
شبكة النبأ: رغم الامال الكبيرة التي
كانت معلقة على تقارب اكثر جدية يشهده مؤتمر شرم الشيخ بين امريكا
وايران إلا ان اي من الطرفين لم يبادر بطلب مقابلة الاخر تاركا له خيار
التقارب من عدمه. وفي غضون ذلك سعت الولايات المتحدة الى عقد اجتماع مع
الوفد السوري استمر اكثر من نصف ساعة في جهود تبذل منذ فترة لمحاولة
كسب سوريا وتقريبها للغرب، الامر الذي يمكن ان يتم من خلاله احداث شرخ
في الحلف بين سوريا وايران ومحاولة عزل الاخيرة اكثر عن المجتمع
الدولي.
ويمثل شرم الشيخ رقصة امريكية مع ايران من جهة وسوريا من جهة اخرى
تعتمد على الدبلوماسية من اجل تخفيف حدة الخوف الايراني من هجوم امريكي
محتمل، وعزل سوريا عن تحالفها المزعج مع ايران.
واختتم مؤتمر شرم الشيخ الدولي حول العراق بتصعيد ايراني ضد
الولايات المتحدة على عكس التكهنات بان تكون قاعة مؤتمراته مسرحا للقاء
يجمع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الايراني منوشهر
متكي.
واتهم متكي الولايات المتحدة بممارسة "الارهاب" في العراق وطالبها
بجدول زمني للانسحاب منه.
ودان متكي في الاجتماع الموسع للمؤتمر "المعايير المزدوجة" التي
تميز بين ارهابيين جيدين وارهابيين سيئين". واعتبر ان الاحتلال الاجنبي
للعراق هو سبب المشاكل فيه.
واكد متحدث رسمي باسم الوفد الايراني في شرم الشيخ لوكالة فرانس برس
ان متكي "كان يشير الى الاعمال الارهابية التي تقوم بها الولايات
المتحدة في العراق. فاعتقال دبلوماسيين ايرانيين هو عمل ارهابي يستحق
الادانة".
وقال متكي "ان خلق ملاذ امن لهؤلاء الارهابيين الذين يحاولون تحويل
الاراضي العراقية الى قاعدة لمهاجمة جيران العراق يجب ان يكون محل
ادانة". وشدد على وجوب ان تقدم الولايات المتحدة "خطتها للانسحاب من
العراق من اجل السماح بعودة السلام والاستقرار".
وفي وقت لاحق حمل متكي مسؤولية الفوضى الحاصلة في العراق "لفشل
السياسة الاميركية". وقال "الولايات المتحدة ستجدنا الى جانبها اذا
عملت من اجل السلام والاستقرار في العراق".
ودعا متكي الى "دعم اقليمي ودولي لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي"
التي يسيطر عليها ائتلاف شيعي.
وعقد اجتماع على هامش المؤتمر على مستوى الخبراء بين الجانبين
الاميركي والايراني.
وقال السفير الاميركي في العراق راين كروكر انه التقى نائب وزير
خارجية ايران الا انه قلل من اهمية اللقاء وقال "لقد كان محدودا جدا
وقصيرا وكان حول العراق".
كما قللت كوندوليزا رايس من اهمية الاجتماع واشارت الى ان السفير
الاميركي السابق في العراق زلماي خليل زاد اجرى محادثات على المستوى
نفسه في اذار/مارس.
وصرح وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي في مؤتمر صحافي منفصل "لم
يعقد اجتماع لم يكن هناك وقت لعقد اجتماع رسمي. ولم تكن هناك خطة
لاجتماع بين وزيري خارجية ايران والولايات المتحدة".
وكانت الامال باجراء محادثات مباشرة على اعلى المستويات بين طهران
وواشنطن منذ قطع العلاقات بينهما في 1980 تضاءلت بعد هجوم متكي على
الولايات المتحدة.
ومما زاد في احباط الامال بحدوث تقدم بين واشنطن وطهران ان متكي
غادر عشاء كانت تشارك فيه رايس الخميس.
وغادر متكي مبكرا عشاء اقامه وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط
لرؤساء الوفود المشاركة وفق مسؤولين اميركيين فسروا ذلك بانه غضب من
"رداء احمر" غير محتشم لعازفة كمان تواجدت بالمطعم.
واكد المسؤولون كذلك ان الوفد ايراني تفقد الطريقة التي تم بها
ترتيب الجلوس حول المائدة وبدا "مستاء" من ان متكي سيجلس في مواجهة
رايس مباشرة.
لكن متكي قال في مؤتمر صحافي انه لم يحضر بسبب كثرة "الاستقبالات
وحفلات الافطار والغداء التي شارك فيها خلال اليومين السابقين.
