذي الذي ضربناه في البدء .

3- معاقبة السلوك السيئ عقاباً لا قسوة فيه ولا عنف شديد .

ويحسن بنا هنا أن ندخل في شيء من التفصيل لهذه القواعد الثلاث كيما نصل إلى مدركات الآباء بما يقنعهم بأهمية هذه القواعد التربوية الهامة ، التي تسهل عليهم تنشئة أطفالهم ، وتوفر عليهم متاعب سلوكية كبيرة ، وتضفي عليهم متعة تربية الولد، وتدفع عنهم شقاوة التعامل معهم .

آ- إثابة السلوك الجيد

يتعلم الطفل الكلام ، والاعتماد على ذاته باللباس ، ومشاركة الأطفال في التسلي باللعب ، لأنه يتلقى الاهتمام ، والإثابة من قبل الوالدين وأفراد الأسرة ، والمحيط الذي يعيش في كنفه وإطاره . ويقع على الوالدين بالدرحة الأولى ممارسة الإثابة كنهج أساسي تربوي في تسييس الولد ، والسيطرة على سلوكه وتطويره تطويراً سليماً ومتكيفاً . وإيجابية الإثابة في تعزيز السلوك الحسن التكيفي لا تقتصر في الواقع على الأطفال ، بل هي أداة حفز هام في ترشيد الأداء الجيد ، ورفع وتيرته ، وخلق الحماس ورفع المعنويات ، وتنمية الثقة بالذات عند الكبار أيضاً، لأنها تعكس معنى القبول الاجتماعي الذي هو جزء من الصحة النفسية وعلى هذا فإن الإثابة Reward ، تؤطر السلوك وتحدد منحاه وتوجهاته عند الصغار والكبار على حد سواء

ثم إن الطفل الذي يثاب على سلوكه الجيد المقبول المتوافق ، فإن هذه الإثابة تحفزه على تكراره مستقبلاً . وهذا ما نراه عند الكبار الذين يستمرون في عملهم ، لأنهم يتقاضون أجوراً في نهاية الأسبوع أو الشهر . والأجور هي إثابة على عمل مقبول من قبل رب العمل بالمعنى التحليلي .

السؤال المطروح هنا هو : ما نوع الإثابة الواجب استخدامها ، وأي منها تبدو أكثر فعالية ؟

1- الإثابة الاجتماعية : هذا النوع من الإثابة هو على درجة كبيرة من الفعالية في تعزيز السلوك التكيفي المقبول المرغوب عند الكبار والصغار معاً . ونعني بالإثابة الاجتماعية ، الابتسامة والتقبيل والمعانقة والربت والمديح والاهتمام ، وإيماءات الوجه وتعبيرات العين المعبرة عن الرضا والحبور والاستحسان . فالعناق والمديح تعبيران عاطفيان سهلا التنفيذ والأطفال عادة ميالون إلى هذا النوع من الإثابة بالإضافة إلى التقبيل ، لأن فيهما مضامين عاطفية ، وحنان وحب .

قد يضن بعض الآباء على أولادهم إبداء الانتباه والمديح لسلوكيات مليحة مستحسنة أظهروها ، إما بفعل انشغالهم المفرط في أعمالهم اليومية ، فلا وقت عندهم للانتباه إلى سلوكيات أطفالهم ، أو لاعتقادهم ، خطأ طبعاً ، أن على أولادهم إظهار السلوك المؤدب المهذب بدون الحاجة إلى إثابة ومكافأته . فالطفلة التي رغبت في مساعدة والدتها بإعادة ترتيب غرف النوم أو في بعض الشؤون المنزلية ، ولكنها لم تقابل على هذا العون بأيه إثابة من والدتها ، فإنها ، في أكثر الاحتمالات ، لن تكون متحمسة إلى إبداء هذا العون لوالدتها مستقبلاً تلقائياً .

يبدو المديح فعالاً في تعزيز السلوك المرغوب للطفل . وهنا يتعين إثابة السلوك ذاته وليس الطفل ، لأن الهدف هو جعل هذا السلوك متكرراً مستقبلاً فالطفلة التي أعادت ترتيب غرفتها ونظمتها ، يمكن إثابة سلوكها من قبل الأم بالمقولة التالية :

" تبدو غرفتك فاخرة رائعة ، وتنظيفك لها وإعادة تنظيمها هما عمل أفتخر به يا حبيبي "

وهذه المقولة لها وقع أكبر في نفسية البنت من القول التالي :

" أنت فتاة جيدة ".

2- الإثابة المادية : إلى جانب الإثابات المعنوية الاجتماعية هناك المكافآت المادية ، كإعطاء الطفل أو الطفلة الحلوى ، والألعاب والدراهم ، أو إشراك الطفلة في إعداد الحلوى مع والدتها تعبيراً عن شكرها لها ، أو اصطحاب الطفل برحلة ترفيهية خاصة ( سينما ، حديقة حيوانات ، سيرك …الخ ).

ودلت الاحصائيات على أن الإثابة الاجتماعية تأتي بالدرجة الأولى في تعزيز السلوك المرغوب ، بينما تأتي الإثابة المادية بالدرجة الثانية ، ولكن هذا لا يمنع من وجود أطفال يفضلون الإثابات المادية . وفيما يلي الإثابات التي اتضح أن الأطفال يفضلونها :

الإثابات الاجتماعية إثابات النشاط والامتيازات

الإثابات المادية

الابتسامات

لعب الورق مع الأم

شراء هديه او ايس كريم

العناق

الذهاب إلى الحديقة

شراء ساعة

الربت

مشاركة الأب في تصفح كتاب شيق

إعطاء مال

الاهتمام

مساعدة الأم في تحضير الحلوى

شراء لباس

اللمس والاتصال

السماح للطفل بمشاهدة التلفاز حتى ساعة متأخرة ليلاً

شراء بالونات

مصافحة اليد

اللعب بالكرة مع الوالد

شراء حلوى خاصة

المديح والإطراء

تنظيم لعبة جماعية مع أفراد الأسرة

شراء حلي

اللمز والغمز

الذهاب لتناول عشاء فاخر خارجاً

وكما ذكرنا يتعين تنفيذ المكافأة تنفيذاً عاجلاً بلا تردد ولا تأخير ، وذلك بعد إظهار السلوك المرغوب ، والأداء المطلوب ، والتعجيل بإعطاء المكافأة أو الإثابة الاجتماعية هو مطلب شائع في السلوك الإنساني ، وعلى الأبوين الامتناع عن اعطاء المكافأة أو توجيه الإثابة لسلوك مشروط من قبل الطفل ، أي طلب إعطاء المكافأة قبل أداء السلوك المطلوب . فالإثابة تأتي بعد تنفيذ الأداء أو السلوك المطلوب وليس قبله .

