
شبكة النبأ: يتمتع ساركوزي بشخصية محبوبة في قطاع
النقابات العمالية إضافة الى انه حريص في مسالة تولّي النساء بنسبة
معقولة في الادارة العامة وثمة صفات اخرى يدركها الناخب الفرنسي إضافة
للبرنامج السياسي الذي قدمه كمجموعة من التطلعات التي يصبو لها الناخب.
وللتأمل في كيفية طرح تلك البرامج والوعود على ارض الواقع فانه ربما
لجأ الى الانفراد للتفكير بهذه الامور بجو هادئ، فقد ذكرت رويترز بان
الرئيس الفرنسي المنتخب نيكولا ساركوزي قد اختفى عن الانظار مع اسرته
لينأى بنفسه في مكان بعيد للبحث في تشكيلة حكومته والتخطيط لاستراتيجية
يخوض بها انتخابات برلمانية حاسمة في يونيو حزيران.
وحصل ساركوزي وهو محافظ متمرس على تفويض قوي لاجراء تغيير سياسي
واقتصادي بحصوله على 53.1 في المئة من الاصوات مقابل 46.9 في المئة
للمرشحة الاشتراكية سيجولين روايال في جولة الاعادة لانتخابات الرئاسة
التي جرت الاحد.
غير انه بحاجة لتأمين أغلبية في انتخابات الجمعية الوطنية التي
ستجرى في العاشر والسابع عشر من يونيو حزيران للوفاء بتعهداته لتخفيف
قيود العمل الصارمة وترشيد القطاع العام وخفض الضرائب ومحاربة البطالة.
وقالت وزيرة الدفاع ميشيل اليو ماري للصحفيين خارج المقر الرئيسي
لحملة ساركوزي الانتخابية "سنرى كيف يمكننا ان نقدم له اكبر اغلبية
برلمانية ممكنة حتى يتمكن من تنفيذ تعهداته."
وقالت مصادر بالمطار لرويترز انهم وصلوا بشكل غير معلن على متن
طائرة خاصة الي جزيرة مالطا بالبحر المتوسط، وكان من المتوقع ان يقوم
بزيارة لكورسيكا لايام قليلة.
وصرح كلود جويان مدير الحملة الانتخابية لساركوزي قائلا "هذه الايام
القليلة من الراحة مخطط لها كي تضعه بشكل اكبر في الحالة الذهنية لرئيس
الدولة بعد المعركة الصاخبة."
وقال لراديو (ار.تي.ال) "ستكون ايضا ايام قليلة تسمح له بالتفكير
المتمعن في تشكيل فريقه الحكومي."
لكن النصر الذي تحقق عكر صفوه اشتباكات وقعت في أنحاء متفرقة من
فرنسا بين الشرطة ومحتجين مناهضين لساركوزي.
وقالت الشرطة انها اعتقلت 592 شخصا بعد ان اشعل المتظاهرون النار في
730 سيارة واصابوا 78 شرطيا في حوادث عدة.
وكانت اسوأ الحوادث في ميدان الباستيل في باريس حيث قام الشبان
بأعمال شغب في الشوارع المجاورة للميدان وحطموا أكشاك الهواتف العمومية
وواجهات المتاجر.
ونظم المئات من تلاميذ المدارس احتجاجات على فوز ساركوزي في باريس
وليون.
وسيتولى ساركوزي وهو ابن مهاجر مجري منصبه رسميا في 16 مايو ايار
خلفا للرئيس جاك شيراك الذي امضى 12 عاما في السلطة.
ويتوقع كثير من المراقبين ان يتولى فرانسوا فيلون اوثق مساعدي
ساركوزي السياسيين رئاسة الوزراء في حكومة تتضم 15 وزيرا فقط ويكون نصف
عدد الوزراء فيها من النساء.
وفيما يستعد اليمين لاحكام قبضته على السلطة يتطلع الحزب الاشتراكي
الجريح الى المستقبل بعد أن مني بثالث هزيمة على التوالي في انتخابات
الرئاسة.
وبدا ان الجناح المعتدل يتخذ وضع الاستعداد لمعركة مع اليسار
للسيطرة على قلب وروح الحزب.
لكن الامين العام للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند وهو زوج روايال
دعا الى هدنة الى ما بعد انتهاء ماراثون فرنسا الانتخابي في يونيو
حزيران.
وقال لراديو (ار.تي.ال) "علينا اليوم قيادة المعركة الخاصة
بالانتخابات التشريعية معا. وبعدها نحتاج لاعادة بناء اليسار."
