النظم القضائية: تقرير الفساد العالمي لعام 2007

 شبكة النبأ: يستهدف تقرير الفساد العالمي الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية جمهورا واسعا ومن ضروري قراءته من قبل صانعي السياسة الذين يجب أن يظلوا على اتصال مع التطورات في الدول الأخرى مع الأبحاث الحديثة. ويستهدف تقرير الفساد هذا العام واضعي السياسات والممارسيين في المجال القضائي تحديدا مثل وزراء العدل والقضاة والنيابة العامة.

ولكن بالطبع هو لكل من يهتم بسيادة القانون، بمن فيهم من الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني والأكاديميين وممثلي القطاع الخاص جميعا سوف يجدوا من تقرير الفساد العالمي مرجعا هاما.

1. ما الفساد العالمي؟

يقدم تقرير الفساد العالمي (GCR) تقييم سنوي عن حالة الفساد في مختلف أنحاء العالم، وتعده منظمة الشفافية الدولية، وهي منظمة المجتمع المدني العالمي التي تقود المعركة ضد الفساد. يجمع تقرير الفساد العالمي بين الأخبار والتحليلات من خبراء ونشطاء لإبراز التطورات الأخيرة عن الفساد. يغطي كل تقرير فترة 12 شهرا ابتداء من شهر يوليو الى شهر يونيو في العام التالي، ويستعرض تأثير الفساد في قطاع محدد مع دراسات تفصيلية من مختلف البلدان. يركز تقرير الفساد العالمي لسنة 2007 على الفساد في نظم القضائية. في عام 2006 قدم تقرير الفساد العالمي تحليل عن الفساد في قطاع الصحة، وفي عام 2005 عن الفساد في مجال البناء والتعمير بعد الصراع.

2. لماذا يعتبر تقرير الفساد العالمي مهم؟

يقدم تقرير الفساد العالمي تحليلا منهجيا سنويا؟ بشكل منقطع النظير في هذا النطاق؟ عن فساد في جميع أنحاء العالم. فضلا عن تصدي لفساد في مجال الرئيسي مختار بشكل عميق. يقدم التقرير ملامح تقيم الفساد على المستوى الوطني، عارضا أكثر من 30 تقريراً كل سنة. تجمع النتائج العملية لكبار الباحثين في مختلف جوانب الفساد بين وجهات النظر الأكاديمية والأصوات العملية من الميدان. يتم اختيار المساهمات في قسم البحوث من هذا التقرير طبقا لآثارها على السياسيات والمنهجيات المبتكرة.

3. لماذا يركز تقرير الفساد العالمي لعام 2007 على الفساد في النظم القضائية؟

في حين أنه تم التصديق على عدد كبير من القوانين المناهضة للفساد على مدى العقد الماضي، ولكن يبقى التنفيذ ضعيفاً في كثير من البلدان العالم. إن النظم القضائية النزيهة ذات أهمية القصوى للتمسك بقوانين مكافحة الفساد. حددت كثيرا من فروع منظمة الشفافية الدولية المحلية السلطة القضائية الفاسدة في بلادهم كأخطر المشاكل المتصلة بالفساد. ساهم وجود عروض تحليل تفصيلي وحلول عملية في تطوير حلول مقترحة.

4. ما أهمية محاربة الفساد القضائي؟

يقيض الفساد القضائي المجتمعات الديمقراطية والأسس التي بنيت عليها. يعوق الفساد كثير من النظم القضائية في العالم, ويحرم المواطنين من الوصول الى العدالة والتمتع بحق الإنسان الأساسي في محاكمة عادلة ونزيهة، وأحيانا حتى الحق في للمحاكم على الإطلاق.يعرقل الفساد القضائي التماسك الاجتماعي. ويعرقل مكافحة الجريمة المنظمة ويقلل الاستثمار الاقتصادي. إن أفقر شرائح المجتمع هي التي تعاني من الفساد القضائي. والمثل الشعبي المعروف في كينيا "لماذا الاستعانة بحمامي عندما تستطيع شراء القاضي؟" يعني أن العدالة معروضة للبيع وفقط الأغنياء والفقراء هم المستفيدون عادة.

5. ما هو الفساد؟ وماذا يحوي الفساد في جهاز القضائي؟

تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه "إساءة استعمال السلطة الموكلة لتحقيق مكاسب خاصة" وهذا لا يتضمن فقط المكاسب المالية لكن أيضاً المكاسب غير مادية، مثل تعزيز السلطة السياسية.

يمثل الفساد القضائي أي تأثير غير سليم على العملية القضائية من أي شخص وفي وضع يمكنه من قيام بذلك. ويأخذ شكلين رئيسين: التدخل السياسي من خلال تخويف القضاة، والتلاعب في التعيينات القضائية أو غيرها من الوسائل والتي تهدد استقلال القضاء، وثانيا الرشوة. وقد يحصل المحامي على أجر نظير القضية، أو يقبل القاضي الرشاوى للإسراع في الحكم في القضية. في دراسة استقصائية قام بها فرع منظمة الشفافية الدولية في بنغلادش، فان اثنين من كل ثلاثة أشخاص استخدموا المحاكم الابتدائية في عام 2004 قاموا بدفع رشاوى ويقدر متوسط مبلغ الرشوة حوالي 25% من متوسط الدخل السنوي.

باختصار، إن الفساد يؤثر في استقلال السلطة القضائية في العمل دون أي تأثير من أصحاب المصالح، ويؤثر في مسئوليتها ومسائلتها، وفعالية القواعد والرقابة.

6. ما هو تعريف "النظام القضائي"

يمثل القضاة جزء واحد من النظام القضائي، حيث يأتي عملهم بعد عمل الشرطة والنيابة العامة والمحامين وغيرهم من موظفي المحاكم في هذه الساحة. تؤثر المحاكم التي يصدرها القضاة تأثيرا عميقا على البلاد، ونتيجة لذلك فإن أدوار منظمات المجتمع المدني ووسائل

الإعلام والأوساط والأكاديمية مهمة في سبيل إنشاء نظام قضائي يعمل ويتطور.

