الديمقراطيين يكسبون التأييد على حساب أمن امريكا   

اعداد/ صباح جاسم

شبكة النبأ: يعتقد العديد من الامريكيين ان استغلال الديمقراطيين لتراجع تأييد الراي العام الامريكي للحرب ضد الارهاب، ما هو إلا تجاهلا لمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية وإضرارا بالامن القومي الامريكي المستقبلي.

وعلى الرغم من كل الانتقادات التي توجه إلى الإدارة الأمريكية بسبب إخفاقها السياسي والعسكري في العراق ، وتصاعد المطالبات من الديمقراطيين ومن بين أعضاء حزب الرئيس من الجمهوريين بضرورة الانسحاب من العراق في أقرب وقت، فإن الكثيرين لا يخفون قلقهم من توابع وعواقب هذا الانسحاب السريع ويخشون من الآثار التي يمكن أن تضر بالمصالح الأمريكية ليس في العراق وحده بل في الشرق الأوسط ككل.

صحيفة واشنطن تايمز انتقدت في تقرير لها سعي الأغلبية الديمقراطية في مجلسي الشيوخ والنواب إلى خنق الرئيس بوش بمشاريع القرارات المتوالية التي تطالب بجدولة الانسحاب من العراق. 

وشكك تقرير الصحيفة الذي نقله موقع تقرير واشنطن في نوايا الديمقراطيين الحقيقية من وراء التضييق على الرئيس ومواصلة الضغط عليه معتبرا أن الهدف الرئيسي هو الحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية في نوفمبر 2008 عندما تتزامن الانتخابات الرئاسية والانتخاب التشريعية.

واعتبر التقرير إن استغلال الديمقراطيين لتراجع تأييد الرأي العام الأمريكي للحرب، ما هو إلا تجاهلا لمصالح امريكا وإضرارا بالأمن القومي الأمريكي. وأورد التقرير بعض العواقب التي يمكن أن تحدث في حال نجاح الديمقراطيين بالضغط على إدارة بوش بالانسحاب السريع من العراق.

الخطر الإيراني

يعتبر التقرير أن إنهاء الوجود العسكري في العراق قريبا سوف يؤدي لا محالة إلى ازدياد النفوذ الإيراني في المنطقة، كما أن الفشل الأمريكي سوف يمنح الإيرانيين الإحساس بالقوة ونشوة تحقيق النصر على الولايات المتحدة. كما أن واقعا مثل هذا سوف يشجعها على التمادي في تحدي العالم بمواصلة برنامجها النووي.

الإيرانيون طبقا للتقرير سيسعون إلى إفشال أي تقدم أو نجاح للعملية السياسية في العراق، كما سيدعمون على الأرجح الشيعة العراقيين لإحكام سيطرتهم على الحكومة والسلطة بما يضمن وجود حكومة عراقية تدين بالولاء لإيران.

ومن بين العواقب والآثار السلبية التي يمكن أن يتسيب فيها غياب الوجود الأميركي السياسي والعسكري في العراق، استمرار استخدام إيران لكل من سوريا وحزب الله في شن حروب على إسرائيل ، يقتل فيها المدنيون الأبرياء ، وتهدد الأمن والاستقرار في كافة المنطقة.

 انتصار الإرهاب

الإرهابيون في أي مكان من أرجاء المعمورة سوف ينظرون إلى انسحاب القوات الأمريكية من العراق على أنه هزيمة للولايات المتحدة ونصر حققوه. وسوف يقارنون بين هزيمة الاتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان وانسحاب القوات الأمريكية من العراق. ويمكن أن يشجع الانسحاب من العراق على إضفاء مزيد من العناصر الراديكالية إلى أفكارهم.  وسوف ينشطون في استهداف المصالح الأمريكية الحكومات العربية العلمانية.

 ترسيخ الفشل في العراق 

في حالة انسحاب القوات وإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق، فإن العراق طبقا للتقرير سوف يتحول إلى نموذج كلاسيكي للدولة الفاشلة، وسيوف يضطر مئات الآلاف من اللاجئين إلى الفرار إلى دول الجوار، فضلا عن تأثير هذا الواقع على عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

ومن جهة أخرى وفي سياق نموذج الدولة الفاشلة، يمكن أن يصبح الوضع في العراق في ظل عدم وجود القوات الأمريكية إلى شرارة اشتعال حرب سنية شيعية إقليمية تتجاوز حدودها وسط وجنوب العراق.

أما في المناطق الشمالية من العراق، حيث الأغلبية الكردية، فإن الاحتمال المفترض في حال انسحاب القوات الأمريكية من العراق طبقا للتقرير، فهو انتهاز الأكراد هذا الفراغ الأمني والعسكري لإعلان  استقلالهم عن العراق العربي. وهو الأمر الذي من شأنه أن يستفز تركيا وإيران وسوريا ويدفع هذه الدول إلى اتخاذ إجراء عسكري للقضاء على العناصر الإرهابية من الأكراد، ومنع قيام دولة كردية مستقلة.

