عام 2006 يشهد تراجع حرية الصحافة في العالم ويبرز بكونه الأكثر فتكا

 شبكة النبأ: في ظل النظم المتعسفة التي تحكم اجزاء واسعة من العالم وكذلك السلطات الدكتاتورية ينشا تزاحم طبيعي بين الاراداتين الاساسيتين المتكونتين من السلطة ومن الشعب وبما ان الشعب يعول كثيرا على متنفسه الاعلامي الصحافة كاحد وسائل التعبير عن ارادته فان هدف السلطة غالبا ما يتمحور بهذه الوسيلة ليخنقها ويهمشها بل وفي احيان كثيرة يصادرها لمصلحته واجراء خطابه الغاشم في مجراها، ثم يحاول ان يجتث الاصوات الانسانية كلما استطاع الى ذلك سبيلا.

وقد اهتمت المنظمات الانسانية الى هذا الفعل الذي يبدو انه يتفاقم في دول كثيرة وخصوصا في العام 2006 و2007 نظرا للاجراءات الدموية من تصفيات جسدية ضد الصحفيين بشكل خاص والكتاب بصورة عامة.

فقد اكدت منظمة فريدوم هاوس في تقريرها السنوي ان حرية الصحافة شهدت تراجعا واضحا في 2006 في العالم بسبب ضربات ومحاولات لاسكات المعارضة السياسية وتنظيم استخدام شبكة الانترنت.

وقالت المنظمة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها ان هذا التراجع يثير القلق خصوصا في آسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة وأمريكا اللاتينية، محذرة من ان هذا الوضع يمكن ان ينعكس على الديموقراطية باسرها.

كما عبرت المنظمة عن قلقها من الوضع في الشرق الاوسط حيث توقف التقدم اخيرا في هذا المجال على حد قولها بحسب ما نقلته الـ فرانس برس.

واشارت المنظمة خصوصا الى ليبيا وسورية وتونس والسلطة الفلسطينية معتبرة انها تفرض حدا اقصى من القيود على وسائل الاعلام.

وأعلنت جنيفر وندسور المديرة التنفيذية لمؤسسة "فريدوم هاوس" وهي منظمة غير حكومية وغير ربحية مكرسّة للترويج للحرية في العالم، ان نسبة 18 في المئة من مجموع سكان العالم تتمتّع بمزايا حرية الصحافة.

وأفادت وندسور بان حريات الصحافة اما شلّت او تراجعت في عديد من بلدان العالم وهذا الإنتكاس جار في بلدان في آسيا وأميركا اللاتينية وبلدان الإتحاد السوفياتي سابقا.  ووصفت وندسور هذه الظاهرة "بالأرتداد ضد الديمقراطية".

ورأت وندسور ان الضربات التي وجهت الى وسائل الاعلام تليها حتما اعتداءات على مؤسسات ديموقراطية اخرى وتراجع حرية الصحافة يشكل مؤشرا مقلقا على احتمال تعرض الديموقراطية بحد ذاتها لضربات.

واكد التقرير، ان الضربات وحركات التمرد وحالة الطوارئ في تايلاند وسريلانكا وباكستان والفلبين وجزر فيجي اضرت بحرية الاعلام.

واشارت المنظمة الى ان آسيا تضم اثنتين من اكثر الحكومات تقييدا للصحافة هما ميانمار (بورما) وكوريا الشمالية، لكن ثلاث من دولها (النيبال وكمبوديا واندونيسيا) شهدت تحسنا في هذا المجال.

واضافت ان الصين وفيتنام وايران ما زالت تقوم بسجن الصحافيين والمنشقين الذين يستخدمون شبكة الانترنت بينما تحاول روسيا تهميش وسائل الاعلام المستقلة وتخطط لتنظيم استخدام الانترنت.

واشار التقرير الذي يحمل عنوان حرية الصحافة في 2007 الى تراجع حرية الصحافة في فنزويلا والارجنتين والبرازيل اما بسبب اجراءات الدولة او تدهور الاوضاع الامنية.

وقالت المسؤولة عن النشر في المنظمة كارين كارلكار في بيان ان التقارير المتعلقة بفنزويلا وروسيا تثير قلقا عميقا خصوصا بسبب تأثير هذين البلدين على منطقتيهما«.

واعربت المنظمة عن قلقها خصوصا للقيود المفروضة على مواقع الانترنت في روسيا حيث ضاعفت الحكومة جهودها »لزيادة تهميش اصوات الاعلام المستقلة«.

لكن فريدوم هاوس اشارت الى تحسن الوضع في عدد من الدول من بينها ايطاليا والنيبال وكولومبيا وهايتي نظرا لانفتاح سياسي اكبر في بعضها وتحسن الوضع الامني في اخرى.

واشار التقرير خصوصا الى عودة حرية الاعلام في ايطاليا منذ رحيل سيلفيو برلوسكوني عن رئاسة الحكومة.

ويحدد التقرير الذي يصدر سنويا منذ 1980، مدى حرية الصحافة في كل بلد في لائحة احتلت ايسلندا وفنلندا المرتبة الاولى فيها وجاءت كوريا الشمالية في آخرها.

