الصحافة الايرانية واتجاهات اصلاحية تحتمل ثورة مخملية

 شبكة النبأ: بعد ما يقارب الثلاثة عقود على اقامة الثورة الاسلامية في ايران والنجاح بتاسيس نظام حكم اسلامي لا تزال الصحافة في ايران تشهد تجاذبات وارهاصات ليس اقلها ان العديد من متخصصي العمل الصحفي لايعلم الى الان ماذا يعنى بالخطوط الحمراء وماهي المناطق المحرم على الصحافة دخولها ضمن مضمار الاعلام الحرفي والموضوعي.

ومن جهة اخرى يرى المحللون في لجوء الحكومة الايرانية لتطبيق التزامات مشددة مثل ارتداء اللباس الاسلامي، وفي تحركها ضد مجموعات المعارضة محاولة من جانب الخط المتشدد المقرب من نجاد لتخريب التقارب الايراني مع الغرب من خلال الانقضاض على المجموعات التي تدعو لعلاقات واتصالات أوثق معه.

ويرى محللون آخرون في التشدد الراهن من قبل السلطات محاولة ايضا للسيطرة باحكام على الوضع الداخلي لمواجهة البلاد احتمال الدخول في حرب مع امريكا. وكذلك لعدم السماح بظهور اية بوادر لما يسمى بـ الثورة المخملية.

الصحفي محمد قوشاني عمل  في 11 صحيفة اغلقت من جانب السلطات الايرانية ولم يفتح معظمها ابوابه مرة اخرى من ثم لا يمكنه ان يتنبأ الى متى سوف تستمر الصحيفة اليومية التي دشنها في الشهر الماضي.

وقال الصحفي البالغ من العمر 30 عاما من مكاتب صحيفة هام ميهان (المواطن) الرئيسية في طهران، يعتمد الامر على القضايا السياسية وكيفية عمل الصحيفة. بحسب رويترز.

وبالنسبة لصحف مثل هام ميهان التي تدعم أفكار معسكر الاصلاح الذي يميل نحو التحرر يتطلب تفادي الاغلاق توازنا دقيقا بحيث ترفع مستوى النقد وفي ذات الوقت لا تتجاوز خطوطا حمراء غير واضحة تتعلق بالسياسة.

وهناك فروق اكبر مما تبرزه الصورة التي يرسمها منتقدو ايران في الغرب لنظام يقمع جميع الآراء النقدية. وهناك معلقون ايرانيون يرون دلائل على عودة ضعيفة لمطبوعات اصلاحية.

ولكن صحفيين يقولون ان الوقوع تحت طائلة السلطة لا يزال يسيرا وبصفة خاصة منذ تولي الرئيس محمود احمدي نجاد الحكم في عام 2005 وخطاباته ضد الغرب ومن يرى انهم يتحدون قيم الثورة الاسلامية التي اندلعت في عام 1979.

واغلقت صحيفة شرق التي عمل فيها قوشاني من قبل في سبتمبر ايلول بسبب العديد من الاتهامات من بينها تحدي طلب تغيير مدير التحرير الذي اتهم بعدم احترام المقدسات واهانة المسؤولين.

في ذلك الوقت اعتبر بعض الصحفيين هذه الخطوة محاولة لإسكات المعارضة وهو ما رفضه المسؤولون قائلين ان الحكومة ترحب بالنقد.

وفي البداية اطلق عدد كبير من صحفيي شرق صحيفة باسم جديد سيرا على نهج بدأ في اواخر التسعينات حين اغلقت عشرات الصحف الاصلاحية واعيد فتحها باسماء مختلفة ولم يستمر البعض سوى ايام.

وسريعا ما رأت السلطات ان الصحيفة الجديدة نسخة مستترة من شرق واغلقتها. ورفعت شرق دعوى امام القضاء وكسبتها وبدأت العمل من جديد في مايو ايار.

