الاستفتاء الرئاسي في سوريا رسالة مزدوجة لمتانة النظام

 شبكة النبأ: الاستفتاء الرئاسي في سوريا بحد ذاته هو رسالة مباشرة الى اعداء سوريا فيما يتفاقم الصراع الى ابعد حدوده، بل يرى اصدقاء سوريا ان امريكا باتت تحتاج اليها لضبط الاوضاع من الانفلات في اخطر ثلاث بؤر توتر وهي العراق ولبنان وفلسطين. فهل يمثل الاستفتاء اضافة جديدة لتراكم القوة في صراع سوريا مع اعدائها؟

يقول مسؤولون ومحللون سوريون ان الاستفتاء الرئاسي على ولاية ثانية للرئيس بشار الاسد يشكل رسالة مزدوجة داخلية وخارجية حول متانة النظام لكل من يفكر في محاولة زعزعته.

وقال د. خلف جراد مدير عام صحيفتي "تشرين" و"الثورة" الرسميتين ان "هذا الاستفتاء هو على تجربة عمرها سبع سنوات مرت خلالها سوريا باحلك الظروف" موضحا ان "هذا الاستفتاء يؤكد ان سياسة سوريا الداخلية والخارجية كانت صائبة ولا بد ان تستمر فيها".

واكد ان "الاستفتاء هو رسالة مزدوجة داخلية وخارجية". فعلى الصعيد الخارجي "جرت محاولات لعزل سوريا من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول التي لها علاقات مباشرة معها لكن هذه المحاولات فشلت" كما يقول د. جراد في اشارة الى عودة الحوار الاميركي السوري.

وقد شهدت الاعوام الاخيرة من ولاية الرئيس الاسد الذي استلم السلطة عام 2000 تدهورا للعلاقات مع الولايات المتحدة التي فرضت عام 2004 عقوبات اقتصادية على دمشق.

وتعرضت سوريا ايضا لضغوط دولية كثيفة اثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق

الحريري في شباط/فبراير 2005 في بيروت وسحبت وحداتها العسكرية من لبنان تحت وطأة الضغوط الدولية واللبنانية في العام نفسه.

اما على الصعيد الداخلي فيقول ان الرئيس الاسد "يعني بالنسبة لسوريا الاستقرار والانفتاح" فيما يغرق الجار العراقي في الحرب الاهلية اثر سقوط نظام صدام.

ويذكر ان السوريين من ابرز المتهمين بإدامة الحرب الطائفية وتدهور الامن من خلال السماح بدخول الانتحاريين والمقاتلين الاجانب عبر حدودها مع العراق.

ويشاطره المحلل عماد فوزي الشعيبي القريب من السلطات الرأي فيرى ان السوريين لن يصوتوا على ولاية ثانية للرئيس الاسد فحسب "بل على المحافظة على السيادة والاستقلال".

ويعتبر ان "سوريا اليوم اقوى مما كانت عليه عامي 2004 و2005 وتمسك بالملف اللبناني والملف العراقي وجزء من الملف الفلسطيني" مؤكدا انه "كلما صبر السوريون اكثر كلما ربحوا اكثر".

ولا يشكل قرب موعد التصويت في مجلس الامن الدولي على مشروع قرار انشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة قتلة الحريري مصدر قلق للشعيبي اذ يقول ان "المحكمة هي آلية ضغط على سوريا من قبل الولايات المتحدة لاستكمال الحوار من موقع اقوى".

ويؤكد ان الاميركيين اصبح عليهم "ان يستشيروا سوريا اليوم في اي شيء يمكن ان يحدث في لبنان". ويرى ان التعبئة الكبيرة التي سبقت الاستفتاء هي ايضا "رسالة الى الخارج" ودليل واضح على شعبية النظام.

وبلغت الحملة الانتخابية ذروتها السبت عشية الاستفتاء حيث تجمع الناخبون في المضافات فيما ازدانت شوارع دمشق وساحاتها بصور عملاقة للرئيس السوري ولافتات التأييد له.

وكان مجلس الشعب السوري وافق بالاجماع على ترشيح الرئيس الاسد (41 عاما) بناء على قرار القيادة القطرية لحزب البعث.