7. ما هي أسباب الفساد القضائي؟

هناك أربعة شروط رئيسية يمكن أن تسهل الفساد في الجهاز القضائي:

·        عدم تعين القضاء على أساس الجدارة، الأمر الذي يمكن أن يؤجي الى اختيار قضاة مرتشين

·        ضعف المرتبات وظروف العمل وانعدام التدريب جعل الأفراد عرضة للرشوة

·        عمليات العزل القضاة الغير عادلة بتهمة الفساد يمكن أن تؤدي الى تسييس العمليات العزل والنقل للقضاة

·        تجعل إجراء المحاكمة المبهمة من صعب على وسائل الإعلام والمجتمع المدني أن يراقبوا أنشطة المحاكم.

8. ماذا يمكن عمله للتغلب على الفساد في الجهاز القضائي؟

ليس هناك مجموعة سحرية من شأنها أن تقلل من الفساد في جميع الحالات لكن توفر التوصيات الواردة في تقرير العالمي للفساد توافق في الآراء حول ما ينبغي أن تكون عليه المعايير الدنيا لتطوير وصون النزاهة والمساءلة والشفافية في النظام القضائي.

يوصي تقرير الفساد العالمي أن تكون التعيينات القضائية بان تكون مستقلة، وعلى أساس الجدارة وبالتشاور مع المجتمع المدني. يجب أن تكون رواتب القضاة متناسبة مع دور القاضي وينبغي وضع معايير واضحة لنقل وانتداب القضاة وإحالة القضايا. يقترح تقرير الفساد العالمي أيضا انه يجب توافر حصانة محدودة للقضاة متعلقة بأعمالهم وإنشاء هيئة مستقلة مكلفه بالتحقيق في الشكاوى التي تقدم ضدهم.

لضمان المزيد من الشفافية في النظام القضائي، يجب نشر تقرير سنوي عن أنشطة نظام القضائي وإنفاقه، وينبغي على القضاة الكشف عن ممتلكاتهم والإبلاغ عن حالات تعارض مصالحهم مع القضايا المخولة لهم يجب على المجتمع المدني البحث في كيفية رصد ومراقبة وأسباب حدوث الفساد القضائي.

9. هل معالجة الفساد القضائي مختلفة من معالجة الفساد في القطاعات العامة الأخرى؟

نعم، القضاة يجب أن يكونوا مستقلين عن فروع المحاكمة الأخرى وحتى مستقلين عن القضاة الآخرين. لهذا السبب, فإن تحديد كيفية محاسبتهم يمكن أن تكون أكثر تحديا وصعوبة.

10. من يقرأ تقرير الفساد العالمي؟

يستهدف تقرير الفساد العالمي جمهورا واسعا. ومن ضروري قراءته من صانعي السياسة الذين يجب أن يظلوا على اتصال مع التطورات في الدول الأخرى مع الأبحاث الحديثة. يستهدف تقرير الفساد هذا العام واضعي السياسات والممارسيين في المجال القضائي تحديدا مثل وزراء العدل والقضاة والنيابة العامة. ولكن بالطبع هو لكل من يهتم بسيادة القانون، بمن فيهم من الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني والأكاديميين وممثلي القطاع الخاص جميعا سوف يجدوا من تقرير الفساد العالمي مرجعا هاما.

الفساد القضائي هو وقود لإفلات من العقاب وتآكل سيادة القانون

الفساد يقوض النظم القضائية في العالم، ويحرم المواطنين من الوصول الى العدالة، وتعزيز حق الإنسان الأساسي في محاكمة عادلة ونزيهة، وأحيانا حتى الحق في المحاكمة على الإطلاق، وفقا لتقرير الفساد العالمي لعام 2007: الفساد في النظام القضائي، والذي أصدرته اليوم منظمة الشفافية الدولية، التحالف العالمي ضد الفساد.

"أن المساواة أمام القانون هي دعامة المجتمعات الديمقراطية. عندما تفسد المحاكم بسبب الجشع أو الانتهازية السياسية، تجنح موازين العدالة ويعاني المواطنين العادين "قالت هوجيت لابيل رئيسة منظمة الشفافية الدولية. فساد القضاء يعني أن أصوات الأبرياء تذهب أدراج الرياح بينما يفلت المذنب دون عقاب"

يستخلص تقرير الفساد العالمي الجديد أن السلطة القضائية الفاسدة تضعف قدرة المجتمع الدولي على ملاحقة الجريمة وتمنع الوصول الى العدالة وتزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، وتقوض أيضا النمو الاقتصادي عن طريق إتلاف الثقة في الاستثمار، وتعرقل الجهود المبذولة للحد من الفقر.

عندما تكون المحاكم فاسدة يعاني المواطنون

يقسم الفساد القضائي عادة الى نوعين: النوع الأول هو التدخل السياسي في العملية القضائية من قبل السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية، والنوع الثاني هو الرشوة، لا يمكن المبالغة في أهمية وجود القضاء مستقل. عندما تكون العدالة فاسدة، فان الجميع خاسرون ولاسيما الفقراء، الذين يضطرون الى دفع الرشاوى تفوق قدراتهم المالية يكشف أحدث مسح استقصائي عالمي لمنظمة الشفافية الدولية حول مواقف من الفساد في أكثر من خمسة وعشرين بلدا، أن على الأقل واحد من كل عشرة أسر (عشرة في المائة) أضطر لدفع رشوة للحصول على العدالة. وفي أكثر من عشرين دولة، قال أكثر من ثلاثة في كل عشر اسر (ثلاثون في المائة) أن الرشوة كانت وسيلة لتامين الوصول الى العدالة أو لحكم عادل في المحكمة، كانت هذه نسبة مرتفعة عن ذلك في كلا من ألبانيا واليونان واندونيسيا والمكسيك ومولدوفا والمغرب وبيرو وتايوان وفنزويلا.

تضعف الرشوة البسيطة بالإضافة الى التأثير السياسي في القضاء التماسك الاجتماعي: وجود نظام الى للأغنياء وآخر للفقراء يعمل على تفكك المجتمعات. "إذا كان المال والنفوذ هما أساس العدل، فان الفقراء لا يستطيعون المنافسة" قال اكيرا مونا، نائب رئيس المنظمة ورئيس الاتحاد الإفريقي واتحاد المحامين. "أن الرشوة لا تجعل العدالة باهظة الثمن وحسب ولكنها؛ تخرب قدرة النظام القضائي على مكافحة الفساد، وتمنعه أن يكون منارة الاستقلالية والالتزام."

