
شبكة النبأ: رغم ان استقلال اقليم
كوسوفو بارادة اغلبية سكانه يعد من المسلّمات الان وهو بانتظار قرار
اممي جديد لفرضه على ارض الواقع الا ان روسيا تتشبث من خلال علاقتها
الاستراتيجية بالحكومة الصربية لجعله موضوعا تفاوضيا خاصا بين امريكا
وموسكو، وتحاول بشتى الطرق كسب ولو القليل مما تطمح اليه من نفوذ معنوي
في اوربا الشرقية التي لم تعد روسيا تمثل فيها سوى تاريخا سيئاً تسعى
للخلاص منه.
ويرى العديد من المراقبين ان اقليم كوسوفو اصبح جزءا من "اللعبة
السياسية" بين روسيا الفيدرالية والولايات المتحدة الامريكية في مرحلة
ما بعد انتهاء الحرب الباردة.
وقد يكون ملف كوسوفو ليس على الدرجة القصوى من الاهمية ولكنه باهمية
كافية ليصبح مادة من المفاوضات على غداء العمل للقاء مجموعة الثمانية
في لقائهم الاسبوع الماضي بالمانيا.
وقال المحلل السياسي البلغاري اوجنيان مينشيف لـ(كونا)، ان قرار
روسيا بشأن كوسوفو يرتبط بالتوجهات العامة التى وجهها الرئيس الروسى
فلاديمير بوتين لسياسييه بان يتصدروا ويعارضوا "الموديل الامريكى" ذا
الاتجاه الاوحد في حل قضايا السياسة الدولية.
واضاف انه بينما يرى قادة جمهورية صربيا فى قضية كوسوفو معيارا
وحكما على مواقفهم وشرفهم القومى بعدم السماح بالتخلى عن جزء من
المساحة الجغرافية لبلدهم ولذا فانهم يعتبرون الموقف الروسى الداعم لهم
في خلافاتهم مع البان كوسوفو ورقة قوية تمسك بها بلغراد على مائدة
المفاوضات في الوقت الذى يرى الجانب الروسي ان بلغراد حليف يمكن
الاعتماد عليه في تنفيذ التوجهات العامة لبوتين.
ويرى رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والقومية في مقدونيا برانكو
جيورجيفسكى انه على الرغم من الموقف الروسي الداعم لبلغراد فان واضعي
الاستراتيجية السياسية في صربيا يقع على عاتقهم مهمة غاية في الحساسية
تتمثل في الموازنة بين موقف الكرملين الداعم لهم ولسياساتهم في ان واحد
وعدم الاظهار في تحرك دبلوماسييها بان اقليم كوسوفو يمثل الهدف الاوحد
في مواجهة نوايا الغرب الرامية الى حصول الاقليم على الاستقلال.
واوضح ان الصعوبة الصربية تتمثل بانها لابد ان تظهر بانها حليف
ومعارض استراتيجي لروسيا في قضية استقلال كوسوفو ولكن على الجانب الاخر
لها اهتمامات اخرى ترتبط برغبتها في اقامة تحالفات اخرى في المجتمع
الدولي وخاصة على الساحة الاوروبية.
وواصل بعبارات اخرى فان التدخل الامريكي الروسي يفسد اقامة دولة
كوسوفو على الاقل فى الفترة الحالية الامر الذي تنظر اليه صربيا بعين
ايجابية الا ان النظرة العامة في صربيا لا يجب ان تسعد باحتداد
علاقاتها مع دول المجتمع الدولي وبالتحديد المجتمع الغربى
ومن جانبه قال المحلل السياسي البلغاري ايفان كريستيف لـ (كونا) ان
القيادات الصربية عليها ان تعى ان قضية كوسوفو تمثل ملفا ضمن الملفات
المطروحة على المائدة الامريكية الروسية وان كان ملفا لا يحظى باهمية
استراتيجية مثل قضية "الدرع العسكرى الامريكى المضاد للصواريخ فى
اوروبا" او قضية اتساع دائرة حلف شمال الاطلسى لتشمل الحدود مع روسيا
ولكنه فى نهاية المطاف يمكن ان يتم عليه المساومة وتجد بلغراد بانها
ملزمة بقبول قرارا دوليا بحصول اقليم كوسوفو على الاستقلال.
