بعد نهاية دموية لـ فتح الاسلام يستمر الغموض والتساؤل

شبكة النبأ: اعلن الجيش اللبناني انتصاره على مقاتلي جماعة فتح الاسلام في مخيم للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، ولكن الانتصار وحده لن يقضي على متشددين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة ويستغلون ثغرات امنية في لبنان وانشقاقات طائفية بل ان الامر يحتاج الى توافقات داخلية بين الفرقاء السياسيين للخروج من عنق الزجاجة بحكومة وطنية.

وتضم فتح الاسلام في صفوفها مقاتلين يقدرون ببضع مئات من بينهم لبنانيون وفلسطينيون وسوريون وسعوديون وبعضهم اكتسب خبرة قتالية من الحرب في العراق.

ويرى خبراء ومحللون ان اعلان الحكومة اللبنانية انتهاء العمليات العسكرية ضد جماعة فتح الاسلام المتحصنة في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين قد يكلفها ثمنا باهظا اذا لم يحسم الوضع بصورة نهائية.

وقال باتريك هايني المحلل في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات، ليست منتجا من الخارج سواء افترضنا انهم جاءوا من العراق أو سوريا أو القاعدة. كما تمتد جذورهم في لبنان.

وعمل مسلحون سنة في لبنان وخارجه، وكان لبناني ضمن خاطفي الطائرات التي استخدمت في هجمات 11 سبتمبر ايلول ضد الولايات المتحدة. وفي بيروت يحاكم أربعة لبنانيين بتهمة محاولة تفجير قطارات في ألمانيا ووجه اتهام لمشتبه به خامس هذا الاسبوع. وتقول السلطات اللبنانية انها احبطت عدة مؤامرات اخرى مزعومة للقاعدة.

وقاتل اعضاء فتح الاسلام على كل شبر من معقلهم في مخيم نهر البارد قرب مدينة طرابلس السنّية طيلة 33 يوما من القتال.

وذكرت مصادر امنية ان القوات اللبنانية حاربت بنفس الضراوة منذ استيلاء مقاتلي فتح اسلام على مواقع الجيش في 20 مايو ايار وقتلوا 17 من جنوده.

وكان القتال تكرارا مؤلما لمواجهة بين مسلحين سنة قتلوا أربعة جنود مسيحيين في جبال الضنية شرقي طرابلس في اوائل يناير كانون الثاني عام 2000 وساعدت القوات السورية التي كانت موجودة في لبنان في ذلك الحين في اخماد التمرد.

ومعركة نهر البارد من أكثر النزاعات الداخلية دموية في لبنان منذ الحرب الاهلية التي دارت رحاها من عام 1975 الى عام 1990. واسفرت معركة نهر البارد عن سقوط ما لا يقل عن 172 قتيلا بينهم 76 جنديا و60 متشددا و36 مدنيا.

وصرح الباحث السني الشيخ ماهر حمود لرويترز في صيدا،من الصعب فهم سبب تصرف فتح الاسلام على هذا النحو بينما سلوكهم في الحياة اليومية ينم عن التزام بالاسلام.

وساهم حمود في تهدئة التوتر في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين هذا الشهر عقب صدام مسلح بين الجيش وجند الشام وهي جماعة صغيرة لها صلات بفتح الاسلام مما اثار مخاوف باتساع نطاق القتال.

وانضم جهاديون اخرون من بينهم عصبة الانصار وهي جماعة متهمة بقتل أربعة قضاة في صيدا في عام 1999 الى مقاتلي حركة فتح لتشكيل قوة امنية مؤقته لاستعادة الهدوء.

ويقول ابو عمر (37 عاما) وهو مقاتل ملتح من جماعة جند الشام، مشكلتنا مع العالم باسره وليس مع الجيش اللبناني.

ويحظر على القوات اللبنانية دخول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بموجب اتفاق عربي أبرم عام 1969 مما جعلها ملاذا للخارجين على القانون.

ومازال هناك كثير من الغموض يحيط بفتح الاسلام التي انفصلت عن جماعة فتح الانتفاضة الفلسطينية الموالية لسوريا في نوفمبر تشرين الثاني واعلنت الجهاد ضد اليهود والصليبيين الصهاينة في الغرب.

وتقول الحكومة التي يدعمها الغرب انها تنوب عن سوريا في لعبة زعزعة استقرار لبنان واعادة النفوذ السوري للبلاد.

وتنفي دمشق هذا الاتهام وتشكو من تنامي انشطة القاعدة في لبنان منذ انسحاب قواتها من هناك عقب اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في عام 2005.

ويتهم حلفاء سوريا في لبنان ومن بينهم منظمة حزب الله الائتلاف الحاكم الذي يهيمن عليه السنة بقيادة سعد نجل الحريري بتمويل بل وتسليح الجماعات الجهادية مثل فتح للتصدي للقوة العسكرية لحزب الله.

وتعكس الروايات المتناقضة كيف تعكر صفو الحياة السياسية في لبنان مرة اخرى واستقطبت في صراعات اقوى مثل تلك التي تخوضها اسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية الحليفة لها في مواجهة سوريا وايران وحزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

واجج الشلل الذي اصاب الحياة السياسية في لبنان والانحيازات الطائفية مناخا تزدهر فيه التجمعات الجهادية يتيح لها ايجاد مجندين في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين او في الشوارع الخلفية لطرابلس.

ومن المستبعد ان تفسح جماعة حزب الله التي تدعمها ايران مجالا في مروجها الجنوبية لمسلحي القاعدة الذين يكره كثيرون منهم الشيعة.