ووفقا للدراسة استقصائية أجريت في عام 2002 فان 96% من مستجيبين في باكستان الذين كان لهم اتصال مع المحاكم الابتدائية قد واجهوا ممارسات فاسدة، بينما في روسيا تقدر مبالغ الرشاوى بملغ 210 مليون دولار يعتقد أنها تدفع سنويا في المحاكم.

البقشيش لميزان العدالة:

إن الفساد في القضاء هو أي تأثير غير سليم على نزاهة الإجراءات القضائية والأحكام ويمكن أن يمتد الى رشوة القضاة من اجل إصدار حكم معين أو أي حكم على الإطلاق. يشمل الفساد القضائي سوء استخدام ميزانيات المحاكم أو السلطة القضائية، مثل ذلك: عندما يقوم القاضي أو المسئول بتعيين أفراد من أسرته أو معارفه في وظائف المحكمة أو يتلاعب بعقود بناء والمعدات لمصالح خاصة. كما يمكن أن يكون الفساد عن طريق توزيع القضايا بانحياز وغيرها من الإجراءات السابقة لمحاكمة، مثل كتبة المحكمة وأمناء السر عندما يتم رشوتها "لفقدان" الملفات والأدلة والذي بدوره يؤثر في المحاكمة أو الحكم، وتنفيذ -أو عدم التنفيذ- الأحكام.

يرى تقصير الفساد العالمي لعام 2007 انه رغم مرور عقود من الإصلاحات من اجل حماية استقلال السلطة القضائية في العالم، لكن الضغوط على الأحكام لأسباب أو مصالح سياسية ما زال كثيفا، ورغم أن العديد من القضاة في كل أنحاء العالم تتصرف بنزاهة، لكن ما زالت المشاكل موجودة. يظهر انخفاض المعايير الدولية في بلدان مثل الأرجنتين وروسيا حيث زاد هناك تأثير القوى السياسية على العملية القضائية في السنوات الأخيرة.

إن خطر الانتقام السياسي من القضاء النزيه الذي يرفض المساومة قد يكون سريعا وقاسيا. إن إجراءات تأديب وعزل القضاة الفاسدين يمكن أن ينتهي بها المطاف باستخدامها لعزل القضاة المستقلين عن التأثيرات السياسية. يتم في الجزائر نقل القضاة المستقلين عن الضغوط السياسية الى الأماكن النائية. وفي كينيا، كجزء من حملة ضد الفساد، والتي ينظر إليه على نطاق واسع بوصفها حملة سياسية، تعرض بعض القضاة لضغوط للتنحي دون إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم.

الفشل في تعيين مسئولين القضاة على أساس الجدارة يمكن أن يؤدي الى اختيار أشخاص سهل التأثير عليهم وإفسادهم. يمكن نقل القضاة "المزعجين للسلطة" أو نقل القضايا الهامة للقضاة الأكثر تساهلاً، وهي الأساليب التي أستخدمها رئيس بيرو السابق ألبرتو فوجيموري.

يستطيع أيضا تدخل السياسيين أو المسئولين شراء الغطاء "القانوني" لتغطية الاختلاس والمحسوبية والمحاباة والقرارات السياسية غير المشروعة. إن هذا التدخل ممكن أن يكون بالإيذاء البدني والتهديدات والتخويف، أو غير مباشر عن طريق التلاعب في التعيينات القضائية ورواتب وشروط الخدمة.

تعتبر الرشوة الجانب الآخر المظلم للفساد القضائي، والتي يمكن أن تتم من خلال نسيج العملية القضائية نفسها. كما تبين التقارير القطرية لـ(32) دولة في تقرير الفساد العالمي أن القضاة قد تقبل الرشاوى لإبطاء أو التسريع النظر في القضايا وقبول أو رفض الاستئناف والتأشير في قضاة آخرين أو لمجرد الحكم في قضية بطريقة معينة. يسعى موظفو المحاكم للحصول على رشاوى مقابل الخدمات التي ينبغي أن تكون مجانا. قد يطلب المحامي أجور إضافية لتعجيل أو تأخير القضايا أو توجيه العملاء والقضايا والقضاة معروفون بقبولهم للرشاوى. يعتبر ضعف الرواتب من العوامل التي تؤثر على قابلية القاضي للفساد، على سبيل المثال لا الحصر. إن عدم وجود أمان الوظيفي بالإضافة الى ظروف وشروط العمل وعدم العدالة في الترفيه والنقل وانعدم التدريب المستمر، كلها أسباب، تجعل القضاة وغيرهم من موظفي المحكمة عرضة للرشوة.

تعزز إجراءات المحاكمات المبهمة من عمليات الرشوة حيث تمنع الوسائل الإعلام والمجتمع المدني من رصد نشاط المحاكم وفضح الفساد القضائي.

الحلول: الاستقلال، والانفتاح، وتوفير موارد كافية، والمساءلة، لا يوجد حل واحد فعال لمعالجة كل هذه المشاكل بل هي مجوعة من الحلول من خلال مدخل كلي.

يقدم تقرير الفساد العالمي لعام 2007 توصيات مفصلة لتعزيز استقلالية القضاء والمساءلة والنزاهة الشخصية، ويشجع فعالية أكثر لتنفيذ القانون وحماية القضاء من النفوذ السياسي. يجب أن تكون تعيينات وعزل القضاة والنيابة العامة شفافة ومستقلة عن السلطتين التنفيذية التشريعية، وعلى أساس الخبرة والأداء. يجب إعطاء الصحافة حرية متابعة والتعليق على الإجراءات القانونية والمحاكمات، ونشر التقارير والمعلومات الموثقة بشأن القوانين واقتراحات التغيير في التشريعات وإجراءات المحاكم وإصدار الإحكام.

