حماس توحد مواقف الساسة الامريكان

 شبكة النبأ: تختلف آراء الساسة الامريكان حول العديد من القضايا الخارجية على اعتبار انها مسائل من الممكن ان تكون صحيحة او خاطئة من دون المساس بالشان الداخلي الامريكي الذي غالبا ما يكونون متفقين عليه تماما، كما ان طبيعة تكوين النظام السياسي الامريكي تجعل من الصعب وجود اتفاق مطلق بين الساسة حول القضايا الخارجية.

ورغم ان الاتفاق بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة في شئون السياسة الخارجية اكبر منه في قضايا الشأن الأمريكي الداخلي، إلا أن موقف الساسة الجمهوريين والديمقراطيين يكاد يتطابق عندما يتعلق الامر بحماس، كما كان هذا الموقف يتطابق في السبعينات والثمانينات تجاه منظمة التحرير الفلسطينية وفتح.

ومن خلال الكم الهائل من اوراق مركز البحوث ومقالات الراي في الصحف الامريكية التي نشرت خلال الاسبوعين الماضيين عن احداث قطاع غزة وكيفية التعامل مع حماس،  نجد ثمة تطابق في مواقف المفكرين والباحثين والساسة الذين أدلوا بدلوهم حول الأزمة، وعندما يكون هناك اختلاف غالبا ما يكون في التحذير من الإفراط في تقديم الدعم  لفتح ورئيس السلطة الفلسطينية، وليس في نقد سياسة العزلة والتهميش التي تفرضها إدارة الرئيس بوش على حكومة حماس التي شكلت بناء على فوزها بنتائج انتخابات ديمقراطية،  وهي الديمقراطية التي لا تفوت إدارة بوش فرصة  دون الترويج لها في الشرق الأوسط. ولم يخرج عن هذا الاتفاق غير قلة من الساسة والمفكرين مثل الرئيس الأسبق كارتر والذي لا ترضي آراؤه معظم الأمريكيين على أي حال.

  إستراتيجية هزيمة العدو

ونشرت صحيفة واشنطن تايمز المقربة من المحافظين مقالا لواحد من أكثر الوجوه المحافظة في واشنطن وأحد المرشحين الجمهوريين لانتخابات الرئاسة وهو نوت غينغريتش. السياسي الجهوري الذي كان في الماضي رئيسا لمجلس النواب اعتبر أن انتصار حماس في غزة هو تحذير بأن الحرب العالمية الرابعة (يعتبر أن الحرب الباردة كانت الثالثة) سوف تكون شاقة وطويلة، كما أن هذا الانتصار مؤشر على أن الغرب يخسر في الوقت الراهن هذه الحرب.

 وأضاف غينغريتش أن ما شهده قطاع عزة مؤخرا  يعتبر أحدث دليل على فشل الغرب فقد حكمت إسرائيل بقوة القطاع لمدة أربعين سنة، وأشرفت الأمم المتحدة على مخيمات اللاجئين منذ عام 1949 مما أسفر عن نتائج كارثية تمثلت في ارتفاع معدلات نمو عدد السكان وانتشار البطالة والفقر. وبدلا من إنتاج المجتمع مشروعات التنمية والرفاهية أنتج مشروعات الإرهاب. وأشار الكاتب إلى ملاحظات مايكل أورن التي ذكر فيها أن السلطة الفلسطينية نالت مساعدات اقتصادية منذ عام 1993 أكثر من المساعدات التي نالتها أوربا بعد الحرب العالمية الثانية طبق لخطة مارشال.

وعلق غينغريتش قائلا إنه ورغم  كافة هذه المزايا التي أتيحت للسلطة الفلسطينية، فإن المنظمة الإرهابية القديمة (المعقولة) دمرت في غزة من قبل جماعة إرهابية جديدة ولكنها أكثر تسليحا وعنفا، وهي حماس.

واعتبر السياسي المحافظ أن ما حدث في غزة هو نصر لإيران وهزيمة لإسرائيل والولايات المتحدة ومن يسمون بالمعتدلين العرب. وذكر أن رد الفعل الأمريكي الإسرائيلي عقب الأزمة بدعم الإرهابيين القدامى في الضفة الغربية ما هي إلا إستراتيجية خاسرة، حيث لن تكتفي حماس بإحكام سيطرتها على غزة بل ستسعى بمرور الوقت إلى مد نفوذها عبر الضفة الغربية.

وتوقع غينغريتش أن يواجه الغرب تحديات جسيمة في معركته ضد الأعداء على حد قوله. ودعا الكاتب الغرب إلى إتباع استراتيجية تقوم على العناصر التالية:

أولا، اقتلاع منظمات مثل حماس وحزب الله من جذورها وتدميرها كلية.

