
شبكة النبأ: لكل من الخصوم المتواجهين في ساحة المعركة
الدولية التي تجري على ارض العراق منذ اربع سنوات رسالته الخاصة ويجهد
لايصالها الى الطرف الاخر على حساب الدم والمقدس العراقي، وتبدأ هذه
الرسائل الموتورة من موقف الولايات المتحدة الذي يحشد للقضاء على
البرنامج النووي الايراني وتحجيم دور الجمهورية الاسلامية كقوة
اقليمية، مرورا بالدور الحساس الذي تلعبه ايران في المنطقة العربية
وثقلها في سوريا ولبنان والعراق وفلسطين، ونهاية بالرسالة السياسية
التي يرغب من نفذ الاعتداء الآثم الثاني على مرقد الامامين العسكريين
في سامراء بايصالها في احتمال كونها الاختبار الاخير لجهود التقارب بين
واشنطن وطهران.
وكان اللقاء الذي جمع كلاً من السفير الامريكي لدى العراق ريان
كروكر بالسفير الايراني لدى العراق حسن كاظمي في مكتب رئيس الوزراء
العراقي اسهم في كسر انقطاع العلاقات بين الولايات المتحدة وايران الذي
دام 28 عاما، دون ان يتمكن من فتح الباب لاختراق ايجابي محتمل للازمة.
ومن المستبعد التوصل الى تسوية ملموسة بين ايران والولايات المتحدة
نظرا لموقف الاخيرة الضعيف في العراق اضافة الى حزمة المصالح المتناقضة
في منطقة الشرق الاوسط.
وقال كبير الباحثين في مجلس العلاقات الخارجية والمتخصص في الشؤون
الايرانية وقضايا الحركات الاسلامية في الشرق الأوسط راي تقية، ان
النخبة الحاكمة في ايران توصلت الى اجماع لتحويل بلادهم الى قوة محورية
في الشرق الاوسط. بحسب تقرير نقلته (كونا).
واضاف تقية متحدثا الى (منتدى السياسة) في معهد واشنطن لسياسة الشرق
الادنى ان السياستين الايرانيتين الثابتتين والواضحتين تتمثلان في انه
لن يكون هناك وقف للبرنامج النووي والثاني انه لا يمكن التوصل الى حل
للمشاكل في كل من العراق ولبنان والاراضي
الفلسطينية دون رضى ايران.
والمح تقية الى ان سياسة الولايات المتحدة تجاه ايران متقلبة منذ
الحرب التي شنتها على نظام طالبان في افغانستان عام 2001 وفقا للسياسة
الخارجية للدولة.
واشار الى ان هناك نقطة تحول في الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث
اعلنت وللمرة الاولى استعدادها للدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة
على المستوى الرسمي الا انه المح الى ان كلا الطرفين يمتلك تاريخا من
العداء والشكوك من الصعب التغلب عليها.
من جهته قال نائب مدير الابحاث في معهد واشنطن باتريك كلاوسون ان
سياسة المسار الثنائي المتبعة مع طهران اضافة الى الاجراءات
الدبلوماسية القسرية لم تجد نفعا مع المؤسسات السياسية الايرانية التي
تبدي عدم الحساسية تجاه هذه الخطوات.
وحث كلاوسون الولايات المتحدة على ضرورة تغيير مفهوم الحرس الجمهوري
الايراني" بشأن موقف الولايات المتحدة اليائس لاجراء محادثات مع طهران
مضيفا انه طالما اعتقدوا (الحرس الجمهوري) ان واشنطن عاجزة فان هذا
الامر سيبقي المشكلة الحقيقية.
واوضح ان حكومة المالكي المهزوزة والمراوغة،تفقد رأسمالها في واشنطن
التي لا ترغب هي الاخرى بفتح المجال لمشاورات برلمانية خطيرة مطولة قد
لا تؤدي الى التوصل لصفقة تقتضي تشكيل مجلس وزراء جديد في وقت يجري فيه
تطبيق خطة امنية هامة في العراق من المفروض ان تسهم مخرجاتها بتشكيل
خريطة واشنطن السياسية لعام 2008.
واشار المحللون الى ان ردة فعل الزعيم مقتدى الصدر وهو احد حلفاء
ايران تجاه الاعتداء على مرقد الامامين في سامراء بالدعوة الى اقامة
ثلاثة ايام من الحداد والقبول بجدول زمني لانسحاب القوات الامريكية
بدلا من الانسحاب الفوري الذي كان يطالب به تدل على حرص ايران على
ابقاء المحادثات التي تجريها مع الولايات المتحدة حول العراق.