من جانبها دعت المعارضة داخل سوريا وخارجها الى مقاطعة الاستفتاء الرئاسي بسبب غياب اي منافس للرئيس السوري لكن من غير المتوقع ان يكون لهذه الدعوة تاثير يذكر.

وقال المعارض ياسين الحاج صالح "ليس الغرض من الاستفتاء معرفة ما اذا كان المرشح سينجح ام لا ولا قياس مدى شعبيته لكنه ضرورة لتجديد شباب وعزيمة النظام ولالتفاف انصاره حوله". واضاف "ربما يشكل ايضا رسالة للخارج حول التفاف الشعب السوري (حول النظام) وان اي محاولة لاضعاف النظام او قلبه ستكون مكلفة جدا وان البديل الوحيد هو الفراغ والفوضى".

وكان الاسد تولى الرئاسة في تموز/يوليو 2000 خلفا لوالده الراحل حافظ الاسد بعد فوزه عبر استفتاء ب2997 في المئة من اصوات السوريين.

ويأتي استفتاء 27 ايار/مايو بعد شهر من الانتخابات التشريعية التي قاطعتها المعارضة وفاز فيها تحالف الاحزاب الحاكمة بقيادة البعث العربي الاشتراكي.

رهان على الرئيس

وقال وزير الخارجية وليد المعلم ان "فترة الولاية الاولى للرئيس بشار الاسد واجهت موجات عالية من الضغوط وفي الولاية الثانية نامل ان يجني شعبنا ثمار هذا الصمود في وجه الضغوط التي فشلت في التأثير على السياسة السورية". بحسب فرانس برس.

واضاف بعد ان ادلى بصوته في وزارة الخارجية "ان سوريا تعودت على موجات الضغوط الخارجية التي وصلت احيانا الى التهديد بالعمل العسكري ثم الحصار الاقتصادي وبعد فشل هذه الضغوط يجب على الذين خططوا لعزل سوريا ان يعيدوا النظر في مواقفهم".

من ناحيته صرح نائب الرئيس السوري بعد ادلائه بصوته في وزارة الاعلام أن "الشعب السوري لا يراهن على شيء خاسر ورهانه على الرئيس الاسد رهان رائد لان المرحلة القادمة صعبة ومليئة بالتحديات وربما تكون مليئة بالمواجهات".

واضاف الشرع أن "المرحلة السابقة كانت صعبة ومهما كانت الصعوبات القادمة فالرئيس الاسد اهل لها وقادر بحكمته وشجاعته ورؤيته ان يشق طريق سوريا الى الامام لتكون نموذجا لوحدة وطنية يحتذى بها في المنطقة".

واشار الشرع الى ان "الرئيس الاسد خلال ولايته الماضية اختبر شجاعته في ادق الظروف وفي اخطر التحديات وصمد وصبر وسيواجه المرحلة القادمة بشاعة وحكمة وبمزيد من التطوير والاصلاح والوحدة الوطنية".

اما وزير الاعلام محسن بلال فقال "نعم لشبكة الامان (...) ودولة الوحدة الوطنية واستعادة الارض والجولان واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحق اللاجئين في العودة".

واردف بلال "نعم للعراق الحر المستقل السيد الخالي من جميع القوات الاجنبية العراق الموحد للانتماء العربي الصامد نعم للبنان الوحدة الوطنية لبنان المقاومة لبنان الصامد في وجه اسرائيل والتدخلات الاجنبية من اجل الا يتدخل السفراء والقناصل بشؤونه الداخلية وبوضعه السيادي".

خصم امريكا في الشرق الاوسط

ويعتمد الرئيس السوري بشار الاسد الذي يسعى الى ولاية جديدة يجري الاستفتاء عليها خطابا شديد اللهجة ضد الولايات المتحدة ادى عمليا الى قيام الدول الغربية بعزل بلاده.

ويعتبر انصاره انه برهن على انه رجل دولة بوقوفه في وجه القوة العظمى الاميركية الغارقة في المستنقع العراقي.

