تزايد الدعوات الدولية لضرورة مكافحة الوهّابية ومنابعها

 شبكة النبأ: تستمر الدعوات العالمية لوضع حد للتطرف الوهابي الذي اخذ مؤخرا ينشر الموت والدمار في انحاء العالم وكذلك التصدي للفتاوى المتشددة التي يطلقها بين حين واخر علماء الوهابية في اروقة الحكم السعودي، وابرزهم المتطرف ( بن جبرين) الذي يطلق بين حين واخر فتاواه التي تكفر المسلمين وتستحل دمائهم وتدعو لقتل المدنيين من ابناء الديانات الاخرى لتنفيذ غايات واهداف هي ابعد ما تكون من تعاليم الاسلام السمحاء.

وكان اول المتصدين في هذا الموضوع على مستوى بريطانيا رئيس بلدية لندن كين ليفينغستون، حيث انتقد العلاقات التي تربط بريطانيا بالحكومة السعودية التي لا تزال تمول الوهابيين المتطرفين، ودعا في الوقت نفسه البريطانيين عدم وصم المسلمين بصفة الشر وذلك بعد العثور على سيارتين مفخختين في العاصمة البريطانية مؤخرا.

واضاف رئيس بلدية لندن، يجب ان نفهم انه عندما نتحدث عن المذهب الوهابي الذي يتصف بعدم التسامح والتطرف، فان مشكلتنا الاساسية في التعامل معه هو انه يخرج من السعودية.

 وقال، ان الوهابية هي المذهب الرسمي للعائلة السعودية المالكة، مشيرا الى ان الرياض هي واحدة من اكبر البلاد المستوردة للاسلحة البريطانية.

وقال، لفترة طويلة كان السياسيون على مستوى البلاد يرفضون توجيه الانتقادات الكافية لحقيقة ان النظام السعودي لم يتخذ الخطوات اللازمة لوقف تدفق الاموال. ولكننا الان تاكدنا من انهم قاموا بها، ولكن وعلى مدى عقود تدفقت مئات ملايين الجنيهات من السعودية بدعم رسمي الى معتنقي اكثر المذاهب الاسلامية تشددا لشراء النفوذ في كل انحاء العالم.

وتابع، اعتقد ان علينا ان نتاكد تماما من ان هذا قد توقف. وليس لدي معلومات كالتي لدى جهاز (الاستخبارات البريطاني) ام اي 6 للتاكد من ذلك.

مكافحة الوهابية.. صح ام خطأ

وفي مقال نشر بمجلة نيوز ويك واسعة الانتشار قال الكاتب فريد زكريا، يجمع الجمهوريون والديموقراطيون، المحافظون والليبراليون بشكل مدهش على مسألة واحدة: ان خطر الجهاد العالمي يتعاظم بصورة مقلقة. ويستخدم الجمهوريون هذا الاعتقاد لتذكير الشعب الأمريكي بأننا نعيش في عالم مخيف ونحتاج بالتالي إلى قادة أشداء لحمايتنا.

أما بالنسبة إلى الديموقراطيين فتعزز الفكرة ذاتها مزاعمهم القائلة إن إدارة بوش فشلت في التعاطي مع هذا التهديد الرئيسي ونحتاج بالتالي إلى فريق أمن قومي جديد. ويصب الخبراء في شؤون الإرهاب، كما وسائل الإعلام، الزيت على النار بشكل متعمد أو غير متعمد لأن لديهم دافعا لإعطاء صورة قاتمة عن الوضع» فالأخبار السيئة تزيد نسب المبيعات. ووسط هذا الصخب، من الصعب معرفة ما يجري فعلا.

وفي العقدين اللذين سبقا أحداث 11 سبتمبر، ازدهر الإسلام المتطرف فيما تعاملت معه معظم الحكومات كمصدر إزعاج بسيط بدلا من اعتباره تهديدا رئيسيا للأمن. لكن أحداث 11 سبتمبر غيرت هذه النظرة ودفعت تفجيرات بالي والدار البيضاء والرياض ومدريد ولندن البلدان في شتى أنحاء المعمورة إلى إعادة التفكير في مواقفها الأساسية. وباتت معظم الحكومات حول العالم أنشط بكثير في تعقب واعتقال وقتل وتقويض الجماعات الإسلامية على اختلاف مشاربها. والنتيجة: عدو أضعف من السابق من دون أدنى شك لكنه يتحلى في الوقت عينه بمراكز قرار متعددة وبأشكال مختلفة.