إن دور المجتمع المدني في المراقبة أمر حتمي عن طريق الرصد والتعليق على اختيار القضاة والسلوك القضائي وانضباط قضاة المحاكم، وكيفية معالجة القضايا وكيفية إصدار الأحكام. يستطيع المجتمع المدني أيضا لفت الانتباه الى أوجه الضعف المؤسسي التي عن طريقها يتم تسهيل الفساد ويمكنها أيضا أن تضع الحكومات على إشعار أنها ستحاسب على التزاماتها ونتائج برامجها لمكافحة الفساد.

توفر منظمة الشفافية الدولية توصيات تفصيلية من أجل تعزيز استقلال القضاء ومكافحة الفساد القضائي، بما في ذلك:

التعيينات القضائية

1. ينبغي وجود هيئة تعيينات قضائية مستقلة وتكون صميم عملية اختيار القضاة.

2. يجب أن تكون التعيينات القضائية على أساس الجدارة، والوضوح مع معايير محددة للدعاية الانتخابية (في حالة الانتخاب). ويجب على المرشحين إثبات سجل الكفاءة والنزاهة.

3. ينبغي استشارة المجتمع المدني, بما في ذلك الجمعيات والنقابات المهنية المرتبطة بالأنشطة القضائية، في موضوع قبول المرشحين.

اللوائح والشروط

4. يجب أن توازي رواتب القضاة الخبرة والأداء والتطوير المهني، ويبغي توفير معاشات تقاعد مناسبة.

5. ضمان حماية الأجور وظروف العمل من أي تدخل من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية وإنشاء فروع قضائية لهذا الغرض.

6. يحب أن تستند التنقلات القضائية الى معايير موضوعية لحامية القضاة المستقلين والمحايدين.

المسئولية والانضباط

7. حصول القضاة على حصانة محدودة للأعمال المتعلقة بواجباتهم القضائية.

8. يجب التحقيق في الادعاءات ضد القضاة بدقة، عن طريق هيئة مستقلة.

9. يجب أن تكون عملية العزل القضاة شفافة ونزيهة مع المعايير صارمة ودقيقة, وإذا كان هناك أي اهتمام بالفساد يقدم القاضي للمحاكمة.

الشفافية

10. يجب ان توفر السلطة القضائية للجمهور معلومات موثوق بها عن أنشطتها وإنفاقها.

11. إتاحة الحصول على المعلومات عن القوانين والتغيرات المقترحة في التشريعات وإجراءات المحاكم والوظائف القضائية الشاغرة والتعيينات.

12. يجب أن تكون الإجراءات القضائية من قبل النيابة العامة علنية وقراراتها مسببة مع السماح بنشرها.

أعمال المنظمة الشفافية الدولية في مكافحة الفساد القضائي

يبرز تقرير الفساد العالمي لعام 2007 الجهود المبذولة على المستوى الوطني لفروع منظمة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد القضائي.

"أن الفساد القضاء هو محور الرئيسي لجهود مكافحة الفساد في العالم لان القوة ونفوذ السلطة القضائية الفاسدة يمكن أن تمارس ضد سيادة القانون وضد المجتمع ككل. النجاح في مهاجمة الفساد القضائي سيعزز ثقة المواطن والجهود الوطنية الرامية الى التحقيق الشفافية والمسائلة"

قال كوبوس دي سواردت القائم بأعمال المدير العام في منظمة الشفافية الدولية.

إن الجهود منظمة الشفافية الدولية في مكافحة الفساد في النظم القضائية متنوعة ومنها:

*مراقبة القضاة وحضور المحاكمات وتقسم جودة الأحكام

*المساعدة في فرز المرشحين لمناصب القضاة، وتأكيد شفافية التعيين على أساس الجدارة

*تقديم مشورة القانونية المجانية لضحايا الفساد من خلال16 مركز للمشورة القانونية في 12 دولة.

تسند منظمة الشفافية الدولية في عملها لمكافحة التدخل السياسي والرشوة في القضاة للعديد من حلفائها داخل النظم القضائية، هؤلاء الملتزمين بالأهداف المشتركة للشفافية والعدالة والمساواة بموجب القانون.

مشاكل الفساد القضائي الرئيسية

يقوض الفساد العدالة في أجزاء كثيرة من العالم، يحرم الضحايا والمتهمين الحق الإنساني الأساسي في المحاكمة عادلة ونزيهة. هذه هي النتيجة النهائية لتقرير منظمة الشفافية الدولية عن الفساد العالمي لسنة 2007 .

من الصعب أن نبالغ في التأثير السلبي لفساد القضاء إنه يضعف قدرة المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب والجرائم الدولية، ويقلل التجارة والنمو الاقتصادي والتنمية البشرية؛ والاهم من ذلك انه يحرم المواطنين من تسوية عادلة للخلافات مع الجيران أو السلطات. وعندما تحدث ثانية فغن الفساد القضائي يقسم ويفت المجتمعات بإبقاء معنى الضرر الناجم عن المعاملة الظالمة والوساطة. النظم القضائية المنحطة بالرشوة تقوض الثقة في الحكم عن طريق تسهيل الفساد في جميع القطاعات الحكومية بدءا من رأس السلطة. بذلك فإنهم يرسلون رسالة فجة الى الناس معناها أن الفساد في هذا البلد مباح.

تعريف الفساد القضائي

تعرف منظمة الشفافية الفساد بأنه "إساءة استعمال السلطة الموكلة لتحقيق مصلحة شخصية". وهذا سواء كانت المصلحة مكاسب مالية أو مادية أو غير مادية، مثل الأهداف السياسية أو الطموحات المهنية. يتضمن الفساد القضائي أي تأثير سلبي على النزاهة عملية التقاضي من أي جهة داخل نظام المحاكم.

على السبيل المثال، يمكن القاضي أن يسمح أو يستبعد الأدلة بهدف تبرير وتبرئة متهم مذنب من رجال السياسية أو المجتمع. أو قد يتلاعب القضاة أو موظفي المحكمة في مواعيد القضايا لصالح هذا لطرف أو ذلك. في البلدان التي لا يوجد بها تسجيل حرفي لكل المحاضر الجلسات، قد يقوم القضاة بتلخيص أو تشويه إجراءات التقاضي أو شهادة الشهود قبل إصدار حكمه الذي قد تم شراؤه من قبل احد الأطراف في القضية. قد يفقد صغار موظفي المحكمة ملف أو مستند ما مقابل الثمن.