وانتخب بشار الاسد البالغ من العمر 41 عاما وهو طبيب متخصص في امراض العيون على رأس الدولة في تموز/يوليو 2000 بعد شهر على وفاة والده مؤسس النظام الحالي حافظ الاسد.

واعلن بشار الاسد في خطاب القسم تمسكه بـ"حق الاختلاف" الا ان ميوله الليبرالية سرعان

ما تبددت في صيف 2001 الذي شهد اعتقال رموز "ربيع دمشق" وهو التعبير الذي يطلق على فترة وجيزة من الانفتاح السياسي تلت وصوله الى السلطة.

وبعد ان اعلن على غرار النموذج الصيني ان "الاصلاحات الاقتصادية تمر قبل الاصلاحات السياسية" عاد واوضح عام 2003 ان المعارضين السوريين "اساؤوا فهم" كلامه حول الديموقراطية التي وعد بها في خطاب القسم.

وفي عهد بشار الاسد احتفظ حزب البعث الحاكم في سوريا منذ 1963 بدوره القيادي "للدولة والمجتمع".

وواجه الرئيس الشاب محنة خطيرة مع الاجتياح الاميركي للعراق واغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري حيث اشارت لجنة تحقيق دولية باصابع الاتهام الى مسؤولين سوريين كبار بالضلوع فيه وما اعقب هذا الاغتيال من انسحاب عسكري سوري من لبنان.

وتتهم واشنطن دمشق بالسعي الى زعزعة الاستقرار في كل من العراق ولبنان.

وفي مواجهة الضغوط الاميركية يعتمد بشار الاسد سياسة "حافة الهاوية" التي سبق وان مارسها والده متحديا النظام الاميركي المفروض في المنطقة.

غير ان الرئيس السوري يتعاون مع واشنطن في مطاردة تنظيم القاعدة ولا سيما في اوروبا.

وفي المقابل تتجاهل الولايات المتحدة واسرائيل دعواته الى استئناف مفاوضات السلام مع الدولة العبرية من اجل استعادة هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل منذ 1967.

وبالرغم من عزلة سوريا على الساحة الدولية نجح بشار الاسد في الامساك بعدد من الاوراق الرابحة بينها تحالفه مع روسيا وايران وحزب الله والتنظيمات الفلسطينية فضلا عن الحركات العراقية المعادية للولايات المتحدة.

القاعدة تدعو للاطاحة بالنظام في سوريا

ودعت مجموعة سنية تقول انها تنتمي الى القاعدة الشعب السوري الى الاطاحة بنظام الرئيس بشار الاسد الذي هددته بالموت وذلك في شريط سمعي بث الاحد على موقع اسلامي على شبكة الانترنت. بحسب فرانس برس. وبث الشريط في نفس اليوم الذي نظمت فيه سوريا استفتاء لمنح ولاية ثانية من سبع سنوات للرئيس السوري بشار الاسد.

وفي رسالة الى السوريين قالت جماعة التوحيد والجهاد في بلاد الشام بقيادة امير عام الجماعة ابو جندل الدمشقي "قوموا قومة رجل واحد وقطعوا اوصالهم واضربوهم في كل مكان". واضافت ان "الحكومة الخبيثة اشر من اليهود والنصارى ولا جدوى من حوار النصيريين".

وفي رسالة الى بشار الاسد قالت المجموعة "يا كلب النصيريين يجب قتالك لانك حكمت بغير ما انزل الله أبشر بحرب عصابات طويلة طويلة اعددناها لك اتظن انك ستكمل ولاية ثانية". كما دعت الى "مسح حزب البعث من تاريخ سوريا".

وقالت المجموعة انها اول "كلمة صوتية" من اميرها على شبكة الانترنت.

وتخلل الكلمة المكونة من خمس رسائل عدة اشارات الى قادة تنظيم القاعدة.

ودعا حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا منذ 1963 السوريين الى التصويت "بنعم" في الاستفتاء بينما دعت المعارضة المحظورة الى مقاطعته.

وفيما يلي معلومات عن جمهورية سوريا:

- الموقع الجغرافي: تبلغ مساحة سوريا 185 الف كلم مربع ويحدها البحر الابيض المتوسط ولبنان غربا وتركيا شمالا والعراق شرقا والاردن واسرائيل جنوبا.

