السلطات الايرانية تخشى ثورة صحفية زاحفة

 شبكة النبأ: تتخذ السلطات الايرانية منذ فترة اجراءات مشددة ضد المعارضة لعدة اسباب منها زيادة الضغوط الدولية على البلاد نتيجة خلاف متصاعد مع الغرب بشأن طموحات ايران النووية. بالاضافة الى تشجيع الغرب المعنوي للحركات الاصلاحية وبعض جهات الثقافة والاعلام في ايران من اجل خلق تكتلات مناهضة للنظام.

ويقول ناشطون ايرانيون ودبلوماسيون غربيون ان السلطات في طهران اصبحت لا تطيق على الاطلاق النقد، وتزيد الضغط على الطلاب المؤيدين للاصلاح والناشطين في قضايا المرأة وشخصيات الحركة العمالية.   

وذكرت وكالة انباء ان وزير الثقافة الايراني قال إن هناك علامات على "انقلاب زاحف" في الصحافة الايرانية يشمل افرادا من الصحفيين وذلك بعد اربعة ايام من حظر صحيفة يومية كانت تنتقد الحكومة.

وأغلقت السلطات صحيفة هام ميهان المؤيدة للاصلاح والتي عاودت الصدور في مايو ايار لسبب يتعلق بالشكل القانوني. وقال منتقدون ان هذا الاجراء يأتي في اطار حملة اوسع نطاقا ضد الاصوات المعارضة مثل الطلاب والمثقفين وناشطي حقوق الانسان.

ونفت الحكومة هذه الاتهامات قائلة انها تسمح بحرية التعبير، ومع ذلك تحدث المسؤولون عما يسمى "بثورة مخملية" وهي ما يرون انها محاولة امريكية لاستخدام المثقفين واخرين لتقويض نظام الحكم في الجمهورية الاسلامية.

ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن محمد حسين صفار هرندي الذي تشرف وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي التي يرأسها على انشطة الصحافة، هناك بعض الدلائل على انقلاب زاحف في الصحافة.

واضاف صفار هرندي، عندما نقول انقلابا زاحفا في الصحافة فانه يعني ان شخصا يتحرك داخل اطار عمل للاطاحة (بالنظام).

ويقول ناشطون ودبلوماسيون غربيون ان السلطات اصبحت لا تطيق على الاطلاق النقد وتزيد الضغط على الطلاب المؤيدين للاصلاح والناشطين في قضايا المرأة وشخصيات الحركة العمالية.

ويقول صحفيون انه تعين عليهم التزام الحرص بشكل متزايد ازاء عدد كبير من الخطوط الحمراء لتجنب اغلاق صحفهم.

ومنذ عام 2000 اغلق مجلس الرقابة على الصحف في ايران والقضاء اكثر من 100 مطبوعة. واعيد اصدار الكثير منها لاحقا مثل هام ميهان التي حظرت لاول مرة في عام 2000. واعيد فتح صحف اخرى باسماء مختلفة.

ويقول الناشطون والدبلوماسيون ان السلطات ربما تتخذ اجراءات مشددة ضد المعارضة لعدة اسباب منها زيادة الضغوط الدولية على البلاد نتيجة خلاف متصاعد مع الغرب بشأن طموحات ايران النووية. ويتهم الغرب طهران بالسعي لانتاج قنابل ذرية ويدعم جهودا لفرض مجموعة ثالثة من عقوبات الامم المتحدة على ايران لعدم تخليها عن انشطة نووية حساسة. وتقول ايران انها لن تتوقف وتصر على ان عملها مشروع وسلمي.

سيطرة الدولة على وسائل الإعلام - نظرة على الماضي

يقول تقرير كتبه اصغر شيرازي: في حين فرضت الدولة الجديدة سيطرتها على مؤسستي الإذاعة والتلفزة مباشرة بعد الثورة الإسلامية في العام 1979، استمرت الحال على ما هي عليه لدى المنشورات الصحفية حتى صيف العام 1981، إلى أن اضطرت في آخر المطاف آخر صحيفة معارضة إلى إيقاف نشرها.

وبينما كان عدد الصحف والمجلات التي ظلت تصدر بعد الثورة الإسلامية بفترة قصيرة يبلغ حوالي 444 صحيفة ومجلة مختلفة، صار في العام 1988 عدد المنشورات الصادرة في إيران فقط 121 - منشورات ارتبطت كلها بالنظام من دون استثناء.

وبعد رحيل الخميني في العام 1989 انخفض مستوى الضغط على الصحافة عن ذي قبل، ضمن إطار إصلاحات سياسية أدخلتها في بداية الأمر حكومة رفسنجاني. إذ ازداد عدد المجلاَّت والصحف حتَّى العام 1992 ليصل إلى 369 صحيفة ومجلة.

بيد أنَّ حالة ازدياد عدد الصحف انقطعت بعد ذلك بفترة قصيرة، بسبب ضغوطات القوى الأصولية على حكومة رفسنجاني، ثم عادت إلى ازديادها من جديد بعد انتخاب محمد خاتمي رئيسًا للجمهورية في العام 1997.

ويضيف شيرازي، لكن استطاع الاتجاه الإسلاموي أيضًا في هذه المرة إيقاف هذا التحرر النسبي. إذ تم منع ما ينيف عن مائة صحيفة ومجلة في الفترة ما بين عام 2000 وانتخاب محمود أحمدي نجاد خليفة لخاتمي في العام 2005.

وازدادت حدة الضغوطات أكثر من ذي قبل في ظل حكم الرئيس الجديد: تم فقط في الفترة الممتدَّة ما بين شهر نيسان/أبريل 2006 و2007 منع 34 صحيفة ومجلة. ولم تعد تصدر اليوم إلا القليل من الصحف التي يقوم بتحريرها جناح المصلحين اليمينيين وتخضع بالإضافة إلى ذلك لرقابة صارمة.

