مصطلحات ادبية: الواقعية السحرية

الواقعية السحرية: Magic Realism

شبكة النبأ: شاع هذا المصطلح في الثمانينيات من هذا القرن بشيوع أعمال عدد من كتاب القصة في أمريكا اللاتينية من أمثال الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس (1899م – 1988م) والكولومبي غارسيا ماركيز (1928م) غير أن استعمال المصطلح يعود إلى أبعد من ذلك. ففي 1925م استعمله الألماني فرانز روم في عنوان كتاب ناقش فيه بعض خصائص وتوجهات الرسم الألماني في مطلع القرن، ثم تواصل استعماله للدلالة على نوع من الرسم القريب من السوريالية حيث تكون الموضوعات المرسومة والأشياء قريبة في غرابتها من عوالم الحلم وما يخرج عن العالم المألوف من رموز وأشكال.

هذه الغرائبية جزء أساسي من دلالات الواقعية السحرية كما شاعت في الأدب، خاصة القصة بشكليها الرئيسين الرواية والقصة القصيرة. غير أنها تنضاف هنا وبصورة أساسية أيضاً إلى تفاصيل الواقع إذ يرسم القاص تفاصيله رسماً موغلاً في البساطة والألفة مما يزيد من حدة الاصطدام بالغريب والمستحيل الحدوث حيث يجاوره ويتداخل فيه. ومن الأمثلة الكثيرة على ذلك قصة لبورخيس عنوانها "كتاب الرمل" يحكي فيها قصة تبدو عادية عن رجل يحب الكتب ويهوى جمع النادر منها، إلى أن جاءه رجل غريب وباعه كتاباً عجيباً له بداية، ولكن ليس له نهاية هو كتاب الرمل. ويصف بورخيس تصفحه للكتاب ودهشته منه وصفاً شديد الواقعية، لكن ما يصفه يظل غريباً حقاً، إذ أنه يطالع صفحة لها رقم محدد وبعد أن يغلق الكتاب يجد نفسه عاجزاً عن العثور على تلك الصفحة. ثم تتكرر التجربة مرة تلو الأخرى والنتيجة لا تتغير. إنه واقع سحري فعلاً، لكن الكاتب لا يرسمه للإمتاع  فقط، وإنما للإيحاء بفكرة فلسفية أو مجموعة أفكار منها أن العالم الذي نراه مألوفاً فيه قدر كبير من الغرابة، ومنها، في القصة المشار إليها، لا نهائية المعرفة وما تتضمنه أحياناً من رعب.

ومن الكتاب الذين اشتهروا أيضاً بتوظيف تقنية الواقعية السحرية الإيطالي إيتالو كالفينو (1923 – 1985م)، والإنجليزي جون فاولز (1926م) والألماني غنتر غراس (1927م)، وهناك من يجد عدداً من خصائص هذا اللون من الواقعية في أعمال كتاب سابقين مثل كلايست وهوفمان وكافكا.

متعلقات

قراءات في المصطلح الواقعية : مدخل وافكار(1)

يعد مصطلح " الواقعية " ( Realism) من اوسع المصطلحات شيوعا ً . وعلى الرغم من انه يرتبط بالأدب والفن بشكل خاص ، فإنه يتخطاهما ليشمل مختلف معطيات الفكر الانساني ، وتبعا ً لذلك تشعبت عنه مصطلحات عديدة مثل " الواقعية السحرية " و" الواقعية الجديدة " و " الواقعية الاجتماعية " و" الواقعية الجمالية " و" الواقعية النقدية " و" الواقعية الاشتراكية " و" الواقعية العلمية " وغير ذلك . بدأت الواقعية كحركة ادبية خلال القرن التاسع عشر ، وقد ظهرت بعد الحرب الاهلية وحلت محل الرومانتيكية ،وركزت على واقع الحياة اليومية ، متجاوزة ً يذلك اسلوب الأدب الرومانتيكي القائم على الخيال . لقد جاءت الواقعية من فرنسا اصلا ً حيث كان كتـّاب امثال بلزاك وفلوبير قد بدأوا ممارسة الكتابة . ومع ان هذه الحركة كانت نشطة لبعض الوقت ، فإن الواقعية الامريكية استمدت جذورها من امريكا القرن التاسع عشر بحربها الأهلية وتوسع حدودها وطبيعة الحياة المدينية فيها . وشكـّل العلم مصدر قوة للواقعية ، فموضوعية العلم الهمت الكثير من الكتّاب لأن يكتبوا بهذه الطريقة . وثمة مصدر قوة آخر في تطور الواقعية يتمثل في حقيقة ان الجمهور بدأ يضجر من الرومانتيكية ، وصار كثير من الناس يعتقدون انها اصبحت خارج العصر . وحذا " الطبيعيون " حذو " الواقعيين " ، مع ان من الصعب تحديد الفارق بين الاثنين ويمكن استخدام احد المصطلحين بدل الآخر . ان الفارق يكمن في كون " الواقعية " تهتم بشكل مباشر بما تستوعبه الحواس ، في حين ان " الطبيعية " ( (Naturalism تحاول ان تطبق النظريات العلمية في الفن . لقد تتبع الطبيعيون تأثيرات الوراثة والبيئة على الناس وسعى الكتـّاب الطبيعيون الى استخدام معطيات نظرية جارلس دارون في رواياتهم . وقد اعتقدوا ان دورة حياة كل فرد تتقرر بمزيج من سمات الصفات الوراثية والمحيط التاريخي والاجتماعي الذي ولد فيه . وهكذا فإن كل شخصية انما هي ضحية، وبشكل اساسي ، لضآلة قدرة الظروف على تغيير دورة حياتها . ان الكتـّاب الطبيعيين وعلى رأسهم اميل زولا ، وسّعوا قيم الواقعية الى حدود ابعد للموضوعية في ملاحظاتهم ووصفهم للأنساق المختلفة . واذا كانت الحركة الواقعية في الأدب قد تطورت في فرنسا القرن التاسع عشر اولا ً ، فإنها سرعان ما اخذت تنتشر في انكلترة وروسيا والولايات المتحدة . وتتمثل الصورة المثلى للأدب الواقعي في الرواية إذ ظهرت روايات اعتبرت ، وعلى نطاق واسع ، من اعظم ما كُتب . لقد سعى الواقعيون الى سرد رواياتهم من منظور موضوعي غير متحيز مثـّل ببساطة ووضوح العناصر الحقيقية للقصة . لقد اضحوا اساتذة التصويرالسايكولوجي والوصف المفصـّل للحياة اليومية في محيط واقعي و استخدام الحوار الذي يتوفر على مصطلحات لغة الكلام الواقعي . وسعى الواقعيون الى ان يمثلوا بدقة الثقافة المعاصرة والناس من جميع مراتب الحياة الاجتماعية والاقتصادية . وهكذا توجهوا نحو موضوعات الصراع الاجتماعي ـ الاقتصادي بمقارنة ظروف الفقراء الحياتية بتلك التي يعيشها الذين ينتمون الى الطبقات العليا في مجتمعات المدن والمجتمعات الريفية . لقد كان بين الكتـّاب الواقعيين الرئيسيين في فرنسا كل من بلزاك وفلوبير واميل زولا وموباسان وغيرهم ‘ وفي روسيا كل من تورجنيف وديسويفسكي وليو تولستوي ، في حين كان جارلس ديكنز وجورج اليوت من اوائل المؤلفين الواقعيين في انكلترة ، وكان وليم دين هويلز اول كاتب واقعي في الولايات المتحدة . واكدت " الطبيعية " التي هي حركة ادبية تعتير فرعا ً من الواقعية ، تأكيدا ً شديداً على التمثيل الدقيق لتفاصيل الحياة المعاصرة. وكانت الرواية التي تؤكد على الخصوصية المحلية بشكل خاص فرعا ً من الواقعية في الولايات المتحدة . وتركت الواقعية تأثيرا ً عميقا ً على الدراما والنتاجات المسرحية فيما يخص التصميم والاعداد المسرحي والازياء واسلوب التمثيل والحوار . اما على المستوى الفكري فإن الواقعيين ــ وكما يدل اسمهم ــ يرون ان المادة حقيقية وليست مفهوما ً فكريا ً ، مختلفين مع المثاليين في ذلك . ويقسم الواقعيون الى ثلاثة معسكرات : الواقعيون الكلاسيكيون الذين يقتفون خطى اسلافهم وصولاً الى الفيلسوف اليوناني ارسطو ، والواقعيون الدينيون الذين يرجعون الى ارسطو ايضا ً ولكن عن طريق القديس توما الاكويني اولا ً ، ثم الواقعيون الطبيعيون . ان اتباع توما الاكويني يبنون معتقداتهم عن واقعية المادة على اساس الالهام كما جاء في تعاليم المسيح والانجيل وعقيدة الكنيسة المسيحية . اما الواقعيون الكلاسيكيون فيبنون تفكيرهم على افكار ارسطو ، في حين يبنيه الواقعيون الطبيعيون على الطبيعة . وبين الواقعيين الدينيين المهمين كل من ايتين غبسون وجاك مارتين ، في حين يقع بين الواقعيين الطبيعيين كل من جون لوك وفرانسيس بيكون وجون ستيوارت مل وجان جاك روسو الذين طبقوا نظريتهم على موضوعة تربية الشباب . ان الواقعيين الطبيعيين يقولون ان الانسان يتكون من عقل وروح ، وان الروح خالدة ، والغرض من وجود الانسان على الارض هو خدمة الله اولا ً وخدمة الانسان ثانيا ً. ولهذا السبب تتم رعاية القائمين بالمهام الكنيسية فضلا ً على اولئك الذين هم على علاقة بحقل التربية . وينكر الواقعيون الكلاسيكيون الخلّص ان الانسان روح وبدلا ً من ذلك يقولون ان عقل الانسان هو اساس اسمى الصفات المميزة وهو ما يميزه عن الحيوان . ويتقبل الواقعيون الطبيعيون فكرة الواقعيين الكلاسيكيين هذه ولكنهم يرون ان الانسان منظومة بايولوجية معقدة تتكون من نظام عصبي على درجة عالية من التطور، وليس غير ذلك . ويتقبل الواقعيون الكلاسيكيون بشكل عام مفهوم الارادة الحرة مثلما يفعل الواقعيون الدينيون الذين يرون ان الانسان معرض لأفعال الشر ولكنه يتجه نحو الخير بفضل العناية الالهية . وينكر الواقعيون الطبيعيون بصورة ثابتة تقريبا ً مفهوم الارادة الحرة ويميلون الى الرأي الذي يقول ان الانسان " مكيف " لعمل ما يقوم به . ويؤكد الواقعيون الكلاسيكيون على معرفة التفكير الكلاسيكي ، في حين يضيف الواقعي الدينى الى ذلك اهمية المفاهيم الدينية . وفي الجانب الآخر يؤكد الواقعي الطبيعي على اهمية العلم وينتقص في الوقت نفسه من اهمية القواعد الكلاسيكية وينكر الدين . وبلغة مصطلحات المناهج ، يؤكد الواقعيون الكلاسيكيون على تطور العقل . ويعتقد الواقعيون الدينيون ان المعرفة الدينية مهمة بقدر اهمية المعرفة غير الدينية ، لذلك يرون ان المنهج التربوي ينبغي ان يتضمن دراسة الانجيل واللاهوت وفكر كبار المفكرين الدينيين المسيحيين . اما الواقعيون الطبيعيون فإنهم يرون ان العلوم الطبيعية يجب ان تشكل جوهر المنهج التربوي .  