 فوضى الشرق الأوسط

تخلى الولايات المتحدة عن سياستها الرامية إلى خلق نموذج عراقي ديمقراطي ناجح في الشرق الأوسط ، والإقرار بالهزيمة والتعجيل بانسحاب القوات العسكرية يمكن أن إلقاء منطقة الشرق الأوسط في غياهب الفوضى لسنوات طويلة ، فبالإضافة إلى العواقب السابقة من استقطاب سني شيعي تحركه إيران والسعودية والأردن‘ فإن حكومات المنطقة الاستبدادية ستجد في اعتراف الولايات المتحدة بالهزيمة فرصة لإحكام قبضتها على السلطة مبررة ذلك بالحفاظ على أمن الوطن والمواطنين حتى ولو بقهرهم وملوحة بما حدث للعراق. وتقديم نفسها على أنها بديلا للفوضى ومرادفا للأمن والاستقرار وإن جار ذلك على حقوق وحرية المواطنين.

دول الشرق الأوسط في ظل فشل مفترض للولايات المتحدة وانسحاب قريب لقواتها وإنهاء لوجودها العسكري، ستنقسم إلى محاور وأحلاف داعمة للطوائف والعرقيات المتنوعة في الواقع العراقي والإقليمي.

التأثير العالمي للانسحاب

تأثير انسحاب القوات الأمريكية من العراق وإقرار الولايات المتحدة بالفشل لن يتوقف تأثيره على العراق أو منطقة الشرق الأوسط فحسب ولكن سيكون له نتائج وعواقب على مصالح وصورة وعلاقة الولايات المتحدة بالصين وروسيا ودول أمريكا اللاتينية.

وبغض النظر عن الأبعاد النفسية ومشاعر الفرح التي ستغمر تلك القوى في صراعها مع الولايات المتحدة، وبغض النظر عن الشعور المتصاعد بإمكانية إلحاق الهزيمة بأكبر قوة في العالم وإعادة تشكيل توازن القوى في العالم ، فإن نتائج ملموسة وخطيرة يمكن أن تنتج عن انسحاب القوات الأمريكية من العراق ،فدولة مناهضة للولايات المتحدة مثل فنزويلا سوف تواصل تعاونها النووي مع إيران. كما أن الضعف الأمريكي سوف يشجع على ازدياد مناهضة الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية بصورة عامة.

 أما في الإطار الإقليمي الأسيوي، فإن الفشل الأمريكي، يمكن أن يؤدي إلى اشتعال صراعات على أكثر من جانب، فدولة مثل اليابان لن تجد لها من مفر في توازن القوة سوى تطوير أسلحة نووية. ذلك في الوقت الذي ستفرض الصين سيطرتها ونفوذها على منطقة شرق وجنوب آسيا.  وبالتالي ستصبح القارة الأسيوية منطقة صراع مفتوح لقوى نووية متنافسة كالهند وباكستان وشمال وجنوب كوريا فضلا عن الصين وتايوان.

 الإضرار بالأمن القومي الأمريكي

جميع العواقب الناتجة عن انسحاب القوات الأمريكية من العراق سوف تضر على المدى البعيد بالمصالح الإستراتيجية الأمريكية وسوف يشكل خطورة على أمنها القومي طبقا لما جاء في التقرير. وحث التقرير على مراعاة هذه الأبعاد عند مناقشة خطط ومطالب انسحاب القوات في الكونغرس. وضرورة التفكير في خطط بديلة. ولا يمكن التقليل في هذا السياق من التأثير السلبي المعنوي على بنية القوات العسكرية الأمريكية.

ورفض كاتب التقرير خطط الديمقراطيين بالإبقاء على بعض القوات الأمريكية اللازمة لتدريب وتأهيل قوات الأمن العراقية ومجابهة تنظيم القاعدة، الذي لن يجد في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان ملاذا أمنا، وإنما يمكن في ظل فشل الولايات المتحدة أن يجد في كل قطر من أقطار دول الشرق الأوسط  ملاذا أمنا.

وخلص التقرير إلى أن الانسحاب من العراق لا ينهي الحرب في العراق، بل سوف يزيد من اشتعالها. وذكر أن الأمريكيين يودون في عودة أبنائهم إلى ديارهم، ولكنها رؤية عاطفية وقصيرة النظر.

صحيح إن الولايات المتحدة تمر بأوقات عصيبة في العراق باعتراف الرئيس الأمريكي ذاته، ولكن هذه الأخطاء وتلك التضحيات سوف تهون في حال قدرة الولايات المتحدة على تحقيق النصر تفاديا لتكرار ما شهدته من هجمات جديدة مماثلة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 5 آب/2007 -21/رجب/1428