|
شبكة النبأ: إيران تكره المفاوضات
وهذه حقيقة يستطيع قارئ الأفكار أن يستنبطها. فطهران لم تكن متأكدة من
مسألة من يتعين أن يلتقي مع السفير الامريكي كروكر، لذا عاد سفيرها في
بغداد حسن كاظمي إلى بلاده لإجراء المزيد من المشاورات.
ومعروف أيضا أن الإيرانيين لا يحبذون اتخاذ مواقف قبل التوصل لإجماع
داخل النخبة الحاكمة فيها، كما أن مسألة التعامل مع أمريكا لاتزال
خاضعة لمناقشات حامية.
لذلك فان من السابق لأوانه الحكم على فائدة هذا اللقاء خاصة ان الذي
سبقه هو تبادل الاتهامات فقط بين الاثنين دون اية بادرة تقارب
دبلوماسية او سياسية.
يقول الكاتب ديفيد اغناطيوس في صحيفة واشنطن بوست: ترى ما الذي يجول
في تفكير زعماء طهران مع استعداد الدبلوماسيين الايرانيين والامريكيين
لعقد اجتماع مهم معا في بغداد اليوم يتناول الوضع في العراق؟
الواقع ان الاساليب التقليدية لا تفيد كثيرا هنا لان الايرانيين لا
يتحدثون علنا عادة، لكن بالامكان الحصول على تصور حول ما يفكرون به من
خلال استخدام فن الصحافة القديم في قراءة الافكار.
وهنا يمكن القول ان طهران تعاني من هاجس واحد منذ عام 1979 هو وجود
مؤامرة امريكية لتقويض الثورة الاسلامية. اذ من الواضح ان هذا الشك
بوجود مؤامرات اجنبية يتجسد في كل قرار ايراني.
فحينما يقول الامريكيون انهم يؤيدون رئيس حكومة العراق نوري
المالكي، لا تستطيع طهران تصديق هذا تماما لانها تجد نفسها تتساءل:
لماذا يقيم الامريكيون حكومة شيعية صديقة في العراق ويؤمنون لإيران
بذلك قوة اكثر في المنطقة؟ وما هي لعبة بوش الحقيقية؟
فأصدقاء امريكا السعوديون يفضلون القيام بانقلاب في بغداد بقيادة
رئيس الحكومة العراقية السابق اياد علاوي، الذي تدرب على يد سيد من
يدبر كل المؤامرات السرية: جهاز التجسس البريطاني ام ـ آي ـ 6، ثم توجه
رئيس المتآمرين الآخر ديك تشيني، نائب الرئيس بوش، الى الرياض هذا
الشهر للطلب من السعوديين تأييد المالكي حليف طهران، وهذا يثير حيرة
الايرانيين الذين يقولون: اذا كانت ادارة الرئيس بوش تريد حقا تأييد
المالكي، فاننا نريد ان نسمع هذا من السفير الامريكي في بغداد ريان
كروكر.
ويضيف اغناطيوس: الحقيقة ان تفكير طهران منشغل دوما باحتمال وجود
مؤامرة امريكية اكبر لتغيير النظام في ايران، فالبرغم من تنصل وزيرة
الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس من هذا الهدف خلال لقائها الصحفي
الاخير مع صحيفة فايننشال تايمز الا انها لم توقف انفاق 75 مليون دولار
من الصندوق الذي تم انشاؤه العام الماضي لبث رسائل مؤيدة للديموقراطية
الى ايران، ومساعدة المنظمات الايرانية غير الحكومية.
لذا، تعتقد ايران ان الغاية الحقيقية لهذه الاموال تشجيع قيام ثورة
ناعمة في ايران على غرار الثورات الملونة التي حدثت في جورجيا
واوكرانيا.
وهذا ما دفع الايرانيين في الآونة الاخير لاعتقال هالة ايسفندياري،
الامريكية المتحدرة من اصول ايرانية، التي تعمل في مركز وودرو ويلسن،
فهم يدركون أنها ليست جاسوسة ـ ذكرت هذا الاستخبارات الإيرانية نفسهاـ
إلا أن زعماء البلاد يريدون توجيه رسالة من خلالها بأنهم سوف يسجنون
حتى جدة مسالمة لإخافة الناشطين الآخرين. صحيح أن الملالي يريدون فتح
حوار مع واشنطن إلا أنهم لايريدون أن يعتقد الإيرانيون العاديون أنهم
ـالملاليـ يتفقون أو ينسجمون مع الشيطان الأكبر.
محادثات غير مفيدة
ولا يتوقع المسؤولون الامريكيون احراز اي انفراج كبير من هذه
المحادثات التي تأتي في الوقت الذي تجري فيه سفن حربية امريكية مناورات
حربية في الخليج ومع اعلان طهران انها كشفت شبكات تجسس في اراضيها
تديرها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
واستدعت وزارة الخارجية الايرانية يوم الأحد السفير السويسري في
طهران والذي يمثل المصالح الامريكية في طهران لتعرب له عن استيائها
بشأن شبكات التجسس.
ودعا الرئيس الامريكي جورج بوش في الاسبوع الماضي الى فرض عقوبات
اقوى على ايران بسبب برنامجها النووي الذي تقول واشنطن انه يستخدم لصنع
قنبلة نووية.
ولكن برنامج ايران النووي لن يطرح على بساط البحث. ولن يشمل جدول
اعمال المحادثات سوى موضوع واحد فقط وهو العراق حيث يهدد العنف الطائفي
بين الاقلية السنية والاغلبية الشيعية بالتحول الى حرب شاملة قد تمتد
الى المنطقة.