وقال مدير التحرير مهدي رحمنيان (40 عاما) الذي كانت السلطات تطالب باقالته في البداية، سنبذل قصارى جهدنا حتى لا نواجه مشاكل قانونية. سنحترم تلك (الخطوط الحمراء) التي يمكن ان نعيها ولن نتجاوزها.

وقال ان الخلاف النووي بين وايران والغرب من القضايا التي تتطلب تغطية حساسة ودقيقة. الاخبار القضائية، نتناولها بشيء من العناية. وتقلقه الموضوعات الخاصة بالجيش وتشكو وزارات اخرى من تجاوز خطوط حمراء. واضاف، ولكن مشكلتنا اننا احيانا لا نعلم ما هي المناطق المحرمة.

ويقول صحفيون اخرون ان جميع الصحف على قدم المساواة ويؤكد امير محبيان المعلق السياسي في صحيفة رسالات المحافظة بصفة عامة قائلا، لدينا حرية نشر افكارنا سواء ...اصلاحية او محافظة.

وحتى دون تحد متمثل في وجود مناطق محظورة فان المعركة للفوز بقراء صعبة فصحيفة همشهري اكثر الصحف الايرانية توزيعا تبيع 400 ألف نسخة يوميا مقارنة مع 70 الف نسخة لصحيفة شرق في بلد يبلغ تعداد سكانه حوالي 70 مليون نسمة.

وهمشهري لسان حال مجلس بلدية طهران وتتباين مواقفها من الاصلاح الى المحافظة مع تغير تشكيل مجلس البلدية.

وتصارع صحف اصغر للحصول على اعلانات وتغطية نفقاتها من مبيعات الصحف وغالبا ما تحتاح لراع ثري.

ويقول قوشاني ان السلطات ترهب المعلنين وتبعدهم عن الاعلان في صحيفته وهو اتهام لا يمكن تأكيده من جهة مستقلة.

ويرى البعض عودة شرق واطلاق هام ميهان عودة متواضعة للاصلاحيين الايرانيين الذي يريدون مزيدا من الحريات الاجتماعية والسياسية وعلاقات أفضل مع العالم.

ويقول حميد رضا جلالي بور الاستاذ بجامعة طهران، مثل هذه البادرة تبين ان الجانب الواقعي للنظام السياسي لا يزال يعمل رغم ضغط المتشددين في الجوانب السياسية.

واستعاد معارضو احمدي نجاد وهم مجموعة تتسع بشكل متزايد لتضم اصلاحيين وسياسيين أكثر واقعية مثل الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني بعض مكانتهم السابقة منذ فوزه برئاسة البلاد.

السلطات واسفندياري

من جهة اخرى أفادت وكالة أنباء ايرانية أن مسؤولين أبلغوا المحامية الايرانية شيرين عبادي الفائزة بجائزة نوبل للسلام والتي تتولى الدفاع عن باحثة ايرانية امريكية متهمة بالتجسس ان موكلتها ليست في حاجة الى خدماتها.

ونقلت وكالة أنباء العمال الايرانية عن عبادي التي اختارتها اسرة الباحثة هالة اسفندياري للدفاع عن الاكاديمية التي تحمل الجنسيتين الامريكية والايرانية قولها ان موكلتها حرمت من حقوقها المدنية. وقالت عبادي، موكلتي محتجزة دون ان يسمح لها بالحصول على محام.

واسفندياري احدى امرأتين تحملان الجنسية الامريكية والايرانية ومتهمتان بالتجسس في قضايا فاقمت التوترات بين ايران والولايات المتحدة.

ودعت الولايات المتحدة التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران بعد فترة قصيرة من قيام الثورة الاسلامية عام 1979 لاطلاق سراحهما ونفت انهما جاسوستان. وأبلغت ايران التي لا تعترف بازدواج الجنسية واشنطن ان الاعتقالات ليست من شأنها.