ب- لا تثب السلوك غير المرغوب فيه بصورة عارضة

السلوك غير المرغوب الذي يثاب حتى ولو كان ذلك بصورة عارضة وبمحض الصدفة ، من شأنه أن يتعزز ويتكرر مستقبلاً . فالمشاهدات الحياتية تظهر لنا أن الآباء المنهمكين في أعمالهم ، وليست لديهم الفرص الكافية ليقضوا جانباً من وقتهم مع أولادهم بصورة منتظمة ، يقدمون إثابات عن غير قصد ولا بصيرة لأولادهم عند انخراطهم بمظاهر سلوكية منافية ومرفوضة . ومثل هذه الإثابة الخاطئة تخلق مستقبلاً ، متاعب لهم ولأولادهم على السواء . ولعل هذا الجانب من سوء التقدير وضعف الفطنة هو من أكثر الأخطاء شيوعاً في أجواء الأسر . مثالنا على ذلك الأم التي تساهلت مع ابنتها في ذهابها إلى النوم في وقت محدد ، بحجة عدم رغبة البنت في النوم وعدم شعورها بالتعب ، فرضخت الأم لمطالبها بعد الرفض المشفوع بالبكاء والتمتع . وقد سمحت لها الأم إزاء هذا التمتع والرفض بالبقاء مدة نصف ساعة أخرى ، متذرعة بعدم قدرتها على تحمل بكاء وصراخ ابنتها .

في هذا الوقت تعلمت البنت أن مقدورها اللجوء إلى السلوك الحرون مستقبلاً لتلبية رغبتها وإجبار والدتها على الكف عن مطالبتها بالنوم في الوقت المحدد ، بعد ما حصلت على تعزيز لهذا السلوك الرافض، مستخدمة سلوك الصراخ والبكاء والتمرد وسيلة لتحقيق هذا المطلب .

ومثل هذه السلوكيات تكون متعلمة تماماً على غرار السلوك المقبول . لذا يتوجب على الوالدين عدم إثابة السلوك غير المرغوب حتى ولو بدون قصد .

مثال آخر : طفل عمره خمسة أعوام يرغب في شد انتباه أمه إليه ، وبخاصة عندما تكون منهمكة في شؤون تدبير المنزل ، عمد إلى البكاء بصورة ملحة ، حتى ضاقت الأم ذرعاً من بكائه المزعج ، فاضطرت إلى التوقف عن عملها ( وهذا كان مطلبه ) والتفتت إليه توبخه على بكائة غير المبرر ، ومن ثم استفسرت منه عن الشيء الذي يزعجه . تعلم هذا الطفل أنه عندما يرغب بشد انتباه أمه إليه ما عليه أولا سوى اللجوء إلى البكاء وقبول التوبيخ البسيط ، حيث سيحظى في النهاية بمطلبه . وهكذا نجد كيف أن الإثابة غير المقصودة من جانب الأم على بكائه علمته كيف يبتزها ، فأضحى سلوكاً رابحاً عنده . فالأطفال والآباء يعلمون بعضهما بعضا السلوكيات غير المستحبة واللامقبولة .

وثمة مثال آخر عن الطفل العنيد الذي يجبر أمه على الرضوخ لمطلبه بالبكاء والمزاج الغضوب الثائر ، مما يستأثر بعطفها عليه كيما يكف عن بكائه فتعمد إلى تلبية طلبه . وهكذا يكون هذا الطفل القوي الإرادة هو المسيطر على والدته في تلبية كافة طلباته يجعلها منزعجة وموترة إلى أن يحصل على غرضه .

وأعرف صديقاً لا يستطيع تبديل شريط مسجلة سيارته ، كلما كان ابنه راكباً السيارة . فيرغمه هذا الصبي على إبقاء شريطه المفضل طوال فترة ركوبه السيارة ، رغماً عن أنف والديه . فالتساهل في تلبية هذا الطلب بهدف الكف عن إلحاحه جعله يفرض إرادته عليهما ، نتيجة هذا التعزيز للسلوك غير المرغوب .

ج- عليك معاقبة السلوك غير المرغوب الصادر عن أولادك

إن التربية الخالية من الألم هي تربية موجودة في الفراغ ، ومحض تصور لا معنى له على الإطلاق . يحمل الطفل الدوافع والغرائز التي تنحو نحو الإشباع والتلبية من جانب المحيط . وهذه الدوافع التي تخدم الذات كثيراً ما تتضارب في وسائل إروائها وإشباعها مع النظم والمعايير الاجتماعية والأخلاقية السائدة . ويصعب تصور إنساناً تمكن من تمييز ما يقبله المجتمع من سلوك يصدر عنه ، وآخر مرفوض من هذا المجتمع بدون إخضاع سلوكه منذ نعومة أظفاره إلى الترشيد الذي يقبله المجتمع . والعملية الترشيدية – التربوية لسلوك الطفل تقوم بأساسها على تعلم السلوك المقبول اجتماعياً وتعزيزه وإكراهه على التخلي عن السلوك المجافي الذي يرفضه المجتمع . وهذه العملية التعليمية لابد وأن تقوم على الإثابة للسلوك المناسب ، والعقوبة للسلوك المرفوض . وأية عملية تربوية لا تأخذ بمبدأ الإثابة والعقاب في ترشيد السلوك بصورة متوازنة وعقلانية ، فإن الانحراف في السلوك سيكون نتاج هذه التربية ، بل إن عملية التكيف الاجتماعي برمتها هي توافق بين الحاجات الشخصية والحاجات الاجتماعية ، وتوازن بين الأخذ والعطاء في المجتمع . وإذا سلمنا بهذا المبدأ الجوهري ، يحتم في العملية التربوية – الترشيدية للسلوك معاقبة السلوك الخاطئ غير المقبول الذي يصدر عن الطفل . والعقوبة يجب أن تكون مناسبة ( خفيفة ) لا قسوة فيها ، لأن الغرض منها أساسا عدم تعزيز السلوك السيئ والحيلولة دون تكراره مستقبلاً وليس إيذاء الطفل وإلحاق الضرر بجسده وبنفسيته من وراء العقوبة ، كما يتصرف بعض الآباء في تربية أولادهم .