قد يكون للأطراف الأخرى من نظام العدالة تأثير على الفساد القضائي. يمكن أن تفسد القضايا الجنائية قبل وصولها الى المحاكم إذا ما عبثت الشرطة بالأدلة التي تؤيد الاتهام الجنائي أو عندما لا تطبق النيابة العامة معايير موحدة على الأدلة التي تأتي من يد الشرطة. في البلدان التي تحتكر فيها النيابة توجيه الاتهام أمام المحاكم، يقطع وكيل النيابة الفاسد الطريق أمام أي سبيل للإنصاف القانوني.

يتضمن الفساد القضائي إساءة استخدام لأموال العامة النادرة التي تخصصها الحكومات لتطبيق العدالة، والتي نادرا ما تكون ذات أولوية عالية من الناحية السياسية. على سبيل المثال، قد يقوم القضاة بتوظيف أفراد أسرهم أو معارفهم في المحاكم، أو التلاعب بعقود إيجار أو شراء مباني ومعدات المحاكم. يمتد الفساد القضائي من مرحلة ما قبل المحاكمة ثم خلال إجراءات المحاكمة وبعد مرحلة الحكم النهائي وتنفيذ الأحكام.

عن الإجراءات الطعن على الأحكام - وهي وسيله هامة للإستدارج في حالات الأحكام الخاطئة - تمثل فرصة إضافية أمام الفساد القضائي. عندما تتحكم القوى السياسية المسيطرة في تعيين كبار القضاة، فان مفهوم المطالبة بعدم السيطرة الكاملة للسلطة لا يكون سوى سراب. حتى عندما تكون المواعيد مناسبة فغنم فعالية إجراءات الطعن أو الاستئناف يشوبها الخلل إذا كان اختيار وتحديد طلبات الاستماع لا تتمتع بالشفافية، أو عندما تتراكم القضايا وتمضي سنوات في انتظار الفصل فيها، أو أن يكون الاستئناف أو الطعن لمصلحة الطرف الأكثر ثراء، بمعنى أن الطرف ذو موارد المحدودة، قد لا يكون قادرا على مواصلة القضية بعد لكم الابتدائي حتى لو أن الحق معه.

نطاق الفساد القضائي

يوجد الفرق الواضح بين النظم القضائية الخالية نسبيا من الفساد وتلك التي تعاني منه بشكل منتظم، توضح المؤشرات الفساد القضائي معايير أوسع من الفساد: توجد الهيئات القضائية التي تعاني من الفساد المنتظم عادة في المجتمعات التي يتفشى فيها الفساد عبر قطاعات حكومة. وهناك أيضا علاقة عكسية بين المستويات الفساد القضائي والمستويات نمو اقتصادي حيث أن التوقعات احترام العقود وإيجاد حل عادل للخلافات يعتبر أمر حيوي للمستثمرين ويدعم ازدهار التجارة ونمو. إن للنظام القضائي المستقل ونزيه نتائج مهمة بالنسبة للتجارة والاستثمار والأسواق المالية كملا تعلمت بلدان متنوعة مثل الصين ونيجريا.

تتنوع أهداف السلوك الفاسد في قطاع القضائي. يشوه بعض أنواع الفساد العلية القضائية لإصدار أحكام ظالمه، لكن هناك أيضا عدد كبير من الناس الذين يدفعون الرشوة لإسراع أو تعجيل العملية القضائية تجاه ما يمكن أن يكون حكم عادل. في النهاية فإن ذلك أيضا غير مقبولا لان الضحية في كل الأحوال هو الطرف الأخر من المحاكمة. في أسوء النظم القضائية، فإن كل من نوعي الفساد موجود ومقبول بل يشجعه أولئك الذين يعملون حول مبنى المحاكمة. في استقصاء منظمة الشفافية الدولية لمقياس الفساد العالمي لعام 2006 تم سؤال 56،661 شخص في 62 بلدا[1] ووجد في الثلث هذه البلدان أن أكثر من 10 في المئة من المجيبين تفاعلوا مع النظام القضائي وأنهم أو أحد أعضاء أسرهم قاموا بدفع الرشوة للحصول على حقوقهم بأحكام عادلة في قضايا قانونية.

أنواع الفساد القضائي

هناك نوعان من الفساد الذي يؤثر على معظم هيئات القضائية: التدخل السياسي في الإجراءات القضائية، سواء من السلطة التنفيذية او السلطة التشريعية للحكومة، والرشوة.

أ ـ التدخل السياسي في الإجراءات القضائية

إن النتيجة الغير مشجعة لهذا المجلد - على الرغم من المرور عدة عقود من الجهة الإصلاح والاتفاقات الدولية لحماية استقلال القضاء والقضاة والعاملين في المحاكم في أنحاء العالم- فإن الحكم يغلب عليه ان يكون لصالح القوى السياسية أو الكيانات اقتصادية وليس وفقا للقانون. هناك تراجع واضح في المعايير الدولية للقضاء في بعض البلدان زادت القوى السياسية من نفوذها وتأثيرها على القضاء على سبيل المثال كما في الأرجنتين وروسيا.

يقدم القضاء الواهن الحماية "القانونية" لمن هم السلطة ويمارسوا استراتيجيات مشبوهة أو غير قانونية مثل الاختلاس والمحسوبية وعمليات الخصخصة من أجل مصالحهم الخاصة، أو القرارات السياسية التي قد توجه مقاومة في المجلس التشريعي أو من وسائل الإعلام. وفي نوفمبر 2006، على سبيل المثال، حكم قاضي أرجنتيني عينه الرئيس السابق كارلوس منعم بأن زيادة النفقات حملات الحزب الحاكم لم تنتهك قانون التمويل الحملات لعام 2002 لان الأحزاب لم تكن مسئولة عن التمويل "الذي كانوا يجهلوه"

يأتي التدخل السياسي عن الطريق تهديد والترهيب ورشوة القضاة، لكنه يأتي أيضا عن طريق التلاعب في التعيينات القضائية ورواتب وشروط الخدمة, تم في الجزائر عقاب القضاة الذين يعتقد أنهم مستقلون عن الحكومة بنقلهم في أماكن نائية. وفي كينيا تم الضغط على القضاة للتنحي دون إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم في حملة مكافحة الفساد التي ينظر غليها على النطاق واسع باعتبارها حملة تخدم أهداف سياسية خاصة. القضاء الذين يعتبرون مصدر مشاكل للسلطة يمكن نقلهم من المناصب الحساسة أو التحويل القضايا الهامة بعيدا عنهم الى قضاة يسهل السيطرة عليهم من أصحاب النفوذ. وكان يستخدم هذا الأسلوب من قبل الرشيس بيرو السابق البرتو فوجيموري، ويحدث ذلك أيضا في سيريلانكا.

