غليان في نهر البارد: القاعدة تتحول من الانبار الى طرابلس

 شبكة النبأ: يستمر حصار الجيش اللبناني الذي يضرب طوقا امنيا على جماعة فتح الاسلام المتمترسة بمخيم للاجئين الفلسطينيين في شمال نهر البارد بالقرب من مدينة طرابلس اللبنانية ذات الاغلبية السنّية.

وقال محللون لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، يتخذ الصراع طابعا اقليميا نظرا للتدخلات من جانب الفلسطينيين والسوريين وجهات دولية اخرى منها السعودية التي سعت حثيثا لإستقدام هذه الجماعة لأجل مواجهة مد حزب الله المتنامي بعد انتصاره في حرب الصيف الماضي مع اسرائيل، ما يدعو للخشية ان تتحول تجاذبات المصالح تلك الى نزاع مدمر على الارض في لبنان يبدأ من طرابلس، على شاكلة مدينة الانبار العراقية حين كان تنظيم القاعدة ينشر منها الدمار الى اجزاء العراق الاخرى، قبل ان تنتبه قبائل السّنة هناك الى اهدافه الخبيثة وتبدأ بمحاربته وطرده واستئصاله في الفترة الاخيرة.

ويقاتل الجيش المتشددين من فتح الإسلام منذ 20 مايو آيار في أسوأ أعمال عنف داخلي في لبنان منذ الحرب الأهلية التي دامت من عام 1975 إلى عام 1990. وتقول الحكومة اللبنانية إن فتح الإسلام أثارت الاشتباكات عندما هاجمت مواقع تابعة للجيش حول المخيم وفي مدينة طرابلس ثاني أكبر المدن اللبنانية.

وسيطرت القوات اللبنانية على ثلاثة مواقع رئيسية لمتشددي فتح الإسلام ودمرت مواقع للقناصة على الحافتين الشمالية والشرقية للمخيم. وصرح مصدر عسكري بأن الجيش دمر أيضا العديد من الهياكل المطلة على مواقعه على مشارف المخيم. وسقط 16 قتيلا على الأقل داخل المخيم إضافة إلى ثلاثة جنود ليرتفع العدد الإجمالي للقتلى إلى 105 على الأقل بينهم 40 جنديا.

وأقيم مخيم نهر البارد في عام 1948 كمخيم مؤقت لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا من منازلهم بعد اعلان قيام اسرائيل. ويمنع اتفاق عربي أبرم في عام 1969 الجيش من دخول 12 مخيما فلسطينيا في لبنان تضم 400 ألف لاجيء.

غيوم الجهاد العراقي تخيم على لبنان

وتعتقد مصادر سياسية فلسطينية أن المتشددين الذين يقاتلون الجيش اللبناني في شمال لبنان كانوا اما في طريقهم الى العراق أو منه في مؤشر على أن ظلال الجماعات السنية المتشددة هناك بدأت تسقط على البلدان العربية المجاورة. بحسب رويترز.

وقال مصدر فلسطيني في لبنان ان كثيرا من أعضاء جماعة فتح الاسلام المتشددة قد أتوا أصلا الى لبنان للتدرب من أجل الذهاب الى العراق وهو الجبهة الرئيسية لتنظيم القاعدة في معركته مع الولايات المتحدة. وخاض بعضهم بالفعل معارك هناك.

ورغم أن العراق لا يزال الوجهة المفضلة للمتشددين الا أن خبراء في شأن تنظيم القاعدة يقولون ان الجماعة ربما تكون ترسل مقاتلين خارج العراق لفتح جبهات جديدة.

ويثير هذا الاحتمال قلق البلدان العربية التي خاضت في التسعينات معارك ضد جماعات اسلامية متشددة دعمها عودة المجاهدين العرب من أفغانستان. وسارعت الحكومات العربية الى ارسال مساعدات عسكرية للبنان بعد اندلاع القتال مع الجماعة في 20 مايو ايار.

وقال منتصر الزيات الذي كتب سيرة الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري "من حيث منهج القاعدة هي تحاول فتح جبهات في عدة اماكن."

وأضاف في تصريحات لرويترز "ستفرخ من خلال العراق سرايا تذهب هنا وهناك."

وتربط جماعة فتح الاسلام التي تقيم في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان نفسها بفكر القاعدة رغم أنها تنفي أي صلة تنظيمية لها بالتنظيم.

وقدر مصدر سياسي لبناني عدد مقاتلي فتح الاسلام بما لا يقل عن 300 بينهم نحو 75 سعوديا. ويقول مسؤولون لبنانيون ان الجماعة تضم أيضا أفرادا من الجزائر وتونس ولبنان وسوريا.

وكون المخيمات خارج نطاق سيطرة الجيش اللبناني يوضح جزئيا سبب اختيار المتشددين للبنان كقاعدة جديدة لهم.

طرابلس تتحضر للمواجهة

"كلنا مع الجيش لإستئصال اخطبوط الارهاب". هذه اللافتة المرفوعة في وسط مدينة طرابلس تختصر مزاج الاغلبية في هذه المدينة اللبنانية الشمالية ذات الغالبية السنّية التي تخشى من توسع وجود القاعدة عبر ظاهرة فتح الاسلام. بحسب فرانس برس.

ويتحصن مسلحو فتح الاسلام الذين لا يخفون التقارب الفكري والتنظيمي بينهم وبين القاعدة داخل مخيم نهر البارد الفلسطيني الذي يحاصره الجيش اللبناني منذ ثمانية ايام.

وتضم مدينة طرابلس نحو 400 الف نسمة وهي تقع على بعد 15 كلم جنوب مخيم نهر البارد.