كما نوهوا الى انها اشارة الى ان القناة الدبلوماسية المفتوحة كانت
قادرة على امتصاص جزء من التوتر في الصراع الطائفي في العراق.
وكان الرئيس الايراني نجاد علق على الهجوم الثاني على المرقد المقدس
في سامراء بالقول لا تتصرفوا بطريقة تتسبب بعدم رغبة اي دولة في
الاقليم مد يد المساعدة لكم للخروج من العراق.
تلكؤ العملية السياسية يؤدي الى
فشلها
وعلى صعيد متصل فشلت القيادات السياسية العراقية في تمرير التعديلات
التي اقترحتها واشنطن على قانون النفط فيما تتنامى الضغوطات التي
يمارسها الكونغرس الامريكي في ضوء وصول عدد الجنود الامريكيين القتلى
في العراق منذ عام 2003 حتى الان الى نحو 3500 جندي.
وحجب القادة الاكراد التصويت على مسودة مشروع قرار جديد حول النفط
في حين صوت النواب الشيعة في البرلمان العراقي ضد المقترح الامريكي
بادخال المنتمين الى حزب البعث الى الحكومة العراقية في حين يطالب
النواب السنة باجراء تعديلات على الدستور فيما يتعلق بالمشاركة في
السلطة.
ورجح المحللون ان تبدأ لعبة القاء اللوم داخل الادارة الامريكية
الحالية في حال لم تتمكن الحكومة العراقية من تقديم اصلاحات سياسية
للتقدم في العملية السياسية في العراق للامام بالاضافة الى احتمال عدم
اسهام الزيادة بعدد القوات الامريكية العاملة في العراق باعطاء بوادر
امل في وقت قريب لتقرير مصير 150 الف جندي امريكي يقاتلون في العراق
فيما ينقسم الرأي العام الامريكي بشأنهم.
واستبعد الخبراء احتمال استخدام الخيار العسكري ضد ايران في ظل عدم
وجود قيادات غير ايديولوجية مثل وزريرة الخارجية الامريكية كونداليزا
رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس وقائد القوات الامريكية في العراق
الجنرال ديفيد بتراوس والسفير كروكر في بغداد.
وبالرغم من دعوات اطلقها عدد من النواب الامركيين مثل السيناتور جو
ليبرمان يطالبون فيها الادارة الامريكية للاستعداد للقيام بهجوم عسكري
ضد ايران لاجبارها على وقف قتل الجنود الامريكيين في العراق الا ان ذلك
لا يلقى قبولا لدى الادارة الحالية.
وذكر تقرير نشرته صحيفة (بوسطن غلوب) منذ اسبوعين ان ادارة الرئيس
بوش اصدرت قرارا بحل لجنة مجموعة سياسة وعمليات ايران وسوريا حيث يرى
المراقبون انها بمثابة تحول استراتيجي تجاه طهران.
وحذر الخبير الأمريكي المتميز في شؤون الشرق الأوسط انطوني كوردسمان
من الاستهانة او تجاهل ما كرره نائب الرئيس ديك تشيني بأن الولايات
المتحدة قد تنفذ ضربة للحد من الانتشار او ضربة وقائية ضد ايران مشدداً
على أن الخيارات العسكرية كانت ولا تزال على الطاولة منذ ابريل الماضي.
وتعتمد الضربة العسكرية المحتملة لايران على مفهوم الادارة
الأمريكية وتوقعاتها لمدى تقدم ايران في برنامجها النووي، اذ ان
المراكز الاستخباراتية المعنية بهذه القضية لم تتوصل بعد الى تحديد
دقيق للتطور الذي وصل اليه العلماء الايرانيون، وبعضها يرجح ان ذلك
يمكن ان يتحقق بعد عام 2010.
من الناحية العملانية تشير التقارير الأمريكية الى أن لدى ايران على
الأقل 23 موقعا نوويا مشتبها فيه وان عددا من هذه المواقع منتشرة في
أنحاء ايران، ولكن اثنين فقط منها يعتبران كبيرين بشكل كاف ليمثلا حسب
كوردسمان (استثمارا كبيرا ورئيسيا في المواقع السرية تحت الأرض).
انقلاب التوقعات وتغيير الخطط
إلا أن التقرير الأخير الصادر عن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة
الذرية يعكس توجها فعليا من احتمالات تمكن الخبراء الإيرانيين من اتقان
عملية تخصيب اليورانيوم وانتاج النوع المخصب الخالي من التلوث.
