العالم بين جنون الايثانول والأمن الغذائي

 شبكة النبأ: برزت في الاونة الاخيرة ظاهرة انتاج الوقود النظيف (الايثانول) الصديق للبيئة بقوة وخاصة في البلدان التي تحاول التقليل من الاعتماد على مصادر الطاقة الحالية التي توصف بانها مدمرة للبيئة والحياة على الارض من خلال تداعيات التغيرات المناخية التي تسببها ظاهرة الاحتباس الحراري.

من جهة اخرى يعني انتاج الايثانول استهلاكا كبيرا لمصادر غذائية مهمة للبشر كالذرة وقصب السكر وفول الصويا مما يؤثر سلبيا على الكميات الاستراتيجية المصدرة عبر انحاء العالم ويهدد بشكل مباشر الامن الغذائي العالمي.

وقد يفتح عصر الايثانول الابواب امام صراعات عالمية جديدة تتعلق بزراعة المحاصيل المعنية ومصادر المياه اللازمة وكذلك الزيادة الهائلة المتوقعة في أسعار تلك المحاصيل نتيجة الطلب المتزايد.

وكرّست ساو باولو البرازيلية صورتها كعاصمة للإيثانول في العالم، عندما احتضنت ( قمّة) تجمع مستثمرين وساسة وخبراء لمناقشة مستقبل هذا الوقود الأخضر الذي يتمّ تسويقه على أنه بديل للبنزين بسبب قلة تلويثه للبيئة.

والموضوع الرئيسي للمناقشات، وفقا لأسوشيتد برس، هو الإجابة عن سؤال: كيف يمكن إنتاج طاقات بديلة وأنظف من النفط، من دون تهديد الأمن الغذائي.

ويتركز إنتاج الإيثانول في الولايات المتحدة والبرازيل بنسبة ثلثي الإنتاج العالمي، حيث يمثل الإيثانول الأمريكي المرتكز على الذرة نسبة 37 بالمائة من الإنتاج العالمي فيما يمثل الإيثانول البرازيلي المرتكز على القصب السكري نسبة 35 بالمائة منه.

كما تستأثر الصين بنسبة 7.7 بالمائة من الإنتاج العالمي متبوعة بالهند بنسبة 7 بالمائة.كما تستأثر ساو باولو بنسبة 60 بالمائة من إنتاج البرازيل التي تضخ نحو 20 مليار لتر يتم تصنيعها في 344 معملا.

ومن ضمن الحضور في هذه القمة رجل الأعمال الأمريكي جورج سوروس الذي يملك واحدا من أكبر المصانع في البرازيل وكذلك الرئيس البرازيلي السابق هنريكي كاردوسو ورئيس الوزراء الإسباني السابق فيليبي غونزاليس.

ويشكل جنون الإيثانول، الذي بدأ يجتاح الولايات المتحدة ودول أمريكا الوسطى والجنوبية باعتباره وقوداً حيوياً وصديقاً للبيئة أرخص من البنزين، ضغوطاً متزايدة على الإمدادات العالمية من الذرة. بحسب الـCNN.

ليس هذا فحسب، بل يعمل أيضاً على رفع أسعار المواد الغذائية، وعلى وجه الخصوص نبات الذرة، الذي يعد واحداً من أهم مصادر وقود الإيثانول، إلى جانب أن هذه الثمار تدخل في صناعة علف الحيوانات، وغيرها من المواد الغذائية.

فقد ارتفع سعر مكيال الذرة من دولارين، وهو السعر السائد منذ سنوات، إلى أكثر من أربعة دولارات، فيما تشير التوقعات إلى أن هذا السعر سيرتفع إلى مستويات أعلى خلال السنوات الخمس المقبلة.

ودفعت زيادة المواد الغذائية بسبب ارتفاع سعر الذرة المكسيكيين إلى التظاهر احتجاجاً على ارتفاع أسعارها إضافة إلى أن تكلفة لحوم الدواجن والأبقار ارتفعت بصورة كبيرة في الولايات المتحدة نفسها، نقلاً عن الأسوشيتد برس.

ورغم أن ارتفاع أسعار الذرة يصب في مصلحة المزارعين، إلا أنه ألحق الضرر بالمستهلكين بسبب تضاعف أسعارها خلال العامين الماضيين مع استمرارها في الارتفاع هذا العام على ما يبدو.

وفي هذا الخصوص، خصصت وزارة الطاقة الأمريكية في فبراير/شباط الماضي، 385 مليون دولار لستة مشاريع على مدى أربع سنوات بهدف إنتاج إيثانول سيليلوزي وتجنب أزمة الذرة عن طريق إنتاج الوقود من القصب وغيرها من المخلفات الزراعية.

وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد أطلق خلال زيارة إلى البرازيل، كبرى الدول في أمريكا اللاتينية، في وقت سابق من العام، ما عده الملاحظون تحالفا للدول المصدرة للإيثانول، والترويج لإنتاج الوقود المستخرج من الذرة في أمريكا الوسطى ودول الكاريبي، لمواجهة زيادة الطلب على هذا الوقود الحيوي.

وكان حكام البرازيل العسكريون قد اتخذوا قراراً في سبعينيات القرن العشرين بالتحول إلى الوقود الحيوي أو الإيثانول كوقود للسيارات.

وحدد بوش هدف إنتاج نحو 35 مليون برميل من الإيثانول وبدائل النفط الأخرى سنوياً بحدود العام 2017، وهو رقم يمثل خمسة أضعاف المتطلبات الحالية.

ويتوقع المراقبون ان تتفوق البرازيل على الولايات المتحدة في المستقبل القريب، وذلك لأن الإيثانول المستخرج من السكر أرخص بكثير من ذلك المستخرج من الذرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 17 حزيران/2007 -29/جمادي الأول/1428