وعلى نقيض ذلك نجد أمهات ( بفعل عواطفهن من الأمومية الطاغية وبخاصة إذا كان الولد وحيداً في الأسرة ) يعزفن عن معاقبة أولادهن لسلوكيات خاطئة ، قد تكون خطيرة مستقبلاً على تكيفهم . إنهن يكافئن فقط السلوك الجيد بينما يعزفن عن معاقبة السلوك السيئ . فالطفل هنا أضحى في موقف لا يستطيع تقويم السلوك الخاطئ المرفوض ، لأن عدم ردعه جعله يعتقد أنه سلوك مقبول أيضاً ( السكوت هو إثابة ضمنية ) . إنه مستقبلاً سيكون عرضة للصراع النفسي بين صد أفراد المجتمع لما يصدر عنه من سلوك مرفوض ، وبين رغباته الاجتماعية والشخصية . ومثل هذا النقص في التكيف يرتد عليه بمشاعر الاضطهاد ، وفقدان اعتبار الذات والانسحاب من المجتمع والولوج في متاهات الاضطراب النفسي .

تأخذ العقوبة مظاهر وتعابير متعددة ، ونذكر منها الأكثر نجاعة من حيث التطبيق وتحقيق الغرض :

- التوبيخ والتقريع .

- التنبيه لعواقب السلوك السيىء .

- الحجر لمدة معينة .

- العقوبة الجسدية .

امتنع عن العقوبة القاسية المؤذية المعنوية والجسدية كالتxxxx وإنقاص الذات ، أو الضرب الجسدي العنيف المؤذي ، لأن العقوبة القاسية تؤذي الشخصية ، وتخلق ردود أفعال سلبية تتمثل في الكيد ، والإمعان في عداوة الأهل من خلال التمسك بالسلوك السلبي غير المرغوب لمجرد الانخراط في صراع مع الوالدين وتحدي سلطتهما .

وكيما يكون القارئ في سياق ما ذكرناه ، وفاهماً القصد والهدف ، ومستوعباً القواعد السلوكية في التربية التي شرحناها ، يحسن بنا أن نضرب أمثلة عن الأخطاء التي قد يرتكبها الأهل بحق أولادهم وفقاً للقواعد المذكورة :

· مثال عن الخطأ المرتكب في عدم إثابة الطفل على سلوك جيد

الولد ( سامي ) ، في الصف الرابع ابتدائي ، حمل سجل علاماته المدرسية الباهرة إلى والده الذي كان يقرأ الصحيفة اليومية . تقدم الولد من والده وهو يبتسم قائلاً : إليك يا والدي إنجازاتي الدراسية التي حققتها هذا العام ، إنها بلا شك ستسرك جداً . وبدلاً من أن يقطع الوالد قراءته للصحيفة ،ويبادره بالاستحسان والإثابة . طلب منه الذهاب إلى والدته ليسألها عن الوقت الذي يكون فيه الطعام جاهزاً ، معتذراً من الولد لأهمية الموضوع الذي يقرأه في الصحيفة .

· مثال عن الخطأ المرتكب في معاقبة الولد عقاباً عارضاً على سلوك جيد

البنت ( رنا ) ،رغبت في أن تفاجئ أمها بشيء يسرها ، فعمدت إلى غسل جميع الصحون التي استعملت في فترة وجبة الغذاء ، فقالت لها : أماه ها قد غسلت جميع الصحون ، ألا يسرك هذا ؟ الأم : لقد حان الوقت لأن تقومي بعمل كهذا ، ولكن لماذا لم تنظفي الأواني الموجودة في الفرن ، هل نسيتي ذلك ؟

إن جواب الأم كان عقوبة وليس إثابة ، لأنها أولاً لم تعترف بالمبادرة الجميلة التي قدمتها البنت لها . وثانياً وجهت لها اللوم على تقصيرها في ترك أواني الفرن بدون تنظيف بصورة غير مباشرة .

· مثال على إثابة السلوك السيئ إثابة عارضة غير مقصودة

الصبي (ماهر) ، عمره ستة أعوام ، عاد ظهراً إلى المنزل – وقت الغذاء – وأخبر والدته أنه يعتزم الذهاب إلى المسبح القريب من المنزل قبل أن يتناول غذاءه مع أفراد أسرته . طلبت منه والدته أن يتناول الطعام ، ويأخذ قيلولة ومن ثم يذهب للسباحة . رفض ماهر وأصر على تنفيذ ما خططه ، فهددها بالبكاء والامتناع عن الطعام ، إن رفضت السماح له بالسباحة في الوقت الذي يريده ، أي الآن . فما كان من والدته إلاّ وأذعنت لمطلبه قائلة له : أي شيء ولكن لا تبكي ولا ترفض الطعام . اذهب للسباحة كما تشاء .

· مثال على عدم معاقبة سلوك سيئ

بينما كان الأم والأب جالسين مساء في غرفة الجلوس ، لاحظا كيف اندفع الابن الأكبر سمير وبعدوانية يصفع أخاه الأصغر على أذنه خلال شجار وقع بينهما وهما يلعبان الورق . التفتت الأم وقالت لزوجها : هلا عمدت إلى تأديب سمير على هذه العدوانية السيئة . أجابها الزوج : الأولاد يظلوا أولاد ، يقتتلون لفترة ومن ثم يعودون إلى الوئام …

وناحية هامة نلفت النظر إليها ، ترتبط بالمشكلات والمتاعب السلوكية عند الأولاد ، هي أن للحالة الفيزيولوجية – البدنية دورها في السلوك غير المرغوب . فالطفل الجائع ، التعب ، تنخفض قدرته في السيطرة على ذاته انخفاضاً مؤقتاً عابراً ، فتقوي هذه الحالة الفيزيولوجية المضطربة من سلوكه المضطرب . كما وأن بعض الحالات المرضية أيضاً تزيد من المشكلات السلوكية عند الأولاد عموماً . وهنا يتعين على الأباء التبصر في المشكلات السلوكية بعلاج أسبابها المرضية البدنية مستعينين بالمشورة الطبية .

ومهما كانت الأسباب التي تسهم في زيغ سلوك الأطفال واضطرابه ، فإن القواعد الثلاث الجوهرية التي ذكرناها تظل الدعامة الأساسية في ترشيد السلوك نحو الوجهة السليمة ، والوسيلة السيكولوجية الفعالة في تربية الطفل تربية اجتماعية سوية وتكيفية

تعديل السلوك هو فرع من فروع علم النفس التطبيقية يتضمن التطبيق المنظم للإجراءات المستندة إلى مبادئ التعلم بهدف تغيير السلوك الإنساني ذي الأهداف الاجتماعية .ويتم ذلك من خلال تنظيم أو إعادة تنظيم الظروف والمتغيرات البيئية الحالية ذات العلاقة بالسلوك وبخاصة منها تلك التي تحدث بعد السلوك كذلك يشتمل تعديل السلوك على تقديم الأدلة على أن تلك الإجراءات وحدها ولا شيء غيرها هي التي تكمن وراء التغير الملاحظ في السلوك.

