الانسحاب المفاجئ يعني تسليم العراق للقاعدة والمجاميع المسلحة

شبكة النبأ: تتصاعد هذه الايام حدة الجدل في واشنطن حول موعد سحب القوات الامريكية من العراق بعد ان كان الوضع لفترة قريبة لا يتناول ابدا هذه الفكرة ولو بالنقاش، وياخذ هذا الاحتمال جديته جراء تصاعد الضغوط على ادارة الرئيس بوش لوضع حد للحرب في العراق من قبل الاكثرية الديمقراطية، وكذلك بدأ تحول بعض الجمهوررين البارزين الى الصف المقابل المؤيد لفكرة الانسحاب عبر جدولة صارمة وواضحة.

وفي ظل ذلك فان الرئيس بوش يصر لحد الان على ان الذي يحدد الامر هو التقارير الواردة من قادة الجيش الامريكي على ارض العراق وليس السياسيين في واشنطن، فيما يحذر قادة الجيش من جانبهم، ان انسحابا سريعا من العراق سيؤدي الى تسليمه بيد القاعدة وفلول البعثيين وخصومهم الميليشيات الشيعية. وبذلك فهم –القادة الامريكان-ينادون بتمديد الوقت، واعطاء فرصة اكبر لتثبيت الوضع الامني وتسليمه للقوات العراقية.

ونقلت صحيفة انترناشيونال هيرالد تربيون عن جنرال أمريكي، إنه ينبغي انتظار الربيع القادم حتى تقطف العمليات العسكرية فى العراق ثمار نجاحها، وان الانسحاب سوف يفتح الطريق واسعا امام المسلحين، فيما قالت صحيفة أخرى ان العدو الاول في منطقة غربى بغداد بالنسبة للقوات الامريكية هو جيش المهدي وليس تنظيم القاعدة.

وقالت انترناشيونال  هيرالد تربيون إن الميجر جنرال، رك لينتش، الذي يتولى قيادة 15.000 جندي امريكي، وحوالي 7.000 جندي عراقي في جنوب بغداد وضواحيها، قد تحدث بنبرة اكثر صراحة من اي قائد اميركي حتى الان عن استرتيجية الاندفاع التي امر بها الرئيس الامريكى جورج بوش، ونقلت عنه قوله، ان العمليات لا بد ان تتواصل حتى الربيع القادم 2008. مخالفا بذلك جدول البنتاجون الذي حدد 31 من ابريل نيسان القادم كاعلى موعد لوقف زيادة القوات.  

وقال لينتش إن،العمليات تتطلب المواصلة حتى الصيف القادم، بل والخريف ، حتى نتمكن من تحطيم الاوكار في مناطق جنوب بغداد، وتعزيز المناطق التي سيطرت عليها القوات الامريكية ونقل ما يكفي من القوات العراقية الى المناطق التي تم تنظيفها والتاكد من انها ستبقى على وضعها من دون ان تنتكس.

ويأتي كلام الجنرال هذا في وقت يطالب فيه الكونجرس بالبدء بانسحاب من العراق، والوقف السريع لعملية زيادة القوات الامريكية الاضافية، بحسب الصحيفة.

وقال لينتش ان القوات الامريكية التي ابتدات عملياتها في منتصف حزيران يونيو الماضي في جنوب بغداد حققت نجاحات مهمة في هذه المنطقة التي كانت في السابق اوكارا للجماعات المسلحة، وان سحب هذه القوات قبل ان تنهي واجباتها سيخلق بيئة مواتية لعودة العدو ليملا الفراغ ورائنا.

وتابع قوله للصحيفة،ان انسحاب القوات الامريكية سيضعف من القوات العراقية التي تعتمد في حركتها على الامريكان ولن يكون بمقدورها حماية المدنيين الذين سيكونون عرضة لهجمات المتطرفين الدموية.

