
شبكة النبأ: عندما يتعلق الامر
بالشرق الاوسط، المنطقة التي ارتبطت بالإرهاب وأنشطته، يروج الرئيس بوش
لمفهوم الديمقراطية اكثر من اي وقت مضى، ولكن بمقاييس ضبابية، فرغم ان
الانتخابات الحرة قد تنتج حكومات مناوئة لأمريكا، ورغم ان هناك حكومات
شمولية مستبدة في المنطقة العربية، فان امريكا مستعدة لتقويض ديمقراطية
الاولى الانتخابية لأنها معادية، وكذلك مستعدة ان تغض النظر عن
الثانية لأنها بكل بساطة-حكومات حليفة-، وغير معادية لاسرائيل. مثل
السعودية ومصر والاردن.
ديمقراطية حماس غير مقبولة
وبعد مرور عامين تقريبا ظلت حماس، الحركة التي تحدث عنها بوش تصورا
بعيد المنال، خاصة بعد سيطرتها على قطاع غزة. وحسبما يرى الرئيس بوش،
مثل بقية العالم، فإن الديمقراطية هي الجواب الشافي لحل الصراع العربي
الإسرائيلي طويل الأمد، والتي تشمل القضاء على حماس، التي تصنفها
الولايات المتحدة على أنها جماعة إرهابية بسبب عدم إعترافها بإسرائيل،
واستخدامها لأسلوب التفجيرات الانتحارية.
يقول تقرير نقله موقع تقرير واشنطن: عندما قال الإسرائيليون إنهم لا
يرغبون في إجراء الانتخابات الديمقراطية الفلسطينية في يناير 2006،
وعندما حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسئولين الأمريكيين من أنه
لا يمتلك الدعم الكافي لنزع سلاح حماس، أصر الرئيس بوش وإدارته على
إجراء الانتخابات، واثقا من الطبيعة العلاجية للديمقراطية.
وحينما انتخبت حماس لشغل معظم مقاعد البرلمان الفلسطيني، لم يصدق
الرئيس بوش وإدارته ما حدث، حتى أن وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا
رايس صرحت بأن "أحدا لم يتوقع ما حدث". والأدهى من ذلك أن جهود الرئيس
وإدارته لإسقاط حماس، إرتبطت في الواقع بوصولها للسلطة. وطالما ظلت
حماس رافضة الاعتراف بإسرائيل، ستظل الولايات المتحدة رافضة التعامل
معها. وقد كتب مايكل هيرش، الصحفي بمجلة نيوزويك "ليس الأمل هو عدم
معاناة الإنسان الفلسطيني العادي، وإنما أن يدرك أن مثل هذه الحكومة لا
تأتي على رأس مصالحه". وفي الوقت ذاته دعم الرئيس بوش محمود عباس وحركة
فتح التي يتزعمها، وهي الحركة التي أنشأها الرئيس الراحل ياسر عرفات،
والتي تعتبر أكثر إعتدالا من حماس.
وفي النهاية كانت الرؤية هي أن الرئيس بوش قد يكون جزءا من إنشاء
دولة فلسطينية، ذات نسيج واحد، تتمتع بالسلام، تعيش جنبا إلى جنب مع
إسرائيل في آمان. إلا أن خطه بوش قد إنقلبت عليه، إذ أصبح ينظر
للولايات المتحدة على أنها تتخذ مواقف معينة، تاركة حماس تبني قوتها
العسكرية الخاصة لمواجهة قوى حركة فتح. وبعد شهور من الاختطافات، وأيام
من سفك الدماء، انتصرت حماس رسميا على فتح، مسيطرة على قطاع غزة الذي
تبلغ مساحته 140 ميلا مربعا، وهو القطاع المطل على البحر المتوسط على
طول الحدود الإسرائيلية الغربية، ويبلغ عدد سكانه حوالي 1.4 مليون
نسمة.