ورأى ان الصحافة تتمتع بالحرية في 74 من الدول الـ 195 المدرجة على اللائحة بينما لا تتمتع بالحرية في 63 بلدا.اما البلدان الاخرى فقد اعتبر التقرير ان الصحافة تتمتع بحرية جزئية فيها.

2006 العام الأكثر فتكا

ويرى مسؤولون أميركيون وخبراء إعلاميون أن الظروف التي تحيط بوسائل الإعلام المستقلّة في عدد من بلدان العالم تزداد سوءاً وأن هذه النزعة من شأنها أن تهدّد الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

فقد ذكرت كارين هيوز، وكيلة وزارة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة والشؤون العامة،  وبولا دوبريانسكي، وكيلة الوزارة لشؤون الديمقراطية والشؤون العالمية، ان صحافة حرّة ومستقلّة تعتبر ضرورية للديمقراطية وهي تعمل على محاسبة الحكومات أمام مواطنيها.

وقد تحدثت المسؤولتان في مؤتمر التهديدات لحرية الصحافة في القرن الحادي والعشرين وهو مؤتمر رعته مؤسسة فريدوم هاوس (بيت الحرية) ومجلس أمناء الإذاعات الحكومية الخارجية

وتمحور المؤتمر حول التهديدات المتزايدة التي يواجهها الصحافيون حول العالم، لا سيما العدد القياسي للصحافيين الذين قتلوا خلال 2006. فقد أفادت التقارير أن 110 صحافيين وموظفي إعلام قتلوا مما جعل العام 2006 العام الأكثر فتكا في تاريخ الصحافة.

وقالت هيوز التي عملت في المجال الصحفي بولاية تكساس قبل أن تلج الميدان السياسي، إن الصحافة الحرة ضرورية  لترويج الأفكار الحرّة وفضح الجرائم والإساءات لحقوق الإنسان، لكن للأسف، كما قالت هيوز، فإن الصحافيين والعاملين الإعلاميين يتعرضون للقتل والإعتقال والإصابة والمضايقة بصورة متزايدة.

الا أنها أردفت ان الولايات المتحدة "تدافع عن المدافعين عن الحرية" وأن وزارة الخارجية تعرض عددا من برامج التطوير المهني والتبادل على صحافيين ومحررين ومدراء إعلام حول العالم من خلال برنامج إدوارد مورو للزمالات الصحافية وغيره من برامج.

وقد أسست وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ما يعرف بـ"فريق العمل العالمي لحرية الإنترنت" في العام الماضي، وهو بمثابة مجموعة تنسيق في الوزارة تعمل مع هيئات أخرى للحكومة الأميركية ومجلس الأمن الوطني والمجلس الاقتصادي الوطني.

وعن ذلك قالت هيوز  إن هدف فريق العمل هذا هو زيادة التدفق الحر للمعلومات والأفكار الى أقصى حد ممكن لغرض تقليص قدرة الحكومات القمعية إلى أدنى حد ممكن على ممارسة الرقابة على المناقشات والآراء المشروعة أو إسكاتها، وترويج الوصول الى المعلومات والأفكار من خلال شبكة الإنترنت.

وقالت دوبريانسكي ان واشنطن تعتبر حرية الصحافة ذات أهمية حاسمة للديمقراطية وحقوق الإنسان بحيث انها ضمّنت تقييمات لحريات الصحافة في مختلف البلدان في التقارير السنوية عن حقوق الإنسان التي تصدرها الخارجية.

بدوره أشار ألسي هيستينغز وهو نائب من ولاية فلوريدا ورئيس لجنة الأمن والتعاون في أوروبا (والتي تعرف ايضا بلجنة هلسنكي) ان الزعماء المتسلّطين في العالم أجمع مدركون لقوة الصحافة "ولهذا السبب هم ينشطون لضبطها". وقال انه في روسيا مثلا تحصل نسبة 80 في المئة من السكان على المعلومات والأخبار من ثلاث وسائل إعلام فقط تسيطر عليها حكومة فلاديمير بوتين.

وأوضح أن روسيا أصبحت ثالث بلد أشد فتكا للصحافيين في العالم.

وأعلن هيستينغز ان غالبية بلدان ما كان يعرف بالإتحاد السوفياتي تعتبر حرية وسائل الإعلام "تهديدا يتعيّن تحييده." وأضاف: "ان الأمن الوحيد للجميع هو حرية الصحافة" مندّدا بمساعي خفض الإعتمادات الى البثّّ الموجه الى بلدان الإتحاد السوفياتي سابقا.

لكن، وكما أوضح الخبراء، فانه ليس جميع جهود الحكومات لقمع الصحافة الحرة تتم في العلن. 

وكما ذكر بيري لينك، الأستاذ  في دائرة دراسات شرق آسيا بجامعة برينستون، فان الرقابة في الصين، وهو البلد الذي يتصدّر دول العالم في مجال إيداع الصحافيين السجن، تنقل شفهيا، او بصورة سرية وهي تمارس "سيطرة غير مرئية".

