اذا صلح المالك صلح المملوك

عبد الامير الصالحي

الناس على دين ملوكها قول معروف واشهر من نار على علم والمراد منه اذا صلح الملك صلحت الرعية واذا فسد الملك فسدت الرعية.

لا شك ان النفس امارة بالسوء فهي ميالة الى حب الثروة والجاه والسلطان وقد ذكر القران الكريم هذه الخصلة في الانسان يقول سبحانه وتعالى (زين للناس حب الشهوات والقناطير المقنطرة) وهذا مما فطر وجبلت عليه بني البشر من اجل الاختبار  والامتحان الدنيوي يقول سبحانه وتعالى (احسب الناس ان يقولوا آمنا وهم لا يفتتون).

المصيبة العظمى تكمن ان هذه الصفة حب الشهوات يتصف بها من يتصدى لقيادة امة او جماعة فهنا الخطر الاكبر لان ذلك مدعاة الى فساد الدرعية كما اسلفنا سابقا.

ولهذا نجد علماء اهل البيت اشترطوا بمن يتصدى للقيادة أن يكون معصوما وذلك طبعا تبعا لنصوص الواردة من القران والسنة.

 بعد هذه المقدمة نعود الى عصرنا الحاضر الذي شهد فسادا وبالجملة من قبل المتصدين وطبعا كل حسب مهارته وشطارته في "الافساد".

وفي عالمنا العربي الذي يجب ان يكون الفرد فيه قدوة ومثل اعلى لافراد العالم نظرا لانه يؤمن بقوله تعالى (واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة ) نجد الفساد وحب السلطة والشهوات على قوم وساق بلا وازع من دين او رادع من ضمير.

وبقولنا العالم العربي او بالاحرى المتصدين العرب لا ننفي الفساد عند غيرهم غير انه الفارق هو محاسبة الضمير الذي يؤدي عندهم الى الانتحار خشية الفضيحة والمسائلة عند القضاء كما وجدنا ذلك عند وزير المالية الياباني في قبل اكثر من شهر والوزير البريطاني قبل اكثر من اشهر اللذين اقدما على الانتحار خشية مواجهة القانون والعديد من امثالهم ممن يتهم بالفساد فيبادر الى غسل عاره بالانتحار.

اما عند رجالات العرب فالامر متغير تماما فالمفسد والسارق لا يبالي بما يدور حوله من انتقادات وتسقيطات لسمعته بقدر اهتمامه بالمكوث اكثر في مركزه وسلطته التي كسب منها السحت عفوا الرزق الكثير.

وفي بلدنا العراق الذي ابتلى بالسراق والمفسدين والظلمة منذ انتهاء عهد امير المؤمنين "عليه السلام" الى هذا اليوم لا سيما الفترة الاخيرة التي شهدت حكم عصابة البعث التي نهبت خيرات البلد الغني وجعلت شعبه يعتاش على فتات المساعدات التي تأتيه من هنا وهناك.

فالنظام بسياسته الحاقدة على الشعب العراقي رسم سياسة الفساد الطويلة الامد والتي تعاني منها اليوم بعد ان سلب الوطنية من نفوس الناس ناهيك عن الوازع الديني تحت مسمى (البقاء للاقوى).

تتناقل الاخبار هذه الايام اخبار مطاردة وزير الثقافة من قبل القضاء ورغم ان مثل هذه الحالة غريبة على بلد والتي _ واعني بها القضاء يطارد المسؤولين _ عانى التعسف والدكتاتورية الا انها الحالة الاولى التي تشهد مطاردة القضاء لوزراء سابقين او مسؤولين تنعموا بخيرات البلد ثم تنكروا لهذه النعمة وهربوا تحت شعار (الجمل بما حمل).

هذا وبطلنا اليوم من نوع آخر في فساده كونه هارب ومطارد من قبل الحكومة ليس بتهمة سرقة الاموال وسوء ادارة السلطة فقط بل لجريمة قتل وسفك الدماء.

فتقول الرواية (ان سعادة الوزير القاتل السلفي كان اماما لجامع في منطقته وبعيدا عن تعريف كلمة سلفي لغة واصطلاحا فالشعب العراقي لديه المعرفة الكاملة بمعنى (سلفي).

فرجل سلفي  تعني دموي وتكفيري وسلفي ووهابي وتعني محلل لدماء الاخرين، هذا مايعرفه الشعب العراقي.

يذكر احد مستشاري الوزير القاتل الهارب ان الجامع الذي كان الوزير اماما له كان عبارة عن مذبح للروافض والمرتدين.

وليس العجب هنا بل العجب كيف اصبح هذا القاتل السلفي وزيرا للثقافة في حكومة الوحدة الوطنية!!؟ وهذا بحد ذاته مالم تألفه في جميع الدول المتحضرة اذا ما استثنيا بلد التكفير واتباع السلفية كالسعودية وافغانستان الطالبانية والتي تعلم منها وزيرنا الهارب فنون القتال والذبح حسب التقارير الاخيرة التي خرجت اخيرا.

لقد تسلم هذا القاتل الهارب وزارة الثقافة وهذا هو النقيض بعينه فلو تسلم هذا السلفي القاتل الهارب وزارة امنية قد يهون المصاب الجلل اما ان يستلم منصب يحاكي الروح الانسانية ويعكس النتاج الانساني لا بل هو منصب لا يرقاه الا الانسان الملائكي الذي تربى على حب الناس وابداعهم وحب الوطن وتاريخه الماضي والحاضر والمستقبل اما ان يتربى في افغانستان على القتل والتكفير  فعلى الثقافة السلام وعلى العراق..

 الامان من شرورهم ان شاء لله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2 تموز/2007 -15/جماد الاخرى/1428