
شبكة النبأ: قلب افغانستان المعفر بالتراب والمأساة قد
يخترقه شريان جديد يضخ فيه الدماء وتدب فيه الحياة، وربما يستعيد امجاد
طريق الحرير وتجارة الشرق من بنو الاصفر الى بنو الاسمر المتعب المنتظر
على نهايات آسيا وبداية القارة السمراء.
لكنه اليوم يتخذ مسارا تتحكم فيه السياسة وتحاربه الدناسة وبين هذا
وذاك تظل الامال متحفزة وهي على سّنة الانتظار.
وياتي تعمير وبناء الطريق السريع الذي يربط جنوب افغانستان بشماله
خطوة يؤمل من ورائها بناء السلام والنماء والاستقرار. ويعلق حلف شمال
الاطلسي اماله في احلال السلام بأفغانستان على طريق واحد.
ففي أسفل وادي سانجين يقع الطريق السريع الذي يربط جنوب أفغانستان
بالعاصمة كابول وفي أعلاه يقع سد كاجاكي وهو أكبر مشروعات المعونة التي
وضعها الغرب لافغانستان.
وبين الاثنين يوجد ممر جبلي محفور طوله 180 كيلومترا يمر بحقول كانت
تزرع في السابق بالافيون وعبر متاجر على طول ضفتي نهر هلمند.
ويقول متعاقدون بحسب ما نقلت رويترز، انهم مستعدون للبدء في غضون
أسابيع في مشروع بقيمة 150 مليون دولار لتجديد السد ولتوفير الكهرباء
لملايين الافغان وكي يثبتوا بشكل قاطع أن بامكان المجتمع الدولي توفير
مزايا لن يتمكن المسلحون الذين يشنون حرب عصابات من توفيرها مطلقا.
غير أنه من أجل بنائه سيكون بحاجة الى نقل محولين زنة كل منهما 12
طن ومحرك توربيني يزن 26 طنا الى الجبال، وهذا يعني أنهم بحاجة أولا
لاعادة بناء الطريق.
واصبحت السيطرة على الوادي حتى يتسنى اعادة بناء السد الهدف الرئيسي
لقوات حلف شمال الاطلسي في جنوب أفغانستان.
وقال اللفتنانت كولونيل تشارلي مايو المتحدث باسم قوات الحلف في
اقليم هلمند، أصبح المحور الرئيسي لاهدافنا العسكرية خلال الشهرين
الماضيين.. تطهير قمة وادي سانجين من أجل تعزيز الحكم والاستقرار
وانجاز الطريق والسد.
وشن الالاف من قوات الحلف سلسلة من الهجمات على الوادي ويقول الحلف
حاليا انه جاهز لمواصلة الهجمات.
ويمر الطريق عبر منطقة كانت تخضع حتى أسابيع قليلة مضت لسيطرة تامة
من جانب مقاتلي حركة طالبان.
وربما كانت مدينة سانجين التجارية الرئيسية على طول الطريق خلال
العام الماضي ساحة لاشرس المعارك منذ بدأت الحرب اذ كانت القوات
البريطانية تقاتل في بعض الاحيان حتى اخر طلقة ذخيرة بحوزتها من أجل
السيطرة على مجمع سكني واحد.
وكانت العمليات الاخيرة ناجحة على ما يبدو، فخلال الاسابيع الاخيرة
أعيد فتح المتاجر والاسواق التي كانت مهجورة.
ويقول حاكم المنطقة حاجي عزت الله الذي عين مؤخرا ان السكان
المحليين: مستعدون الان للمساعدة في البدء في اعادة بناء الطريق.
وقال "وعدنا جميع شيوخ القبائل بأنهم سيوفرون العمال،" وكان يتحدث
بينما يتناول الشاي ويجلس على سجادة بمجمعه الجديد وهو عبارة عن مبنى
تحيط به أكياس من الرمال داخل محيط تحرسه مجموعة من قوات المشاة
البريطانية.
غير أن المنطقة لا تزال أبعد ما يكون عن الهدوء الكامل، فقد قتل
جندي بريطاني وأصيب أربعة في كمين.
وتسيطر طالبان تماما في الوقت الحالي على وادي قلعة موسى الجبلي
المتصل بالمنطقة والذي غادرته القوات البريطانية العام الماضي. لكن عزت
الله أصر على أن هجمات طالبان لن توقف بناء الطريق.