واظهر تحليل لمعهد ايبسوس لاستطلاعات الرأي لنتائج الانتخابات قراءة
واقعية بالنسبة للاشتراكيين حيث حصل ساركوزي على تأييد اغلبية من عمال
القطاع الخاص واصحاب المعاشات والعاملين بالمهن الحرة، كما صوت حوالي
52 في المئة من النساء لصالحه.
في حين حصلت روايال على تأييد العاطلين واولئك الذين تقل اعمارهم عن
25 عاما.
واظهر استطلاع منفصل للرأي ان حزب ساركوزي الاتحاد من أجل الحركة
الشعبية يتقدم بحصوله على 34 في المئة مقابل 29 في المئة للاشتراكيين
مما يجعله في وضع قوي للفوز مجددا في انتخابات يونيو وهو الامر الذي لم
يحدث منذ اكثر من 25 عاما.
ووعد ساركوزي باصلاحات واسعة النطاق في المئة يوم الاولى من حكمه
بما في ذلك كبح سلطات النقابات وتخفيف القوانين التي تحدد ساعات العمل
الاسبوعية بخمس وثلاثين ساعة من خلال خفض الضرائب على ساعات العمل
الاضافية وتشديد الاحكام على المجرمين.
وسارعت النقابات العمالية على الفور برفض مقترحاته ويمكن ان تشهد
فرنسا في الخريف اضرابات من النوع الذي واجه شيراك حين تولى الرئاسة
عام 1995 وحاول فرض التغيير.
وقال جان كلود ميلي الامين العام لنقابة الممرضات في بيان يوم
الاثنين "كل محاولة لتمرير
اشياء بالقوة سيكون لها اثر عكسي."
وسارع زعماء العالم الى تهنئة ساركوزي فور اعلان فوزه وقال متحدث
باسم البيت الابيض ان واشنطن تتطلع الى العمل مع الرئيس الجديد في
اعقاب الضرر الذي لحق بالعلاقات الفرنسية الامريكية نتيجة التوتر بسبب
حرب العراق.
حكومة نصفها من النساء
ووفق تقرير رويترز فان ساركوزي الذي انتخب رئيسا لفرنسا
يسعى لإيجاد حكومة تركز على القطاعات الاساسية للمضي في الاصلاحات
ويريد أن يكون نصف عدد الوزراء على الاقل من النساء.
وحصل ساركوزي على تفويض قوي لاجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية بحصوله
على 53.06 في المئة من أصوات الناخبين في جولة الاعادة بانتخابات
الرئاسة مقابل 46.94 في المئة للمرشحة الاشتراكية سيجولين روايال.
وتضم الحكومة حاليا 30 وزيرا. ويقول ساركوزي انه سيقلل عددهم الى 15
وسيعزز بعض الحقائب الوزارية وسيستبدل حقائب جديدة بأخرى لمساعدته على
اتخاذ اجراءات صارمة بخصوص الهجرة غير القانونية وعلى خلق وظائف.
ويرغب ساركوزي في انشاء وزارة للهجرة والهوية الوطنية، وستوزع
الحقيبة الاقتصادية بين وزارة للحسابات العامة تتولى الاشراف على
الانفاق ووزارة للاستراتيجية الاقتصادية تركز على الوظائف وتحديات
العولمة.
وينظر الى فرانسوا فيلون (53 عاما) الذي أدار حملة ساركوزي
الانتخابية باعتباره الشخصية الارجح على الاطلاق لتولي رئاسة الوزراء.
وفيلون وزير سابق للشؤون الاجتماعية والتعليم وأدخل خلال توليه
الوزارة تعديلات على نظام التقاعد ونظام العمل لمدة 35 ساعة أسبوعيا.
وربما تكون لدى وزير العمل جان لويس بورلو (56 عاما) الذي يرأس
الحزب الراديكالي وهو حزب صغير فرصة أيضا لتولي رئاسة الوزراء. ويتمتع
بورلو بسمعة باعتباره سياسيا يملك وعيا اجتماعيا وهو محبوب من جانب
نقابات العمال وهو ما قد يكون مفيدا لساركوزي عندما يحاول الوفاء
بوعوده بتغيير هيكل العمل.
وتتحدث أنباء عن أن بريس هورتيفو (48 عاما) المستشار المقرب من
ساركوزي ووزير السلطات المحلية السابق اختير وزيرا للداخلية، وهورتيفو
صديق لساركوزي منذ 30 عاما.
وذكر اسم زافيي برتران (42 عاما) وزير الصحة السابق والمتحدث الرسمي
باسم الحملة الانتخابية لساركوزي كوزير محتمل للاستراتيجية الاقتصادية.