وقد حققت تكنولوجيا تعديل السلوك في العقود الأربعة الماضية نجاحا هائلا في ميدان التربية وعلى وجه التحديد قدمت هذه التكنولوجيا استراتيجيات فعالة للتدخل العلاجي والتربوي يمكن توظيفها بنجاح وبسهولة نسبيا لتشكيل السلوك التكيفي وإزالة السلوك غير التكيفي. وقد كان لهذا النجاح اثر بالغ على مسار التربية.

ملاحظة سلوك الأطفال:

الطفل إنسان نام دائم التغير وعليه فان سلوكه في أي لحظه أو مناسبة قد يختلف كثيرا أو قليلا عنه في الأخرى نتيجة تنوع المتغيرات النفسية والبيئية التي تؤثر عليه في كل حاله.

شروط مسبقة لملاحظة السلوك:

التأكد من رغبة الطفل في التعاون وقبول التغيير في سلوكه.

كون البيئة الضرورية كافية ومناسبة لعملية التغيير.

وجود الوقت الكافي للتغيير حتى النهاية.

امتلاك المعالج للسلوك للمعرفة الكافية والخبرة والميول الإيجابية التي تساعده على المعالجة.

خطوات ملاحظة سلوك الطفل استعدادا لتعديله:

تشمل ملاحظة وتحليل السلوك ثلاث عمليات هي:

1. تحديد طبيعة المشكلة السلوكية:

تستلزم طبيعة السلوك الإنساني المركبة المتغيرة تحديد المعالج ماهية السلوك الذي يريد تعديله بدرجة مقبولة من الدقة حيث يتعين عليه تحديد ووصف خمسة أجزاء أو عناصر تشكل معا مقومات فهمه أو إدراكه للسلوك المطلوب للطفل:

• العوامل المكونة للسلوك:

وتتمثل في كافة المنبهات والعوامل البيئية التي تثير لدى الطفل السلوك غير المرغوب ولا يتوقف تحديد هذه المثيرات السلوكية على العوامل الخارجية فقط بل يجب أن تشمل أي عامل ذاتي لدى الطفل كحاجة نفسية او خاصية جسمية قد تساهم في إنتاج سلوكه السلبي.

• الحالة البيولوجية:

وتشمل عوامل كحالة الطفل الجسمية وما يعتريها من عاهات وعلل وقدراته العقلية العامة واستقراره العاطفي أو النفسي تساعد معرفة هذه العوامل المعالج على تغيير البيئة المحيطة بالطفل بالصيغ المفيدة لتصحيح الحالة البيولوجية والاستجابة لمتطلباتها.

• الإجابة السلوكية العامة:

يعين المعالج نوع الإجابات الحركية واللفظية التي تمثل دائما سلوك الطفل كالصراخ مثلا وهذه الإجابات السلوكية إما أن تكون تقليدية الاشراط كما في طريقة بافلوف وواطسن او فعالية الاشراط كما في طريقة سكنر فإذا كان صراخ الطفل تقليدي الاشراط عندئذ قد تكون عوامل البيئة ومنبهاتها السبب الرئيسي في حدوثه حيث يتم تحديدها والعمل على إزالتها لتصحيح السلوك أو حذفه، أما إذا كان الصراخ فعال الاشراط أي نتائجه الذاتية على الطفل هي التي تحفز القيام به مرة ثانية عندئذ يعمل المعالج في الغالب إلى إجراء تعزيزي سلبي أو إيجابي يتولى رعاية النتائج لديه أو حرمانه منها للسيطرة على مشكلته السلوكية أو الحد منها.

• معززات السلوك :

يلاحظ المعالج هنا نوع معززات السلوك عند الطفل سواء هذه ذاتية او خارجية سلبية او إيجابية يفيد هذا التحديد على ضبط أنواع المعززات ودرجة قوتها التي تؤثر في السلوك عند إجراء التعديل

• العلاقة المحتملة بين الإجابة والتعزيز

يعين المعالج بالملاحظة والوصف الاستجابات التي يبديها الطفل نتيجة توفر معزز او منبه محدد وهذا يوصل بالطبع إلى تحديد نوع المعزز وقوته من إنتاج السلوك للمساعدة في بناء جداول التعزيز اللازمة لتنفيذ عملية تعديل السلوك

وسائل تعديل السلوك بتكوين عادات جديدة

1- المفاضلة.

يقوم المعالج(المربي) بملاحظة أنواع السلوك المختلفة التي يبديها الطفل وعندما يلاحظ تشابه أحدها لدرجة كبيرة مع نوع السلوك المرغوب الذي يود تطويره لديه ،يتولى عندئذ تعزيزه حسب جدول مناسب ،وننصح المربي استعمال جدول التعزيز المتواصل حيث يستطيع به تعزيز سلوك الطفل في كل مرة يحدث فيها ،حتى إذا تبلور هذا السلوك الجديد يمكن للمربي بعدئذ استعمال جدول آخر حسبما تقتضيه طبيعة السلوك وحاجة الطفل إلى التعزيز

2- الحث والاقتداء بالنماذج

إن الملاحظة من الوسائل الهامة المباشرة وغير المباشرة التي يتم فيها تعديل السلوك الفردي بشكل مقصود أو ذاتي عفوي

وعلى المعالج(المربي) عند اختياره للنموذج الذي سيقتدي الطفل بسلوكه ان يراعي الأمور التالية :

 شهرة النموذج أو شعبيته ،يجب أن يتميز النموذج بالسلوك الذي يراد تقليده والاقتداء به كما يستحسن أن يكون ذا شخصية مفضلة ومحببة لدى الطفل الذي سيقوم بنسخ السلوك

 التشابه بين النموذج والطفل

 التركيب السلوكي ،كلما كان التركيب السلوكي للعادة بسيطا كلما سهلت عملية الاقتداء والعكس صحيح ويتحتم على (المربي ) إذا كان السلوك مركبا أن يجزاه إلى عناصر وخطوات متسلسلة ثم يطلب من الطفل تقليد كل عنصر على حدة حتى يتم له اكتساب كافة أجزاء السلوك ثم تتاح الفرصة للطفل لإبداء السلوك كليا مرة واحدة

3 -التشكيل

يبدا التشكيل بما يملك الطفل ويستمر المربي بتعزيز كل إضافة جديدة إيجابية تؤدي في النهاية لتكوين السلوك المطلوب

يقوم المربي عند استعماله للتشكيل بتعيين نقطة بداية سلوكية أي نواة السلوك الذي يريد تطويره لدى الطفل ثم يعين كافة الأجزاء أو الخطوات السلوكية اللازمة التي يجب على الطفل تعلمها أو إظهارها لاكتساب السلوك الجديد يراعي بالطبع في هذه الخطوات السلوكية الطول المناسب لقدرات الطفل

4- التسلسل

وكثيرا ما يمتلك الطالب بصيغة متفرقة أو مشوشة الخطوات السلوكية المختلفة للعادة المطلوبة حيث تنحصر عادة المربي في مثل هذه الأحوال في تنظيم في مثل هذه الأجزاء أو الخطوات معا واقران بعضها ببعض حسب حدوثها بالحث والتعزيز من خلال ما يعرف في التعديل السلوكي بالتسلسل

5-التلاشي التدريجي

يعمد المعالج(المربي ) في هذا الإجراء إلى سحب أو تخفيف المنبه الذي يحفز حدوث السلوك ثم يعززه تدريجيا حتى يصل الطفل لمرحلة يستطيع فيها إظهار السلوك بمنبه أو تعزيز رمزي أو لفظي .