وقال، سيوفر (بناء) الطريق وظائف.. وبعد ذلك سيكون الناس قادرين على
استخدامه... قد تحاول طالبان شن هجمات.. لكن لا أعتقد أنها ستكون قادرة
على وقف العمل في الطريق.
وستكون الاشهر القليلة القادمة حاسمة للمشروع الذي قد يرسم حدود
جهود الغرب لاختراق معقل طالبان.
ويقول ستو ويلكاتس الذي يدير مشروع السد لصالح شركة لويس بيرجر
الهندسية التي استأجرتها الحكومة الامريكية ان انشاء الطريق سيوفر ما
يصل الى 2500 وظيفة كما سيتم استئجار 400 اخرين أو أكثر لتجديد السد
وتغيير الكابلات في أنحاء الوادي.
وحصل ويلكاتس على وعود من زعماء قبيلتين بارزتين تسيطر كل منهما على
امتدادات طولها ستة كيلومترات من الطريق قرب سانجين بالمساعدة في
بنائه.
وقال لرويترز، لدّي 12 كيلومترا.. يتطلب الامر فقط كثيرا من العمل
الشاق.. كثيرا من الاجتماعات.. كثيرا من تناول الشاي.
وأخذ يذكر أسماء القبائل التي يمر عبر أراضيها الطريق وبعضها متشكك
وبعضها رافض بشدة.. والامال معقودة على أنه عندما ترى القبائل
المتحالفة مع طالبان المجموعات الاخرى تحصل على طريق جديد فسترغب في
طريق هي الاخرى وتلقي السلاح.
وبني السد والطريق أول مرة على يد الامريكيين قبل نحو 30 عاما،
ويأمل ويلكاتس في جذب مهندسين محليين لا يزالون يتذكرون المشروع
الاصلي.
المدنيون وعبء والصراع
من جهتها قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر إن الموقف الانساني في
افغانستان تدهور في العام الماضي وان المدنيين يتحملون العبء الاكبر
نتيجة للهجمات الانتحارية والقصف الجوي. بحسب رويترز.
وقال بيير كرايهينبوهل مدير عمليات الصليب الاحمر، يعاني المدنيون
بشدة من المخاطر المتصاعدة التي تهدد أمنهم مثل تزايد القنابل التي
توضع على جانب الطرق والهجمات الانتحارية وغارات القصف الجوي المنتظمة.
وقال مسؤول اقليمي ان القوات التي تقودها الولايات المتحدة قتلت
بطريق الخطأ سبعة من الشرطة في هجوم جوي في شرق البلاد بعد ان تعرضت
القوات الافغانية لهجوم من طالبان وطلبت المساعدة.
وتوجد قوات يبلغ قوامها نحو 50 الف جندي اجنبي بقيادة الجيش
الامريكي وحلف شمال الاطلسي في افغانستان يقاتلون ضد حركة طالبان
ومقاتلي القاعدة المتحالفين معها.
وقال كرايهينبوهل انه يوجد تدهور مستمر في الخدمات الطبية في
المناطق النائية في افغانستان حيث لا يتم الوفاء بالاحتياجات المهمة،
وقال في بيان "المدنيون وهم أكثر الناس احتياجا لا يمكن الوصول اليهم."
وقالت لجنة الصليب الاحمر انه منذ عام 2006 اشتد العنف بدرجة كبيرة
في الجنوب والشرق وينتشر الى الشمال والغرب مما يتسبب في عدد متزايد من
الاصابات بين المدنيين.
وقالت الوكالة المحايدة انها تكثف جهودها لحماية ومساعدة أكثر الناس
عرضة للمخاطر وخاصة بمساعدة المنشات الطبية لمواجهة العدد المتزايد
لجرحى الحرب في الجنوب والشرق.
ويزور مسؤولو اللجنة المزيد من الناس الذين اعتقلتهم السلطات
الافغانية أو القوات الدولية فيما يتعلق بالصراع وهم نحو 2424 شخصا
خلال العام المنصرم للتأكد من انهم يلقون معاملة انسانية.
وقالت الوكالة التي يقع مقرها في جنيف ان عام 2007 يمثل العام
العشرين لعملها المتواصل في افغانستان، انه مؤشر على المعاناة الشديدة
التي بلا نهاية للشعب الافغاني على مدى عدة عقود من الزمان من الصراعات
المتعاقبة. |