محتوى هذا التقرير الذي نشرته (نيويورك تايمز) دفع الأمريكيين
والاسرائيليين الى اعادة نظر شاملة في خططهم الخاصة بتحديد ساعة العمل
العسكري الكاسح على ايران، اذ ان ما احتواه من معلومات تنسف ما كانت
تقارير الخبراء الغربيين السابقة اكدته من ان ايران لن تتمكن من انتاج
كميات كافية من اليورانيوم النقي والمخصب للاستخدام العسكري قبل حوالي
خمس سنوات من الآن!.
ومما لاشك فيه أن من تبقى من الصقور في البيت الأبيض وفي مقدمتهم
نائب الرئيس تشيني سيحولون هذا التقرير الى أداة ضغط جديدة وقوية
لاقناع الشركاء والحلفاء بضرورة الضربة العسكرية لإيران قبل ان يقع
المحظور وتفلت الأمور عن السيطرة!
الكشف عن التقرير دفع السفير الامريكي السابق في الامم المتحدة جون
بولتون الى الدعوة لمهاجمة إيران قبل ان تتمكن من تطوير السلاح النووي
وقال من الواضح ان طهران اصبحت تمتلك الخبرة اللازمة في تكنولوجيا
التخصيب الان وهي لهذا لن تتوقف بل وتحقق الان تقدما سريعا في حين ان
وقتنا محدود، ناصحا بغرض عقوبات مؤلمة للاطاحة بنظامها الديني واستخدام
العمل العسكري في النهاية لتدمير مواقعها النووية.
ويؤكد مصدر اوروبي مطلع في تقرير نشرته (الحياة) اللندنية ان شرط
امريكا وقف عملية التخصيب قبل التوصل الى حل سياسي يرفع سقف العقوبات
لتكون تقنية وسياسية مكلفة للنظام الإيراني في حين بلغ مستوى الخطاب
الدعائي الداخلي مستويات لم يعد ممكنا معها التراجع وعلى المستوى
التقني فان اجهزة الطرد المركزي التي ركبت وتعمل حاليا على تخصيب
اليوارينوم ستتحطم في لحظة الضغط على زر ايقافها وبالتالي فان قرار
ايقافها يعني اعادة بناء وتركيب اجهزة جديدة بديلة لـ 1300 جهاز طرد
تعمل الان وكشف المسؤول الاوروبي عن مقترح قدمه سولانا في محادثاته مع
مسؤول الامن القومي الايراني علي لاريجاني وهو ان تستمر إيران تسيير
اجهزة الطرد المركزي من دون ادخال اليورانيوم للتخصيب وبهذا تستجيب
للشرط الامريكي بوقف التخصيب دون ان توقف عمل اجهزته.
حرب دعائية على جبهتين
ومع تواصل إيران تحديها للولايات المتحدة في العراق ولبنان وفلسطين
بتصعيدها الميداني والسياسي والدعائي وتحريكها لادواتها المسلحة لتقويض
اي خطوات تقوم بها كل الازمات المستفحلة في المناطق الثلاث الحساسة
تقوم الولايات المتحدة عبر وكالة الاستخبارات المركزية (السي اي ايه)
بشن حرب دعائية ضد نظام الملالي وحلفائه في الشرق الاوسط وذكر موقع
(روو ستوري) الاخباري الامريكي ان ادارة بوش تدير عمليات بعيدا عن
وزارة الدفاع ولا تخضع لمراقبة الكونغرس، تستهدف دعم جماعات داخل إيران
في مقدمتها (منظمة مجاهدي خلق).
وكانت قناة (اي اي سي) التلفزيونية كشفت ان بوش منح (السي اي ايه)
سلطة القيام بعمليات غير قتالية ضد إيران، واكدت ان قرارين على الاقل
صدرا خلال السنوات الاخيرة سمحا لـ (السي اي ايه) بشن حرب اعلامية سرية
ومفتوحة ضد المصالح الايرانية، بعضها يطال نفوذ واصول إيران داخل
الولايات المتحدة وفرنسا).
ويقود البنتاغون حرب الموقع نفسه عمليات عدائية وصفها بـ (السوداء)
واتفق عليها مجلس الامن القومي ومكتب نائب الرئيس تشيني، وهو حسب وصف
مصادر مطلعة (اكثر خطورة ومجازفة من عمليات (السي اي ايه)، ويقول
الصحافي سيمور هيرش في »نيويوركر« نقلا عن مسؤولين في الاستخبارات
الامريكية ان العمليات البرية في لبنان ترافقت مع عمليات مماثلة
استهدفت ايران اذ عبر بعضها حدود العراق الى ايران لملاحقة ايرانيين
وعراقيين يعملون لحساب الحرس الثوري الايراني.
