مزادات علنية

عدنان آل ردام العبيدي*

 ذات مرة اضطرتني الظروف ان استقل سيارة اجرة (باص) بعد ان تعرضت سيارتي الى عطل فني وانا على الطريق الذي يوصلني لمدينتي.

وخلال الرحلة التي استمرت الساعة والنصف تقريبا استمعت الى احاديث غريبة في اشاراتها ومرعبة في مضامينها وقد آثرت الصمت على التحدث كي لا تتغير وجهة الحديث فيما اذا تعرف الركاب على هويتي الاعلامية .

ولقد صعقت وانا استمع الى الركاب وهم يتحدثون عن بعض مجالس محافظاتنا وكيف يتسرب اليها السماسرة الذين يقايضونك على المناقصة ان كنت مقاولا قانونيا ام متقوللا !!

فالمزاد العلني لهؤلاء السماسرة يبدأ قبل بداية الدوام الرسمي لاعضاء مجلس المحافظة والمقاولون هم الاخرون يصلوا الى نفس المكان بنفس موعد هؤلاء وقبيل بدء الدوام الرسمي بساعة تقريبا تبدأ المفاوضات بين الجانبين على عقد الصفقات ، تجهيز رصيف شارع بالشتايكر بدفتر، واكساء شارع بالاسفلت بثلاثة دفاتر، وتسليم مناقصة بناء مدرسة او مستوصف او مستشفى بدفترين، ومد انابيب مجاري بدفتر ونصف، وانشاء مشروع للماء بضعف المبلغ.

 ربما الى هذا الحد تبدو المسألة عادية طالما ان الطرفين (المقاول - السمسار) يريدان تقاسم الغنيمة والفائدة الا ان الذي لا يعقل البتة ان هذا المقاول يتقاضى كامل استحقاقاته المادية من الجهة المسؤولة وهو لم ينجز من مهمته ما مقداره الـ (25 %) من المناقصة.

ترى الى أي حد وصل الانحطاط الاخلاقي والمهني والوطني بأولئك دون ان نستثني حتى المتورطين من المسؤولين بامور كهذه.

نعتقد وان كان الحديث جاء وكأنه حديث مقاهي الا انه بالتأكيد لا يخلو من الصحة خصوصا وان وسائلنا الاعلامية وخصوصا المرئية تطلعنا في كل يوم على نموذج اكثر ايلاما من هذا الذي قيل، وقبل ايام تابعت فضائية عراقية معروفة بمصداقيتها وهي تعرض تقريرا مصورا في منطقة ما من مناطق بغداد وكان المتحدثون الذين التقاهم معد البرنامج اناس على درجة كبيرة من الوقار، لكنهم تحدثوا الى تلك الفضائية بحديث غلب فيه طابع الانفعالية على وقارهم، وعند ذاك ترآى امامي حديث الركاب الذين استمعت اليهم قبل بضعة اشهر، لكن ماذا عساي ان اقول وفي الحلق ... !

* رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 11 تموز/2007 -26/جماد الاخرى/1428