التغيير والتوتر والافراط

 شبكة النبأ: في جميع الدوريات الصحية في برامج الوعي الصحي تؤكد ان اغلب الامراض ناتجة من التوتر النفسي والمعاناة المستمرة  والانشداد المفرط في مستوى الجسد والتفكير.

ولكن تلك النظريات تحمل في طياتها امور خلافية كثيرة وهي محصلات مشكوكا فيها ولا تعد خلاصات باتة او نهائية.

ومن خلال قراءاتنا تبدت امور غير السائد من تلك المعلومات، فقد اكد مايك فانس وشريكته ديان ديكون مؤلفا كتاب التفكير خارج الصندوق، ان ثمة وجهات نظر اخرى قد طرأت على الساحة بحيث ان الجانب الصحي الذي القى بفيصله انما هو مجرد وجهة نظر من وجهات نظر كثيرة.

تخبرنا الكتب بان لا نعرض انفسنا الى العوامل الاجهادية المرهقة كالتوتر والافراط وايضا الا نقوم بالتقليل او الابطاء او التوقف او الاعتزال.

اننا نتحدى ونصارع كثيرا لنتخلص من الضغوط لكن واقع الحال اننا نحقق مزيدا من التوتر والافراط مع ميلنا الى الاعتدال اكثر من كوننا مفرطين في كل ما نقوم به الى درجة نفقد تركيزنا ونقبل دون شك وجهة النظر التي وضعها علماء الاجتماع وهي ان الجميع يرفضون التغيير.

وتبقى المحصلة التي لا بد منها في اننا نحصد الافراط بنهاية الامر وان كل التحذيرات الشعورية بائت بالفشل.

ولكن لننظر الى تلك التحذيرات من منظور مختلف.

بكل وضوح هناك اختلاف كبير بين التوتر الذي يسبب الاكتئاب والتوتر الذي لا يسببه.

ان الكثير منا يحاولون تحرير انفسهم من التوتر، عندما تكون المشكلة الحقيقية هي التعامل مع التوتر، فليس التوتر هو الذي يدمرنا بل انه الاكتئاب، لقد اقترح د. هانز سيلي مؤلف كتاب (توتر بلا اكتئاب) وهو احد المراجع المهمة في العالم عن التوتر وآثاره يقول:

لا يمكنك ان تخلص نفسك من التوتر بصرف النظر عن محاولاتك الجادة لأن الصراع سوف يبدأ ليجعل قلبك يخفق، والحيلة الذكية تكمن في تجنب استهلاك الاعراض المرضية للتكيف.

من الممكن ان نبتعد عن محاولة التكيف لكن دون توتر، فلن تستمر قلوبنا بالخفقان طويلا.

إن النشاط التوتري مثل ممارسة الرياضة او الغضب يزيد من ضربات القلب، فأن الصراع يؤدي الى تدفق الدم في الاوعية الدموية، فالفعل الانقباضي مرهق بشكل ملازم ولكنه بشكل دوري ضروري للحياة. ولذلك ومع التفكير في الاعراض العامة عادة ما نقول:

عليك ان تزيد من حجم التوتر، عليك ان تتعرض لمزيد من التوتر بقدر الامكان، واختبر هذه الطريقة لترىان كانت مفيدة ام لا؟.

يرى الخبراء ان الناس يسببون لأنفسهم مستويات خطيرة من الاكتئاب عن طريق القلق المفرط بشأن التوتر الذي قد لا يؤذيهم ابدا، انها حلقة مفرغة، لهذا عليك ان تقبل التوتر اعتنّقه وقدّره ولا تقاومه او تنكره، فسنتعرض له شئنا ذلك ام ابينا.

من اكثر الانشطة الانسانية الممتعة تلك التي تنتج التوتر الشديد، انها تجعل قلوبنا تقفز من صدورنا، تتورد وجناتنا وتتسع عيوننا وتتسارع انفاسنا، لا يمكن ان يحيا احدنا دون التعرض لهذا النوع من التوتر، فإن كانت وجهة نظرك تسبب لك التوتر فاستمتع بها ولكن لا تكتئب.