المجموعة القصصية « قرن غزال» نموذجاً

الواقعية السحرية عند خيرى عبد الجواد(2)

هذه المجموعة صدرت عن «دار سندباد للنشر والتوزيع» عام 2001، وتضم خمس قصص فقط، لكن هذه القصص الخمس تفجر قضايا وموضوعات فى غاية الأهمية فالقصص الثلاث الأولى وهى (العشة) و (عفريت سيد دعبس) و (المحظوظ) تضعنا أمام إبداع جديد فى القصة القصيرة العربية المعاصرة يتمثل فى «الواقعية السحرية» ومن الواضح أن خيرى عبد الجواد استطاع أن يستوعب هذا التيار العالمى فى فن القص استيعابا يجمع بين الفهم وبين الاستعداد الشخصى للكتابة فى هذا النمط فخيرى عبد الجواد، من واقع حياته واهتمامه بالمخطوطات النادرة وكتب التراث الفريدة يقترب من جو الواقعية السحرية.

 ومعروف أن أحد الروافد المهمة فى هذا التيار، شديد الاهتمام بكتب الذخائر العربية مثل «ألف ليلة وليلة» (التى كان يحملها معه أيان ذهب) وكتاب «الأغانى» لأبى الفرج الأصفهانى وغيرها من الكتب، وله مقالة مشهورة وطويلة عنوانها «مترجمو ألف ليلة وليلة» والمدقق فى قصصه وكتاباته يلمس تأثره الواضح بكتب التراث العربية. أما جابرييل جارثيا ماركيز فأذكر أنى، فى دراسة لى عنه، قلت إن التأثيرات الواقعة عليه جاءت من ثلاثه مصادر أساسية هى : حواديت جدته التى لم يمل الحديث عنها، وقصص «ألف ليلة وليلة» التى قرأ مختارات منها فى طفولته ثم فتن بها بعد ذلك، وأعمال الروائى المشهور فرانز كافكا والأخير هو أول من حفزه إلى كتابة أول قصة فى حياته. ويحكى لنا هذه الواقعة صديقه بلينيو، ميندوثا فيقول إن اهتمام ماركيز بالقصة بدأ فى ليلة قرأ فيها رواية «المسخ» Metamorfosis لكافكا، وعندما قرأ الجملة الأولى فى الرواية التى تقول : «عندما استيقظ جريجوريو سامسا ذات صباح، بعد حلم مزعج، وجد نفسه وقد تحول فى سريره إلى حشرة هائلة» أغلق جابرييل الكتاب قائلا لنفسه : ياللهول ! هل يمكن أن يحدث هذا !! وفى اليوم التالى كتب أول قصة فى حياته .