ويضيف التقرير، في ضوء الوضع الحالي الذي تسيطر فيه حماس على قطاع
غزة، وتحكم فيه حركة فتح الضفة الغربية، فإن رؤية بوش لدولة فلسطينية
سالمة، موحدة النسيج أصبحت رسميا لا وجود لها. وحتى الآن، وبالتوافق مع
خطابها السابق، لا تجري إدارة بوش أي حوار مع حماس، وما زالت تضع ثقتها
في حركة فتح.
حتى أنه في التاسع عشر من شهر يونيو الماضي، أعلن الرئيس بوش ورئيس
الوزاراء الإسرائيلي إيهود أولمرت دعمهما لجبهة محمود عباس في الحكومة
الفلسطينية في شكل "مساعدات مالية، وتخفيف القيود على السفر، والدعم
المعنوي، وإجراء محادثات سلام، في صراعها لمواجهة سيطرة حماس على قطاع
غزة". وفي ظهور عام مع أولمرت أثنى بوش على عباس مشيرا إليه على أنه
"رئيس جميع الفلسطينيين، وأنه الصوت المعتدل بين المتطرفين".
وبإبعاد عباس لرئيس الوزراء الفلسطيني وتشكيله حكومة طواريء، أكد
بوش وأولمرت على تأيدهما لحركة فتح. وفي هذا الشأن كتب بيتر بيكر
الصحفي بجريدة واشنطن بوست "إن الرئيس بوش ذكر أن المدخل الأمريكي
الإسرائيلي المشترك يهدف إلى مؤازرة عباس وحركة فتح الأكثر إعتدالا،
حتى تتمتع بالقوة الكافية التي تمكنها من قيادة الفلسطينيين في إتجاهات
مختلفة بأمل مختلف".
ويضيف التقرير، إن دعم الولايات المتحدة الكبير لمحمود عباس وحركته،
حتى بعد وصول حماس المنتخبة ديمقراطيا للسلطة، وسيطرتها الأخيرة على
قطاع غزة، يثير سؤالا حتميا هو لماذا تدعم حكومة بوش حركة فتح وتسعى
وراء إبعاد حماس؟
الإجابة في كلمة واحدة: الإرهاب
ووفقا لحكومة الولايات المتحدة، وكذلك الاتحاد الأوروبي، فإن حماس
منظمة إرهابية، تستخدم عدة أشكال من العنف، تشمل التفجيرات الانتحارية،
للترويج لرسالتها وكسب القوة. وفي موجز صحفي أخير لوزارة الخارجية
الأمريكية، أكد سبن ماكورماك، المتحدث الرسمي باسم الخارجية، على هذه
الفكرة بقوله "إن حماس منظمة إرهابية، ولن نقدم أي دعم لأي منظمة
إرهابية". جاء الدعم الذي تحدث عنه ماكورماك ردا على البيان الذي ألقاه
الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، متهما فيه الولايات المتحدة
وإسرائيل والاتحاد الأوروبي بمحاولة تقسيم الشعب الفلسطيني، بتقديم
الدعم لعباس، وعدم تقديم أي شيء لحماس وقطاع غزة.
وحسبما جاء على لسان ماكورماك فإن عدم تقديم الدعم لحماس لا يعني أن
الولايات المتحدة لا تهتم بمشكلات الشعب الفلسطيني الإنسانية. وقال
"إننا نهتم للغاية بالمشكلات الإنسانية التي يعاني منها الشعب
الفلسطيني، الوضع الذي فرضه هجوم حماس على المؤسسات الفلسطينية
الشرعية".