 الطريقة الرئيسية لمنع مثل هذا النوع من الفساد هي الآليات الدستورية والقانونية التي تحمي القضاة من العزل والنقل دون إجراء أي تحقيق نزيه. هذه الحماية تذهب شوطا بعيدا في هذا الطريق نحو ضمان أن المحاكم والقضاة والاحكام مستقلة عن التاثيرات الخارجية.

ولكن يمكن أيضا أن تسبب حصانة القضاة مشاكل لو سمح للقضاة الاحتماء بالحصانة القضائية عن طريق أحكام بالية وعدم احترام القوانين والأفكار الجماعية، كما في تركيا وباكستان ونيبال، فالمطلوب هو التوازن دقيق بين الاستقلال والمسائلة وحجم أكبر بكثير من الشفافية التي تقدمها أو على استعداد لتقديمها معظم الحكومات أو الهيئات القضائية.

استقلال القضاء يقوم على الثقة العامة، ولنزاهة المؤسسة القضائية أهمية خاصة، حيث انها تدعم الثقة فيها. حتى وقت قريب كان الرئيس الهيئة القضائية البريطانية في الوقت نفسه المتحدث الأعلى في البرلمان وعضو في اللجنة التنفيذية، والذي سبب مشاكل تتعلق بتعارض المصالح. وفي الولايات المتحدة، تشوه الانتخابات القضائية ما يمنح للقضاة لمساندتهم أثناء الحملات الانتخابية والذي يؤثر لا محالة على اتخاذ قراراتهم القضائية لاحقا.

إن الفساد السياسي والقضائي يساند بعضه بعضا. عندما يكون النظم القضائي فاسدا، فإنه غير مرجح أن تنفذ العقوبات على الأشخاص الذين يقومون الرشاوى وتهديدات ويحرضون السياسيين. إن تشعبات هذه الديناميكية عميقة لأهما تحرم المرشحين الأكثر أمانة من الدخول أو النجاح في الحياة السياسية أو الخدمة العامة.

ب ـ الرشوة

يمكن أن تحدث الرشوة في كل مراحل من مراحل التقاضي:قد يبتز المسئولون في المحاكم الأموال للقيام بعملهم الواجب عليهم عمله في كل من الأحوال. قد يحصل المحامون على "أتعاب إضافية" لتعجيل أو تأخير القضايا أو توجيه عملائهم الى القضاة الفاسدين المعروفين عنهم بقبولهم الرشاوى واتخاذ أحكام مواتية، من ناحية القضاة، قد يقبل القضاة الرشاوى لتأخير أو تسريع الفصل في القضايا أو قبول أو رفض الاستئناف، أو التأثير على قضاة آخرين أو ببساطة الحكم لصالح دافعي الرشاوى. توضح الدراسات في هذا المجلد عن الهند وبنجلادش بالتفصيل كيفية أن مد وتطويل إجراءات التقاضي تجبر الناس على الدفع الرشاوى من أجل الإسراع في الفصل في قضاياهم.

عندما يكون للمهتمين أو المتقاضين رأي سيء في نزاهة القضاة والعملية القضائية، فغنهم أكثر ميلا الى اللجوء الى رشوة مسئولي المحكمة والمحامين والقضاة لتحقيق أهدافهم.

من المهم أن نتذكر أن المحاكم الرسمية تحكم فقط في جزء بسيط من النزاعات في العالم النامي.تحكم النظم القانونية العرفية بالدولة أو القضاء أو المجالس الإدارية ما يقدر ب90 في المئة من القضايا المدنية في أنحاء كثيرة من العالم. تؤكد معظم البحوث أهمية نظم فض النزاعات العرفية باعتبارها البديل الوحيد لبطيء وتكاليف وفساد إجراءات الحكم الرسمية، ولكنها تحتوي أيضا على عناصر من الفساد وأشكال أخرى من التحيز.[2] على سبيل المثال يتم في بنجلادش ابتزاز أموال من المتشاكين من قبل أشخاص يدعون قدرتهم على التأثير في قرارات هيئة الشاليش المتكونة من شخصيات محلية تعمل على حل النزاعات وفرض العقوبات. علاوة على ذلك، من المرجح أن المرأة ليست متساوية في الوصول الى العدالة في الأطر العارفية مما يقلل من قدرتها البشرية والاقتصادية.

معالجة الفساد القضائي

تبين دراستنا في 32 بلدا أن الفساد القضائي يأخذ أشكالا عديدة ويتأثر بعوامل كثيرة، سواء كانت قانونية، اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية. تكمن عمق هذه الظاهرة وتعقيدات قواسم مشتركة تشير الى أن الحل هو الطريق الى الإصلاح. وتعتبر المشاكل الأكثر شيوعا في الدراسة على المستوى الدول هي:

1. التعيينات القضائية: الفشل في تعيين القضاة على أساس الجدارة يمكن أن يؤدي الى اختيار قضاة يسهل التأثير فيهم أو قضاة مرتشين.

2. لوائح وشروط العمل: يؤدي ضعف الرواتب وظروف العمل الغير آمنة - بما في ذلك عمليات الترقية والنقل الجائرة فضلا عن الافتقار الى التدريب المستمر للقضاة - الى أن يكون القضاة وموظفي المحاكم عرضة للرشوة.

3. المسائلة والتأديب: عمليات السلطة لتأديب وعزل القضاة تحت مقولة أنهم فاسدين كثير ما تؤدي الى عزل القضاة الأمناء والمستقلين لأسباب سياسية نفعية.