والواقعية السحرية، مثل أى تيار أدبى، يدور خلاف كبير حولها، لدرجة أن أحد النقاد وهو أمير رود ريجيث مونيجال Emir R. Monegl وصف الجدال حولها بأنه يشبه حوار الطرشان : الجميع يتكلمون ولا أحد يستمع  وقد شرحت الواقعية السحرية من وجهات نظر كثيرة، بعضها ربط بين السحرى والعجائبى، وبعضها ربط بين السحرى والأسطورى، وبعضها وصل إلى نوع من التطابق بين الواقعية السحرية والسيريالية، أو قال إن الواقعية السحرية فى أمريكا اللاتينية ماهى إلا امتداد للتيار السيريالى فى أوروبا. ولكننى، على كثرة ما قرأت فى هذا الموضوع سواء على مستوى التنظيرات أو على مستوى الإبداع، أجدنى أكثر اقتناعا بما قدمه جابرييل جارثيا ماركيز فى هذا الصدد. ومجمل ماورد من كلامه فى ذلك يشير إلى أن الواقعية السحرية لها من اسمها نصيب واضح، لأنها فى واقع الأمر تجمع بين الواقع والسحر، ولهذا ذكر لنا ماركيز فى حوارات كثيرة أجريت معه أن أعماله ليس فيها جملة واحدة لا تستند إلى الواقع. الواقعية السحرية إذن تجمع بين الواقع والفانتازى، لكن ليس معنى ذلك أن يتخيل المرء أو يخترع كل ما يعن له، بدون ضوابط لأن المسألة عندئذ تتحول إلى نوع من الأكاذيب. والأكاذيب فى الأدب أكثر خطورة منها فى الحياة الواقعية. ومما قاله ماركيز فى ذلك : «إن الأشياء الأكثر دخولا فى حالة الاعتساف الظاهرى تحكمها قوانين. والمرء يستطيع أن يزيح مساحة العقل بشرط ألا يقع فى الفوضى، أى فى اللاعقلانية المطلقة» فجارثيا ماركيز إذن يكره اللاعقلانية المنفلتة وعندما سأله ميندوثا عن سبب ذلك قال : «لأنى أعتقد أن الخيال ماهو إلا أداة لتشكيل الواقع لكن مصدر الخلق أولا وأخيراً هو دائماً الواقع، أما الفانتازيا، أو الاختراع الخالص والبسيط، على طريقة والت ديزنى، فهـــو أكثر الأشياء إثارة لكراهيتى»  وليس معنى ذلك أن الجمع بين الواقع والسحر أو الفانتازيا ينتج بشكل آلى واقعية سحرية، لأن هناك شروطا أخرى كثيرة لابد أن تتحقق كى تؤدى إلى ابداع قصصى حقيقى، من ذلك التناول الشعرى للواقع، واستخدام لغة تتواءم مع هذا الواقع السحرى وتتناغم معه، والموهبة، والوهج الفنى، ومعرفة استخدام التقنيات الجديدة فى فن القص واستيعاب الأعمال الإبداعية البارزة، وانسجام الرؤية يما يتفق مع جوهر الفن، وغير ذلك من شروط وظواهر لا تتحقق إلا عند كاتب متميز.

واقعية سحرية(3)

يبدو أن الإمعان في كتابة الواقع ليس مصادفة عمياء، فمن خلال مقارنة ما يجري في الواقع مع الروايات يبدو الأمر معكوسا بمعني أن الواقع صادر لمصلحته مساحة التخييل التي كانت متروكة في السابق للرواية، ولم يعد أمام هذه الأخيرة سوي الرضا بالموقع البديل.

لماذا تكتب؟ سؤال قديم سيظل بلا إجابة تقريبا، فلا سبب معروف لدوافع الكتابة، ولا أحد يعرف سبب اندفاعه في هذا الطريق بينما بإمكانه أن يمضي وقته في ممارسة هواية أقل إيلاما.

ربما نستطيع أن نسأل: لماذا تكتب الرواية؟ من دون أن نتوقع جوابا لدي الكتاب أنفسهم أو لدي نقاد الأدب. لكن الواقع يقول إن الرواية أصبحت النوع الأكثر رواجا بين أجناس الكتابة الأدبية.

وعلي الرغم من أن الظاهرة تبدو عالمية، فإنني لا أعتقد أن الحالة المصرية تصلح لأن تكون جزءا من الاستخلاصات النقدية، التي تري في الزمن الحالي زمنا للرواية، لأسباب فنية أو معرفية عامة.

الأمر بحاجة إلي اجتهاد علماء الاجتماع السياسي ليفسروا لنا الأمر، خصوصا في ظل سيل من روايات الواقعية المفرطة. أليس في الأمر علاقة وثيقة بما يحدث في السياسة؟

لدي تفسيران من دون أن أتعصب لهما لرواج الرواية أولا ورواج الواقعية المفرطة ثانيا.

ابتداء، يبدو فعل التدوين عبر الرواية نوعا من "التثبيت في محاولة كل جهود المحو التي يتعرض لها هذا المكان من خلال التراجع المذهل علي كل مستويات الواقع. ولهذا تزدهر الرواية، فيولد مبدعون جدد فيها، ويتحول إلي كتابتها شعراء ونقاد.

أما عن مساحات التخييل في الرواية، فيبدو أن الإمعان في كتابة الواقع ليس مصادفة عمياء، فمن خلال مقارنة ما يجري في الواقع مع الروايات يبدو الأمر معكوسا بمعني أن الواقع صادر لمصلحته مساحة التخييل التي كانت متروكة في السابق للرواية، ولم يعد أمام هذه الأخيرة سوي الرضا بالموقع البديل.

في الروايات فقط تجري الأحداث وكأنها لم تقع، بالتالي فإن الإنجاز أو الجريمة أو الخطأ لاتتعدي كونها تمرينات عقلية نتأملها كحلم. وفي المجتمع الأمر مختلف أعني يجب أن يكون مختلفا حيث نلمس الإنجاز أو تقع الجريمة وفي الحالتين يجب أن يثاب المحسن، وأن ينال المجرم عقوبة إجرامه.

لكن الحاصل أن المحسن لايثاب والمجرم لايعاقب كما لو كنا شخصيات متخيلة في رواية. ومن يتأمل عملية تدوير عدد محدد من الشخصيات علي مختلف المناصب، حتي بعد أن يخطئوا، لابد أن يتذكر قصص الكارتون الخيالية مثل توم وجيري التي يموت فيها الفأر ويحيا ألف مرة بالحلقة الواحدة!

وفي عالم خيالي كالذي نعيش يستطيع من يسمي نفسه رجل أعمال أن يشتري العبٌارات المنتهية الصلاحية ويحملها بالبشر فتقع الكارثة ويموت ألف وأربعة عشر مواطنا، وتتناول الفضائيات القضية، ويشكل البرلمان لجنة لتقصي الحقائق تثبت أن صاحب العبٌارة مذنب وأن الحكومة مذنبة لأنها تركته يعمل من دون رقابة وتركت الناس يموتون متقاعسة عن إنقاذهم. هكذا من غير أن تكون هناك تداعيات لما حدث، وكأن ممدوح إسماعيل صاحب عبٌارات نقل المصريين إلي الآخرة مجرد شخصية في رواية لايمكن أن نوقع عقوبة واقعية عليه، وكأن حكومتنا السنية مجرد حكومة متخيلة مشكلة من شخصيات وهمية أو افتراضية لايمكن توقيع الجزاء علي أي من وزرائها، ناهيك عن أن ينتحر أحدهم كما يفعل وزراء اليابان الواقعيون، أو علي الأقل يستقيل كما يفعل الوزراء في غير بلد من العالم!