وبالنسبة للوضع في مصر، قال جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان الرقابة الحكومية تتم بصورة عشوائية الا انها تقتص من الإعلام بشدّة حينما تقرر ذلك. وأضاف ألترمان الذي يشغل ايضا منصب مدير برنامج الشرق الأوسط في المركز المذكور، ان النتيجة هي توليد ما يكفي من الخوف بحيث أن أجهزة الإعلام باتت تمارس رقابة ذاتية.

من جهتها قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان صدر يوم 30 نيسان/إبريل المنصرم إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق أيضا إزاء "تزايد القيود المفروضة على حريات الصحافة في جميع أنحاء العالم.

وفضلا عن ذلك، قالت الوزارة إن عدد المؤسسات الصحفية المستقلة يتدهور، في حين تتضاعف القيود على استخدام محركات البحث على الإنترنت، والحق في حرية التعبير على الإنترنت.

وحذرت الوزارة من أن "كل من يحاول البحث عن أو الحصول على أو نشر المعلومات والأفكار بشكل مستقل يتعرض للاضطهاد".

ووصفت وزارة الخارجية الأميركية مقتل بولتكوفسكايا بأنه يعتبر "إهانة للإعلام الحر والمستقل وللقيم الديمقراطية".

وقالت "إن الصحفية الروسية آنا بولتكوفسكايا "كانت رمزا للشجاعة والحرية، كما قامت، متمثلة بالسمة والتقاليد الفضلى في الصحافة المستقلة والحرة، بالتحقيق في أكثر القضايا صعوبة، وعلى وجه التحديد فضح انتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان، وكرست نفسها لكشف الحقيقة الكامنة وراء القصة".

وأعربت الوزارة عن صدمتها وحزنها الشديدين إزاء جريمة اغتيال الصحفية الروسية المرموقة، آنا بولتكوفسكايا ووصفته بالعمل الوحشي وجددت مطالبة الولايات المتحدة للحكومة الروسية بمواصلة التحقيق "للعثور على مرتكبي هذه الجريمة النكراء ومحاكمتهم وتقديمهم للعدالة".

وأشادت الوزارة باختيار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لبولتكوفسكايا للفوز بجائزة غوييرمو كانو لحرية الصحافة العالمية.

وقد اغتيل كانو الذي كان يشغل منصب مدير صحيفة إسبكتادور اليومية الكولومبية على يد اثنين من القتلة المستأجرين في كانون الأول/ديسمبر من العام 1986. وقالت اليونسكو إن كانو وقع ضحية لمافيا تهريب المخدرات التي كان قد شجبها ووصفها بأنها تضر بالمجتمع الكولومبي وتدمره.

وتهدف جائزة غوييرمو كانو لحرية الصحافة العالمية التي تبلغ قيمتها 25 ألف دولار إلى تكريم الأفراد أو المنظمات الذين يدافعون عن حرية التعبير أو يشجعونها، وقد تم الإعلان عن اختيار الصحفية الروسية المرموقة، آنا بولتكوفسكايا للفوز بالجائزة لعام 2007 من قبل مدير منظمة اليونسكو كويشيرو ماتسورا، وقد قامت باختيارها هيئة محلفين تضم 14 صحفيا ومحررا محترفا من مختلف أنحاء العالم.

وتمنح جائزة غوييرمو كانو لحرية الصحافة العالمية في 3 أيار/مايو سنويا. وسيتم الاحتفال بالذكرى العاشرة لتأسيس الجائزة خلال مؤتمر حول حرية الصحافة ترعاه منظمة في ميدلين، بكولومبيا، مسقط رأس غوييرمو كانو. ويتم تكريم بولتكوفسكايا في احتفال رسمي يقام أثناء المؤتمر تتخلله كلمات يلقيها جمع من المتحدثين بينهم مدير اليونسكو ماتسورا، ونائب الرئيس الكولومبي فرانسيسكو سانتوس كالدرون، ونجل بولتكوفسكايا إيليا بولتكوفسكايا.

ومن المقرر عقد العديد من الفعاليات والأنشطة في شتى أرجاء العالم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.

وقالت اليونسكو إن المؤتمر الذي يزمع عقده في ميدلين، بعنوان "حرية الصحافة وسلامة الصحفيين والإفلات من العقاب"، سيبحث الإنباء المقلقة التي تفيد بأن "مهنة الصحفي أصبحت أكثر خطورة من أي وقت مضى".

وقد نظمت اليونسكو مؤتمرات متنوعة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة في العاصمة الأردنية عمان، وفي جزيرة سانت لوشا وسوف تنظم مناقشة في لندن حول التهديدات العالمية التي تتعرض لها الحرية الإعلامية.

وستتناول فعالية عمان سلامة الصحفيين والإفلات من العقاب بالنسبة الجرائم التي ترتكب ضد وسائل الإعلام. ونقلت اليونسكو عن جماعات الدفاع عن حرية الصحافة قولها إنه فيما يتعلق بالإفلات من العقاب، فإن حوالي 85 في المئة من قتلة الصحفيين خلال السنوات الـ 15 الماضية لم يجر التحقيق معهم أو محاكمتهم على جرائمهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  7 آيار/2007 -18/ربيع الثاني/1428