4. الشفافية: التعتيم على إجراءات المحاكم يمنع وسائل الإعلام والمجتمع المدني من رصد نشاط المحاكم وفضح الفساد القضائي.

على مدى العقدين الماضيين كانت هذه النقاط غائبة عن كثير من برامج الإصلاح القضائي، والتي تميل الى التركيز على إدارة المحاكم وبناء القدرات، وتتجاهل المشاكل المتعلقة باستقلال القضاء والمساءلة. لقد أنفقت أموال طائلة على تدريب القضاة دون معالجة أو الاهتمام بتحفيز القضاة على العمل بنزاهة. تم إنفاق الأموال أيضا لتطوير المحاكم إداريا ومحاولة زيادة كفاءتها وتقليل ضغط العمل بها والذي إن لم يقترن بزيادة الرقابة والمساءلة فإنه يجعل من المحاكم الفاسدة أكثر قدرة من الفساد. في وسط وشرق أوربا، جعل عدم المراعاة الجيدة لسياق وظروف المجتمع تطور المؤسسات القضائية الرسمية بلا معنى تقريبا لاسيما في بلدان التي توجد فيها شبكات غير رسمية تلتف حول المؤسسات القضائية الرسمية.

التوصيات

تعكس التوصيات التالية أفضل الممارسات في مجال منع الفساد في النظام القضائي وتلخص نتائج التحليل لهذا المجلد، وهي تتناول أربعة مجالات للمشاكل المحددة أعلاه وهي: التعيينات القضائية، ولوائح وشروط وظروف العمل، والمسائلة والتأديب، وأخيرا وليست آخرا الشفافية.

التعيينات القضائية:

1. هيئة تعيينات قضائية مستقلة: تضمن الإجراءات الموضوعية والشفافة عند التعيين القضاة أن يتم اختيار المرشح الأعلى كفاءة، والذي لا يشعر بأنه مدينا لسياسي معين أو للقاضي الأعلى الذي عينه. إن صميم هذه العملية أن توجد هيئة تعيينات تعمل بشكل مستقل عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، يتم تعيين أعضائها بطريقة موضوعية وشفافة. يجب أن لا يشكل ممثلي السلطة التنفيذية والتشريعية اغلبيه في هيئة التعيينات

2. تعيينات قضائية وفقا للجدارة: ينبغي أن تكون معايير الانتخابات واضحة ومعلنة، تسمح للمرشحين والناخبين وغيرهم بأن يكون لديهم فهم واضح لأسس الاختيار. وعلى المرشحين تقديم ما يثبت سجل كفاءتهم ونزاهتهم.

اللوائح والشروط

4. رواتب القضاة: يجب أن تكون متناسبة مع مركز القضاة وخبراتهم بالإضافة الى الأداء الوظيفي والتطوير المهني لكامل مدة عملهم. ينبغي توفير معاش عادل ومناسب عند تقاعد.

5. الحماية القضائية: يجب أن تحمي أجور وظروف عمل القضاة بحيث لا يمكن التلاعب بها من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية لمعاقبة القضاة المستقلين أو مكافأة أولئك الذين يحكمون لصالح الحكومة.

6. النقل القضائي: لا بد من وجود معايير موضوعية لنقل أو انتداب القضاة للمحاكم الموجودة في أماكن خاصة لضمان عدم معاقبة القضاة المستقلين أو الغير مرتشين بنقلهم الى مناطق نائية. لا ينبغي أن ينتدب القضاة للعمل في محاكم في منطقة لهم بها روابط وثيقة أو ولاء مع الساسة المحليين.

7. إدارة وتحويل القضايا: يجب أن يكون إحالة القضايا على أساس معايير واضحة وموضوعية يقررها القضاة، ويتم تقييمها بانتظام وبطريقة تحمي من إحالة القضايا الى القضاة المواليين للحكومة أو لرجال الأعمال.

8. الوصول الى المعلومات والتدريب: يجب ان يكون من السهل وصول القضاة الى التشريعات والقضايا وإجراءات المحاكم، وأن يحصلوا على تدريبا أوليا قبل أو عند التعيين، فضلا عن التدريب المستمر طوال حياتهم المهنية، ويشمل ذلك التدريب مجال التحليل القانوني، وتفسير القرارات وكتابة الحكم إدارة القضايا، بالإضافة الى تأكيد النزاهة ومكافحة الفساد.

9. الأمن الوظيفي: ينبغي تأمين وظيفة القاضي لنحو عشرة أعوام غير خاضعة للتجديد، نظرا لان القضاة يميلون الى تكييف أحكامهم وسلوكهم القضائي نحو نهاية الفترة تحسبا للتجديد.

المسائلة والتأديب

10. الحصانة: تسمح الحصانة المحدودة للقضاة والمتعلقة بواجباتهم القضائية باتخاذ القرارات دون خوف من الادعاء المدني ضدهم. وهذه الحصانة يجب أن تشمل قضايا الفساد أو القضايا الجنائية الأخرى.

11. الإجراءات التأديبية: تضمن قواعد محاسبة وتأديب القضاة بتحقيقات دقيقة أولية في جميع الادعاءات، وأن يكون هناك هيئة مستقلة للتحقيق في شكاوى التي تقدم ضد القضاة، وإعطاء حيثيات وأسباب قراراتها.

12. شفافية ونزاهة عملية العزل: يجب تطبيق معايير صارمة  لإجراءات وأسباب عزل القضاة، يجب أن تكون آليات عزل القضاة واضحة وشفافة ونزيهة، يجب إعلان أسباب قرارات العزل، وإذا ما كان هناك أي اتهامات بالفساد يتم تحويل القاضي للمحاكمة

13. المحاكمة العادلة والاستئناف: للقاضي الحق في الحصول على المحاكمة عادلة وتمثيل قانوني واستئناف قرارات محاسبته.

14. ميثاق عمل القضاة: يقدم العمل القضائي دليلا ومقياسا للسلوك القضائي، وينبغي أن يوضع وينفذ من قبل السلطة القضائية. يجب التحقيق في مخالفات الميثاق من قبل هيئة القضائية تحكم فيها

15. سياسية الشكوى: إن سرية وصرامة إجراءات الشكاوى الرسمية أمر حيوي،بحيث يستطيع كل من المواطنين والمحامين والمدعين والشرطة ووسائل الإعلام والمجتمع المدني التبليغ بالاشتباه في انتهاكات قواعد وميثاق القضاة، أو الفساد من جانب القضاة ومديري المحاكم أو محامين.