رجل الأعمال المذنب هارب في لندن والحكومة هاربة في مانشيتات الإنجازات الوهمية التي جعلت من الصحافة المرتبطة بها صحافة لامرئية هي الأخري. والبرلمان نفسه الذي عملت لجنة منه لمدة عام يبدو مجلسا خياليا، أو مجموعة من البشر يقومون بتمارين عقلية لتقوية ملكات الذاكرة من دون أن يعرفوا أن الإقرار بالمسئولية يستوجب توقيع العقاب علي المسئولين.

الجميع يتحركون في رواية خيالية، ويشاركون في تهجير الرواية من جنة الخيال إلي جحيم واقع يعرفه شباب الروائيين أكثر مما يعرفه وزير التضامن الاجتماعي!

عصام درويش : الواقعية السحرية ما أعمل عليه حاليا (4)

مارست السريالية كاتجاه تأثيرا كبيرا علي أثناء الدراسة وقد أثارني بشكل رئيسي قدرتها على الولوج في العوالم النفسية ، الغوص في اللاوعي واستحضار الأحلام ، لكن المبالغات التي قدمتها على صعيد اللعب بالأشكال إلى درجة التشويه وطابع النبوءة والهلاك والقدر والامحاق والانتحار والتشاؤم العدمي كل هذا خفف من حماسي في متابعة العمل وفق منظورها بالإضافة إلى افتقار بعض النماذج العالمية والمحلية للحد الأدنى من الجدية حيث اختلط ادعاء الذكاء بالتعثر على صعيد إغناء الشكل .

ولكن فكرة السريالية العظيمة في أن الإنسان أضاع المفاتيح التي كان يمتلكها فطريا وكانت تبقيه على تواصل حميم مع الطبيعة ، وبان من واجبنا البحث في وعينا ولا وعينا لإيجادها ، وكما قال أندريه بروتون : " فانه لن يكون لمعرفتنا العلمية عن الطبيعة أية قيمة إلا إذا تم التماس معها بواسطة الطرق الشعرية " . هذه الفكرة ظلت تمارس تأثيرا أساسيا في طريقة نظري للأشياء وطريقة تعبيري عنها . وأجد أن خيطا رفيعا جدا ولكنه شديد الصلابة يربط بين عملي والسريالية ولكنني أفضل اصطلاح الواقعية السحرية عن اصطلاح فوق الواقعية الذي تعنيه السريالية لوصف عملي . فالحلم واليقظة يتعايشان في لوحاتي دون أدنى حاجز ، والملموس المجسم والعرضي الزائل يتسمان بالقيمة نفسها و لهما نفس الحق في الأولوية . واجد مع أدونيس أن " في الوجود جانبا باطنيا ، لا مرئيا ، مجهولا ، وان معرفته لا تتم بالطرق المنطقية ، العقلانية ، وان الإنسان دونه ، دون الوصول إليه كائن ناقص الوجود والمعرفة ، وأن الطرق إليه خاصة وشخصية .. فالتجارب الكبرى في معرفة الجانب الخفي من الوجود تتلاقى بشكل أو آخر فيما وراء اللغات ، وفيما وراء الحدود ، وفيما وراء الثقافات " . وقد آمنت دائما أن التمييز في الفن بين الواقعي والخيالي لا معنى له . ورغم أننا نرى أن العناصر في لوحتي واقعية كلها دون أي مبالغة وأننا يمكن أن نرى هذا التكوين في الواقع كما هو إلا أننا نكتشف أيضا انه جو مختلف عما نراه ، بواسطة إيحاءات اللون والهواء الذي ينبض في اللوحة وبواسطة الأسرار التي تملا الأمكنة وبواسطة الاستبدالات التي اصنعها حيث نحس دائما بان الزهور والقطط وكل ما يدور في مسرح اللوحة يمثل نفسه وقيمته الرمزية في آن معا . لقد سكنني دائما التعبير عن الكون الموازي بواسطة الكون الواقعي الملموس ، واستخدمت في سبيل الوصول إلى ذلك الطاقة التعبيرية الهادئة لتجاور الألوان ، وانبثاق أحدها من الآخر دون ضجيج ، والسكون الذي يغلف الأحداث في لوحاتي يشبه السكون الناجم عن إدراك الأشياء في اللوحة أنها تخضع لتثبيت لحظتها الراهنة ، وهو مثل سكون تمثيلنا ما نرغب أن نبدو عليه حين ترى صورتنا .

وقد شغلتني العلاقة بين المكان والطبيعة وهي تشكل لب عملي ، واعتقد انه قلما تخلو لوحة لي من اثر لهذه العلاقة ، ورغم ذلك فأنا لست رساما للمناظر الطبيعية ولا تعنيني ، ولست رساما للأمكنة ولا تعنيني . إنني ارسم العلاقة بين مكان الإنسان والطبيعة ، الطبيعة التي تحمل معنى الأبدية ، الجنة ، مكان التأمل في المعنى ، وهي ليست طبيعة بعينها ، إنها طبيعة شخصية ، خلاصة الطبيعة ، فكرة الطبيعة . وهي أيضا عالم أحلامنا ، منظرا من شرفتنا نأمل أن نراه بعد استفاقتنا ، كما نأمل انه لن يزول . وهو في حالة حوار مع الداخل حيث تجري لعبة الظهور والاختباء ، الإغواء والتغاضي ، الاقتراب والابتعاد ، التواطؤ وحنان الحب .

إن العالم الذي ارسمه مواز وموارب ، ورغم انه عالم مفترض وسحري إلا أن عناصره واقعية وتحتاج من اجل إظهارها إلى الرسم ، الضوء والظل ، التكوين ، اللون و وايهاماته . إنني ارسم تصعيدات الأمكنة وجمال اللحظات حيث من الصعب تعيين الزمن وارسم ورودا وقططا وبشرا وأبوابا مشرعة على الضوء والعتمة وارسم حكايا .

وأؤمن انه من بين العديد من الطرق للنظر إلى العالم والتعبير عنه توجد طريقة يخضع خلالها كل ما نراه إلى تنقية من نوع خاص تنقله من حالته العادية إلى حالة شعرية خاصة ، تشبه الانتقال العجيب للكلمات نفسه التي نراها ربما في ضبط الشرطة ، حيث وبطريقة كيميائية غريبة ذات مسارب سرية ملتوية تتحول إلى نص شعري . إن توفر هذا الممر البنفسجي الحلو هو الذي يمكننا أن نرسم وفي ذهننا ارض أحلامنا وتداعيات تأرجحنا الدائم بين اليقظة والنوم ، بين الوعي و اللاوعي بين الحقيقة والوهم ، ويجعل ممكنا أن ارسم تفاحة دون عين بشرية في وسطها ، ونرى مع ذلك ودون أدنى شك أنها إنسان ، تلك هي الواقعية السحرية .

