العراقيون وعقدة اللجوء

عدنان آل ردام العبيدي *

 إبان عقد الثمانينيات والتسعينيات لم تكن ظاهرة اللجوء العراقية قد أخذت كل هذا الحيز من الاهتمام الإعلامي والسياسي والدولي بالرغم من ان عدد اللاجئين العراقيين في إيران، حدها كان يشكل ما يقارب من المليونين لاجئ وفي سوريا وصل الرقم الى أكثر من مئة ألف فضلاً عن المعسكر الرسمي والمسجل دولياً لدى المنظمات الدولية والذي كان يعرف بمعسكر(أبو الهول) في محافظة الرقة او الحسكة وربما كان عدد اللاجئين في سوريا قد يصل المليون لولا ان العراقيين قد اتخذوا من هذا البلد معبراً الى الضفة الأخرى التي توصلهم بدول أوربا والبلدان الاسكندينافية والولايات المتحدة الأمريكية.

 وفي حصيلة رسمية للأمم المتحدة صدرت عام 1999 أجملت عدد العراقيين المسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون في جنيف والمقيمين في العواصم الأوربية فقط قد زاد عن النصف مليون بقليل ووقتها احتل العراق بعدد اللاجئين في أوربا المرتبة الثالثة وتعتبر هذا التصنيف مرعباً فيما إذا عرفنا استحالة تنقل العراقيين آنذاك بين الدول والخشية من إلقاء القبض عليهم واعادتهم الى العراق وما يترتب على اللاجئ العراقي من مصير مجهول  فيما لو أعيد الى وطنه الذي كان محكوماً من قبل أجهزة بوليسية ليس لها مثيلا في العالم اجمع.

بقي ان نشير الى اللاجئين العراقيين في العاصمة الأردنية عمان إبان تلك السنوات حيث قدرت اعدادهم كذلك بين النصف وثلاثة أرباع المليون فضلا عما استوعبته السعودية في معسكر رفحاء، من اعداد ناهزت الخمسين الف لاجئ في حين كان هناك عراقيون ينتقلون بين دول عديدة كالإمارات وقطر ودول المغرب العربي، نقول رغم تلك الأعداد التي ناهزت الأربعة ملايين لاجئ الا ان العالم كان يلوذ بالصمت إزاء هذه الظاهرة الخطيرة، وهنا بات السؤال ضرورة حول كل هذا الضخ الإعلامي عن هذه الظاهرة.

ان أكثر التفاسير تشير الى ان غايات سياسية وأخرى اقتصادية تقف وراء هذا التهويل من قضية اللاجئ العراقي في البلدان العربية فقط في حين ان دول أوربية تفتح اذرعها وقلبها للاجئين العراقيين مهما بلغت أعدادهم دونما التهديد بقذفهم خارج الحدود.

بالرغم من ان الظاهرة هذه تشكل جرحاً غائراً في الجسد العراقي ونزيفاً غير قابل للتوقف الا اننا نقول لأشقائنا العرب لا ينبغي لكم الى ما لا نهاية ان تجعلوا من العراق بقرة حلوب، فعندما يتدفق اليكم النفط العراقي بالمجان تصمت مانشيتاتكم عن اللاجئ العراقي وعندما يتوقف هذا النفط ولسنا نحن الذين حجبناه عنكم انما أولئك الذين توفدونهم ليفجروا آبارنا ومصافينا وأنابيبنا وأساطيلنا البرية هم الذين حرموكم هذه النعمة، عند ذاك يصبح العراقي في بلادكم مشكلة تسبب بزيادة أسعار الخبز والوقود والخدمات وبذلك يكون قد استوفى شروط المغادرة والطرد.

 لكننا ايضاً نتساءل لماذا تصمت هذه المانشيتات كلما تخصص دولة ما بضعه ملايين من الدولارات للدول المضيفة للاجئ العراقي.

انه نفط من نوع آخر لكن على كل حال نقول شكراً لكل من يقف مع العراقي في محنته، فالمواقف ديون.

*رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5 تموز/2007 -18/جماد الاخرى/1428