وكانت وزيرة الخارجية رايس اعترفت في شهادة امام لجنة العلاقات
الخارجية ردا على سؤال في الكونغرس عما اذا كانت الادارة سمحت بعبور
الحدود الايرانية ان الرئيس لايريد استبعاد القيام باي شيء لحماية
جنودنا وهو سيفعل كل ما هو ضروري من اجل ذلك.
أمر رئاسي بالضربة
ويؤكد هيرش ان ادارة بوش قررت اعادة ترتيب اولوياتها عمليا في الشرق
الاوسط بهدف تقويض ايران وقال ان الاستراتيجية الامريكية الجديدة في
العراق التي تحمل عنوان اعادة تحديد الاتجاه جعلت الولايات المتحدة
اقرب الى الدخول في مواجهة مفتوحة مع ايران مشيرا الى ان تشيني اشرف
على جانبها السري.
ويكرر العديد من الرموز الفاعلة في الادارة الامريكية عدم وجود نية
في الهجوم على ايران وان الامل مازال معقودا على الجهود الدبلوماسية
التي تضطلع بها اوروبا لحل الازمة ولكن وزارة الدفاع البنتاغون تخطط
للقيام بعملية قصف جوي تنفيذا لتوجيه رئاسي اصدره بوش العام الماضي
وذكر مسؤول رفيع سابق في الاستخبارات الامريكية انه جرى تكليف مجموعة
تخطيط خاصة من رئاسة هيئة الاركان المشتركة بوضع خطة قصف طارئة ضد
إيران يمكن تنفيذها خلال 24 ساعة من صدور اوامر الرئيس فيما ذكرت
نيويورك تايمز ان مجموعة التخطيط تلقت امرا اضافيا يقضي بتهديد اهداف
داخل ايران متورطة بدعم ومساعدة بعض الميليشيات المسلحة في العراق.
مناورات أمريكية إسرائيلية
وباشر سلاح الجو الاسرائيلي مناورات جوية ضخمة في جنوب اسرائيل مما
اثار تكهنات بان عملية مشتركة يجري الاستعداد لها ضد المنشآت النووية
الايرانية.
تجري هذه المناورات في صحراء النقب وتشارك فيها عشرات الطائرات.
ووفقا للاذاعة الاسرائيلية، فإن هذه المناورات تجري اثر (محادثات
استراتيجية) اجراها في واشنطن وزير النقل شاؤول موفاز مع وزيرة
الخارجية كوندوليزا رايس تمحورت حول التهديد النووي الايراني. وقال
موفاز ان خيار العمل العسكري مطروح للتعامل مع ايران، مشيرا الى ان
الاستراتيجية التي تشارك فيها أمريكا واسرائيل تتأسس على ثلاثة مقومات
هي: ـ1 جبهة دولية ضد البرنامج النووي، ـ2 اعتبار العقوبات الدولية
حاليا افضل السبل لمواجهة الطموحات الايرانية، ـ3 ان كل الخيارات
مطروحة على الطاولة.
الخيار الإسرائيلي
ويؤكد الخبير في (معهد بروكينغز) بروس رايدل وهو كان مسؤولا رفيعا
في (السي اي ايه) ان الاستراتيجية الأمريكية الحالية تقوم على عزل
ايران دبلوماسيا واقتصاديا وزيادة الضغط عليها في مجلس الأمن، ولكنه
يشكك في ان تتحقق اهدافها المطلوبة مرجحا ان تؤدي فقط الى اقناع طهران
بالتوقف عند الحاجز النووي من دون التخلي تماما عن تطوير سلاح نووي،
مشددا على ان الحرب خيار عسكري اسرائيلي، محذرا في الوقت نفسه من ان
ضربات جوية حتى ولو كانت قاصمة فإنها لن تسقط النظام الايراني لأنه من
المؤكد ان لا واشنطن ولا تل أبيب تريدان ارسال قوات برية لاحتلال
ايران.
ومع كل التهديدات الأمريكية والاسرائيلية، الا ان مصادر امريكية
مطلعة تشكك في امكانات قيام بوش بشن حرب على ايران في النصف الثاني من
عام 2008 لان امريكا ستكون منشغلة اداريا ورأيا عاما وإعلاما وأحزاباً
وكونغرسا بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في تلك السنة، وذلك مخافة ان
يتسبب في تكبيد حزبه الجمهوري خسارة فادحة وبالتالي فانه اذا كان هناك
ضربة عسكرية فعلا فستكون حتى ربيع 2008 او ربما نهاية هذه السنة، اي
قبل مغادرة بوش البيت الابيض بفترة قصيرة. |