أفعل شيئا، ابحث عنه، هاجمه، عليك ان تشعر بالتوتر بشكل متحرر.

ونادرا ما يكون هناك أي انجاز عظيم دون افراط، قم بعمل الاشياء بشكل مفرط، نحن لا نشير هنا الى الافراط في تناول الطعام او الشراب او تناول العقاقير الضارة ولكن ما نعنيه هو مقاومة الإغراء، بأن تكون مرناً بشكل فلسفي، حيث تقلل المرونة من الفضيلة وتزيد من الرذيلة وعلى سبيل المثال:

المرونة في قول الحقيقة = الجنوح الى الكذب والمماطلة.

المرونة  في  الامانة   = التسويف والنكران والخيانة.

المرونة  في  السلوك  = مجموعة من الاعذار للسلوك السيئ.

المرونة  في  العمل   = التسيب والافلات والتلكؤ.

المرونة في التسامح   = التمرد وعدم الانصياع.

واذا كانت المرونة فضيلة فعلينا ان نزيد منها بقدر المستطاع، اما اذا كانت رذيلة فعلينا التخلص منها.

عندما نتحدث عن الافراط فاننا نشير الى مفاهيم وقيم ومقاييس، فمن اسوأ المفاهيم في العالم هي المرونة.

ان كل عمل يستحق ان نقوم به يجدر بنا ان نقوم به الى حد الافراط، تعرض لمزيد من التوتر انغمس في المفاهيم والقيم والافكار البناءة مع الالتزام المفرط.

والافراط انما هو الذي يشعل جذوة التغيير لأنه يتطلبه وكونه الركيزة الى كل ما هو جديد.

ليس هناك سوء فهم اكثر من ردة الفعل الناس تجاه التغيير ومقاومته وازاء هذا فانهم يحبونه شريطة ان يجلب لهم املا في شئ افضل دون تغيير، لدينا التشابه والملل، جميعنا يتوقع تجارب جديدة تجلب التنوع والإثراء لحياتنا.

ولكن التغيير يرتبط ان اريد له ان يكون فعالا بالتفكير الإيجابي، ومن المحتمل ان فلسفة التفكير الإيجابي قد دمرت العديد من الناس اكثر من أي مرض معروف في الطب، انه فخ رملي يحاصر الملايين من المتفائلين المبدعين حيث يتسبب في التفكير الخاطئ. وكثيرا ما يكون التفكير الإيجابي بديلا عن التفكير الواقعي، كيف؟

بإدعائنا اننا لا نواجه مشكلة، بينما نحن واقعون بها، او ادعاء وجود ما ليس موجودا، حينما يصبح التفكير الإيجابي تفكيرا حالما ويدمر مصالحنا بشكل مفرط.

يمكننا القيام باي شئ نتصوره اذا آمّنا تماما ودونما شك بامكانية القيام به، اذا قبلنا بالفعل وكّنا إيجابيين بحق، وإذا كان لدينا الإيمان الكامل يمكننا التغلب على أي شئ.

نحن نؤمن بان الروح البشرية لا تقهر،ويمكننا عمليا القيام بأي شئ، ولكن المنطقيون يضيفون إننا لا نستطيع القيام بأي شئ خارج نطاق الحقيقة والمنطق.

يجب ان ينتج التفكير الإيجابي من التفكير المنطقي ـ التغلب على العقبات ـ وتوافق احلامنا مع خطة عمل يمكن القيام بها، لقد رأينا الكثير من المعنويات البشرية المحطمة حاولوا وابتهلوا فقط ليعانوا المصير الذي حاولوا تجنبه بحماس، ان تجاهل الامر الغريب من اكثر الامور خطورة وحمقا.

ذلك لأن التفكير على النحو الثوري لايجب ان يتضمن انكار الحقيقة او الاستناد على الإيمان الكامل بالله تعالى، والتقرب منه فذلك يحقق المعجزات. والتفكير الايجابي اوله وآخره فعل مستمر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5 حزيران/2007 -17/جمادي الأول/1428