وقال الجنرال،الى اي مكان نذهب ؟ اول سؤال يطرحه علينا السكان .. هل ستبقون؟ والسؤال الثاني: كيف يمكننا مساعدتكم؟، واضاف،نحن نسمع الناس يتحدثون عن تبرمهم من الذين يهاجمون قراهم وبيوتهم واطفالهم.

وقال لينتش،اننا وعدنا السكان المحليين باننا سنبقى معهم لطرد المتطرفين حتى نوفر القوات العراقية الكافية لياخذوا مكاننا، واكد،ان المشاعر تتصاعد ضد المتطرفين.

واشار الى ان السكان في مناطق بغداد قد دلوا القوات الامريكية على مخابئ كبيرة للسلاح بلغت 170 مخبئا. وقال ان دوريات تشكلت من ابناء الاحياء اطلق عليهم "متطوعو الاحياء العراقيون" حملوا اسلحتهم الشخصية للمشاركة في حماية احيائهم.     

من جهة اخرى، قالت صحيفة واشنطن بوست ان العدو الاول في منطقة غرب بغداد بالنسبة للقوات الامريكية هو جيش المهدي وليس تنظيم القاعدة.

وتحدثت الصحيفة عن غارة قامت بها القوات الامريكية في حي العامل في منتصف الاسبوع الماضي، حيث كان الظلام يوفر ستارا لحركة القوات المهاجمة، ومع اقترابها من الحي كانت الانوار تضيء البيوت مما جعل القوات الامريكية مكشوفة.

ونقلت الصحيفة عن الكابتن سين ليونز قائد الغارة التي نفذت على حي العامل انه يعرف لماذا كان الحي مضيئا ذلك ان كامل المنطقة يسيطر عليها تقريبا جيش المهدي. وهم يتحكمون بتوزيع الطاقة الكهربائية.

وتقول الصحيفة ان على بعد 10 كيلو مترات الى الغرب من حي الرشيد، يفرض جيش المهدي سيطرته على الاسواق، ومحطات الغاز، وينتزع ولاء الكثير من السكان هناك، حسب ما نقلت الصحيفة عن جنود من فوج المشاة الاول التابع للفرقة 28 مشاة.

وتقول الصحيفة ان للميليشيات بنية تشبه بنية القوات الامريكية، فلديهم قادة افواج وسرايا يقودون مقاتليهم في ارض المعركة. ومقاتلو الميليشيات لا يهابون مهاجمة القوات الامريكية بالرشاشات والقاذفات والقنابل اليدوية. في حين ان جناح الصدر السياسي يلعب دورا مغايرا في الحكومة الوطنية، بالمقابل فان منطقة ضواحي غرب الرشيد تعد مرتعا لجماعة القاعدة في العراق، وهناك اشارات على ان هذه الجماعة كانت فاعلة في هذه المنطقة على امتداد الشهور الماضية الا ان جيش المهدي تمكن من تحويل السيطرة الى (كفته) بعد ان هجر السنة منها او حرم من بقي منهم من الخدمات.

وتقول الصحيفة ان الجنرال ديفيد بيترايوس القائد الاعلى للقوات الامريكية في العراق يصف هذه المنطقة كواحدة من ثلاث مناطق تشكل التحدي الاكبر للقوات الامريكية في بغداد.

وتضيف الصحيفة ان المناطق التي تسكنها غالبية شيعية تسيطر عليها الميليشيات في حين ان مناطق غرب دجلة وجنوب طريق مطار بغداد تعد ملاذا للجماعات المسلحة السنية.

وتقول ان الهجمات البارزة التي تستهدف الجنود الامريكان تثير تحديا لفكرة إلى أي مدى يتفادى عناصر جيش المهدي المواجهات مع الامريكان ، فقد اندلع مؤخرا قتال شوارع بين جيش المهدي والقوات الامريكية في مناطق اخرى من العاصمة، من بينها مواجهات في حي الامين شاركت فيها طائرات الاباتشي التي استدعيت للقضاء على الرماة وحاملي القاذفات والقنابل اليدوية، وفي اليوم اللاحق لذلك قتلت القوات الامريكية مجموعة من الشرطة العراقية خلال غارة اعتقلوا فيها ضابط شرطة متهم بالعمل مع الميليشيات الشيعية.