تعديل سلوك الأطفال بتقليله أو حذفه

سنتحدث الآن عن تعديل سلوك الطفل بالتقليل أو الحذف بواسطة عشر إجراءات ،والجدير بالذكر أن هذه الإجراءات عموما هي صيغ أو وسائل مختلفة لعقاب الأطفال على سلوكهم غير المرغوب يتميز كل منها بإنتاج اثر نفسي مباشر أو غير مباشر عليهم

إن الفقرات التالية ستوضح كيفية استخدام هذه الإجراءات لتحقيق التعديل السلوكي المطلوب

الغرامة الكلية المؤقتة

يقوم المعالج(المربي)عند إدارته للغرامة الكلية المؤقتة بسحب المعززات البيئية لسلوك الطفل مؤقتا أو إبعاد الطفل من البيئة المعززة نفسها لفترات تتراوح عادة بين دقيقتين وعشر دقائق حيث من الممكن أن ينتج في الحالتين كف الطفل أو توقفه عن إبداء السلوك السلبي

الغرامة المتدرجة والربح المتدرج

يشبه مفهوم الغرامة المتدرجة مفهوم الغرامة الكلية المؤقتة من حيث فقدان الطفل للمعززات التي تحفز فيه السلوك السلبي ولكنهما يختلفان في كون الأول يتم بسحب كمية معينة من المعززات كل مرة يبدي فيها الطفل السلوك غير المرغوب بينما في الثاني – الغرامة الكلية المؤقتة- يتم سحب المعززات كليا من الطفل لفترة زمنية محددة . وهناك اختلاف آخر بين المفهومين يتمثل في كون الغرامة المتدرجة مادية في الغالب أما في الثانية فهي نفسية

إزالة الظروف غير المرغوبة

يتمثل هذا الأمر في إزالة الظروف وراء سلوك الطفل السلبي مؤديا في الغالب إلى تقليله أو حذفه

تغيير المنبه

يتلخص هذا الإجراء بسحب المعززات أو المثيرات السلبية التي تنتج السلوك غير المرغوب وفي هذه الحالة يعمد المعلم إلى تحديد تلك المنبهات التي بوجودها يميل الطفل إلى إحداث السلوك غير المرغوب ثم يعمد إلى سحبها أو التقليل من فعاليتها بإدخال منبهات إيجابية بديلة

الإشباع

يسمح المعالج(المربي)للطفل من خلال الإشباع بان يحفزه لتكرار السلوك السلبي حتى ينهك الطفل من ذلك .فيكيف بذاته عنه أو بعض الحالات المتطرفة يطلب الطفل إعفاءه من ذلك

الانطفاء (الإلغاء)

يتلخص مفهوم الانطفاء كإجراء لتقليل السلوك أو حذفه في توقف المربي عن تعزيز السلوك السلبي للطفل بالتجاهل غالبا فيبدا السلوك نتيجة لهذا بالانحسار قوة وكما حتى ينطفئ تماما من شخصية الطفل

العقاب

العقاب يكون لفظيا بالتأنيب أو التوبيخ أو ماديا بالخسارة لشيء يمتلكه الطفل كالفلوس مثلا أو بالضرب ف بالحالات المتطرفة .إن تحذيرات استخدامه توضح أن استعماله قد يحدث لدى الطفل سلوكا أو مظاهر شخصية سلبية غير مستحبة في الغالب

التصحيح الزائد

يتلخص هذا الإجراء بالطلب من الطفل الرجوع إلى البديل الإيجابي للسلوك السلبي الذي مارسه (أو يمارسه) ثم تطبيقه لعدة مرات أو لمدة من الزمن حتى يتسنى له تصحيح حالته واكتساب السلوك المرغوب المضاد وتقويته عنده (منقول من منتدى التوجيه والإرشاد بالشرقية)

العلاج السلوكي هو استخدام طرق ووسائل مختلفة ترجع في أصولها إلى نظريات التعليم وذلك بهدف تغيير سلوك الفرد الغير صحيح أو الغير مرغوب فيه واستبداله بسلوك آخر صحيحاً ومقبولاً اجتماعيا .

فأصحاب هذا الاتجاه يؤمنون بأنّ السلوك متعلم وأنّ الفرد بإمكانه أن يتعلم سلوكا جيدا يحل محل سلوكه الخاطئ . ولكي يتم تعديل سلوك الفرد يجب أن يكون السلوك الخاطئ محدداً ويمكن ملاحظته وقياسه وكذلك الحال بالنسبة للسلوك الجيد البديل . ويعتبر جون واطسون John Watson هو المؤسس الأول لهذا الأسلوب العلاجي غير أنه كان راديكاليا متطرفا حيث أكد على أنه من الممكن أخذ أي طفل سليم ومن ثم جعله طبيبا ، محاميا ، فنانا ، شحاذ ، أو سارق وذلك من خلال تأثير البيئة التي يعيش فيها عليه .

المفاهيم الأساسية :

وجهة النظر حول الطبيعة الإنسانية :

يرى أصحاب هذه النظرية أنّ الإنسان لديه قدرات إيجابية وسلبية وأنه قد صيغ وركب حسب البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها .وسلوك الفرد ما هو إلا نتيجة للعوامل البيئية والوراثية . ولقد شوّهت هذه النظرية الطبيعية الإنسانية حيث جعلت الإنسان كائناً ضعيفا حدد كلية بالبيئة الاجتماعية والوراثة وأصبح كائنا مستجيبا فقط . أما السلوكيين المحدثون أمثال سكنر Skinner فيؤمنون بأنّ السلوك الإنساني هو نتيجة اختيار الفرد لهذا السلوك حيث أنّ الفرد قادر على صنع القرارات واختيار سلوكيات معينة .

صفات العلاج السلوكي :

يتميز العلاج السلوكي ببعض الصفات التي قلما تجدها في غيره من الأساليب العلاجية أو الإرشادية ، وفيما يلي أهم الصفات التي يتميز بها العلاج أن والإرشاد السلوكي :

1. يركز على الوقت الحاضر دون الرجوع على الماضي .