ولكن في وقت قد تكون حصلت فيه بلغراد على عداءات او علاقات ليست على
المستوى الجيد مع دول الاتحاد الاوروبي في حالة ان واصلت الاعتماد فقط
على الموقف الروسي دون ان تفتح لها قنوات اخرى اوروبية تحقق من خلالها
اهداف قومية اخرى ترتبط بافاقها وتوجهاتها الاوروبية الاطلسية الشاملة.
وقال انه على الجانب الاخر يجب على دول الاتحاد الاوروبي التعامل مع
صربيا على قاعدة التفهم لموقفها وان يعطوا الاهتمام ولو بشكل سياسي
للاستماع الى الحقيقة الصربية لكوسوفو ولا يضعوا دائما صربيا بين
اختيار واحد اما كوسوفو او اوروبا بل يجب ان يكون الافق الاوروبية
واضحة امام صربيا وكوسوفو معا.
الامر الذى سيقنع بلغراد بان مستقبل الجانبين بلغراد وبريشتنا سيكون
فى اطار اسرة واحدة اوروبية وبذا لن يكون للعامل الجغرافي قيمة تذكر.
اكد ان الدول الاخرى في المجتمع الدولى والاوروبي تبدو في الوقت
الراهن مستعدة لدعم اي قرار تتفق علية امريكا مع روسيا بشان اقليم
كوسوفو وعلى هذا النحو فان صربيا لا يمكن لها ان تؤثر فى القرار
المستقبلي ولذا ليس من الافضل ان تراهن على ورقة واحدة في هذه اللعبة
السياسية وتراهن بشكل اقوى على مستقبلها الاوروبي الاطلسي.
الاتحاد الاوروبي يدعو لاصدار قرار
سريع
من جانب اخر دعا وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الى "تكثيف
الجهود" لسرعة استصدار قرار عن مجلس الامن الدولي حول مستقبل كوسوفو من
دون ان يوضحوا ما يمكن للاتحاد فعله في حال عدم صدور هكذا قرار. بحسب
فرانس برس.
واعلن وزراء خارجية الدول السبع والعشرين في قرار صدر بالاجماع ان
اقتراحات وسيط الامم المتحدة مارتي اهتيساري القاضية بمنح اقليم كوسوفو
استقلالا تحت اشراف دولي تشكل الاساس لتسوية مسألة كوسوفو عبر قرار
لمجلس الامن الدولي.
واعرب الوزراء عن دعمهم للجهود المكثفة الهادفة الى ضمان تمكين مجلس
الامن من اصدار هكذا قرار في المهل المحددة قرار يجب ان يشكل ايضا
الاساس لوجود دولي واوروبي في الاقليم.
وفي وقت تعارض فيه روسيا صدور اي قرار عن مجلس الامن بخصوص اقتراحات
اهتيساري لم يجد الوزراء الاوروبيون الوقت لمناقشة ماذا يمكن للاتحاد
الاوروبي فعله في حال لم يتبن مجلس الامن قرارا حول كوسوفو.
وكان الاتحاد الاوروبي قرر انه في حال منح اقليم كوسوفو استقلالا
تحت اشراف دولي بموجب قرار عن مجلس الامن فانه سيقود قوة دولية تحل محل
قوات الامم المتحدة التي تدير الاقليم منذ 1999.
الا ان دولا عديدة اعربت عن قلقها ازاء تبعات عدم تمكن مجلس الامن
من التوافق حول مستقبل كوسوفو ما سيحول دون ارسال هذه البعثات.
واذا ما طال موضوع الاقليم من دون ان يجد حلا فإن الاجماع داخل
الاتحاد الاوروبي حول هذا الملف قد ينهار.
فمنذ الان هناك دول مثل فرنسا وايطاليا تتحدث عن ضرورة تحديد مهلة
لاجراء مفاوضات جديدة بين الصرب وسكان كوسوفو قبل مناقشة مشروع القرار
في مجلس الامن بهدف تجنيب هذا القرار خطر التعرض لفيتو روسي على ما
يشرح دبلوماسيون.
وتفسر اختلافات الرأي هذه بين دول الاتحاد الاوروبي الغموض الذي
اكتنف عبارة سرعة صدور قرار التي وردت في بيان وزراء خارجية الاتحاد
الاوروبي. |