- عدد السكان: 19 مليون نسمة (2007) معظمهم من العرب والاقليتان الكبريان غير

العربيتين هما الاكراد والارمن. وفي سوريا مليون لاجئ عراقي.

- العاصمة: دمشق.

- اللغة الرسمية: العربية.

- الديانات: الاسلام (90% معظمهم من السنة) والمسيحية (10%).

- التاريخ: وضعت سوريا عام 1920 عند انهيار الامبراطورية العثمانية تحت الانتداب الفرنسي وحصلت على استقلالها في 17 نيسان/ابريل 1946. وشهدت انقلابات عسكرية متتالية بين 1947 و1963 حيث سيطر حزب البعث العربي الاشتراكي على السلطة.

- وفي 1958 اعلنت الوحدة بين سوريا ومصر قبل ان تقطعها دمشق عام 1961.

- تسلم وزير الدفاع حافظ الاسد السلطة في تشرين الثاني/نوفمبر 1970 وبعد اربعة اشهر انتخب رئيسا بالاقتراع العام.

- احتلت اسرائيل هضبة الجولان السورية خلال حرب حزيران/يونيو 1967 وضمتها عام 1981. ومفاوضات السلام مقطوعة بين سوريا واسرائيل منذ كانون الثاني/يناير 2000.

- شاركت سوريا خلال حرب الخليج عام 1990 في الائتلاف الدولي ضد العراق.

- انتشر الجيش السوري في حزيران/يونيو 1976 في لبنان بعد سنة على اندلاع الحرب الاهلية وفي 1989 شرعت اتفاقات الطائف التي وضعت حدا للحرب الوجود العسكري السوري في هذا البلد. وفي نيسان/ابريل 2005 سحبت دمشق قواتها منه تحت وطأة الضغوط الدولية.

- السياسة: تعتمد الجمهورية العربية السورية نظاما رئاسيا يسيطر عليه حزب البعث. وعند وفاة حافظ الاسد بعد بقائه ثلاثين عاما في السلطة عين ابنه بشار رئيسا في تموز/يوليو 2000 وهو مرشح لولاية ثانية من سبع سنوات.

- اعلن قانون الطوارئ في سوريا بعيد وصول حزب البعث الى السلطة عام 1963 ولا يزال قائما حتى اليوم.

-ادى توجيه اصابع الاتهام الى سوريا في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005 الى تجميد الولايات المتحدة واوروبا علاقاتهما مع دمشق. وشهدت العلاقات مع الاتحاد الاوروبي حلحلة في اذار/مارس 2007.

- رئيس الوزراء هو محمد ناجي العطري وهو في هذا المنصب منذ 2003.

- البرلمان المؤلف من 250 مقعدا برئاسة محمود الابرش وفازت الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة في الانتخابات التشريعية التي جرت في 22 نيسان/ابريل 2007.

- الاقتصاد: لا يزال الاقتصاد السوري يخضع لتوجيه كبير من الدولة بالرغم من الانفتاح على القطاع الخاص. وتطبق سوريا برنامج اصلاحات ادارية واقتصادية.

- تفرض واشنطن منذ 2004 عقوبات اقتصادية على دمشق التي تتهمها بدعم الارهاب.

- العملة: الليرة السورية.

- اجمالي الناتج القومي للفرد: 1380 دولارا (ارقام البنك الدولي عام 2005).

- نسبة النمو: 5,1% عام 2006 (رسمي).

- الدين: 21 مليارا و521 مليون دولار (البنك الدولي 2004)

- نسبة البطالة: 8,3% عام 2006 (رسمي) مقابل 20% بحسب تقديرات الخبراء.

الموارد:

- الطاقة: نفط وغاز طبيعي.

- الزراعة: القطن والقمح والشعير.

- المناجم: الفوسفات والاسمنت.

- السياحة: 3,6 ملايين زائر اجنبي عام 2006.

- القوات المسلحة: يقدر عديدها بـ307 الاف و600 الف عنصر (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية 2006).

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29 آيار/2007 -11/جمادي الأول/1428