فتح تفشل في فلسطين وحماس يدفعها الحماس نحو العزلة والفناء

 شبكة النبأ: من المفترض ان يكون قطاع غزة نواة للدولة الفلسطينية المرتقبة وعليه فقد كان من المتوقع ان تتبلور هذه النواة لتكون انموذجا حضاريا وتظم ما تبقى من الضفة لاقامة الحلم الفلسطيني، لكن ما حصل من ثورة دموية بين جناحي السلطة الحاكمة في القطاع ينبأ بهوة كبيرة بين اتجاهات الطرفين ويشكك في نضج الفصائل الفلسطينية وامكانيتها في ادارة دولة طالما تطلع الفلسطينيون لاقامتها.

ويشكل قطاع غزة الذي سقط بالكامل في قبضة حركة حماس شريطا ضيقا من الارض وهو فقير ومكتظ بالسكان ويمثل اقل من نصف مساحة الاراضي التي ستقوم عليها الدولة الفلسطينية المرتقبة.

في هذا الشريط الضيق من الارض الساحلية البالغة مساحتها 365 كيلومترا مربعا يعيش نحو 5,1 مليون فلسطيني ما يجلعه من اكثر المناطق المكتظة بالسكان في العالم.

وأفاق سكان قطاع غزة على اعلام حركة حماس ترفرف فوق المباني والمقار الرسمية فيما احتفل انصار حماس بـ(انتصار) الحركة على فتح في مقابل خوف مناصري الرئيس الفلسطيني محمود عباس من مستقبل قاتم.

ورفعت رايات حماس الخضراء التي تحمل عبارة "لا اله الا الله" على جميع المؤسسات الحكومية والمقار الرسمية ومقر الرئيس الفلسطيني فيما انتشر مسلحون من كتائب القسام الجناح العسكري لحماس بعضهم ملثم والبعض الاخر مكشوف الوجه امام المقار الامنية.

وقال عاهد الرملاوي (45 عاما) من حي الشجاعية شرق غزة حاملا علما كبيرا لحماس، انا سعيد جدا وان شاء الله الوضع سيكون افضل هذا يوم سعيد جدا لاننا تخلصنا من الخونة.

لكن ابو العبد، من مخيم الشاطىء علق باكيا، الخونة قتلونا تحت ستار الدين اعدموا اولادنا واعتدوا على نسائنا وابو مازن (عباس) يتحمل مسؤولية تدميرنا. نحن مقبلون على مستقبل مظلم وقاتم.

الحركة في الشوارع بدت خجولة فيما خيمت الصدمة على السكان. وقال انور وهو سائق سيارة اجرة، امس كانت تحكمنا فتح واليوم تحمكنا حماس ربنا يستر من يحكمنا غدا.

عند مدخل مقر الرئاسة ابلغ احد عناصر القسام الموجود على احد الحواجز الصحافيين ان المنطقة مغلقة وسيتم فتحها، بعد تطهيرها من الالغام.

وشهد مصور وكالة فرانس برس تحطيم صور الرئيس الراحل ياسر عرفات وابو مازن وشوهدت شاحنات تنقل من مقر الرئاسة الى جهة غير معلومة اجهزة واسلحة ومعدات اضافة الى اجهزة كومبيوتر واثاث. وانتشر عناصر القسام عند جميع مداخل مقر الرئاسة وسيطروا على سيارات حرس الرئاسة رافعين عليها علم حماس.

ام خليل قنيطة (50 عاما) حضرت من حي الشجاعية مشيا بحثا عن ابنها قرب منطقة الرئاسة وقالت، لا احد يرضى عن هذا الاقتتال صحيح اننا سعداء بمحاربة الخونة والقتلة والفاسدين ولكن ما يحدث دمار وليس في مصلحة احد.

واضافت، قد يكون الوضع افضل في ظل حماس هذا ما وعدونا به ولكن وضعنا الاقتصادي سيء وليس في بيتي ما يكفي من الطعام.

اما صلاح جودة (44 عاما) من تل الهوا في جنوب غزة فأكد ان حماس سمت المنطقة الان تل الاسلام، واضاف، ما يحدث في غزة مهزلة وعيب وهذه الخطوة من جانب حماس خطأ كبير لانها تهدف الى تدمير ممتلكات الشعب الفلسطيني.

قطاع غزة الفقير والمكتظ بالسكان في قبضة حماس

ويشكل قطاع غزة الذي سقط بالكامل في قبضة حركة حماس شريطا ضيقا من الارض وهو فقير ومكتظ بالسكان ويمثل اقل من نصف مساحة الاراضي التي ستقوم عليها الدولة الفلسطينية المرتقبة.

في هذا الشريط الضيق من الارض الساحلية البالغة مساحتها 365 كيلومترا مربعا يعيش نحو 5,1 مليون فلسطيني ما يجلعه من اكثر المناطق المكتظة بالسكان في العالم. ويقع قطاع غزة جنوب غرب اسرائيل تحده مصر جنوبا والبحر الابيض المتوسط غربا ويبلغ طوله 45 كلم فيما يتراوح عرضه بين ستة وعشرة كيلومترات.