في المقابل ابدى الاميركيون ليونة تجاه سوريا عبّر عنها لقاء رايس
مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم لمدة نصف ساعة الخميس قالت وزيرة
الخارجية الاميركية انه تناول "مشكلة المقاتلين الاجانب الذين يقفون
وراء معظم العمليات الانتحارية في العراق".
وقالت الجمعة قبل مغادرتها الى واشنطن "كان الحديث مهما جدا. انا
سعيدة جدا بان تكون اتيحت لنا هذه الفرصة".
رقصة الدبلوماسية او دبلوماسية
راقصة
بعد بضع ساعات وفي مأدبة عشاء للوزراء حيث كان من المقرر ان يجلس
متكي امام رايس غادر المكان حتى قبل أن يجلس الضيوف وقال مسؤول امريكي
انه شكا من ان الثوب الاحمر الذي ترتديه عازفة كمان روسية كان فاضحا.
وقال شون مكورماك المتحدث باسم رايس "انني لا اعرف من هي المرأة
التي كان يخشاها .. المرأة ذات الثوب الاحمر أم وزيرة الخارجية."
ومحاولات الاجتماع مع ايرانيين تمثل خروجا على سياسة ادارة الرئيس
الامريكي جورج بوش على مدى ست سنوات والتي تقضي بعزل طهران وفي إطار
سياسة ممارسة الضغوط والاتصالات لاقناع دول مثل سوريا وايران بقمع
العنف في العراق.
وتلقي واشنطن التي قطعت علاقاتها مع ايران في عام 1980 باللوم على
ايران في زعزعة استقرار العراق. لكن في كلمة ساخرة امام المؤتمر قال
متكي ان الغزو الامريكي في عام 2003 هو سبب الاضطرابات في العراق وان
القوات الامريكية يجب أن تنسحب.
وحث العديد من الخبراء وبينهم لجنة امريكية بشأن العراق من الحزبين
الجمهوري والديمقراطي في العام الماضي ادارة بوش على الدخول في حوار مع
سوريا وايران. وبينما لم يتحقق عقد اجتماع بين رايس ومتكي اجتمع السفير
الامريكي لدى العراق ريان كروكر مع نائب وزير الخارحية الايراني عباس
عراقجي.
ووصف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اللقاء بأنه "علامة
ايجابية". لكن كروكر قال انه استمر ثلاثة دقائق فقط.
وقال محللون إن إيران تراقب عن كثب تحركات رايس مع سوريا مثلما فعلت
طهران عندما أبرمت كوريا الشمالية اتفاقا مع واشنطن ودولا اخرى بشأن
برنامجها النووي.
وقال جون التمان خبير شؤون الشرق الاوسط في مركز الدراسات
الاستراتيجية والدولية في واشنطن "اذا دخلت سوريا في حوار أكبر مع
الغرب فانها تترك ايران في عزلة تامة في الشرق الاوسط."
صواريخ ايرانية الى اوروبا واميركا
من جهة اخرى نقل تقرير لوكالة فرانس برس عن تصريح مسؤول كبير في
وزارة الخارجية الاميركية ان ايران قد تمتلك خلال ثمانية اعوام صواريخ
بعيدة المدى قادرة على ضرب الولايات المتحدة واوروبا.
وقال جون رود مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الامن الدولي ومنع انتشار
الاسلحة ان ايران يمكن ان تحصل على هذا الصاروخ بالكامل من كوريا
الشمالية التي سلمت طهران في الماضي صواريخ بالستية.
واضاف ان الاستخبارات الاميركية ترى ان طهران التي تتحدى عقوبات
الامم المتحدة بمواصلتها برنامجها النووي الحساس يمكن ان تطور صاروخا
بعيد المدى قادرا على بلوغ كل اوروبا والولايات المتحدة قبل 2015 اذا
ارادت ذلك.
واكد رود في جلسة استماع في الكونغرس ان "تقديرات استخباراتنا مبنية
على توقعات حول الفترة التي يمكن ان تمتلك ايران خلالها هذه القدرة
بوسائلها الخاصة وربما بمساعدة من الخارج". وتابع ان "احد العناصر
الاساسية في مدى سرعة ايران في حيازة هذا الصاروخ سيكون المساعدة
الخارجية".
وردا على سؤال عن امكانية حصول ايران على هذه الصواريخ حتى قبل 2015
تحدث جون رود ايضا عن "امكانية حصول ايران على منظومة كاملة من كوريا
الشمالية كما حصل في السابق".
وقال ان "كوريا الشمالية تمتلك صواريخ بالستية عابرة للقارات (آي سي
بي ام) ومن الممكن بالتأكيد ابرام صفقة بيع جديدة في المستقبل".