غابرييل غارسيا ماركيز.. الواقعية السحرية لم تمت(5)

في حديث لأحد نقاد الأدب الإسباني الذي كان يناقش منهج الواقعية السحرية كأسلوب ميّز الكتابة الروائية في أمريكا اللاتينية والتي اختص في كتابتها عميد الرواية اللاتينية غابرييل غارثيا ماركيز قال: بلغني ان " منهج " الواقعية السحرية قد مات، هذا الأدب العظيم المستخلص من الواقع والذي بدوره صنع أدب أمريكا اللاتينية، وجعل من شهرته عالمية كما فعلت موسيقا المامبو، وأن الذين اغتالوه هم أنفسهم الذين تجاهلوه، وانني قد فاتني هذا المشهد، يقول الناقد  تساءلت إن كان علي أن أنتظر إلى جانب الجثة؟ وإن كان هذا يعني أن غابرييل غارثيا ماركيز الفائز بجائزة نوبل للآداب في عام 1982 يعتبر ميتا وجسده في الجنة ممسكا بكلتا يديه روايته الرائعة "مائة عام من العزلة" بالأسلوب نفسه الذي تطبق به شخصيته الجميلة "ريميديوس" يديها على ملاءتي السري مرتفعة باتجاه السماء؟

 يجيب الناقد نفسه بالقول.. وجدت أعلى المتجاهلين صوتا هو ألبرتوفيوغو- الكاتب التشيلي - الأمريكي وهو الذي استبدل عام 1996 مدينة غارثيا ماركيز الخيالية "ماكوندو" بمدينته الخاصة المزيفة.

 قال ماركيز في أحد حواراته الصحفية: "موضوع الفكرة القديمة لهوية أمريكا اللاتينية، من نحن؟ انتهى عصرها والفكرة الحديثة على الساحة هي من أنا؟ لسنا بحاجة للمزيد من الملاحم البطولية الجماعية، سقطت إرادة "ماكوندو"، والواقعية القذرة هي حول أشخاص.

  ابتكار اصطلاح "سحر الواقعية" يعزى فضله إلى "إينجل فلورز" من كلية كوين في نيويورك، وكان قد ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى في صحيفة قرأها في نيويورك عام 1954.

  بعد ذلك بقليل بدأت الحركة تأخذ شكلها وطابعها بعد الحرب العالمية الأولى من خلال "كافكا"، والرسام "جورجيودي تشيليكو" مع من سبقهم من ذوي الشأن مثل غوغول، بوا، ميل فيللي، وسترايندبيرج، ولقد شوهد تأثير "كافكا" على "جورج لوي بورج" في نهايات 1935، من خلال كتاب "تاريخ عالمي من العار" كبداية للأسلوب في أمريكا اللاتينية، ومع بورج كمستكشف للأسلوب.. بدأ مجموعة ممن يمتلكون براعة في الكتابة بهذا الأسلوب بالتجمع حوله، وكان اتجاههم العام هو سحر الواقعية، حيث رأوها كنوع من الانتقال من العادي واليومي، إلى المروِّع والخيالي، حيث بدأ هذا الأسلوب يزهر ويتفتح بكل عظمة.

  في أعوام الستينات ازدهرت أجواء أمريكا اللاتينية بنوعية راقية وذات مستوى عالٍ من الروايات، إبداعات فوق المستوى العادي، من ضمن هؤلاء المبدعين "غارثيا ماركيز"، ماريوفارغاس لوكا، كارلوس فوينتيس، خوزيه ليزاما ليما، وخوسيه دونوسو الذي ألَّف عام 1972 كتاباً عن هذا الازدهار الذي جعل هذه الثورة الأدبية، أي سحر الواقعية تنطلق إلى أوسع المدارات.

  يقول ماركيز: كتابي الأول "شاحنة الحبر" عام 1969 هوكوميديا سريالية عن إضراب عمّال صحيفة أدى إضرابهم إلى كارثة، ولم أكن حينها أعلم أي شيء عن سحر الواقعية، ومع ذلك كان "كافكا" قد غزا مخيلتي كما فعل رموز الغجر والأشباح من روايات ديكنيز، وثورنتون وايلدر، وشكسبير.. الخ. كما أن مسرحيات بيرانديللو، وأفلام بونويل وبيرغمان أصابتني بصدمة كما تفعل الأحلام، لذلك قررت أن تطير روايتي "شاحنة الحبر" ستة إنشات فوق الأرض، ليس بخفة "القسيس" ولكن قريبا من ذلك. وصنفتها على أنها شبيهة السريالية وليست سحر الواقعية.

 يقول الناقد: في عام 1970 راجعت كتاب "مائة عام من العزلة"، وكان أول كتاب أقرؤه من فترة الازدهار، والذي لم يكن يحمل اسماً بعد، وكتبت عنه أنه بمثابة أول قطعة أدبية

 مميزة منذ كتاب الخلق وقلت إنه يجب أن يقرأه جميع البشر ومن كل الأجناس. بعد ذلك بسنتين ذهبت إلى برشلونة لمقابلة "غارثيا ماركيز" (غابو) الذي لم يكن معروفا حينها في الولايات المتحدة الأمريكية على الرغم من انتشار مجد كتابه، ومنذ ساعات الظهيرة وحتى الساعة الثانية صباحا ونحن نتحدث عن أي شيء يستحق الحديث عنه، وأصبحنا مذ ذاك أصدقاء، عرضت هذه المقابلة على دور النشر الأمريكية فرفضتها اثنتان من كبريات الدور، ونصحني أحد المحررين قائلاً: دعه يصبح مشهوراً أولاً، بعدها سننشر لك المقابلة، ثم نشرت الموضوع مجلة " الأتلانتيك " وقدّمت " غابو" للولايات المتحدة الأمريكية.

عندما كنا نتحدث سوياً لم نذكر موضوع سحر الواقعية إنما تحدثنا عن استخدامه للسريالية، قال لي: " في المكسيك السريالية تسير في الشوارع، السريالية أتت من حقيقة واقع أمريكا اللاتينية ". رفض المكونودونيون  سحر الواقعية، لكنني لم أرفض قط من خلال أي من الحركات في روايتي الأولى أوأي من أعمالي التي تلتها أي جزء من الأدب مما خلّفه الذين سبقوني، وأذكر هنا منهم ثيودور دريزير العظيم، وجيمس تي فاريل، وحتى جون دوباسوس أحد أعظم أبطالي والذين أعتبرهم جميعاً رمز الشخص المطحون من القوى الاجتماعية العدائية، أما أنا فلقد كنت صحفياً ومثل هذه الكتابة مع أنها طموحة كانتقاد اجتماعي، بدت وكأنها محددة الطريق وامتداد لحملة الصحافة، أردت التعبير عن اللاوعي الموجود في إبداعي الخيالي، والأزمات القابعة في أعمق أجزاء نفسي، وعنصر الحلم، وروايتي "شاحنة الحبر" التي كانت طبيعية، وبرية، وقوية لكن على غير نظام أو ترتيب، تشير لتلك الاتجاهات. أما في الروايات اللاحقة "لتحرر من الحديد" و"عظام قديمة جدا" فقد حافظت على السريالية ولكنني كبحتها لأنني أردت لعملي أن يكون على الأرض لا محلّقا فوقها".

  الآن "المكونودونيون" بالمقارنة منقسمون على أنفسهم، ومن أنواع "المكوندو" فيضان من المقلدين كما يقول فوغوت: "تحول الكتابة في الخيال إلى أعمال القصص المروية" وصيحته في المعركة كانت: "لم تعد أمريكا اللاتينية جذابة"، رواية "مائة عام من العزلة" لم تكن جذابة، بل كانت حقيقة واقعية كما كانت أعمال كافكا مايستروالفانتازيا، وهمنغواي.