2. يركز على السلوك الظاهري الواضح والمحدد الذي يتمكن ملاحظته وقياسه 3.يهتم هذا الأسلوب بتوضيح الأهداف العلاجية .

4. يهتم هذا الاتجاه بصياغة أسلوب علاجي محدد يناسب مشاكل معينة .

5. يهتم هذا الأسلوب بوضع تقييم موضوعي لحصيلة العلاج أو الإرشاد .

6.هذا الأسلوب العلاجي يستغرق وقتا قصيرا إذا ما قورن بأسلوب التحليل النفسي.

الهدف العلاجي أو الإرشادي :

إن الهدف العام للعلاج أو الإرشاد السلوكي هو تعديل سوك الفرد غير المرغوب فيه واستبداله بسلوك آخر جيد ومقبول اجتماعيا وذلك عن طريق التعليم باستخدام طرق وأساليب مختلفة تتناسب مع طبيعة السلوك المارد تغيره .

الطرق العلاجية :

1. التخصص ا لتدريجي لإزالة الحساسية Systematic Desensitization : تعبر ولبي Wolpe هو الشخص الذي طور هذه الطريقة العلاجية . ويستخدم هذا الأسلوب العلاجي في حالات القلق والمخاوف التي يتعرض لها الإنسان . وعند تطيق هذه الطريقة يقوم المعالج النفسي بتعليم العميل كيف يسترخي وكيف يتخيل ويتصور المواقف والخبرات التي مر بها والتي تثير القلق أو المخاوف لديه . وفي حالة المواقف المثيرة للمخاوف على سبيل المثال يقوم المعالج النفسي بعرض الموقف المسبب للخوف أو القلق على العميل على شكل سلسلة تبدأ بالموقف البسيط إلى الموقف المخيف جداً . وفي هذه الحالة يكون العميل مسترخيا ،وحتى يستطيع الاسترخاء يقوم المعالج بتعليمه كيفية التخيل والتصور . وتتلخص هذه الطريقة العلاجية فيما يلي :

* يقوم المعالج بتحديد السلوك المسبب للقلق أو الخوف أو المخاوف الوهمية ويقوم بالتعاون مع العميل بوضع هرم تدريجي للمخاوف التي يشكو منها العميل تتدرج من الأسهل إلى السهل إلى الصعب إلى الأكثر صعوبة .

· يتعلم العميل كيفية الاسترخاء الصحيح والتخيل .

· يقوم المعالج بعرض هذه المواقف المثيرة على العميل مبتدئاً بالأسهل ومن ثم ينتقل إلى الموقف الذي يليه بعد التأكد من أنّ العميل قد تجاوز الموقف الأول بنجاح . أي أن الموقف الأول أصبح لا يثير المخاوف لدى العميل .

وعندما يفشل هذا الأسلوب العلاجي فإن ذلك قد يرجع إلى أحد الأسباب التالية :

· عدم قدرة العميل على تطبيق تعليمات الاسترخاء بكل دقه .

· عدم قدرة العميل على التخيل الصحيح .

· الانتقال من الموقف المثير إلى الذي يليه دون التأكد من زوال القلق بالنسبة للعميل عند الموقف الأول .

2. التدريب على الجرأة الاجتماعية Assertive Training : يستخدم هذا الأسلوب العلاجي في حالة العلاقات الشخصية التي يكون فيها الفرد غير قادر على التعبير عن ذاته أو مشاعره . ويصلح هذا الأسلوب في الحالات التالية

· الأفراد الذين يجدون صعوبة في التعبير عن حالات الغضب .

· الأفراد الذين يصعب عليهم الإجابة بـ ( لا ) في علاقاتهم بالآخرين .

· الأفراد الطيبين والساذجين والذين يقوم الآخرون باستغلالهم .

· الأفراد الذين يجدون صعوبة في التعبير عن حبهم للآخرين .

· الأفراد الذين يشعرون بأن ليس لهم الحق في امتلاك مشاعرهم وأفكارهم .

ويتم تطبيق هذا الأسلوب العلاجي عن طريق تمثيل الأدوار Role Play . فقد تكون مشكلة العميل شعوره بأنه مضطهد من قبل رئيسه في العمل والذي يطلب منه إنجاز أشياء كثيرة قد يكون من الصعب إنجازها . ففي هذه الحالة يطلب المعالج من العميل أن يقوم بتمثيل دور رئيسه ويمكن أن يقوم المعالج بتمثيل دور العميل وكأنه الشخص أو الموظف المضطهد . وبعد ذلك يقوم العميل والمعالج بتمثيل الدور المعاكس بحيث يصبح العميل هو الموظف والمعالج هو رئيسه مع المحاولة في تجربة سلوك جديدة . ويتم تعديل سلوك العميل عندما يصل سلوكه الجديد إلى درجة أن القلق والمخاوف بدأت تقل عما كانت عليه من قبل ذلك عند مواجهته لرئيسه حيث يصبح العميل أكثر جرأة تجاه تصرفات رئيسه .

3. العلاج بالنفوز Aversion Therapy : هو طريقة علاجية سلوكية تهدف إلى تقليل السلوك غير المرغوب فيه وذلك بربطه ببعض الأحداث أو المواقف غير السارة أو المؤلمة مثل الصدمات الكهربائية . لذلك فقد استخدم هذا الأسلوب العلاجي بهدف تحرير العميل من السلوك المزعج أو غير المرغوب فيه . ويكون حافز التنفير عادة إما بالصدمة الكهربائية أو بإعطاء العميل بعض أنواع المشروبات المسببة للتقيؤ . ويستخدم هذا الأسلوب العلاجي في علاج حالات متعددة منها :

* الإدمان الكحولي . * التدخين . الانحرافات

* الإدمان على * السمنة المفرطة . الجنسية .

المخدرات . * القلق الشديد .

ففي حالة الإدمان الكحولي على سبيل المثال يوضع في كأس الشراب الكحولي مادة مسببة للتقيؤ تجعل العميل يشعر بالتقزز ويحاول التقيؤ وبالتالي وبعد استمرار العملية عدة مرات ، يتولد عند العميل كراهية للشراب الكحولي وبذلك يتم تعديل سلوكه الضار . وقد يستخدم المعالج الصدمات الكهربائية لهذا الغرض.

