المصدر عند النحاة

سليم الجصاني

لقد عنى النحاة بالمصدر واولوه اهتماما لمعرفتهم اهمية ذلك، ولتداخل موضع المصدر مع موضوعات اخرى، فللمصدر وظيفة نحوية وله عمل، ومن وظائفه النحوية مجيئه مفعولا مطلقا او مفعولا له ولا يمكن لهذين الموضوعين ان يكونا غير مصدرين , ومن عمله رفع الفاعل ونصب المفعول.

ولقد عالج النحاة المصدر في مواقع وظيفية متعددة. وما جاء في كتاب سيبويه 180هـ يوضح هذا التعدد الوظيفي. فقد اشار سيبويه لانواع المصدر في مباحث كتابه واولى هذه الانواع عناية في البحث فقسمها على:-

اولاـ اشار الى المصدر العامل بقوله " هذا باب من المصادر جرى مجرى الفعل المضارع في عمله ومعناه ذلك قولك : عجبت من ضرب زيد.

ثانياـ المفعول المطلق او اسم الحدثان " واعلم ان الفعل الذى  لايتعدى الفاعل يتعدى الى اسم الحدثان الذى اخذ منه. وذلك قولك: ذهب عبد الله الذهاب الشديد، وقعد قعدة السوء "، وهذا النوع ما ينتصب بالفعل المظهر.

ثالثاـ اشار سيبويه ايضا الى ما ينتصب باضمار الفعل. وقسمه على قسمين : واجب الاضمار وجائزه، وقال في الواجب " هذا باب ما ينتصب من المصادر على اضمار الفعل غير المستعمل اضهاره " اما الجائز فاشار اليه بقوله " ومما ينتصب على اضمار الفعل المستعمل اضهاره "، واشار الى ما كان من المصادر نائب فاعل.وغير ذلك من وظائف المصدر التى ذكرها سيبويه كالمصدر الذي يأتي حالا والمصدر الذي ياتي مفعولا له، والمصدر المؤكد لما قبله  ولقد ذكر ابن السراج ت 316هـ هذه المسالة بقوله :" اعلم ان المصدر يعمل عمل الفعل لان الفعل اشتق منه وبنى مثله للازمنة الثلاثة، الماضي والمضارع والحاضر "، وفي اضافتها لفاعل لمصدره يرى ابن السراج " واضافته الى الفاعل احسن لانه له: كقوله تعالى " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، واضافته الى المفعول حسنة،لانه به اتصل وفيه حل"، وعرّف ابن جني ت 392هـ المصدر انه " كل اسم دلّ على حدث وزمان مجهول "، ويسترسل في تفصيله للمصدر ووظيفيته النحوية وانواعه وما يجيء له.

وان المصدر يعمل عمل فعله لمناسبة الاشتقاق بينهما ولذا لم يشترط فيه الزمان كاسمي الفاعل والمفعول  واما عند كون المصدر مفعولا مطلقا فانه لا يعمل وذلك لانه" لايجوز اعمال الضعيف مع وجدان القوى "، سواء كان الفعل مذكورا نحو" ورتل القران ترتيلا " ام لم يكن نحو قوله تعالى " جزاء من ربك عطاء".

والمصدر عامل بشروط اما المفعول المطلق فانه ليس كذلك ولعل ذلك يرجع الى كون المصدر اعم مطلقا من المفعول المطلق , ولان المصدر يكون مفعولا مطلقا وفاعلا ومفعول به وغير ذلك, والمفعول المطلق لا يكون الا مصدرا،واما عن شروط عمل المصدر فقد اختلف النحاة في عددها الا ان ابرزها عندهم كون المصدر مفردا مكبرا ظاهرا واما انواعه فثلاثه هي:

1ـ ما كان منونا: وهو اقيس من غيره عند النحاة.

2ـ ماكان مضافا بـ ال واعماله شاذ.

وقسم النحاة المصدر الى ما كان صريحا والى ما كان مؤولا بالمصدر من الاداة المصدرية وصلتها الفعلية او الاسمية، وذهب النحاة موضحين السمات النحوية لهذين القسمين وخصائص كل قسم ودقائقه.

 ومن اللطيف ما نلحظ في المصدر المؤول واختلاف ادوات التاويل عددا وعملا ودلالة زمانية، وغير زمانية وهي اشارات كثيرة حول هذا الموضوع فمن ذلك تقيد "ما" المصدرية وصلتها بزمن، ودلالة"لو" المصدرية على الامتناع والاستحالة، وان اغلب مجيئها وصلتها مع الفعل( ودّ- يودّ).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 7 تموز/2007 -21/جماد الاخرى/1428