وجويس عباقرة اللغة، والذين تم تقليدهم إلى درجة القرصنة الكوكبية، لقد منحونا أساليب جديدة لرؤية الواقعية، وأسراب مقلديهم استخدموا هذه الأدوات بحيث اختصروا الطرق للأصالة، "المكونودنيون" لا يريدون استخدام أدوات من صنع المكوندو، وهذا عدل وإنصاف. ولكن سحر الواقعية لا يستمر طوال العام، هل انتهى موسمه؟

  عندما أجريت مقابلة مع "غابو" تحدثنا عن موت الرواية، وخلُص في النهاية إلى القول: إذا كنت تقول إن الرواية ماتت، ليست الرواية هي من مات، إنه أنت إذا أصرَّ أحد على موت سحر الواقعية، ماذا تظن سيكون ردة فعلي؟ أنا أظن أن أي مصّر على موت المكوندونية يجب أن يتفحّص نبضه هو.

للمثقفين حكايات: إيزابيل الليندي  الواقعية السحرية في: صورة في حبار(6)

 تعد إيزابيل الليندي ــ الروائية التشيلية المعروفة، واحدة من اهم كتاب الواقعية السحرية الجديدة، والتي ظهرت في منتصف الستينيات برواية مائة عام من العزلة لغارثيا ماركيز، وإيزابيل الليندي استطاعت عبر رواياتها العديدة ان تنقلنا الي الاجواء الغرائبية في البيئة اللاتينية حيث تمكنت بقدرتها كأديبة متفردة ومتميزة من صنع اجواء ومواقف غير مألوفة وغير معروفة في الآداب الغربية، ثم ان الاجواء الامريكية اللاتينية تفرض نفسها وحضورها وتميزها بدءا من انسانها وصولا الي طبيعتها. وقد حضرت إيزابيل الليندي الي مدريد لتقديم روايتها الجديدة صورة في حبّار وكان اللقاء الصحفي معها شيقاً للغاية لا يقل في غرائبيته عن اجواء رواياتها.

تقول: كلما أنهيت كتابا شعرت بالانهاك والخوف الي حد الموت لانني كتبته في لحظات خاصة، وبالتالي فان التجربة لن تتكرر، وكل كتاب هو هدية لي .

رواية صورة في حبّار مليئة بالاحلام والكثير من التصورات والخيالات.. بالاضافة الي ذكر المراحل الدموية في تاريخ التشيلي. فيها الحب والمغامرات، فيها الجنس والموت. وإيزابيل الليندي استطاعت ان تطبخ هذا الخليط الحياتي في صورة في حبّار .

تقول الكاتبة: إنها تعتبرها، اي الرواية، الجزء الثاني لرواية ابنة الحظ الامر الذي يجعلها ترتبط ايضا برواية بيت الارواح في هذا الكتاب تستعيد شخصياتها مثل إليثا سومر، وتخلق شخصيات اخري لا تنسي مثل: نيبيا دل بايه... في الوقت الذي تحافظ فيه علي هدوئها وهي في خضم سرد الاحداث. صورة في حبّار هي قمة اخري في اعمال إيزابيل الليندي. وما تجدر الاشارة اليه انها قد طعمتها بمقاطع لپابلو نيرودا ولهذا تقول: كان علي ان اعود الي اماكن عديدة كانت قد خطرت في الذكريات لألتقي مع نفسي واختلي بذاتي، فلا شيء الا التواجد، ولا شيء سوي الطريق، وحدهما يضيئان المشاعر .

ففي رواية صورة في حبّار كثيرا ما تتقاطع العائلة والطرقات.. فتضيع لتعود وتظهر في الحياة ثانية وكأنها رائب مخثر علي صفحات الكتاب.

والرواية التي بين ايدينا صورة في حبار هي آخر رواية في الثلاثية المؤلفة في بيت الارواح، ابنة الحظ، وصورة في حبار، التي تشغل صفحاتها قصة حفيدة اليثا وباو تشي إن. إلا انها (الرواية) يمكن ان تقرأ بمعزل عن سابقتيها، لان الفكرة الاساس هي الكتابة عن التشيلي خلال القرن التاسع عشر.. هذه الفكرة التي شغلت عقل واحاسيس إيزابيل الليندي لسنوات عدة، لكونها المرحلة التي غزت التشيلي حروب عديدة وثورة دموية، ونستطيع ان نقول: ان قسما كبيرا من الشخصية الوطنية قد تشكل في هذه المرحلة، فالتفظيع والتشنيع الذي مارسه پينوتشيه وعساكره في السبعينيات والثمانينيات كان له اصوله التاريخية. تقول الكاتبة: عندما نشرت رواية ابنة الحظ الكثير من الناس طلبوا مني ان اكتب القسم الثاني، لأنهم رغبوا في معرفةٍ أكثر حول شخصيات الرواية التي تشغلهم.. ولهذا فقد استفدت من هذا الموقف في روايتي الجديدة صورة في حبّار اما القسم الثالث منها فهو منشور في رواية بيت الارواح لان نيبيادل باية وسيبيرو هما والدا كلارا وروسا في الرواية الاولي.

ان ما يلفت الانتباه في هذه الرواية كثرة الشخصيات النسوية الانثوية. فالمرأة قوية الشخصية، لان النساء ذوات الشخصية القوية لسن نساء ينتمين الي هذا العصر فحسب، فالتاريخ مليء بالنساء الطليعيات اللواتي كان عصرهن شاهدا عليهن، هذه الشخصيات، عادة، تشتغل بالكتابة اكثر من الضعيفات الهزيلات الرومانسيات، ولهذا فان اليثا، اورورا، نيبيا يمتلكن شخصية قوية... والرجال ايضا فبالاضافة الي تاوتشي ان وسيبيرو دل بايه هناك فردريك ويليام والدكتور إبان رادوبيك ورجال آخرون إلا انهم يوظفون قوتهم باشكال سلبية، مثل الاب، وزوج اورورا بشكل عام ان النساء في رواياتي يلعبن الدور الرئيس، ربما لانني معهن أجد نفسي اكثر .

الحب والموت دائما متحدان في روايات إيزابيل الليندي

في الحياة بشكل عام عندما النساء يقعن في الحب يضحين كثيرا او يجرين وراء هذا الحب الي درجة التخلي عن كل شيء في سبيل هذا الحب وقد يصل بهن الامر حد الجنون. ولهذا فشخصيات إيزابيل الليندي من النساء واحداث من الحياة. الا انها تحاول معاقبتهن وبشكل قاس بان تضع في طريقهن قدرا محتوما عليهن. وتقول: من منا لم يقل: آه من الحب؟ من لم يعان من الليالي المؤرقات؟ ومن لم يذرف الدمع؟ ولكن نعود لنقول: من يرغب في الحياة دون حب؟ ثم ان الحب والموت هما المنارتان اللتان تضيئان سفرنا في خضم المياه الهادرة المتدفقة للحياة.. الحب يدفعنا للابحار الي الامام وإن كان ذلك في مياه عاصفة في الظلام.. والمنارة الثانية: الميناء الاخير الذي يتجه اليه جميعنا... فمن من الكتاب يريد ان يكتب رواية دون دفع من الحب، والنهاية بالموت؟... لمن نكتب اذن وما الدافع؟!...

في رواية صورة في حبار شخصيات متألقة مشرقة مثل پاولينا، ونيبيا أم لخمسة عشر ولدا، امرأة مشاغبة وعاشقة، تدرك بحاستها السادسة او العاشرة انها ستتزوج مع الرجل الذي تحب والذي معه ستموت في حادث.