4. التدعيم الإيجابي Positive Reinforcement : ويستخدم هذا الأسلوب العلاجي وذلك عن طريق المكافأة أو التدعيم ، ويتم ذلك بعد حدوث السلوك الجيد المرغوب فيه . ويستخدم هذا الأسلوب كثيراً مع الأطفال الذين تصدر منهم تصرفات غير صحيحة أو مقبولة مثل الضرب ، الإزعاج ، الإهمال في المذاكرة ، عدم النوم في الوقت المحدد … الخ . فعند تعديل سلوك الطفل يشجع على العمل الجيد ، وعندما يؤديه على الوجه المطلوب تقدم له مكافأة رمزية في الحال مثل الحلاوة أو النقود أو الابتسامة أو الثناء والمديح ، ويشعر الطفل بأنّ هذه المكافأة التي قدمت له هي في الواقع مقابل العمل الجيد الذي قام به .

5. القدوة Modeling : وهو ملاحظة الشخص لقدوة معينة ومن ثم يبدأ بتقليدها ويدعّم لذلك التقليد . ولذلك فالكثير من المهارات الاجتماعية والضبط والسيطرة على النفس يمكن للإنسان أن يتعلمها من خلال ملاحظته للآخرين ومن ثم تقليدهم .

6. المكافآت Token Economy : يقوم هذا الأسلوب بتدعيم السلوك الجيد المرغوب فيه وذلك بتقديم أشياء رمزية ( فيشات) للعميل يقوم هو باستبدالها بأشياء محببة له كالحلوى ، أو مشاهدة فيلم ، أو المشاركة في بعض البرامج ، أو القيام بنزهة إلى مكان محبب للعميل . ويستخدم هذا الأسلوب في الأقسام الداخلية وفي المستشفيات النفسية يحث يطلب من المرضى أن يقوموا بأعمال جيدة مثل أخذ الدواء بانتظام ، أو ترتيب الأسرة ، أو نظافة الغرف ، أو عدم المشاجرة مع بعضهم البعض … الخ. ومقابل ذلك يعطي المريض بعض الأشياء الرمزية ( فيشات مصنوعة من البلاستيك أو الخشب أو ا لمعدن ) التي يقوم هو بدوره باستبدالها بأشياء محببة له تكون موجودة في البوتيك الخاص بذلك في القسم الداخلي من المستشفى .

7. الكف المتبادل Reciprocal Inhibition : والأساس في هذا الأسلوب أنه يوجد بعض الأنماط من استجابات المتنافرة أو الغير متوافقة مع بعضها البعض مثل القلق الاسترخاء والخوف . والهدف من الأسلوب العلاجي هو كف نمطين سلوكيين مترابطين بسبب تداخلهما وإجلال استجابة متوافقة محل الاستجابة غير المتوافقة . ومن أهم الأمثلة على الاضطرابات السلوكية التي تستخدم فيها هذه الطريقة البوال الليلي أو ما يسمى بالتبول اللاإرادي

وفي مثل حالات التبول اللاإرادي يفترض أن الطفل قد فشل أن الطفل قد فشل في اكتساب عادة الاستيقاظ للذهاب إلى دورة المياه أثناء الليل ويظل نائماً حيث يتبول وهو نائم على فراشه . ومهمة المعالج النفسي هنا هي كف النوم حتى يحدث الاستيقاظ والتبول باكتساب عادة الاستيقاظ . أن كف النوم يكف التبول اللاإرادي ، وكف التبول اللاإرادي يكف النوم بالتبادل . وهنا يكون من المطلوب تهيئة الظروف المناسبة بحيث يحدث تعلم هذا النمط السلوكي المرغوب فيه وهو الاستيقاظ من النوم والذهاب إلى دورة المياه للتبول . وقد استخدم ولبي Wolpe ( 1958) هذه الطريقة العلاجية في علاج التبول اللاإرادي والذي يرجع أساساً إلى عوامل نفسية وليس إلى عوامل عضوية والذي يعاني منه الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن أربع سنوات>

8. التعزيز السالب Negative Reinforcement : ويستخدم هذا الأسلوب لغرض زيادة احتمال ظهور الاستجابة المرغوب فيها أو السلوك الصحيح وذلك يتعرض العميل لمثير غير سار مقدما ثم إزالته مباشرة بعد ظهور الاستجابة المرغوب فيها أو السلوك الصحيح . وقد استخدم هذا الأسلوب في علاج حالات اللزمات الحركية عند الأطفال مثل الإبهام . فعلى سبيل المثال هناك طفل عمره خمس سنوات كان يمص إبهامه بطريقة مستمرة ، وتم علاجه بعض مجموعة من أفلام الرسوم المتحركة المحببة إلى نفسه . وكان يمص إبهامه أثناء مشاهدته لتلك الأفلام مما جعل المعالج يوقف عرض الفيلم صورة وصوتا كلما مصّ إبهامه ،وعندما يخرج الطفل إصبعه من فمه يقوم المعالج بعرض الفيلم على الطفل مما جعل الطفل أخيراً يغير من سلوكه غير المرغوب فيه . أي أنه توقف كليا عن مصّ إبهامه . ويكثر استخدام التعزيز السالب في السجون والإصلاحيات .

نقد نظرية العلاج السلوكي :

بالرغم مما تتضمنه نظرية العلاج السلوكي من مميزات ، وما تحويه من تقنيات جيدة ، إلا أن هذه النظرية فيها الكثير من العيوب أوجه القصور وذلك بسبب تجاهل مؤسسيها لعوامل دينية واجتماعية وإنسانية هي غاية في الأهمية . وفيما يلي أهم عيوب هذه النظرية :

1.هذا النظرية تنكر وجود القيم والمعتقدات الداخلية الموجهة للسلوك ، وهذا بلا شك يشير إلى الاتجاه الإلحادي لأصحاب هذه النظرية ، فليس هناك نزعة فطرية للتدين كما لا يوجد تعلق فطري لدى الإنسان بتوحيد الله سبحانه وتعالى ، وليس هناك معتقدات داخلية وقيم توجه سلوك الفرد . بل أن هذه النظرية تنكر وجود القدرات الفطرية المسبقة . فعلى سبيل المثال يعتقد أصحاب هذه النظرية أن الدوافع والذكاء عبارة عن مجموعة معقدة من العادات التي يكتسبها الفرد في حياته . وفي هذا الصدد يقول واطسون " أعطوني عشرة أطفال أسوياء التكوين فسوف أختار أحدهم عشوائياً ثم أدربه فأصنع منه ما أريد – طبيبا ، أو فنانا ، أو عالما ،أو لصا ، أو متسولا ، وذلك بغض النظر عن ميوله ومواهبه وسلالة أسلافه . " فهنا نلاحظ بأن واطسون أدعى قدرته على تشكيل شخصيات الأفراد بغض النظر عن ميولهم واستعداداتهم الفطرية ، وهذا ما فشل فيه أعلم علماء التربية وأكبر علماء السلوك ، وهو ينتهي على مغالطات دينية وعلمية وواقعية واضحة.