وفيما وصل قائد أركان الجيوش الاميركية الجنرال بيتر بايس الى العراق الاثنين بدأ البنتاغون جدياً دراسة خيار الانسحاب الذي لا يتوقع ان يكون سريعا او سهلا من الناحية اللوجستية، ويتطلب شهوراً لإنهائه.

ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية طالبا عدم كشف هويته،اذا اضطررنا للرحيل بسرعة (من العراق) فذلك قد يتطلب نحو تسعة اشهر، لكن هذا الامر قد يتضمن ايضا ترك القسم الاساسي من العتاد والتجهيزات في العراق. ورأى، ان ذلك قد يتطلب نحو سنتين اذا ما طلب منا إعادة معظم معداتنا واغلاق القواعد ونقلها الى العراقيين.

وتوصلت دراسة حديثة لهيئة اركان الجيوش الاميركية الى هذه الخلاصة بعد تفحص جملة من سيناريوهات الانسحاب، على ما أكد مسؤولون اميركيون. وتجري حاليا دراسات أكثر تفصيلا في حال تلقى الجيش الامر بسحب كل القوات الاميركية المقدر عديدها حاليا بـ160 ألف جندي او قسم منها. وقد يتم سحب القوات والعتاد عبر تركيا او الاردن لكن الاكثر ترجيحا عبر الكويت حيث سيتعين وضع جردة بالعتاد وتنظيفه وتوضيبه قبل تحميله على متن سفن.

الديمقراطية كلنتون: موقف البنتاغون مهين!

وفي سياق متصل بالصراع المتصاعد بين الديمقراطيين والجمهوريين دافعت السناتورة الاميركية هيلاري كلينتون، الديمقراطية الاوفر حظا في السباق الى البيت الابيض في 2008، عن الانتقادات التي وجهتها الى وزارة الدفاع التي اتهمتها بترويج (دعاية العدو)، طالبة ايضاحات حول خطط الانسحاب من العراق.

وفي مؤتمر صحافي عبر الهاتف، اعتبرت كلينتون ان ذلك (موقف خطر ومهين). وقالت (بعثت برسالة جديدة حول مواضيع الامن القومي الى الامانة العامة لوزارة الدفاع، وحصلت على رد سياسي ومهين).

وفي رسالة بعثت بها في ايار الماضي الى وزير الدفاع روبرت غيتس، طلبت كلينتون اعداد خطط اجلاء لسحب الجنود الاميركيين المنتشرين في العراق بطريقة آمنة. وكتبت (على الكونغرس ان يكون متأكدا من اننا مستعدون لسحب قواتنا من دون تعرضهم لاخطار لا جدوى منها).

ورد نائب وزير الدفاع اريك ادلمن ان (مناقشة انسحاب القوات الاميركية من العراق قبل الاوان وعلنا يعزز دعاية العدو التي تقول ان الولايات المتحدة ستتخلى عن حلفائها في العراق، كما نحن متهمون بذلك في فيتنام ولبنان والصومال).

واضاف في رسالة تحمل تاريخ 16 تموز ان (مثل هذه التصريحات تسيء الى حلفائنا العراقيين الذين نطلب منهم تحمل عبء مخاطر كبيرة لتحقيق اهداف المصالحة الوطنية والاصلاح الدستوري ومواضيع خلافية اخرى). وذكرت كلينتون ان رد ادلمن يستخدم (حجج خادعة لتجنب الحديث عن اعداد خطط الانسحاب من العراق).

وقد طالب عدد من كبار المسؤولين العسكريين الاميركيين في الفترة الاخيرة ببقاء القوات الاميركية فترة اطول في العراق، فيما يلح الكونغرس الاميركي باكثريته الديمقراطية، والرأي العام على الانسحاب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 23 تموز/2007 -8/رجب/1428