وقد يصبح رئيس الوزراء السابق الان جوبيه (61 عاما) وزيرا للخارجية
أو رئيسا للجمعية الوطنية الغرفة السفلى بالبرلمان، وكان جوبيه لفترة
طويلة حليفا مقربا للرئيس جاك شيراك
الذي تشهد علاقته مع ساركوزي توترا.
وتوجد ست نساء فقط ضمن الحكومة المنتهية ولايتها كما أن قائمة
الوزيرات المحنكات محدودة.
غير أن ساركوزي سيأمل في تجنب تكرار ما حدث في عام 1995 عندما تمت
ترقية 12 امرأة الى مواقع وزارية عقب انتخابات. وجرى فصلهن جميعا
تقريبا خلال شهور لافتقارهن للخبرة.
ووزيرة الدفاع ميشيل اليو ماري (60 عاما) أكثر السياسيات المحنكات
اللاتي يؤيدن ساركوزي، وتتمتع اليو ماري بسمعة طيبة بأنها مأمونة
الجانب وتعمل بكفاءة وهدوء وقد تصبح وزيرة للخارجية.
كما تحدثت أنباء عن أن وزيرة التجارة كريستين لاجارد ستتولى وزارة
الحسابات الوطنية. وقادت لاجارد فرنسا في محادثات التجارة العالمية
الهامة وحازت على اعجاب ساركوزي.
وينظر الى رشيدة داتي (41 عاما) وهي محامية ولدت لام جزائرية وأب
مغربي باعتبارها خيارا واضحا لتولي وزارة الهجرة والهوية الوطنية.
وتعتبر أيضا كل من فاليري بيكريس (39 عاما) المتحدثة باسم الاتحاد
من أجل الحركة الشعبية والنائبتين ناتالي كوسيوسكو موريزي (33 عاما)
وكريستين بوتي (63 عاما) وزيرات محتملات.
وقد يتجه ساركوزي أيضا الى أعضاء بارزين بمجتمع الاعمال الفرنسي مثل
رئيس بنك (بي.ان.بي) ميشيل بيبيرو أو ان لوفيرجيو رئيسة شركة اريفا.
فرنسا تنتظر عهد ساركوزي
وفي تقرير لفرانس برس يؤكد عزم نيكولا ساركوزي الاستفادة من الدفع
الذي خلفه فوزه ليمرر قبل نهاية الصيف سلسلة من الاجراءات التي ترمز
الى عزمه على تغيير صورة البلاد.
وعلى صعيد الهجرة يتوقع اعتماد قانون جديد يشدد شروط دخول الاجانب
واقامتهم في فرنسا بعدما دفع ساركوزي العام الماضي الى اقرار قانون
عندما كان وزيرا للداخلية.
ولم شمل العائلات لن يعود ممكنا الا اذا كان الشخص المعني يملك
مسكنا وعملا يسمح له باعالة عائلته من دون الاعتماد على المخصصات
العائلية.ويريد الرئيس اليميني الجديد كذلك ان يطبق بسرعة سلسلة من
الاجراءات الضريبية بينها الغاء الضرائب على الارث والهبات لغالبية
الفرنسيين فضلا عن خفض ضريبي حول الفوائد المصرفية لشراء شقة.
مزيد من العمل وضرائب اقل
وتعهد نيكولا ساركوزي الذي انتخب الاحد رئيسا للجمهورية الفرنسية
بخفض البطالة الى
5% في غضون خمسة اعوام واطلاق النمو عبر الاستناد الى برنامج
اقتصادي واجتماعي تسيطر عليه النفحة الليبرالية وينص على خفض الضرائب
و"اعادة الاعتبار الى العمل"، حسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وفي معرض التأكيد على ان فرنسا هي الدولة "التي تعمل اقل في اوروبا"
بسبب ساعات العمل الخمس والثلاثين في الاسبوع والبطالة المرتفعة شدد
ساركوزي طيلة حملته الانتخابية على امكانية منح العاملين حرية "العمل
اكثر لتحقيق دخل اكبر".
ومن دون الغاء القانون الذي يحدد ساعات العمل الاسبوعية ب35 والذي
وضعه الاشتراكيون تعهد ساركوزي بزيادة اجر ساعات العمل الاضافية للجميع
بنسبة 25% واعفاء العاملين من الاعباء الاجتماعية والضرائب وهي وسيلة
لاعادة اطلاق الماكينة الاقتصادية عبر اعطاء دفع للقوة الشرائية. |