ويضيف زكريا، إليكم على سبيل المثال ما حصل في الأشهر القليلة الماضية. في إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم، أعلنت الحكومة أنها ألقت القبض، في 9 يونيو، على كل من زعيم الجماعة الإسلامية وقائدها العسكري، وهذه هي أكثر الجماعات خطورة في البلاد وكانت المسؤولة عن تفجيرات بالي عام 2002. وفي يناير، قتلت القوات الفلبينية أبو سليمان، زعيم جماعة أبو سياف المقربة عقائديا من القاعدة. وقد هاجم الجيش الفلبيني ــ بمساعدة أمريكية ــ بشكل متكرر هذه الجماعة التي انخفض عدد أعضائها من 2000 مقاتل قبل ستة أعوام إلى مجرد بضع مئات اليوم.

أما في مصر والمملكة العربية السعودية، وهما بلدان كانا قاعدتي انطلاق للقاعدة وهدفا لضرباتها، فتم توقيف الكثير من الخلايا الإرهابية. ومن بقي منهم فارا ظل عاجزا عن شن هجمات جديدة خطرة في السنتين الأخيرتين. وهناك، كما في أنحاء أخرى، نغصت جهود وزارات المال، لا سيما وزارة الخزانة الأمريكية، حياة الإرهابيين. فليس بوسع المنظمات العالمية أن تزدهر من دون عمليات نقل الأموال. وكلما ازداد تعقب واستهداف ودائع الإرهابيين المصرفية، أجبر هؤلاء على إعداد عمليات محدودة النطاق ومنجزة على عجل.

أما في العراق، حيث الاعتداءات الإرهابية من الأحداث اليومية، فثمة تعقيد رئيسي آخر يضعف العدو. فمن ائتلاف واسع يعًد بتوحيد جميع المسلمين، تحولت القاعدة إلى جماعة سنية متشددة تقضي معظم وقتها في قتل الشيعة.

وفي فتاواها الأولى وبيانات أخرى، لا تأتي القاعدة على ذكر الشيعة مكتفية بإدانة "الصليبيين"

و"اليهود". لكن العراق بدل سير الأمور. فأبو مصعب الزرقاوي، زعيم القاعدة في بلاد الرافدين، كان يكن حقدا أعمى للشيعة ناجما عن تشدده الوهابي.

وفي رسالة وجهها إلى بن لادن عام 2004، زعم أن "الخطر الناجم عن الشيعة... أعظم... من خطر الأمريكيين... والحل الوحيد لنا هو ضرب القادة الروحيين والعسكريين وكوادر آخرين في صفوف الشيعة مرة بعد أخرى حتى يذعنوا إلى السنة. ولو جرى نقاش بينه وبن لادن لكان الزرقاوي رابحا. نتيجة لذلك، جُرت منظمة كانت تأمل توحيد المسلمين في العالم لخوض الجهاد ضد الغرب إلى حرب قذرة تستهدف المدنيين والاطفال والنساء داخل الإسلام بدلا من ذلك.

ويضيف زكريا، هذا الانقسام بين السنة والشيعة ــ الذي يلعب دورا أيضا في لبنان ــ هو أحد الانقسامات في العالم الإسلامي. فإلى جانب الانقسام بين السنة والشيعة، هناك الانقسامات بين الفرس والعرب، ومسلمي جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، والأهم هناك الانقسام بين المعتدلين والمتشددين. إن المواجهات بين حماس وفتح في الأراضي الفلسطينية أكثر المؤشرات دلالة على هذا الانقسام الأخير. وتماما، كما أن التنوع في العالم الشيوعي خفّف في النهاية من خطورته، ستضعف شتى أطياف الإسلام من قدرته على الالتئام لتشكيل عدو ذي لون واحد. وسيكون حتى أقل خطورة إذا ما اعترف القادة الغربيون بهذا الواقع وعملوا على إبراز مثل هذه الفروق. وبدلا من الحديث عن حركة عالمية واحدة تجمع بشكل عبثي بين الانفصاليين الشيشان في روسيا والناشطين المدعومين من باكستان في الهند وزعماء الحرب الشيعة في لبنان والجهاديين السنة في مصر، لا بد أن نشدد على فكرة أن هذه الجماعات لا تتشابه، فأجنداتها مختلفة وأعداؤها وأصدقاؤها مختلفون. ويساهم ذلك في تكذيب ادعائها بتمثيل الإسلام بل تظهرها على ما هي عليه في معظم الأحيان: عصابات محلية صغيرة من غير المندمجين اجتماعيا تأمل استرعاء الانتباه من خلال العدمية والهمجية.

