علي بابا والأربعين حرامي والحالة السعودية الوهابية*

د. أحمد راسم النفيس

 كلنا يذكر قصة علي بابا (اللص الطيب) عندما دخل إلى المغارة هاتفا بكلمة السر أوالـ pass word افتح يا سمسم ففتحت البوابة على الفور ليقوم علي بابا بالسطو على كمية من مجوهرات اللصوص وفقا لقانون (القناعة كنز لا يفنى) ثم فتح الباب مرة أخرى وقفل عائدا إلى بيته ليهنئ الست مرجانة ولذا فهي من يومها فرحانة.

أما أخيه قاسم اللص الشرير فقد فشل في أن يتذكر كلمة السر أوال pass word  افتح يا سمسم بعد أن دخل إلى المغارة حيث أعماه الطمع وفشل في الإفلات بفعلته في الوقت الملائم مثلما فعل أخيه اللص الطيب.

إنها حقا عائلة من اللصوص المحترمين.

أما الجزء الثاني من القصة فقد حدث في القرن العشرين وأخيه الحادي والعشرين عندما اكتشف كل واحد من الأربعين حرامي أن السرقة وتأسيس العصابات حق متاح للجميع وأن بإمكانه أن ينشئ لنفسه مغارة مستقلة ذات بوابة الكترونية تعمل بكلمة سر مختلفة افتح يا سمسم افتح يا طماطم افتح يا عدس والتمويل دائما حاضر فهناك سبعون مليار دولار جاهزة للإنفاق على هذا النوع من أعمال الخير خاصة إذا كانت تتضمن القيام بقتل بضع مئات من الشيعة أو ما تيسر!!....

أحداث كويتا والأربعين حرامي:

على عكس ما يتصور البعض فلسنا من هواة (جر الخناق) إلا أن ما جرى يوم الجمعة الماضي الرابع من يوليو في مدينة كويتا الباكستانية يستدعي أكثر من وقفة إذ أقدمت ما يسمى بجماعة (عسكر جنجوي) أو جيش الصحابة على (مهاجمة أحد المساجد الشيعية في تلك المدينة وأسفر الهجوم عن مقتل 48 شخصا على الأقل بينهم ثلاثة من المهاجمين وإصابة 65 بجروح بعدما وقف المسلحون الثلاثة وسط المصلين أثناء صلاة الجمعة وهاجموا كل من حولهم بقنابل يدوية وبنادق آلية).

يا للهول إنهم يفجرون المساجد ويقتلون الركع السجود!!

إنها أيها السادة واحدة من عشرات المجازر التي ارتكبها هؤلاء الأوباش المغرمون بإراقة الدماء التي حرم الله سفكها إلا بالحق وقبلها بأيام قليلة كانت هناك مجزرة في حق أربعة عشر من مجندي الشرطة الباكستانية من الشيعة فضلا عن عشرات القتلى من صفوة المجتمع الباكستاني ومن قادة الجيش ومن أفضل خبراء هذه الدولة التي كانت آمنة مطمئنة حتى عرفت هؤلاء القتلة.

فمن هم عسكر جنجوي هؤلاء؟؟

إنها واحدة من الأربعين عصابة مثل جماعة الطالبان والجماعة الإسلامية المسلحة أولئك الذين تربوا على السبعين مليار دولار وفتاوى عبد العزيز بن باز الذي سؤل ذات يوم عن إمكانية التقارب بين السنة والشيعة فقال (الشيعة كفار ولا يجوز التقارب معهم) قيل له فلماذا تسمح المملكة لهم بالحج إن كانوا غير مسلمين قال (هذه مسألة ينبغي على ولاة الأمر أن يعيدوا النظر فيها)!!.

وبالطبع وحتى يأتي اليوم الذي تتاح فيه الفرصة لولاة الأمر لإعادة النظر في هذه المسألة فقد تكفلت الأربعين عصابة بعمليات الإبادة الجماعية لمن أفتى سماحة الشيخ بكفرهم وإباحة دمائهم.

أما العلاقة بين هذه القطعان والمؤسسة الدينية السعودية التي أطلقتها لتفسد في الأرض وتهلك الحرث والنسل فثابتة ومتواترة ومشهورة ودونكم شهادة ما يسمى بلجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية في بيانها الذي أصدرته بعد أحداث الرياض مسلطة هجومها على هذه المؤسسة (وقد بينا في كتابنا: (كتاب التوحيد: أصل الإسلام، وحقيقة التوحيد) أن أكثر ما صنفتموه شركاً أكبر أوعبادة لغير الله، ليس هوكذلك، وأن ما تسمونه (شرك القبور) خرافة لا وجود لها إلا في أذهانكم المهووسة المريضة، وقد بنيتم على ذلك تكفير البريلوية (فأصبح 80% من أهل باكستان وبنجلاديش كفاراً على مذهبكم الشنيع)، وتكفير الصوفية، وتكفير الشيعة الإثني عشرية وغيرهم. أنتم الذين فتحتم باب الدم، ومن تحت عباءتكم، وبدعم أسيادكم خرجت الجماعة الإجرامية المسلحة في الجزائر، المتسمية زوراً وبهتاناً: (الجماعة الإسلامية المسلحة)، وأعداء الله، وأعداء رسوله، وأعداء الصحابة في باكستان، المتسمين زوراً وبهتاناً: (جيش الصحابة). هذه الجماعات، ومن نهج نهجها، هي التي قتلت أهل الإسلام، وتركت أهل الأوثان).