ورفعت قوة حفظ السلام في المنطقة حالة التأهب منذ اندلاع القتال في مخيم نهر البارد وكان قائدها السابق قد أشار إلى ان وجود مسلحين سنة أكثر ما يقلقه من الناحية الامنية.

وتحمي جدران اقيمت حديثا تحسبا لتفجيرات مكاتب الامم المتحدة في بيروت وقتل 11 من بينهم عضو سني في البرلمان من انصار الحريري في تفجيرات في العاصمة وحولها في الاسابيع الخمسة الماضية ولكن لم يتضح ما إذا كان لذلك اي علاقة بالمعارك في الشمال.

ويقول المحلل هايني، انا متأكد من تزايد عدد الجماعات الجهادية. ربما لا يتحركون الآن لكنهم موجودون هناك. ليسوا مجموعة صغيرة من المتشددين ولا يشكلون اتجاها قويا لكنهم يكفون بكل تأكيد لإثارة الكثير من الاضطراب.

وقال وزير الدفاع اللبناني الياس المر في مقابلة مع تلفزيون (ال. بي.سي) اللبناني أذيعت على الهواء انه يمكنه ان يبلغ شعب لبنان ان العملية العسكرية في مخيم نهر البارد انتهت.

واضاف انه تم سحق جميع مواقع "الارهابيين" مشيرا الى ان الذين نجو من اعضاء جماعة فتح الاسلام انسحبوا من عند اطراف المخيم الواقع في شمال لبنان الى مناطق المدنيين في عمق المخيم. وقال إنه يهدي هذا النصر الى كل شعب لبنان.

واضاف المر ان الجيش سيبقي على حصاره للمخيم حتي استسلام جميع متشددي فتح الاسلام بمن فيهم شاكر العبسي.

وقال انه يجب عليهم ان يستسلموا مشيرا الى ان قول ان العبسي قتل لا يكفي مضيفا انه اذا كان قد قتل فليسلموا جثته.

واشار الى ان الجيش يواصل القيام ببعض عمليات التطهير وازالة القذائف التي لم تنفجر والشراك الخداعية في محيط المخيم.

وقال مصدر من مجموعة رجال دين فلسطينيين حاولت القيام بدور وساطة لوضع نهاية للقتال ان شاهين شاهين مسؤول جماعة فتح الاسلام قال للوسطاء ان الجماعة ترحب بإعلان لبنان انتهاء العملية. وقال المصدر لرويترز، قال لنا ان فتح الاسلام تعلن وقف اطلاق النار.

وتركز القتال في مناطق يسيطر عليها المتشددون عند اطراف المخيم. ولا يسمح للقوات الامنية بدخول 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في لبنان بموجب اتفاق عربي أبرم عام 1969.

وأسفر القتال الذي تسبب ايضا في تدمير معظم المخيم عن سقوط ما لايقل عن 166 شخصا بينهم 76 جنديا واكثر من 60 متشددا و30 مدنيا.

المسلحون سيغادرون المخيم "في الاكفان"

من جهة اخرى قال الداعية الاسلامي عمر بكري محمد الذي المطرود من بريطانيا منذ سنتين بسبب افكاره المتطرفة انه سيتم القضاء على المسلحين المحاصرين في مخيم نهر البارد بشمال لبنان.

واوضح في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان، مهاجمة الجيش اللبناني بالطريقة التي قاموا بها كان امرا خاطئا. لقد ارتكبوا خطأ كبيرا والان عليهم دفع ثمن ذلك سيتم القضاء عليهم.

واضاف بكري ان، المسلحين سيقتلون ولن يسمع اي اعتراض في لبنان. ولم يتوجهوا حتى بالدعوة الى اخوانهم المسلمين للمجيء لانقاذهم.

وعمر بكري المولود في سوريا ويحمل الجنسية اللبنانية هو زعيم حركة "مهاجرون" المتطرفة التي اعلن رسميا حلها في تشرين الاول/اكتوبر 2004 في بريطانيا. وقد مجد الانتحاريين الـ19 الذين نفذوا هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.

وقد اعلنت لندن منعه من الاقامة في اراضيها. وقد غادر الى لبنان ويقيم منذ ذلك الحين في طرابلس حيث يدير مكتبة ومركزا دينيا.

وحين تم اجلاء الرعايا الاجانب من لبنان الصيف الماضي اثر الحرب التي شنتها اسرائيل ضد حزب الله قال بكري انه حاول الانضمام الى الرعايا البريطانيين المغادرين لكن لم يسمح له بالرحيل لانه لا يحمل جواز سفر بريطانيا.

واوضح خبير في الحركات الاصولية السنية في شمال لبنان مقيم في حي باب التبانة في طرابلس طالبا عدم كشف اسمه ان، كل يوم يمر بدون تسجيل انتصار واضح يضع الجيش في موقع اصعب. فالتعاطف مع طروحات فتح الاسلام يزداد بين شبان باب التبانة ومناطق اخرى.

واخرج هذا المراقب المقرب من الاوساط الجهادية المنتشرة في المنطقة من جيبه خريطة لمخيم نهر البارد مرسومة باليد.

واشار الى المخيم الجديد قائلا،لزمهم 33 يوما للسيطرة على هذه المنطقة، ثم تساءل مشيرا بقلمه الى المخيم القديم وهو اكبر مساحة ويشكل بيئة تساعد اكثر على مقاومة الجيش، كم من الوقت يلزمهم ان ارادوا الدخول الى هنا؟ الضعفان؟ ثلاثة اضعاف؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25 حزيران/2007 -9/جماد الاخرى/1428