واضاف "لكن ذلك يمكن ان يقرب الى ما قبل 2015 حصول ايران على صواريخ
حسب حجم المساعدة التي يمكن ان تتلقاها".
وقال دانيال فرايد مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون الاوروبية
والآسيوية ان ايران تمتلك اصلا مئات من الصواريخ متوسطة المدى "شهاب-3"
وصواريخ بالستية قصيرة المدى وتطور انظمة صواريخ متوسطة المدى قادرة
على بلوغ اهداف في جنوب شرق اوروبا.
وتابع ان الجمهورية الاسلامية تملك خططا لتطوير مركبات فضائية تشكل
"مصدر قلق" نظرا للتشابه بين هذه التكنولوجيا والتكنولوجيا المتوفرة في
الصواريخ بعيدة المدى.
وتحاول الولايات المتحدة اقناع حلفائها وخصوصا اوروبا بالمشاركة في
الدرع المضادة للصواريخ. وهي تأمل في الحصول على تسهيلات في الجمهورية
التشيكية وبولندا لمواجهة تهديد ايران لاوروبا وللاراضي الاميركية على
حد تعبيرها.
وقال فرايد ان "الهدف هو اقامة نظام قادر على تعزيز حماية الولايات
المتحدة ومن ميزاته ايضا انه يحمي اوروبا". واكد ان "التهديد حقيقي
والنظام الذي نقترحه عملي".
وتابع فرايد ان ان الاختبارات اثبتت ان النظام الدفاعي الصاروخي
فعال موضحا ان 27 محاولة اعتراض نجحت من اصل 35 محاولة. وتابع ان "15
من اصل 16 اختبارا لاطلاق الصواريخ نجحت ايضا".
محاولة لعزل
سوريا عن أيران
ومع دبلوماسية الرقص التي تستخدمها امريكا مع ايران من اجل تضييع
الوقت وامتصاص الخوف الايراني من الحرب فأن امريكا اخذت تستخدم اسلوبا
اخر مع سوريا من اجل عزلها عن ايران.
وقال محللون إن إيران تراقب عن كثب تحركات رايس مع سوريا مثلما فعلت
طهران عندما أبرمت كوريا الشمالية اتفاقا مع واشنطن ودولا اخرى بشأن
برنامجها النووي.
وقال جون التمان خبير شؤون الشرق الاوسط في مركز الدراسات
الاستراتيجية والدولية في واشنطن "اذا دخلت سوريا في حوار أكبر مع
الغرب فانها تترك ايران في عزلة تامة في الشرق الاوسط."
وأقر الجيش الامريكي أيضا بأن سوريا تبذل المزيد من الجهود لمنع
مقاتلين من عبور حدودها الى داخل العراق.
وقال المتحدث العسكري الامريكي الميجر جنرال وليام كولدويل في مؤتمر
صحفي يوم الخميس في بغداد "كان هناك بعض الحركة من السوريين... حدث
انخفاض في تدفق المقاتلين الاجانب الذين يدخلون العراق كما لاحظنا هنا
خلال الشهر الماضي."
لكن وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ذكرت في أعقاب اجتماع
مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم الخميس في أعلى مستوى للاتصال
بين الولايات المتحدة وسوريا خلال عامين أنها حثت سوريا مجددا على منع
المقاتلين الأجانب من دخول العراق.
ونفت دمشق اتهامات أمريكية بأنها تسمح لمقاتلين بعبور الحدود الى
العراق وقالت إن مقاتلي
تنظيم القاعدة الذين يعتقد أنهم ضالعون في هجمات على مدنيين عراقيين
من الشيعة يمثلون تهديدا لسوريا يماثل تهديدهم للعراق.
وقال مسؤول كبير "نحن متيقظون الان أكثر من أي وقت مضى. كلما تدهور
الوضع في العراق كلما كان لذلك تداعيات على سوريا."
وأضاف "هذه النار المشتعلة في العراق سينتهي بها الامر بتدمير بقية
المنطقة اذا استمرت. سوريا تفرق بين مقاومة للاحتلال الامريكي ومذابح
طائفية."
لكن المسؤول ذكر أن سوريا لا تنوي ابلاغ الولايات المتحدة بأحدث
جهودها الامنية.
وكانت دمشق قدمت معلومات لواشنطن في أعقاب هجمات 11 سبتمبر أيلول
لكنها أوقفت التعاون في مجال معلومات المخابرات قبل عامين عندما ساءت
العلاقات بسبب دور سوريا في لبنان والعراق.
وقال المسؤول "لم يرجع الامريكيون الفضل الينا في أي شيء حتى عندما
أدت مساعدتنا الى انقاذ أرواح أمريكية." |