ويمثل اللقاء بين السفير الامريكي ريان كروكر ونظيره الايراني حسن
كاظمي القمي تحولا من جانب واشنطن التي قطعت العلاقات مع ايران عام
1980 وسعت الى حد كبير إلى عزل الجمهورية الاسلامية في السنوات
الماضية.
ويقول كروكر إنه لا يتوقع "اي انفراجات مذهلة ومفاجئة" من اللقاء.
ويقول مسؤولون امريكيون انه سيضغط على ايران لاتخاذ خطوات للحد من
العنف في العراق.
ومن المتوقع ان يصبح شهر مايو ايار أدمى شهر بالنسبة للقوات
الامريكية خلال الحرب الدائرة في العراق منذ اربع سنوات . وقتل حتى
الآن اكثر من 100 جندي امريكي معظمهم بقنابل زرعت على جانب الطرق.
ويقول الجيش الامريكي ايضا إن الميليشيات الشيعية تتلقى تمويلا
وتدريبا في ايران. وفي فبراير شباط احتجزت القوات الامريكية خمسة
ايرانيين متهمين بأن لهم علاقات بالحرس الثوري الايراني مما اغضب ايران
التي تصر على انهم دبلوماسيون.
ويمكن ان يكون مصير الخمسة ورقة مقايضة يطرحها الامريكيون على
المائدة رغم ان وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي قال الاسبوع الماضي
انه تلقى تأكيدات من زيباري بأن من الممكن الافراج عنهم بحلول 21 يونيو
حزيران.
واستهل دبلوماسيوا واشنطن وطهران اجتماعاتهم في مقر رئيس الوزراء
العراقي نوري المالكي في المنطقة الخضراء ببغداد الاثنين, في أول
محادثات علنية ورسمية بين الولايات المتحدة وإيران منذ 27 عاماً،
تتمحور حول أوضاع العراق، وتأتي وسط إعلان طهران بكشف وتفكيك شبكات
تجسس أمريكية واستعراض أمريكي للقوة في مياه الخليج.
وقال المالكي، في كلمة استهل بها اللقاء، إن إحراز أي تقدم في هذا
الاجتماع سيعزز جسور الثقة بين الدولتين ويخلق أجواءً إيجابية في
المنطقة، وفق ما نقلت قناة "العراقية" الرسمية.
وشددت مصادر دبلوماسية أمريكية أن المفاوضات ستقتصر على العراق ولن
تتناول قضايا عالقة بين الجانبين، من بينها برنامج إيران النووي
واعتقال طهران لعدد من الأمريكيين، بجانب اعتقال الجيش الأمريكي لعدد
من الإيرانيين في العراق.
وكشف الناطق باسم الخارجية الأمريكية، شون ماكورماك، الأسبوع الماضي
أجندة اللقاء قائلاً "القضية التي سيتناولها لقاء السفير الأمريكي في
العراق رايان كروكر والمندوب الإيراني ستركز على العراق واستقراره."
وأوضح وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري لـCNN إن وفداً عراقياً
سيشارك في المحادثات، التي قال إن الغاية منها "المساعدة في تخفيف حدة
التوتر بين الولايات المتحدة وإيران."
وأستطرد قائلاً "لا نتوقع معجزات ولكن من مصلحتنا أن يبدأ حوار
كهذا."
اكتشاف شبكات تجسس أمريكية
واستبقت الجمهورية الإسلامية المحادثات بين الطرفين بإعلانها الكشف
عن شبكات تجسس أمريكية داخل البلاد، مشيرة إلى أنها ستكشف المزيد من
التفاصيل بشأنها خلال الأيام القليلة المقبلة. ولم يعقّب البيت الأبيض
مباشرة على الإعلان الإيراني.
وكانت السلطات الإيرانية قد أعلنت، أنها تمكنت مؤخراً من كشف عدد من
شبكات التجسس في الجمهورية الإسلامية، تعمل لصالح الولايات المتحدة
الأمريكية، مؤكدة أنها نجحت في تفكيك هذه الشبكات المزعومة.
وجاء في بيان أصدرته وزارة الأمن الإيرانية، أن منتسبي الوزارة
"تمكنوا من كشف وتفكيك
شبكات كانت تتجسس لصالح قوات الاحتلال في العراق، في مناطق غرب
وجنوب غرب ووسط إيران، حسبما نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية للأنباء.
لا محادثات بشأن تبادل السجناء
وأستبعد الناطق باسم الجيش الأمريكي، الجنرال ويليام كالدويل، في
حديث لـCNN أن تتضمن المحادثات الأمريكية-الإيرانية بنود تبادل سجناء
بين الجانبين، ونوه قائلاً "على حد علمي ليس هناك شيئاً من هذا
القبيل."
وقال كالدويل إن الجيش الأمريكي يعتقل سبعة "من عناصر الاستخبارات
الإيرانية" في العراق، وتشير إيران إلى أن خمسة من رعاياها الذين
اعتقلوا في يناير/كانون الثاني كدبلوماسيين وتطالب بإطلاق سراحهم.
وأضاف أن الإيرانيين السجناء "اعتقلوا كأي شخص أخرى ينتهك القانون"
في العراق."
أستعراض أمريكي للقوة
وفي شأن مواز، أكملت تسع قطع حربية أمريكية تتبع الأسطول البحرية
الخامس، عبورها عبر مضيق هرمز باتجاه الخليج العربي، ولأول مره في وضح
النهار، بعملية استغرقت نحو أربع ساعات، وفي خطوة هي الأولى من نوعها
منذ عام 2003.
وستبدأ البوارج الحربية تدريبات عسكرية في الخليج العربي تستمر لمدة
أسبوعين، والتي ترتبط بالقدرات الدفاعية والمرتبطة بالقوات الأمريكية
في العراق وأفغانستان. |