نيبيا هي شخصية إيزابيل الليندي المفضلة في روايتها الاخيرة، مثلما كان تاوتشي ان في ابنة الحظ ومثل، كلارا دل بايه في رواية بيت الارواح هذه الشخصيات تمتلك ارواحا ذات ابعاد رهيبة، هي بعيدة كل البعد عن كل ما هو مادي، تتمتع برؤية عميقة واسعة للحياة... تقول: هذه الشخصيات تعجبني لانها كريمة، وتأتي في حجم الاطار الاصطلاحي، او الدور الاصطلاحي المنوط بها في زمنها ولهذا فأنا أحتاجها في رواياتي.. أحتاج شخصيات عملاقة

ومثل كل روايات إيزابيل الليندي، فالحلم فيها شيء اساس.. الأحلام تصل الي مرحلة تحديد الشخصية والكثير من افعالها سواء اكانت الاحلام، احلاماً يقظة، ام احلام عادية، او حتي كوابيس. وهذا ينطبق علي شخصية اورورا التي أضاعت ذكريات سنواتها الخمسة الاولي. وهذا بسبب حدث مخيف يتوالي ويتكرر دون ان تستطيع فهمه ولا فك رموزه...

وفي رواية صورة في حبار تروب الاحداث وتتخثر القصص ذات الخيط الذي يضيع من القارئ ليتلقاه فيما بعد، ولكن ليفضي به الي دائرة، وكأنها عملية تطور لذلك الخلق الابداعي المتواصل والمتجدد عند إيزابيل الليندي.. فهي لا تبدأ كتابتها بفكرة مسبقة، فهي تقول: عندما اكتب الجملة الاولي لا اعلم الي اين أتجه، ولكن أُدرك بانه في الطريق ستولد الشخصيات التي ستحكي لي حياتها.. عملي هو ان اجلس ثماني او عشر ساعات في اليوم بصبر لا متناه امام جهاز الكمبيوتر لأسمح لهذه الشخصيات كي تتظاهر من خلال كل عقدها، فهي التي تحدد ايقاع الرواية ووجهتها، وانفكاكها عن القصة.. فأنا لا أراقب عملية التطور في الرواية ولا نتيجتها لانني لا امتلكها بل هي التي تمتلكني .

تظهر في الرواية ايضا بعض المراحل الدرامية في تاريخ التشيلي.. مثل، حرب الباسفيك والحرب الاهلية هذه الظروف بالتأكيد تتحكم في مسيرة الشخصيات اذ تبدأ في امريكا الشمالية في الثلث الاول وتنتهي في التشيلي في الثلثين الآخرين..

الاحداث في مجملها تجري في نهاية القرن التاسع عشر والبدايات الاولي للقرن العشرين.. بدون شك فان الاوضاع السياسية والاجتماعية تؤثر علي شخصيات الرواية وسلوكها..

تقول إيزابيل الليندي: كل واحد منا يخلق اسطورته بنفسه وبالنسبة لي فقد حاولت ان احكي حياتي بالألوان وعلي شاشة عملاقة. وبمكبرات الصوت.. أنا شديدة المغالاة وهذا غير قابل للاصلاح.. اتمني ان يكون لحياتي ابعادها الملحمية .

مستجاب أمير الواقعية السحرية في الأدب المصري(7)

محمد مستجاب،  كاتب ذو خصوصية فريدة في أدبنا العربي الحديث. وأسباب ذلك كثيرة ومعروفة، من بينها أنه كان صاحب رؤية خاصة لا ينازعه فيها أحد، وأنه قدم للمكتبة العربية أعمالا سوف تظل دائما مثيرة للجدل والتأمل ومفجرة للطاقات الإبداعية عند الآخرين. إضافة إلي أنه امتلك سمة عبر عنها بصدق سيد الوكيل في مقال له تحت عنوان «مستجاب.. حقل ألغام» عندما قال: «إن كتابات محمد مستجاب هي خليط بين السيرة الذاتية والسيرة الشعبية والقصة والشعر والمقامة والنقد والكوميديا والتراجيديا أو التنكيت والتبكيت أو الجنون والحكمة». علي أن أهم خاصية ـ في نظري ـ هي أن أدب محمد مستجاب داخل بقوة وعمق ضمن تيار الواقعية السحرية لا من خلال مفهومها العجائبي فقط، وهذا ما يتصوره كثير من الكتاب أي عالم الجن والعفاريت و«ألف ليلة وليلة» وما إلي ذلك، وإنما من خلال مفهومها المعاصر القائم علي ثلاثة ارتباطات هي: 1ـ العجائبي المتمثل في الأشياء المذكورة إضافة إلي «حواديت الجدات»، 2ـ الأسطوري وهناك مقولة مهمة لخوري لويس بورخيس هي «إن الأسطورة تقع في بداية الأدب وفي منتهاه»، 3ـ والارتباط الثالث هو الجانب السيريالي. ومعروف أن السيريالية مذهب حديث ظهر قبل منتصف العقد الثالث من القرن العشرين، وجاءت تتويجا للحركات الطليعية مثل المستقبلية، والماورائية والتكعيبية والتعبيرية والدادائية وغيرها.

ومن العجيب أن وصول محمد مستجاب إلي هذا المفهوم الحديث للواقعية السحرية قد تم بشكل تلقائي وعفوي دفعته إليه موهبته الخالصة. فعندما بدأ محمد مستجاب يكتب في أواخر الستينيات (نشر أول قصة له في مجلة «الهلال» في أغسطس عام 1969 وكان عنوانها «الوصية الحادية عشرة») لم تكن الواقعية السحرية قد عرفت في العالم العربي. وأنا شخصيا، وكنت متابعا دءوبا للآداب الأجنبية، لم أسمع عنها إلا عندما ذهبت إلي إسبانيا للدراسة عام 1977، وكانت تتردد بقوة هناك في ذلك الوقت أسماء بورخيس وكورتاثار وماركيز وغيرهم.

ولاشك أن الواقعية السحرية أنماط وأنواع مختلفة، فهي عند أليخو كاربنتير غيرها عند ميجيل انخل استورياس، غيرها عند بورخيس. وقل مثل ذلك بالنسبة لجاريثا ماركيز وخوان رولف وخوليو كورتاثار وسواهم. والواقع السحري عند مستجاب ـ في رأيي ـ قريب جدا من الواقع السحري عند خورخي لويس بورخيس، وخاصة من جهة استخدام الأسطورة الشعبية. فكل منهما لا يقف عند السطح، وإنما يذهب إلي العمق أو الجذور. وقد كتبت عن بورخيس كتابات كثيرة في هذا الشأن، ومن أعمق ما وجدته فيما كتب عن محمد مستجاب بهذا الخصوص مقال لأستاذنا المرحوم الدكتور شكري محمد عياد تحت عنوان «القفز علي الأشواك ـ كوميديا الأسطورة» قال فيه: «الحقيقي وغير الحقيقي (في أدب مستجاب) كل واحد. فكرة الحقيقة نفسها غير واردة، فهي من اختراع القصاصين في عصر العقل. والشخصيات ليسوا بشخصيات «أفراد» لهم صفاتهم المميزة، ولا «نماذج» يمثلون فئة من البشر، ولكنهم أشبه بشخوص القرة جوز أو خيال الظل، والحدث لا يتطور بل يدور حول نفسه حافرا في العمق مثل البريمة».