ويضيف الكاتب، إن أكبر مكمن للضعف لدى الناشطين الإسلاميين هو قلة شعبيتهم في كل مكان. فحتى في أفغانستان، حيث طالبان متجذرة، هم موضع شتم واحتقار. واليوم، عندما يستولي بين الحين والآخر مقاتلون من حركة طالبان على بلدة في جنوب أفغانستان، يقفلون المدارس ويحرقون الكتب ويجبرون النساء على ارتداء النقاب. ومثل هذه الأعمال تولّد الخوف والاستياء لا الحب. ولا يود معظم المسلمين، سواء كانوا معجبين أو كارهين للغرب، العودة إلى وهم مكفهر يسوده حكم ديني قروسطوي. يسافر الناس في العالم الإسلامي لرؤية أبهة دبي لا الحوزات الدينية في طهران. ونحو نصف البلدان الإسلامية في العالم تنظم الانتخابات أي ما يشمل قرابة 600 مليون نسمة. وفي الانتخابات التي جرت في السنوات الأربع أو الخمس الماضية، حققت الأطراف الممثلة للإسلام المتشدد نتائج سيئة من إندونيسيا وصولا إلى باكستان وقلما حظيت بأكثر من 7 أو 8 بالمائة من الأصوات. وتبقى هناك بعض الاستثناءات في أمكنة تعاني حربا أهلية أو احتلالا مثل وضع حماس في الأراضي الفلسطينية وحزب الله في لبنان. لكن بصورة إجمالية، لا يفوز الإسلام المتشدد بالحجج والأقوال ولهذا السبب يحاول الفوز بالقوة.

وإن بدا ما قلناه متسما بالتفاؤل فذلك لأنه كذلك إلى حد ما. فالخطر الفعلي، والسبب الذي سيجعل من الأمر صراعا طويلا، هو أن الظروف التي يتغذى منها التعصب والتهميش لدى الشباب المسلم لا تضعف. فالمزيج السام بين الديموغرافيا والتهميش والتعصب الديني لا تزال تدفع بحفنة من المسلمين إلى سلوك درب العنف الوحشي. وتضمن التكنولوجيا اليوم ــ وأكثر ما يقلق فيها الكميات الكبيرة من المواد النووية المنتشرة بلا ضوابط في شتى أنحــاء العالم ــ بأن يتسبب قــلة من الناس بأضـرار جسيمة.

وفي سياق متصل نشرت مجلة بروسبيكت البريطانية مقالا يسلط الضوء على شخصية قائد المجموعة الانتحارية التي ارتكبت هجمات 7 يوليو في قطار الأنفاق بلندن، محمد الصديق خان، الذي يبدو للوهلة الأولى بريطانيا من الطبقة الوسطى مندمجا تماما في مجتمعه. وقضى صاحب المقال، شيف مالك، أشهرا في ضواحي ليدز حيث ترعرع خان وتحدث إلى أقاربه لإعادة تركيب أجزاء ماضيه. فخان لم يدفعه الفقر أو العنصرية أو الحرب في العراق إلى ارتكاب عمليات انتحارية. لقد كان شابا وجد نفسه عاجزا عن الاندماج في المجتمع التقليدي للمهاجرين الباكستانيين الذي ينتمي إليه ذووه. لم تكن لديه أي ذكريات عن حياتهم في باكستان. كان يتحدث لغتهم الأردية بصعوبة ورفض القبول بزواج مدبر لمصلحة زواج عن حب. ومع ذلك، لم يجد مكانه في الثقافة البريطانية العصرية. وقد انجذب خان شيئا فشيئا إلى النظرة البسيطة النافذة والشمولية للإسلام الوهابي الذي كان مشروحا في كتيبات سهلة الفهم توزع مجانا (وممولة بلا أدنى شك من السعودية). وقد أشبعت هذه العقيدة رغبة هذا الشاب في الاحتجاج والتمرد وأعطته في الوقت عينه حسا كبيرا بالهوية. وبحلول عام 1999، أي قبل الحرب في العراق وقبل أحداث 11 سبتمبر، كان قد بات جاهزا للتحول إلى إرهابي.

ولم يسهل على بريطانيا والولايات المتحدة ومعظم الدول الأخرى مواجهة الأسباب الرئيسية للجهاد. لكنها تربط بوضوح بين التهميش والإذلال وسحب القدرات من جهة وسرعة التغير في العالم المعاصر من تغيير اقتصادي والهجرة من العالم الثالث إلى العالم الأول والنزوح من الريف إلى المدن، من جهة أخرى. إن الحل الوحيد المستديم لهذه الاختلالات المستمرة هو أن يعتبر هؤلاء الأشخاص أنفسهم، والأهم أن يعتبروا المجتمعات التي يأتون منها والتي لايزالون يتماهون معها، في موقع المتحكم في العالم العصري لا الضحية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12 تموز/2007 -27/جماد الاخرى/1428