2. البناء الإنساني في نظر هذه المدرسة ( السلوكية ) هو بناء آلي خالص يتكون من أفعال وردود أفعال . فالسلوك الإنساني عبارة عن استجابة لمثير يتبعها معزز ، ويتم ذلك بطريقة منعكسة فسيولوجية أو شرطية مقترنة . وهنا نرى أن هذه المدرسة تلغي الدور الحيوي لإزالة الإنسان وقدرته على صنع القرار وتقرير المصير .

3. هذه النظرية تؤكد على ضرورة قيام المعالج بعمليات الضبط والتحكم وإعطاء التعليمات للعميل مما يعطي المعالج دورا تسلطيا في التحكم في ظروف العلاج والعملية العلاجية بالرغم من تأكيد السلوكيين على أن دور المعالج هو مجرد تعزيز .

4. العلاج السلوكي يركز على التخلص من الأعراض والأمر ليس كذلك في الاضطرابات النفسية حيث أنّ التركيز على الأعراض فقط دون جذريّ للأسباب المسببة للاضطراب النفسيّ قد يؤدي إلى ظهور أعراض أخرى

ثلث حالات الحمل في الولايات المتحدة

غير مرغوب فيها(5)

قالت جمعية مدنية أمريكية معنية بصحة المراهقين عن زيادة حالات الحمل غير المرغوب فيه في أوساط الأمريكيين إلى ثلث حالات الحمل بين شابات الولايات المتحدة وأن أكثرها بين غير المتزوجات وهو ما يؤدي إلى وصول حوالي 1.3 مليون حالة منها إلى الإجهاض وو متاعب صحية وعقلية لمن يولد من الأطفال. قالت الحملة القومية لمنع حمل المراهقين بأن ثلث حالات الحمل في الولايات المتحدة أن هناك، 2 مليون حالة حمل غير مرغوب بها من إجمالي حالات الحمل البالغ 6.4 مليون حالة في عام 2001 ، وهي أقرب بيانات إحصائية متاحة. وقالت الجمعية ان 54% من حالات الحمل غير المرغوب فيها  تحدث بين النساء في العشرينيات من عمرهن، وهناك من الدلائل ما يشير إلى أن هذه النسبة في تزايد.وقالت الجمعية ان هذا العدد الكبير من حالات الحمل غير المرغوب فيها يسبب عواقب بعيدة المدى على النساء والرجال والأطفال والعائلات والمجتمع، ومن أجل التأكد من تقبل المزيد من حالات الحمل والترحيب بها أعلنت الحملة القومية أمس الاربعاء، 9 مايو/أيار، عن قيامها بتوسيع نشاط أعمالها ليشمل البالغين في سن العشرينيات وأوائل الثلاثينيات مع الحفاظ على تركيزها على المراهقين.وفي تصريح لها قالت سارة براون، المدير التنفيذي للحملة القومية: "اتسعت مهمتنا ولكن ظل هدفنا النهائي كما هو لم يتغير- سوف نستمر في العمل على تحسين صحة الأطفال والعائلات والمجتمع، وذلك بخفض العدد الكبير لحالات الحمل غير المرغوب فيها وغير المخطط لها بين البالغين في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من عمرهم- بالإضافة إلى مساعدة المراهقين على تجنب الحمل المبكر- فستكون لدى الشباب فرص أكبر للتحكم في حياتهم، وينمو المزيد من الأطفال بشكل سليم، والمزيد من عائلات متزوجة، وسيكونوا أقل فقرًا، وتكلفة عامة أقل وقيد أخف على دافعي الضرائب وأقل حاجة للإجهاض".وفي استطلاع رأي قومي عن طريق  التليفون على 1000 أمريكي مابين 18 فما فوق في مارس وأبريل من عام 2007 أجرته مجموعة جلوفر بارك مع مؤسسة "بابليك ستراتيجيس" أظهر أن أغلبية الأمريكان يعتقدون أن الحمل غير المرغوب فيه هو مشكلة هامة بينما يفضل 69% من الأمريكيين هدف إنقاص عدد حالات الحمل غير المرغوب فيه في الولايات المتحدة وأظهرت بيانات جديدة أعلنتها أمس، 9 مايو، الحملة القومية عن منظمة "اتجاهات الطفل" أن الأطفال في عمر سنتين ممن ولدوا نتيجة لحالة حمل غير مرغوب فيها لديهم درجات أقل في الاختبارات المعرفية في المدارس  – بما في ذلك السمع والكلام والاستكشاف وحل المشاكل والذاكرة والاتصال- عند مقارنتهم بمن ولد نتاج حالة حمل مقصودة.ويظهر البحث أن حالات الحمل غير المرغوب فيها هي أساس عدد من مشاكل الصحة العامة والمجتمع وذلك لأن الأم التي لا ترحب بحملها من غير المحتمل أن تتلقى عناية ما قبل الولادة وتتزايد خطورة ولادة المولود ناقصًا في الوزن أو قبل ميعاد مولده.أما بالنسبة إلى الأطفال المولودين من الحمل غير المرغوب فيه فيواجهون العديد من مشاكل النمو كذلك، فهم أقل ذهنيًا وبدنيًا من الأطفال الذين ولدوا نتاج حمل مقصود.من الجدير بالذكر أن أطفال أغلب حالات الحمل غير المرغوب فيه يولدوا لنساء غير متزوجات ويعد الحمل غير المرغوب فيه هو السبب الرئيس وراء السواد الأعظم من حالات الإجهاض في الولايات المتحدة.

سنغافورة ترفض إنشاء مراكز للمواليد غير المرغوب فيهم (6)

رفضت الحكومة السنغافورية  دعوات إنشاء مراكز لاستضافة الأطفال الذي ولدوا نتاج حمل غير مقصود أو مرغوب فيه.

وقالت وزيرة الدولة للتنمية الاجتماعية إن الخبرات التي نقلت من بلاد أخرى حول العالم أوضحت أن هذه الاختيارات من الممكن أن ينتهي بها الحال بأطفال يعانون من مشاكل صحية أو ضحايا لعمليات تهريب وتجارة الأطفال.

وقالت الوزيرة في كلمة للبرلمان  "هذه المراكز من الممكن أن تنقذ الأطفال" ولكنها لن تهتم برعاية ورفاهية الأمهات. وحذرت كذلك من مشكلات قانونية لو لم يعلم أحد الوالدين المكان الذي وضع فيه الطفل.

......................................................

1- محمد عباس نور الدين/ انفاس نت

2-  منتديات شــمــوع

3- د. حسن سفنجة / الحصن النفسي

4- الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة القصيم

5- وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك

6- الوطن السعودية

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 10 آب/2007 -26/رجب/1428