ويضيف التقرير، في الوقت الذي تعهدت فيه الولايات المتحدة بدفع 40
مليون دولار لعمليات الإغاثة ووكالة الأعمال التابعة للأمم المتحدة،
والتي يمكنها بالتالي تقديم المساعدة للفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع
غزة، ألقى ماكورماك باللوم بشدة على حماس بسبب كارثتها الإنسانية،
قائلا "إن أفعال حماس نفسها هي التي جلبت عليها هذا الموقف، وبكل أسف
على مليون ونصف من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبالتالي تقع مسؤولية
توفير الطعام، والعقاقير الطبية، والكهرباء، والغاز لكل هؤلاء على عاتق
حماس".
لا تقتصر وجهة النظر تلك على ماكورماك، والحكومة الأمريكية،
وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي فقط. ففي 23 يونيو أدان الرئيس المصري
حسني مبارك علانية سيطرة حماس على قطاع غزة، مدعيا أنه إنقلابا، وأنه
يضعف أي فرصة أمام الفلسطينيين لإقامة دولتهم الخاصة.
وقد أعلن مبارك أمام المشرعين في القاهرة تأييده لعباس، وأعرب عن
تعاطفه مع الشعب الفلسطيني قائلا "نشعر بالأسف لسفك دماء الفلسطنيين
بأيدي فلسطنيين في معركة تجاوزت كل الخطوط الحمراء، سائرة نحو تقسيم
أراضيهم المحتلة". وحسبما نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز فإنه من منطلق
شعوره بالقلق على بلده، يخشى مبارك من انتشار حماس من قطاع غزة إلى
مصر، الأمر الذي قد يدعم حركة الإخوان المسلمين، التي تحظى بتأييد شعبي
رغم عدم مشروعيتها القانونية.
رؤية: حماس منظمة سياسية شرعية
وبالرغم من جميع وجهات النظر هناك عدد من الأشخاص والدول ترى أن
حماس منظمة سياسية شرعية، تستحق أن تمنح وقت واحترام الولايات المتحدة.
وقد أشار الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر إلى رفض بوش قبول حماس
وفوزها في إنتخابات العام 2006 على أنه "جريمة"، مستشهدا بأن الشعب
الفلسطيني سوف يصبح غير قادر على إقامة دولة موحدة، إذا ما استمرت
الولايات المتحدة في دعم فتح على حساب حماس.
إضافة إلى ذلك تنتقد الناس بشدة رياء الولايات المتحدة في الحديث عن
موقف حماس. وكما يرى البعض فإن إستعداد الولايات المتحدة لتمويل فتح،
وعدم تمويل حماس، والحركتان في موضع سلطة، يبعث برسالة التمييز.
وفي صفحة الرأي نشرت صحيفة نيويورك تايمز في العدد الصادر بتاريخ 20
يونيو، مقالا بقلم أحمد يوسف، المستشار السياسي لرئيس الوزراء
الفلسطيني إسماعيل هنية، (الذي عزل مؤخرا من منصبه في حكومة الطوارئ
بقيادة فتح)، يصف فيه الإنقلاب الحقيقي في هذا الموقف الدامي بأنه
حقيقة وهن أعضاء حماس المنتخبين داخل السجون الإسرائيلية. وأدعى يوسف
أن حماس، على عكس ما يراها الأمريكيون والإسرائيليون، حاولت نشر السلام
بين حركة فتح.
وذكر أنه "منذ اليوم الأول لفوز حماس في الانتخابات العامة في العام
2006، عرضت على فتح تغيير القوات المشتركة، وتشكيل حكومة موحدة". إضافة
إلى ذلك، وحسبما ذكر أحمد يوسف فإن حماس حاولت إشراك المجتمع الدولي
وتوضيح خطتها للسلام، وظلت تقترح وقف إطلاق النار مع إسرائيل لمدة 10
سنوات، والتزمت بوقف إطلاق النار الأحادي لمدة 18 شهرا في محاولة
لتطبيع الموقف على أرض الواقع. ومع ذلك، كما يقول يوسف "يبدو أن
التغطية الصحفية على مدار الأيام القليلة الماضية لم تهتم بأي من تلك
النقاط". |