ثانيا، مكافحة فساد الأنظمة الدكتاتورية، وإيصال المساعدات والمعونات الاقتصادية إلى من يستحقها من الشعب.

ثالثا، تحويل نظام إدارة مخيمات اللاجئين من النمط الاشتراكي إلى نظام بديل يقوم على حق التملك والحصول على دخل شهري بدلا من المنح والمساعدات لكي يشعر الفلسطينيين بالكرامة المفقودة.

رابعا، تغيير نظام التعليم السائد في المدارس الفلسطينية والذي تسيطر عليه فتح أو حماس إلى نظام تعليم موضوعي يعلم قيم حقوق الإنسان بدلا من الجهاد والكراهية.

وأخيرا، عدم السماح للمساجد بالتحريض على العنف والكراهية. واختتم غينغريتش مقاله بالقول إن الخطوات السابقة ما هي إلا بداية ،خاصة وأن الفجوة بين رد فعلنا على نصر حماس وبين ما يتعين علينا فعله واسعة ، ولكنها مؤشر على إدراك أن هذه الحرب ستكون حربا حقيقية.

 لا معنى للتفاوض مع حماس

أحد الجمهوريين المرشحين لانتخابات الرئاسة والمعروف بمواقفه الليبرالية التي تقترب من مواقف الديمقراطيين هو عمدة مدينة نيويورك السابق رودلف جولياني. تحدث جولياني مؤخرا في منطقة فرجينيا بيتش في إطار حملته الانتخابية عن الأحداث الأخيرة التي شهدها قطاع غزة واصفا التفاوض أو المحادثات مع حماس بأنه بلا معنى، وداعيا إلى زيادة  الدعم الأمريكي لفتح. بحسب موقع تقرير واشنطن.

ذكر جولياني أنه لم يكن من اللازم فتح قنوات اتصال مع حماس على أساس أن التفاوض معها بل معنى. وأنه ينبغي على واشنطن أن تعمل مع مصر والأردن لمساندة حركة فتح لفرض سيطرتها على الضفة الغربية.

وانتقد جولياني سياسة الرئيس كلينتون تجاه ياسر عرفات في التسعينات، وقال لا ينبغي أن نكون  عاطفيين كما كنا مع عرفات، وفي الوقت الذي ساعدناه على الحصول على جائزة نوبل للسلام كان يخدعنا بوعوده الكاذبة. وأعرب جولياني عن اتفاقه مع توجهات إدارة بوش بدعم محمود عباس بمساعدة مصر والأردن قائلا إن أفضل سياسة في التعامل مع الأزمة في غزة كان دعم ومساندة فتح التي كان يسيطر عليها عرفات حتى وفاته.

 حماس منظمة إرهابية

الموقف الأمريكي الرسمي لإدارة الرئيس بوش، يتلخص في اعتبار حماس منظمة إرهابية لا يمكن التفاوض معها، وهي بالفعل مثلها مثل حزب الله على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية. وفضلا عن ذلك فإن إصرار حماس على عدم الاعتراف بإسرائيل رغم كونه مسألة رمزية أعطى لكل من تل أبيب وواشنطن مبررا لعزل حماس وعدم الاعتراف بتمثيله للشعب الفلسطيني.

الموقف الرسمي الأمريكي لم يتوقف عند عدم التعامل مع حماس على مدار 15 شهرا منذ تشكيلها للحكومة، وإنما منعت المساعدات المخصصة للسلطة الفلسطينية من الوصول للحكومة، وشجعت الاتحاد الأوربي لاتخاذ نفس الموقف.

وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليسا رايس ذهبت أبعد من ذلك، عندما صرحت في مؤتمر دارفور في باريس بأنها لا ترى فرقا بين حماس والقاعدة، وقالت في تعليقها على دعم أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة لحماس في صراعها مع فتح، إنه يبدو أن التطرف متواصل في الشرق الأوسط وان المتطرفين يقيمون صلات بالمتطرفين.

 كارتر يغرد خارج السرب

لا تتمتع شخصية الرئيس كارتر بشعبية كبيرة داخل المجتمع الأمريكي، وينظر إلى موقفه الأخلاقي من الصراعات السياسة على أنه ضعف. وقد أثار كتاب كارتر الأخير الذي هاجم فيه سياسة إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني موجة من الانتقادات الواسعة خاصة من قبل الجماعات المناصرة لإسرائيل. موقف كارتر الأخير وتصريحاته في أيرلندا الأسبوع الماضي والتي انتقد فيها  دعم الولايات المتحدة لعباس وسعيها للتفريق بين الشعب الفلسطيني، تأتي متسقة مع مواقف كارتر الأخلاقية، ولكنه يغرد بمفرده خارج سرب السياسة الأمريكية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9 تموز/2007 -24/جماد الاخرى/1428