ويعاني القطاع من نقص حاد في المياه اما الصناعة فشبه غائبة عن اقتصاده. وعلى مدى عقود من الزمن عاش نحو ثمانية آلاف مستوطن اسرائيلي بحماية الجيش الاسرائيلي في 21 مستوطنة اقيمت في قطاع غزة قبل انسحاب اسرائيل الاحادي الجانب منه صيف 2005.

ويعتبر قطاع غزة معقل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) واصبح في آذار/مارس 2006 المقر الفعلي للحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس منذ فوزها الساحق في الانتخابات التشريعية اما مقر السلطة الفلسطينية فيقع في رام الله (الضفة الغربية).

وحوالى 900 الف نسمة من سكان قطاع غزة هم من اللاجئين او المتحدرين من لاجئين هربوا الى غزة بعدما طردوا من منازلهم غداة قيام دولة اسرائيل في 1948.

وتشير الارقام الرسمية الفلسطينية الى ان اكثر من نصف سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر و45% على الاقل من اليد العاملة عاطلة عن العمل.

وكان قطاع غزة جزءا من الامبراطورية العثمانية حتى العام 1917 حيث اصبحت فلسطين تحت الانتداب البريطاني وحتى العام 1948. ولكن بعد اول حرب عربية اسرائيلية في العام 1948 بات القطاع تحت الادارة المصرية. وكان قطاع غزة خلال معركة السويس عام 1956 المسرح الوحيد للمواجهات بين الفلسطينيين والاسرائيليين خلال الفترة الممتدة من 1948 الى 1967.

حماس تريد السيطرة على غزة سعيا "وراء الاعتراف بها"

ورأى محللون ان حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي يقاطعها الغرب ما منعها من ممارسة الحكم فعليا رغم فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية تسعى الى فرض نفسها كمحادث قوي عبر السيطرة على قطاع غزة.

ومنذ توليها رئاسة الحكومة الفلسطينية في اذار/مارس 2006 بعد شهرين على فوزها في الانتخابات التشريعية علق الغرب الذي يعتبرها منظمة "ارهابية" كل مساعداته المالية المباشرة للسلطة الفلسطينية.

وقد جعلت النزاعات مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشان السيطرة على الاجهزة الامنية اضافة الى الخلافات السياسية من اي مساكنة بين الحركتين امرا مستحيلا ما ترك الحكومة التي ترئسها حماس في حكم المشلولة والعاجزة عن ممارسة سلطة حقيقية.

واعلن مدير المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديموقراطية جورج جقمان لوكالة فرانس برس قائلا، اعتقد ان حماس تنظر الى السيطرة على قطاع غزة كورقة مساومة سواء مع اسرائيل واميركا وحتى العالم العربي للاعتراف بها. واضاف، من يملك غزة ولو كانت مساحتها صغيرة يصبح شريكا ولو بحكم الواقع. وقال، بالنظر الى تسلسل الاحداث نجد ان حماس فازت في الانتخابات التشريعية وشكلت حكومتها وفرض عليها الحصار الدولي ثم شكلت حكومة الوحدة الوطنية وفرض عليها الحصار ولم يحصل اعتراف بها.

اما الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري فرأى ان الهدف الرئيسي من سيطرة حماس على غزة كان دفع العالم للاعتراف بها بالقوة بعد ان تواصل الحصار على حكومتها لاكثر من عام. واضاف المصري، لتأكيد ذلك فان اولى المؤشرات والتصريحات التي خرجت عن الجانب الاسرائيلي بان اسرائيل ستتفاوض مع حماس في حال فرضت سيطرتها على قطاع غزة.

اما وزير الحكم المحلي محمد البرغوثي فصرح لوكالة فرانس برس تعليقا على ما يجري في قطاع غزة، كنت انا وثلاثة وزراء اخرون نفكر في الاستقالة قبل اعلان الرئيس عباس اقالة رئيس الوزراء احتجاجا على ما يجري في غزة.

وقد كلف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجمعة سلام فياض الشخصية المستقلة بتشكيل حكومة الطوارىء الفلسطينية بعدما اقال الخميس الحكومة التي كانت ترئسها حركة حماس.

وقال حكمت زيد احد مستشاري عباس لوكالة فرانس برس، الرئيس كلف سلام فياض تشكيل الحكومة الجديدة.

أمريكا قد تركز على دعم الضفة الغربية وعزل غزة

وقال محللون إن رد فعل الولايات المتحدة على استيلاء حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على قطاع غزة ربما يتمثل في تقديم الدعم للضفة الغربية وعزل حماس في القطاع الساحلي في الوقت الذاته في تحرك قد يزيد من تشدد الحركة الاسلامية.

وأبرز انتصار حماس العسكري فشل المساعي الامريكية لتعزيز الرئيس الفلسطيني محمود عباس زعيم حركة فتح في صراعه على السلطة مع الحركة الاسلامية التي يعتبرها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة واسرائيل منظمة ارهابية. بحسب رويترز.