وتقول طهران ان واشنطن تستغل مثقفين واخرين لتنفيذ ثورة مخملية لتقويض الدولة الاسلامية. وقد يحكم بالاعدام اذا ثبت الاتهام بالتجسس.

ويجري التحقيق مع الصحفية بارناز عظيمة التي تحمل الجنسيتين الايرانية والامريكية أيضا بشأن اتهامات عن انشطة مناهضة للثورة. وأكدت ايران يوم الاحد انها احتجزت رابعا يحمل الجنسيتين قالت عنه وكالة انباء ايرانية انه يخضع لتحقيق بشأن مسائل تتعلق بالامن.

وكانت هالة اسفندياري مديرة برنامج باحثي الشرق الاوسط بمركز وودرو ويلسون الدولي الامريكي قد اعتقلت في الثامن من مايو ايار اثناء زيارة لطهران.

وقالت عبادي انها ذهبت الى المحكمة الثورية في طهران ولكن لم تستطع فعل شيء الا الحديث مع المحقق في القضية عبر الهاتف.

هل طهران على أعتاب ثورة مخملية

وفي معرض تعليقه على تحركات امنية قامت بها السلطات في ايران ضد مؤسسات واتحادات ومنظمات مجتمع مدني قال الكاتب بورزو دراغاي بصحيفة لوس انجليس تايمز، تشن حكومة الرئيس الايراني نجاد الآن حملة قمع واعتقالات على نطاق واسع لم تعرف ايران مثيلا لها منذ عقدين من الزمن تقريبا.

تستهدف هذه الحملة على ما يبدو مجموعات متنوعة من المؤسسات والهيئات مثل اتحادات العمال، البنوك، منظمات المجتمع المدني والمعارضة.

في الولايات المتحدة تركز الاهتمام على اعتقال السلطات الايرانية اربعة امريكيين من اصول ايرانية يحملون الجنسيتين الامريكية والايرانية واتهامهم بأنهم يشكلون خطرا على الامن الوطني. غير ان الايرانيين العاديين والناشطين في مجال حقوق الانسان يصفون الحملة الاخيرة بانها واسعة جدا وتشمل كل انحاء البلاد.

ويذكر ان الكونغرس الامريكي كان قد خصص 66.1 مليون دولار هذه السنة لدعم مجموعات المعارضة، كما تحدث مسؤولو ادارة الرئيس بوش صراحة حول سعيهم لتغيير النظام.

لذا، يقول الزعماء الايرانيون ان امريكا تحاول استغلال المجموعات الداخلية للاطاحة بنظام طهران بنفس الطريقة التي استخدمتها في اوكرانيا عندما دعمت منظمات المجتمع المدني التي ساعدت في اسقاط الحكومة فيما عرف بـ الثورة البرتغالية قبل عامين ونصف العام.

بيد ان الحكومة الامريكية رفضت الكشف حتى الآن عن هوية المجموعات التي تلقت اموالا امريكية في ايران.

وتضيف الصحيفة: لكن على الرغم من اتساع مدى حملة الاعتقالات الداخلية هذه الا انها لم تشد اهتمام الخارج الا بدرجة ضئيلة نسبيا، وذلك لان الحكومة ضيقت الخناق حتى على وسائل الاعلام ايضا.

فقد نشرت الصحف رسالة من ثلاث صفحات اصدرها المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني، وتضمنت المواضيع التي يتعين عدم نشرها او التطرق اليها ومنها: تأثير عقوبات الامم المتحدة الاقتصادية في نواحي الحياة اليومية، العقوبات الدولية المفروضة على البنوك الايرانية، منع سفر المسؤولين الايرانيين العاملين في المجالين العسكري والنووي. الاخبار التي تتعلق بالتوتر بين السنة والشيعة داخل ايران، الاشتباكات العرقية في اقاليم البلاد وتعكر العلاقات بين ايران والبلدان الاسلامية الاخرى بسبب طموحات طهران الاقليمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 17 حزيران/2007 -29/جمادي الأول/1428