واينما تجول المرء في شوارع هذه المدينة يرى تعبئة شاملة ضد فتح الاسلام ومع الجيش وحكومة السنيورة.

وفي حي ابو سمرا المعروف بتواجد مجموعات سلفية فيه ترتفع لافتة اخرى تقول "من يتعاطفون مع فتح الاسلام يريدون تسليم المدينة الى القاعدة".

وفي ساحة التل عند مداخل الاحياء القديمة للمدينة التي تعود الى عصر المماليك يقوم موالون لتيار المستقبل برئاسة سعد الحريري بتوزيع بيانات على المارة. وجاء في هذا البيان "شكرا لقائد الجيش ميشال سليمان الذي يخلصنا من الارهابيين".

وبدأت الاشتباكات بين الجيش اللبناني وفتح الاسلام في العشرين من الشهر الجاري في قلب طرابلس بعد ان تحصن عدد من مسلحي هذا التنظيم في بعض احياء المدينة وسرعان ما اخرجوا منها ليتحصنوا في قلب مخيم نهر البارد.

ويقول الداعية الاسلامي عمر بكري الذي طرد من بريطانيا قبل عامين بعد الاعتداءات التي استهدفت قطارات الانفاق في لندن ان الامور ليست بهذه البساطة.

ويقول بكري لمراسل فرانس برس "لقد نجح عناصر فتح الاسلام في اقامة علاقات مع السلفيين في المدينة وعندما بدأت المواجهات اتصل قائد هذا التنظيم شاكر العبسي بمساعدي بلال دقماق يطلب التوسط لوقف اراقة الدماء".

واضاف بكري "في البداية كانت الحكومة تفضل الخيار العسكري الا انها تخلت لاحقا عن هذا الخيار على ما يبدو".

وقال بكري ايضا "امام هذه التطورات نحن مستعدون للقيام بدور وساطة بالتعاون مع تجمع علماء فلسطين" الذي دخل وفد منه الاحد الى مخيم نهر البارد.

وتابع بكري "هناك تياران داخل فتح الاسلام ويبدو ان التيار المرتبط بالقاعدة يحقق تقدما وهو الذي ارتكب التفجيرات الاخيرة في بيروت وعاليه" في شرق العاصمة.

وقال بكري ايضا "في حال لم يتم سريعا التوصل الى حل سياسي ينهي حصار مخيم نهر البارد فسنتجه نحو (عرقنة) للوضع وسيتدفق مقاتلوا القاعدة الى لبنان".

ويقول المحلل الطرابلسي مايز الادهمي ان خطر توسع القاعدة موجود معتبرا ان لا خيار امام الجيش سوى ضرب فتح الاسلام.

الجيش ليس له صلاحية دخول المخيم!!

وقال لبنان إنه لن يتسامح مع "الارهابيين" على اراضيه بينما يحاول قادة فلسطينيون انهاء الازمة الدموية بين الجيش اللبناني ومسلحين اسلاميين في مخيم للاجئين في الشمال. وخوفا من امتداد العنف الى مخيمات اخرى تعطي حكومة بيروت الفصائل الفلسطينية الرئيسية متسعا من الوقت لمحاولة التعامل مع جماعة فتح الاسلام التي تخوض اشتباكات مع الجيش اللبناني حول مخيم نهر البارد منذ 20 مايو ايار. بحسب رويترز.

لكن رئيس الوزراء فؤاد السنيورة قال لسفراء معتمدين في البلاد ان لبنان لن يتنازل عن مطلبه تسليم المسلحين انفسهم ومثولهم امام العدالة.

وقال السنيورة "تقوم الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني بأقصى الجهود لمعالجة هذا التهديد بشكل حاسم وحذر. وكل خيار بديل عن هذا الحسم ستكون له تبعات ونتائج خطيرة جدا على لبنان وعلى هذه المنطقة إذ سيتحول لبنان ارضا خصبة لنشاط كل ارهابي او خارج على القانون في العالم." واضاف "ان لبنان يرفض ويدين الارهاب اينما وقع ولن يتسامح معه على ارضه مهما كانت الظروف."

وقال تيمور جوكسل الخبير في الشؤون الامنية في لبنان "ما يعطل تحرك الجيش هو الفهم الخاص باحتمال نشوب مشكلة على مستوى البلاد.. هذا سيكون رد فعل اذا كانت معاناة المدنيين الفلسطينين شديدة."

وادت المعارك وهي أسوأ قتال داخلي في لبنان منذ الحرب الاهلية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990 الى مقتل 78 شخصا على الاقل هم 33 عسكريا و27 متشددا و18 مدنيا.

وقال الجيش في بيان "تتابع وحدات الجيش المنتشرة في محيط مخيم نهر البارد اجراءاتها الميدانية لتعزيز سيطرتها واحكام الطوق على المجموعات المسلحة التي تتمادى بعدوانها باستهداف المواقع العسكرية بالنيران واعمال القنص واقامة تحصينات جديدة".

واضاف البيان "ما استدعى رد الجيش بحزم على مصادر النيران لاسكاتها وتدمير التحصينات المستحدثة واحباط محاولات التسلل بالاسلحة المناسبة موقعا اصابات اكيدة في صفوف المسلحين."

من جهته ذكر السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة ان اربعة مسلحين سعوديين من فتح الاسلام قتلوا في المعارك. وقال لجريدة الحياة ان اعضاء في المجموعة من عدة جنسيات عربية يتبنون فكر القاعدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 3 حزيران/2007 -15/جمادي الأول/1428