ولا يترك ذلك للولايات المتحدة سوى خيارات محدودة لصنع سلام شامل بين الاسرائيليين والفلسطينيين ويزيد من صعوبة إقامة دولتين بسبب انقسام الفلسطينيين الى ضفة غربية تقودها فتح وقطاع غزة تقوده حماس.

ويقول محللون إن الخيار الاكثر جاذبية بالنسبة للولايات المتحدة قد يكون سياسة التركيز على الضفة الغربية أولا والذي يتمثل في أن تبذل واشنطن كل ما في وسعها لدعم عباس واحياء محادثات السلام معه.

وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بعد أن ينقشع الغبار أعتقد أن السياسة الامريكية ستقوم على ابراز الضفة الغربية كنموذج لما يحدث للناس الذين يتعاونون وقطاع غزة كنموذج لما يحدث لمن لايتعاونون.

لكنه أضاف أن مثل هذه الاستراتيجية قد يكون لها اثار عكسية بسبب عدم كفاءة فتح في الحكم ولان عزل غزة قد يجعل القطاع مكانا أكثر تطرفا يمكن شن هجمات على اسرائيل من خلاله بالاضافة الى نشر العنف في المنطقة.

وقال الترمان، يمكن أن نرى غزة جبهة لتوجه راديكالي أكثر تشددا من الذي شهدناه في المجتمع الفلسطيني حتى الآن... لم نر القاعدة في المجتمع الفلسطيني حتى الان لكن الثورة الداخلية في غزة قد تهييء البيئة التي يمكن أن تنمو فيها (القاعدة) بشكل فعلي.

أما أرون ميلر المسؤول السابق بوزارة الخارجية والخبير في الشؤون الاسرائيلية الفلسطينية فقال، الخيارات الان سيئة للغاية.

وأضاف، ما لم يعد واضحا هو ان كان حل قيام دولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني ممكنا.

وتابع، عزل غزة لاخضاع حماس لن يجدي نفعا. لن يسهم ذلك سوى في زيادة الاحساس باليأس والعجز وسيفتح الباب لجماعات ذات أيديولوجيات أكثر تطرفا.

القوى الكبرى تؤيد عباس بعد استيلاء حماس على غزة

وقالت متحدثة باسم الاتحاد الاوروبي ان لجنة الوساطة الرباعية المعنية بالسلام في الشرق الاوسط تعهدت يوم الجمعة بالدعم الكامل للرئيس الفلسطيني محمود عباس في الوقت الذي يحاول فيه تشكيل حكومة طواريء. بحسب رويترز.

وعقدت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والامين العام للامم المتحدة بان جي مون ومسؤولون أوروبيون مؤتمرا عبر دوائر مغلقة بعد أن سيطرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على قطاع غزة.

وقالت متحدثة باسم المنسق الاعلى للسياسة الخارجية الاوروبية خافيير سولانا "هناك رسالة دعم واضحة للرئيس عباس خاصة في هذا الوقت الصعب لتشكيل حكومة طواريء."

وأضافت، هناك قلق كبير بشأن الوضع الانساني في غزة، مضيفة أن اللجنة تعتزم اجراء اتصالات أخرى بشأن الازمة في مطلع الاسبوع المقبل.

ودعت روسيا بشكل منفصل الى الهدوء وحثت الوسطاء الدوليين على المساعدة في تفادي نشوب حرب أهلية بينما سحبت مصر مبعوثيها الدبلوماسيين من غزة احتجاجا على استيلاء حماس على القطاع وقالت ايران ان العنف أظهر أن الفلسطينيين فقدوا القدرة على رؤية عدوهم الحقيقي.

وأيدت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي قرار عباس اعلان حالة الطواريء وتعهدا بالوقوف مع المعتدلين الفلسطينيين لكن بيان لجنة الوساطة أبرز مدى قوة التأييد الدولي لعباس.

وقالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس للصحفيين في واشنطن، نؤيده تماما في مساعيه لانهاء هذه الازمة من أجل الشعب الفلسطيني.

ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية شون مكورماك النائب المستقل المدعوم من الغرب سلام فياض الذي اختاره عباس ليكون رئيس الوزراء في حكومة الطواريء بأنه يتمتع "بسمعة طيبة" ورفض انتقادات حماس للتحرك بانه يرقى الى حد الانقلاب.

ولم يرد ذكر للوقت الذي قد ينهي فيه الغرب الحظر على المساعدات المباشرة للسلطة الفلسطينية والذي فرض العام الماضي بعد فوز حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واسرائيل منظمة ارهابية في الانتخابات التشريعية.

لكن المتحدثة باسم سولانا قالت ان جهودا ستبذل لنقل مواد اغاثة الى أكثر الفلسطينيين احتياجا في غزة ما ان يسمح الوضع الامني بذلك. ورغم الحظر على المساعدات المباشرة واصل الاتحاد الاوروبي نقل مواد الاغاثة الانسانية لكنه قال يوم الاربعاء انه سيوقف حتى ذلك بسبب الاقتتال الداخلي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 17 حزيران/2007 -29/جمادي الأول/1428