اغتيال الصحفيين في العراق: موت الحقيقة وانتشار الظلامية

 شبكة النبأ: اندلقت محتويات الحقيبة واخذت الاوراق ترفرف وسط الدخان والتراب فيما انحنت المرأة المبهوتة وهي ممتقعة القسمات ثم استدارت رويدا وهي تنظر رغم انحنائها باتجاه شئ لا يراه الاخرون ربما في تلك اللحظة كانت سحر تنظر الى بناتها وتتملى ثيابهن الملطخة بالفجيعة والرماد او ربما تشاغلت بالكلمات المكتوبة وهي تخر من بطون الورق وتستشهد بلا صوت او انفاس عدا صوت القلم، القلم هو السالم الوحيد الذي تدحرج حاملا حبره ومتأبطا سر الكلمات الى الرصيف ليلتقطه طفل آخر يبهره اللون واللمعان.

تداعى الجسد المدمى فيما كان الظلام يتبدد وهو يكفكف عباءته المبقعة بالعار والهزيمة.

وهكذا تنطفئ بقعة ضوء اخرى من ثريا الكلمة النبيلة التي كانت تسير على جفن الردى في نضالها اليومي الدؤوب من اجل عراق جديد وحلم عراقي مديد بالحب والاطمئنان.

وياتي الخبر المحزن عبر اعلان  جماعة عراقية متشددة مسؤوليتها عن مقتل صحفية عراقية حيث ذكرت الجماعة ان الصحفية تعمل على تشويه سمعة المجاهدين.

وكانت سحر الحيدري وهي أم لثلاث بنات تعمل لوكالة (أصوات العراق) في مدينة الموصل بشمال العراق حيث قتلها مسلحون.

وقالت جماعة أنصار السنة في بيان نشر على الانترنت ونقلته رويترز:عند قدوم الصحفية امام الكمين انقض عليها الاخوة الاشاوس وقاموا بامطارها بوابل من نيران أسلحتهم الرشاشة فأردوها قتيلة على الفور.

وذكرت وكالة أصوات العراق أن اسم سحر الحيدري كان مدرجا في (قائمة الموت) "DEATH LIST" لصحفيين التي أصدرها قائد محلي لجماعة دولة العراق الاسلامية التابعة لتنظيم القاعدة.

وجماعة أنصار السنة ليست تابعة بشكل مباشر لتنظيم القاعدة ولكن الجماعتين يشنان حملة أعمال عنف عشوائية من خلال المفخخات والاحزمة الناسفة في الاماكن العامة مستهدفة بشكل رئيسي المدنيين في اغلب الاحيان.

وأضافت أنصار السنة في البيان، قام الاخوة بأخذ هاتفها النقال وتبين أنه يحتوي على أرقام تابعة للشرطة وصور لعناصر الشرطة مما أكد لنا على عمالتها لصالح الشرطة المرتدة وحكومة المرتد (المالكي) في اشارة الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

وقالت لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك ان المسلحين الذين قتلوها ردوا على اتصال بهاتفها المحمول بعد قتلها وأبلغوا المتصل، أنها ذهبت الى الجحيم.

وأشارت منظمات معنية بحماية حقوق الصحفيين الى أن الصحفيين يقتلون بأعداد قياسية في العراق حيث قتل 12 صحفيا على الاقل في مايو /آيار وهو أعلى معدل شهري للقتلى بين الصحفيين منذ بدء الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق للاطاحة بصدام حسين عام 2003.

وقالت لجنة حماية الصحفيين إن سحر الحيدري كانت تعمل مع المجموعة الاعلامية التي ساعدت في نقل زوجها وعائلتها الى سوريا بعد تهديدات في الاونة الاخيرة.

وأضافت اللجنة أن 106 صحفيين على الاقل بمن فيهم الحيدري و39 من العاملين المعاونين بهيئات اعلامية قتلوا في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس 2003 .

وسبق ان تعرضت الحيدري لعدة محاولات اغتيال كان اخرها في شباط من العام الماضي في بغداد عندما كانت تعمل مراسلة اذاعية كما وانها تلقت تهديدات عدة  بالقتل.

وكانت الحيدري قد ابلغت  مدير مرصد الحريات الصحفية قبل اسبوع من مقتلها انها تلقت نحو 13 تهديدا من جهات مجهولة وهي عبارة عن رسالتين كتبت باليد وضعت في باب منزلها و 11 تهديدا من خلال الهاتف منها 6 اتصالات من ارقام مجهولة توعدتها بالقتل وخمسة رسائل حملت نفس المضمون.

بينما ابلغ زملاء للحيدري مرصد الحريات الصحفية ان اسم الزميله سحر الحيدري ادرج ضمن قائمة تضم تسعة اسماء لصحفيين هدرت دمائهم من قبل جماعات مسلحة تنتشر في الموصل، وان هذه القائمة علقت على عدد من جدران المساجد في المدينة .

والحيدري من مواليد بغداد 1962 وحاصلة على بكالوريوس اعلام، ومتزوجة ولديها ثلاث بنات، وهى من سكنة الموصل، وعملت كمراسلة صحفية لعدد من الوكالات اضافة الى معهد  صحافة الحرب و السلام في العراق (IWPR) الذي قال انه تلقى خبر اغتيال مراسلته الحيدري تحت وطاة الصدمة التي لم تفارقه، ووصف المعهد الزميلة الحيدري بــ مراسلة المعهد الكفؤءة .

وبهذا تكون مدينة الموصل قد شهدت مقتل ( 35 ) صحفياً وفنياً منذ الغزو الامريكي للبلاد وحتى الان ويعد مرصد الحريات الصحفية مدينة الموصل شمال العراق  ثاني اخطر مدينة في العالم للعمل الصحفي بعد العاصمة بغداد .

وقد استشهد خلال اقل من اسبوعين ثلاثة صحفيين بينهم الدكتور عبد الرحمن العيساوي مع 7 من افراد عائلته في الفلوجة ثم استشهد نزار الراضى عندما قامت مجموعة مسلحة باطلاق النار عليه في مدينته ميسان بينما كان مع مجموعة من الصحفيين يستعدون لحضور ورشة للصحفيين في المدينة .

مرصد الحريات الصحفية يطالب الحكومة المحلية في الموصل بفتح تحقيق عاجل لمعرفة من يقف وراء عملية اغتيال الزميلة سحر الحيدري، واصدار قائمة الاغتيالات التي تصدرتها، وذلك في اقل تقدير لحماية بقية الزملاء الذين ادرجت اسمائهم ضمن القائمة، كما يطالب المرصد بتوفير اقصى تدابير الحماية اللازمه لهم، ولاينسى المرصد هنا علماء الدين في مدينة الموصل والدور الذي من الممكن ان يلعبوه للتخفيف من حدة استهداف الصحفيين في الموصل، حيث يطالبهم مرصد الحريات الصحفية بضرورة ابداء دعمهم للصحفيين والتعريف برسالتهم النبيلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12 حزيران/2007 -24/جمادي الأول/1428