عجز القائمين على وسائل الإعلام

ويضيف اصغر شيرازي، لا يستطيع المحرِّرون والصحفيّون مواجهة هذه الهجمة الشرسة على الصحافة. إذ أنَّ اتِّحاد الصحفيِّين الذي تأسَّس في العام 2001 لا يستطيع تقريبًا القيام بشيء عدا إصدار البيانات الاحتجاجية.

وكثيرًا ما يجد الصحفيّون الذين لا يريدون الخضوع للرقابة الذاتية والذين يصرّون على نشر آرائهم ومواقفهم أنفسهم مضطرَّين في ظلِّ هذه الظروف إلى أخذ الكثير من العواقب السلبية بعين الاعتبار، وهذا يعني أنهم معرضون للملاحقات القضائية وللسجن أو إلى دفع غرامات مالية. أما المخرج الذي يتبقى لهم فهو اللجوء إلى دول الخارج، حيث نجح حتى الآن بعض الصحفيين في التواصل من جديد مع قرائهم من خلال الانترنت.

ويتجنب الكثير من الصحفيين قوانين الصحافة والإعلام المتشددة من خلال اللجوء إلى الانترنت. فهم يُنشئون مواقع مختلفة على الانترنت، يحاولون من خلالها توصيل معلومات وآراء إلى قرّائهم.

مراقبة الانترنت

ويضيف الكاتب اصغر شيرازي، لم يكن من المتوقع أن يكون رد الحكومة الإيرانية على هذه المحاولات مختلفًا عما قامت به من محاصرة وفلترة لمواقع على الانترنت ولمجهِّزي خدمات الانترنت (ISPs)، وإغلاق بعض مقاهي الانترنت المعينة ومعاقبة أصحابها.

ويتم في القانون الذي صدر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2001 على سبيل المثال إخضاع نشاط أيٍّ من العاملين غير الرسميِّين في تجهزيزات خدمات الانترنت بواسطة الحصول على ترخيص رسمي. بيد أنَّ هذا الترخيص يمنح فقط لمن يطالبون بالحصول عليه ويتعهَّدون باستعدادهم لإنشاء فلتر يفرز زوَّار مواقع الانترنت ومستقبلي الإيميلات.

زد على ذلك أن إبرام العقود ما بين الزبائن ومجهِّزي خدمات الانترنت يمكن فقط شريطة أن يتم إرسال معلومات الزبون الشخصية ورقمه المُحدد لاشتراكه في الانترنت (IP-Number) إلى وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولا يمكن إبرام عقد الاشتراك في الانترنت إلا عندما تقدم الدائرة المعنية موافقتها على الطلب وعندما يقدم الزبون موافقته الخطية على أنه لن يزور على الانترنت مواقع "مخالفة للإسلام".

ويضيف الكاتب، تلت ذلك في السنين التالية إجراءات وخطوات أخرى من أجل مراقبة استخدام الانترنت. إذ تم في العام 2004 تشكيل لجنة لمراقبة المواقع الإيرانية على الانترنت، وهي لجنة تستطيع إصدار أوامر تقضي بإغلاق مواقع معيَّنة على الانترنت. وأصدرت وزارة الإرشاد تقريبًا مع نهاية العام 2006 تعليمات تجبر أصحاب المواقع على الانترنت بتسجيل أنفسهم لدى الدوائر المختصة في فترة مدتها شهرين. أما مخالفي هذه التعليمات فهم مهددون بفلترة مواقعهم المعلوماتية.

المدوَّنات.. حل بديل

ويختتم الكاتب اصغر شيرازي تقريره بالقول، صحيح أن هذه الإجراءات حرمت الكثير من القائمين على المواقع المعلوماتية من إمكانية نشر المعلومات والآراء عبر الانترنت، لكن على الرغم من ذلك لا يزال بوسعهم استبدال هذه الإمكانية بالمدوَّنات. حيث تتيح هذه المدوَّنات لمستخدميها العديد من الحسنات، إذ أنَّ إنشاءها سهل جدًا وهي لا تُكلِّف شيئًا وتضمن إخفاء هوية مدوِّنيها، بالإضافة إلى أنَّ عملية مراقبتها والسيطرة عليها ليست سهلة، كما هي الحال بالنسبة لمواقع الانترنت.

ولا شك في أن هذه الفرصة ليست متاحة للصحفيين وحدهم، بل هي متاحة قبل كل شيء للشباب. ويبين عدد المدونات باللُّغة الفارسية مدى استغلال الجيل الشاب في إيران لهذه الفرصة؛ هذا العدد المدهش الذي قُدِّر في العام 2006 بحوالي خمس وسبعين ألف إلى مائة ألف مدوَّنة.

إن مواقع الانترنت هذه والمدوَّنات معدَّة بأشكال مختلفة من حيث محتوياتها ومواضيعها.

وكثيرًا ما يُعبَّر فيها بالدرجة الأولى عن مواضيع محرّمة من معلومات وأخبار عن السياسة والجنس والفلسفة والنساء والأدب والموسيقى والكتب وكذلك عن أمور وآلام شخصية - وفي ذلك تقضي هذه المدوَّنات بواسطة هذا التنوّع وحده على سيطرة الحكَّام على التعبير عن الرأي.

لكن لو سأل سائل عن مدى إمكانية تأثير هذه المواقع والمدوَّنات في التأسيس للديموقراطية، فعندها لا بدّ من أن يأتي الجواب على نحو يراعي الكثير من التفاصيل المحيطة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10 تموز/2007 -25/جماد الاخرى/1428