ويخلص الكتور عياد إلي أنك تستمتع بالحكاية كشيء مختلف، غريب في هذا الزمن، وربما شبهتها بالحكاية الشعبية، ولكن الكاتب ليس بالساذج إلي هذه الدرجة، فهو دخل عليك ككاتب واقعي شديد الالتصاق بما يجري في قريته.. إنه إذن يذهب إلي أعمق من الخرافة أو الحكاية الشعبية. إنه يذهب إلي جذر الأسطورة نفسها، ولكنها يذهب إليها بوعي إنساني حديث فيحولها إلي كوميديا. وجذر الأسطورة أسبق من أي أدب مكتوب، أسبق من قصة ـ أوزوريس أو جلجاميش أو أدويسيوس أو أوديب.

والحق أن الدكتور شكري عياد في هذا المقال الرائع، بدا لي وكأنه يقدم تنظيرا رائعا للواقع السحري دون الاستعانة بأي مراجع أجنبية أو حتي دون أن يلتفت إلي أن هناك تيارا بهذا الاسم يغزو الساحة الأدبية العالمية منذ عقود. ولكن أعمال محمد مستجاب، وخاصة هذه القصة التي توقف عندها وهي «كوبري البغيلي» من مجموعة «ديروط الشريف» قدمت له الأرض الخصبة التي انطلق منها ووضعت يديه علي أشياء كان لابد أن ينتبه لها بوصفه ناقدا حصيفا ومتميزا. فمحمد مستجاب علي الرغم من غرابة ما يقدمه إلا أنه في الأساس كاتب واقعي شديد الالتصاق بما يجري في قريته، وهذا عنصر مهم «الالتصاق بالواقع» في الواقعية السحرية ينبغي أن يكون بينه وبين العنصر الآخر وهو «الجوانب السحرية» توازن دقيق، وإلا اختل العمل وحدث له انهيار، أو علي الأقل تتحول الأشياء السحرية إلي أكاذيب لا يصدقها عقل. وهذا ما حذر منه جارسيا ماركيز عندما قال في محادثاته مع صديقه بلينيو ميندوثا إن المرء لا يمكن أن يخترع أو يتخيل كل ما يعن له، بدون ضوابط، وإلا تحول الأمر إلي مجرد أكاذيب، والأكاذيب في الأدب أكثر خطورة منها في الحياة الواقعية. ومما قاله ماركيز في هذا الشأن: «إن الأشياء الأكثر دخولا في حالة الاعتساف الظاهر تحكمها قوانين. والمرء يستطيع أن يزيح مساحة العقل بشرط ألا يقع في الفوضي، أي في اللاعقلانية المطلقة». وذلك لأن الخيال ـ في رأيه ـ ما هو إلا أداة لتشكيل الواقع. لكن مصدر الخلق أولا وأخيرا هو دائما الواقع. أما الفانتازيا، أو الاختراع الخالص والبسيط، علي طريقة والت ديزني، فهو أكثر الأشياء إثارة للكراهية.

ولاشك أن هذا التوصيف لمفهوم الواقعية السحرية يجعلنا ندرك لماذا كان محمد مستجاب حريصا علي أن يذهب إلي أعمق من الخرافة أو الحكاية الشعبية، ويذهب ـ كما قال الدكتور شكري عياد ـ إلي جذر الأسطورة نفسها بوعي إنسان حديث. ولعل هذا هو الذي جعل الكثيرين لا يستطيعون الوصول إلي كنه أدب محمد مستجاب، وكان هذا هو السبب أيضا في أنه لم يأخذ حقه من التقييم وهو حي، فقد نظرنا إليه دائما علي أنه كاتب عادي، ربما يتميز عن الآخرين ببعض ما نال من شهرة، مع أنه ـ في رأيي ـ لم يكن يقل إبداعا أو عمقا عن الكاتب الأرجنتيني المشهور خورخي لويس بورخيس.

لقد كنت أنظر إليه عندما نلتقي في مؤتمرات الثقافة الجماهيرية، ويسعد بأي تكريم يقدم له، فأقول في نفسي: ما أتعس هذا الزمان الذي لا يجد فيه أدباؤنا الكبار من يقدرهم حق قدرهم! إن الكاتب المكسيكي خوان رولف، برواية واحدة هي «بدرو بارامو» ومجموعة قصصصية واحدة هي «السهل يحترق» حاز شهرة عالمية لا مثيل لها، والكتاب عندنا يعانون من شظف العيش، ومن تهميش دورهم. وكنا نتصور أن هذه حال إلي زوال، ولكن من الواضح أنها ستظل ممتدة طالما بقيت أوضاعنا جامدة، فاقدة للحياة، والتطور والنماء.

* أعمال مستجاب

بدأ محمد مستجاب ـ كما أسلفت ـ ينشر قصصه منذ عام 1969. وقد نشر في معظم المجلات والصحف التي كانت تصدر في ذلك الوقت حتي تكونت لديه أول مجموعة قصصية وهي «ديروط الشريف» التي نشرت عام 1984. وكانت قد صدرت قبلها أول رواية له وهي «من التاريخ السري لنعمان عبدالحافظ» عام 1983. وتوالت أعماله بعد ذلك، ومنها روايته الثانية «إنه الرابع من آل مستجاب» «2001» ومجموعات قصصية أخري مثل «قيام وانهيار آل مستجاب» و«قصص قصيرة حمقاء» و«الحزن يميل للممازحة» و«القصص الأخري».. وقد عرف مستجاب أيضا بمقالاته التي تجمع بين طبيعة المقال وطبيعة القصة، وتذكرنا بما فعله يحيي حقي في بعض كتبه مثل «كناسة الدكان» وغيره. ومن أهم كتابات متسجاب في هذا النوع «بوابة جبر الخاطر» و«نبش الغراب» و«حرق الدم» و«أبو رجل مسلوخة» و«أمير الانتقام الحديث». ومعروف أن لديه أعمالا كانت تحت الطبع، أو لعل بعضها ظهر مؤخرا مثل «مستجاب الفاضل» و«كلب آل مستجاب» وقد ترجمت بعض أعمال مستجاب إلي اللغات الفرنسية والإنجليزية والهولندية واليابانية.

وهذا التنوع في أعمال محمد مستجاب، بالمقارنة بقلة ما كتب عنه يدل علي أنه لم يدرس كما ينبغي، ولم تحلل أعماله التحليل الذي يجعلها قريبة من فهم القارئ العادي غير المتخصص. وهذه مشكلة حقيقية الآن في ثقافتنا يعاني منهاالكتاب والقراءة علي حد سواء. فالكتاب شبه مجهولين لأنهم يقدمون أحدث ما أنتجه العقل البشري في مجالات الفن والإبداع، والقراء معذورون لأن الثقافة السطحية ـ إن صح أن نسميها كذلك ـ صارت هي السائدة.

.....................................................................................

1- ترجمة واعداد : ناطق خلوصي / جريدة التاخي

2- د. حامد أبو أحمد/  ابعاد ثقافية 

3- عزت القمحاوي/  اخبار الادب

4- موقع محيط

5- إقبال التميمي / العربية نيت

6- ملك مصطفي/ جريدة الزمان

7- د. حامد ابو احمد/جريدة القاهرة 

8- دليل الناقد الادبي/ د. ميجان الرويلي و د.سعد البازعي

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5 تموز/2007 -18/جماد الاخرى/1428