16. رابطة قوية ومستقلة للقضاة: يجب أن تمثل رابطة القضاة المستقلة أعضائها في جميع في جميع التفاعلات مع الدولة ومكاتبها. يجب أن تكون هيئة الرابطة منتخبة والترشيح لها مفتوح لجميع القضاة وتدعم القضاة بشأن المسائل الأخلاقية، وأن تكون مرجحا عن القضاة الذين يخشى أنهم في موضوع الشبهة.

الشفافية

17. شفافية الهيئة: يجب أن تنشر الهيئة القضائية تقارير سنوية عن أنشطتها وإنفاقها، وتزويد الجمهور بمعلومات موثقة عن إدارتها وتنظيمها.

18. شفافية العمل يحتاج الجمهور الحصول على المعلومات المتعلقة بالقوانين والتغييرات المقترحة في التشريعات وإجراءات المحاكم والوظائف القضائية الشاغرة، ومعايير التوظيف وإجراءات اختيار القضاة وأسباب التعيينات القضائية

19. شفافية التقاضي: يجب أن تكون المحاكمات القضائية عامة علنية. (مع استثناءات محدودة، مثلا فيما يتعلق بقضايا الأطفال) يجب السماح بنشر حيثيات الأحكام، وعمل دليل عام معلن لإجراءات التقاضي ولمساعدة صانعي القرار خلال سير المحاكمات

20. إعلان الذمة المالية للقضاة: يجب أن يكون هناك كشف دوري للذمة المالية للقضاة وثرواتهم وممتلكاتهم ولاسيما عندما على المسئولين الآخرين القيام بذلك.

21. كشف تضارب المصالح القضائية: على القضاة أنم يعلنوا عن حالة وجود تعارض مصالح في القضايا التي ينظرونها بمجرد أن يكون هذا التعارض واضح لهم وإحالة القضية لقاض أخر عندما تكون (أو يبدو انه يوجد) شبهة التحيز الى طرف ما في القضية، كأن يكونوا قد عملوا سابقا كمحامين في نفس القضية أو كانوا سابقا شهودا فيها، أو إذا كانت لها مصلحة مالية تترتب على النتيجة.

22. الإعلان الواسع عن الحق في محاكمة عادلة: يجب أن تكفل آليات المؤسسات القضائية الرسمية للأطراف المعينة باستخدام المحاكم المشورة القانونية بشأن طبيعة وحجم ونطاق الحقوق والإجراءات قبل وأثناء وبعد المحاكمة.

23. حرية التعبير: يجب أن يكون بوسع الصحفيين التعليق والمحايد على الإجراءات القانونية والتقرير عن الاشتباه في الفساد أو التحيز. يجب إصلاح القوانين النشر التي تجرم فضح المشتبه فيهم أ تعطي القضاة الحق في تعويضات كبيرة والذي يمنع وسائل الإعلام من التحقيق والإبلاغ عن القضاة المشبوهين.

24. جودة التعليق: لا بد أن يكون هناك تدريب جيد للصحفيين والمحررين في كتابة عما يحدث في المحاكم والقضايا القانونية وعرضه للجمهور العام بشكل مفهوم. وينبغي تشجيع الأكاديميين على التعليق على الأحكام القضائية في المجلات القانونية أن لم يكن في وسائل الإعلام

25. مشاركة المجتمع المدني, والبحث, والرصد, والإبلاغ: يمكن أن تساهم منظمات المجتمع المدني في فهم القضايا المتصلة بالفساد القضائي من خلال رصد حالات الفساد فضلا عن المؤشرات المحتملة للفساد مثل التأخير في الحكم أو الأحكام ذاتها.

26. النزاهة والشفافية مع الدول المانحة: على البرامج الـ26. النزاهة والشفافية مع الدول المانحة: على البرامج الإصلاح القضائي أن تعالج مشكلة الفساد القضائي وينبغي للجهات المانحة أن تشارك في معرفة عن تشخيص وتقييم كفاءة إجراءات التقاضي. والانخراط علنا مع الدول الشريكة.

تتكامل هذه التوصيات مع عددا من المعايير الدولية بشأن نزاهة القضاء واستقلاله فضلا عن مختلف نماذج الرصد والإبلاغ التي وضعت من جانب المنظمات غير حكومية والهيئات الحكومية. فهي تبرز الفجوة في الإطار القانوني الدولي بشأن آليات المسائلة القضائية تسترعي منظمة الشفافية اهتماما خاصا لمبادئ بانجلور للميثاق والسلوك القضائي، وهو ميثاق لقواعد سلوك القضاة والذي تبناه عدد من هيئات القضائية في بعض الدول وأعتمده المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في عام 2006. تمثل مبادئ بانجلور خطوة نحو سد هذه الفجوة وان بشكل الطوعي وبالإضافة الى ذلك فان المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية ينبغي أن تراجع في ضوء القلق الواسع الذي برز في العقد الأخير للحاجة الى قدر أكبر من المساءلة القضائية.

لا يوجد مجوعة سحرية من الممارسات التي من شأنها الحد من الفساد في جميع الحالات تبرز التقارير القطرية في الجزء الثاني من هذا المجلد سعة تنوع التوصيات الإصلاح القضائي المحددة بسياق كل دولة وبالتالي لا تنطبق بصورة عامة على كل الحالات. تتطلب اختلاف حالات تدابير معينة قد لا تكون مفيدة في مكان آخر. ومع ذلك فان هذه التوصيات تعتبر بمثابة دليل عام للإصلاحات الرامية الى تعزيز استقلال القضاء ومساءلته, وتشجيع المزيد من فعالية وكفاءة وإنصاف التنفيذ. يعرض هذا المجلد إصلاح قضائي متعددو الأوجه وشامل يشكل خطوة حاسمة نحو تعزيز العدالة وكبح الفساد الذي يحط من النظم القانونية ويدمر حياة الناس في جميع أنحاء العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 20 حزيران/2007 -4/جماد الاخرى/1428