(المقدس) في المغرب وعلاقته بدولة الحق والقانون

شبكة النبأ: رغم ما يتحدث به الاعلام الرسمي المغربي عن وجود بحبوحة من حرية الراي واحترام حقوق الناس في ابداء اراءها من خلال الوسائل السلمية كالتظاهرات، وانتقاد السلطة الحاكمة علنا ودون خوف من القمع والسجن، إلا ان الاحداث التي جرت مؤخرا تشير بالعكس تماما لهذه الادعاءات حيث ادخل عدد من الشبان الى السجن وحكم عليهم بالعديد من السنوات، وفرضت عليهم غرامات هائلة لمجرد انهم اقدموا على ذكر اسم الملك المغربي وانتقاده علنا. مطالبين بوظائف ومنددين بغلاء المعيشة.

وفتح ادانة محاكم مغربية لثمانية اشخاص مؤخرا بتهمة (المس بالمقدسات) النقاش في الاوساط الحقوقية والسياسية بشأن مفهوم المقدس وحدوده، بين من يرى أن هذا المفهوم يتعارض مع قيم الديمقراطية ودولة الحق والقانون ومن يرى أن "المقدسات" تشكل احدى الثوابت، ورمزا من رموز الديمقراطية المغربية!!!.

وكانت السلطات قد اعتقلت خمسة شبان في مدينة القصر الكبير بشمال المغرب وشابين في مدينة اغادير في الجنوب بعد ان تظاهروا في اول مايو ايار الماضي مطالبين بوظائف ومنددين بغلاء المعيشة.

وقال حقوقيون ان محمد بوكرين وهو حقوقي عمره 72 عاما اعتقل في بني ملال بوسط البلاد بعد ان وجهت له تهمة (المس بالمقدسات) ايضا بسبب تضامنه مع هؤلاء الشبان.

وترواحت الاحكام الصادرة في حقهم بين سنة وأربع سنوات مع غرامات مالية وصلت الى 10 الف درهم.

وأيدت محكمة الاستئناف بأغادير مدة السنتين بالنسبة للمعتقلين بينما رفعت محكمة الاستئناف الحكم بالنسبة لمعتقلي القصر الكبير المدة من ثلاث الى اربع سنوات نافذة.

وقال محمد صادوق محامي معتقلي القصر الكبير والناشط الحقوقي لرويترز، القضاء أرتكز في اصدار الاحكام على معتقلي القصر الكبيرعلى تأويل شعارات رفعها المعتقلون في فاتح مايو انتقدت سياسة المغرب وحتى سياسة الدول العربية ولم تكن هناك اشارة واضحة لشخص الملك. واعتبر، أن الحكم كان قاسيا جدا.. وسياسيا.

وينص القانون الجنائي المغربي على السجن "من سنة واحدة الى خمس سنوات وبغرامة من مائتين الى ألف درهم من ارتكب أهانة موجهة الى شخص الملك أو الى شخص ولي العهد... ومن ستة اشهر الى سنتنين وبغرامة من مائة وعشرين الى خمسمائة درهم من ارتكب اهانة موجهة الى أعضاء الاسرة المالكة."وليس هناك اشارة في القانون الجنائي الى كلمة مقدسات.

وقال صادوق ان القضاء يرتكز على النص الدستوري في كلمة مقدسات لان الدستور المغربي ينص على ان (شخص الملك مقدس) اما القانون الجنائي فيتحدث عن الاهانة.

وتساءل صادوق، لماذا الارتكاز على القانون العام (دستور) في الوقت الذي يوجد قانون خاص (جنائي).

ويرى حقوقيون مغاربة وأجانب ان المغرب حقق خطوات مهمة في مجال حقوق الانسان وطي صفحة ماضي انتهاكات حقوق الانسان التي عرفها المغرب منذ أواسط الخمسينات الى نهاية التسعينيات من القرن الماضي حتى وفاة العاهل المغربي الحسن الثاني.

وقال وزير العدل محمد بوزبع لرويترز، كلمة مقدسات مجرد مصطلح شاع لا أقل ولا أكثر في القانون الجنائي ليس هناك مقدسات.

واضاف، ممكن ان نسميها رموز قيم الديمقراطية او النظام الاساسي لوطننا أما الكلمة فهي فقط للتعبير واستحضار أهمية هذه القيم التي يجب ان تحظى بالحماية.

وقال، عندما نتكلم عن الاسلام وهو دين الدولة والوطن والوحدة الترابية ونتكلم عن النظام الملكي الذي هو دستوريا ملكية دستورية ديمقراطية فهذه أمورأساسية تشكل جوهر قيم وطننا ولابد من حمايتها. وشعار المملكة "هو الله الوطن الملك".

ويقول عدد من الحقوقيين إن توجيه تهمة "المس بالمقدسات" للاشخاص يساء استخدامها في غالب الاحيان وقد تستعمل ذريعة للانتقام.

وقال بوزبع، الضمانات كلها متوفرة حتى لا يساء استعمال مثل هذه التهم أوهذا النوع من الجرائم للمس بحرية الناس وحقوقهم.

وقال عبدالحميد الامين الناشط الحقوقي والرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الانسان المستقلة لرويترز، في دولة الحق والقانون ليس هناك مقدس فهذا المفهوم يرجع الى القرون الوسطى.

واضاف، جميع الدساتيرالديمقراطية في العالم لا تتحدث عن مفهوم المقدس ما هو مقدس عندهم هو مفهوم الحرية والمساواة والحقوق.

وقال محامون ان ما بات يعرف بمعتقلي اول مايو تفوهوا بشعارات تنتقد، طريقة تبديد الاموال من طرف الاسرة المالكة.

واعتبر الامين، هذه الشعارت تدخل في اطار حرية الرأي والتعبير ولا اتصور ان دولة ديمقراطية تتابع مواطنيها بسبب شعارات تنتقد تردي الوضع الاقتصادي والمسؤولين عنه.

ويطالب حقوقيون ومحامون بتحديد مصطلح "مقدسات" حتى لا يبقى " فضفاضا".

وقال مصطفى الرميد المحامي وعضو الامانة العامة لحزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل، كلمة مقدسات كلمة كبيرة لا يجب استعمالها الا في ما يتعلق بالدين.

واضاف، حماية الملك والنظام مسألة قانونية لكن يجب تحديد عناصر الجريمة والا يبقى المصطلح فضفاضا. واعتبر الحكم بخمس سنوات الذي ينص عليه القانون الجنائي، حكم مبالغ فيه.

وعلق الصحفي المغربي أحمد رضا بنشمسي مدير نشر مجلتي (تيل كيل) التي تصدر باللغة الفرنسية و/نيشان/ العربية في احدى حواراته الصحفية، لا يمكن للملك ان يكون مقدسا ويمارس السياسية فكل ممارس للسياسة يتعرض للخطأ.

واضاف، اذا اراد أن يكون مقدسا يجب أن يقتدي بامبراطور اليابان ويبتعد عن السياسة وأنا مستعد أن اسجد له ولن ينتقده أحد بعد ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2 آب/2007 -18/رجب/1428