أضف إلى ذلك ما أعلنه الخبراء التابعون للكونجرس الأمريكي ووزارة الخزانة الأمريكية في الأيام القليلة الماضية من أن المؤسسة الدينية السعودية قد مولت آلة الدعاية الوهابية بما قيمته أكثر من 70 مليارا من الدولارات الأمريكية عدا الهبات الخاصة التي أنفقها أثرياء الوهابية كما كشفت هذه المصادر أن المؤسسة الوهابية تمول أكثر من ثلاثة آلاف من الدعاة وأكثر من ألف مدرسة ومسجد وتقوم بطباعة 13 مليون نسخة من كتب الدعاية وأنه من دون هذا الدعم الهائل لكان التهديد الإرهابي الذي يواجهه العالم قد تراجع كثيرا.

عنف طائفي أم إجرام خوارجي؟؟

إنه نوع من التواطؤ الإعلامي عندما توصف هذه الأعمال الإجرامية التي ترتكبها عصابات التكفير الخوارجية بأنها (مجزرة طائفية) كما قالت جريدة الحياة في تغطيتها الخبرية لهذه الكارثة فكلمة مجزرة طائفية تعني أنها حرب بين السنة والشيعة وهذا مناقض تماما للحقيقة كما يعلم المطلعون على الشأن الباكستاني الذي لم يشهد مثل هذا النوع من الإجرام الذي تجاوز كل الحدود والأعراف وصولا لانتهاك حرمة المساجد قبيل ظهور هذه القطعان من عصابة الأربعين حرامي.

أين ذهب السبعون مليار دولار والإثني عشر مليون كتاب وكم يبلغ عدد هؤلاء الشيوخ ممن يخطبون على منابرنا وما هو نصيبنا من هذه المليارات ولماذا لم تحاول وزارة الأوقاف المصرية أن تصدر بيانا ينفي هذا (الافتراء الأمريكي) أو أن يصدر هؤلاء الشيوخ المشهورون بالثراء وخاصة ممن يمتلكون أكثر من زوجة وأكثر من سيارة أن يصدروا للناس بيانا يوضح مصدر ثروتهم وينفي ضلوعهم في ترويج ثقافة التحريض على القتل في المساجد؟؟

ترى لو أن الخبر كان عما قيمته سبعين مليارا من اللحوم الفاسدة لقامت الدنيا ولم تقعد أما أن يكون الخبر متعلقا بتخريب العقول ونشر ثقافة التحريض وسفك دماء المسلمين في المساجد فيبدو أن هذا لا يثير اهتماما لدى أحد ويزداد الأمر سوءا حينما ترد كلمة شيعة وسط الكلام فيصبح الأمر وكأنه معركة تجري على سطح القمر!!.

لا يا سادة فقد انتقلت المعركة إلى قلب الرياض وقبل هذا كانت في قلب القاهرة وهي ما زالت ملتهبة في قلب الجزائر تأكل الأخضر واليابس فالتكفير هو التكفير والتحريض هو التحريض وعندما يتصور البعض أن (التكفير العقائدي) سيبقى عقائديا فهو واهم كبير إذا سرعان ما يتحول التكفير العقائدي إلى تكفير سياسي لأنه تكفير أنيق وهذا هو درس الثاني عشر من مايو في قلب الرياض ولعل الفقرة التي اقتبسناها من بيان ما يسمى بلجنة الدفاع الشرعي تكشف عن انتقال التكفير من العقائدي إلى السياسي وعن سقوط أسطورة ما يسمى بالشرك القبوري في عقر دارها وهو ما نهديه إلى السادة الذين قاموا بالرد علينا حماية (لجناب التوحيد) ودفاعا عن الوهابية قبل أن تنتقل إلى مثواها الأخير.

ويبقى السؤال:

إذا كان النظام السعودي قد بدأ في تطوير سياساته باتجاه إزالة هذا النمط من الاحتراق الداخلي و(حسنا فعل) فما هو مدى قدرته على إطفاء هذا النوع من الحرائق التي أشعلتها هذه المؤسسة بعيدا عن هيئاتها الإطفائية؟؟.

السؤال الثاني يتعلق بأولئك المتعلقين بالأهداب وممن نالوا نصيبهم من السبعين مليار متى يستيقظ ضميرهم ليعلنوا توبتهم واعتذارهم من فكر التحريض على القتل لأنا نراهم شركاء في كل قطرة دم سفكت ولو كان بينهم وبينها بعد المشرقين من أفغانستان إلى باكستان وصولا إلى الجزائر والمغرب.

تبدو الصورة الآن بالغة القتامة بعد أن فقدت إدارة عموم الوهابية قدرتها على استعادة الضبط والربط وحيث ينشط كل فصيل من هؤلاء بصورة قائمة بذاتها إنها النهاية الطبيعية لهذا النوع من الأشياء.

إنهم الآن ينادون افتح يا مشمش اقفل يا مشمش افتح يا فلفل اقفل يا فلفل فلا يستجيب لهم لا فلفل ولا مشمش بعد أن أصبح كل واحد من هؤلاء القتلة صاحب مغارة مستقلة ذات سيادة وكلمة مرور خاصة به.

ثم يزعمون أنهم لا يزرعون الشوك!!!.

* تعليقا على أحداث لندن الأخيرة: نشر هذا المقال قبل أربعة أعوام تقريبا ويبدو أن هناك ضرورة لنشره بين الفينة والأخرى.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 7 تموز/2007 -21/جماد الاخرى/1428