الحرب  على الإرهاب فتحت صندوق بندورا!

شبكة النبأ: تمتد التاثيرات السلبية للمناخ الذي خلقته الحرب على الارهاب لتطال بتداعياتها اغلب مناطق الارض وتلقي ظلال الموت ومختلف الاخطار على الانسان والاقتصاد والبيئة على حد سواء.

اضافة الى ان العلاقة الوطيدة بين قطاع الاقتصاد وبين السياسة والامن تجعل الارهاب اكبر مؤثر ومحدد للنمو الاقتصادي سواء على المستوى المحلي لأي دولة او على المستوى الكلي للاقتصاد العالمي.

فقد قال وزير المخابرات بجنوب افريقيا إن "الحرب على الارهاب" التي تقودها الولايات المتحدة قد فتحت صندوق الشرور لعواقب غير مقصودة وإنها تنحرف بطريقة خطيرة لتقترب من الخوف المرضي من الاسلام.

وقال روني كاسريلس إن جنوب افريقيا تعتقد أن صفة "ارهابي" يجب الا تطلق بدون تمييز او بشكل خاطئ. بحسب رويترز.

وقال "كل هذا اصبح للاسف أمرا شائعا في المناخ العالمي."

وفي اعقاب هجمات 11 سبتمبر على نيويورك وواشنطن سعت الولايات المتحدة عبر حملة قادتها للتصدي للارهاب تكلفت مليارات الدولارات لاستئصال الارهاب من دول عدة معظمها اسلامية.

ويقول منتقدون للاستراتيجية الامريكية إن سياسة الضربات العسكرية الاستباقية واحتجاز المشتبه في كونهم من المتشددين الاسلاميين في أماكن مثل معتقل جوانتانامو تنتهك القانون الدولي وتشعل توترات دينية ومشاعر مناهضة للغرب.

وقال كاسريلس " نخشى أن ما يسمى.. الحرب العالمية على الارهاب.. قد فتحت صندوق بندورا. وقد اججت العديد من العواقب غير المتوقعة وغير المقصودة.. ومظالم عميقة

وتنحرف الى هلع مرضي خطير من الاسلام.. وهو احد اكثر الديانات احتراما في العالم."

ويعود صندوق بندورا إلى الأساطير اليونانية التي تقول إن زيوس أرسل امرأة اسمها بندورا عقابا للجنس البشري بعد سرقة بروميثيوس للنار وأعطاها علبة "صندوق بندورا" ما أن فتحتها بدافع الفضول حتى انطلقت منها جميع الشرور والرزايا فعمت البشر ولم يبق فيها غير الامل.

الارهاب ونمو الصين والتحركات الامريكية

من جهة اخرى قال خبير اقتصادي عالمي ان العالم يواجه حاليا ثلاثة تحديات رئيسية هي الارهاب الدولي وربطه احيانا بالاديان، والتصاعد المستمر للصين كقوة اقتصادية، والتحركات الامريكية ازاء التطورات التى يشهدها العالم. بحسب تقرير لـ(كونا).

واضاف نائب وزير الخارجية الامريكي الاسبق روبرت زوليك في المؤتمر المصرفي الخليجي الثامن اليوم ان الارهاب الدولي يعتبر اكبر خطر يهدد الاقتصاد العالمي.

واوضح زوليك ان العلاقة الوطيدة بين قطاع الاعمال وبين السياسة والامن تجعل الارهاب اكبر مؤثر ومحدد للنمو الاقتصادي سواء على المستوى المحلي لاي دولة او على المستوى الكلي للاقتصاد العالمي.

واشار الى ان الاسواق العالمية عرضة للتغيير لان استقرارها امر صعب وبالتالى فان وجود مؤثرات مثل العمليات الارهابية التى تنتشر في كل مكان في العالم يجعل هذه الاسواق في حالة من القلق المستمر حتى وان تحركت بشكل ايجابي.

وقال ان هذه الاسواق تعاني احيانا غياب المعلومات وندرة الشفافية وهو ما يؤدى الى انعدام الثقة ومن ثم الخوف من التعامل فيها في اشارة الى جميع انواع الاسواق في كل انحاء العالم سواء كانت اسواق اسهم وسندات ومعادن او اسواقا تجارية للسلع والخدمات وغيرها.

واكد زوليك الذي يراس حاليا مؤسسة (غولدنمان.ساكس) العالمية ان علينا ان نضع في الاعتبار ان "الاسواق اداة وليست غاية بحد ذاتها" ومن هنا يمكن التعامل معها كادوات تحقق مزايا الاستثمار لمن يرغب.

وحول تصاعد الصين كقوة اقتصادية قال زوليك انه لايمكن انكار مؤشرات وحقائق اقتصادية تتعلق بالنمو المذهل للصين الا انه يجب ان نضع في الاعتبار التحديات التى تواجهها الصين.

واضاف ان من ابرز هذه التحديات الاختلاف الواسع بين المقاطعات والمدن الصينية وتحديدا بين الريف حيث التطور بطيء او شبه منعدم والمدن حيث التطور سريع الى جانب تحد اخر يتعلق بالنمو السكاني ومدى القدرة على ضبطه.

واشار الى ان الصين وضعت برامج واضحة للتعليم والتنمية البشرية وهي قادرة على تحقيق هذه البرامج الامر الذي يضيف الى قوتها الاقتصادية ويدعمها لانه بدون تتنمية الموارد البشرية لا يمكن لاي اقتصاد ان يستمر في تحقيق معدلات ايجابية.

وبالنسبة لتحركات الولايات المتحدة ازاء التطورات العالمية سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي اوضح ان احداث 11 سبتمبر 2001 الشهيرة كان لها اكبر الاثر في تغير الكثير من السياسات الامريكية.

انتقادات لأمريكا بشأن حقوق الانسان

وقال محقق للامم المتحدة ان الولايات المتحدة خرقت على ما يبدو القانون الدولي في محاكمها العسكرية باستخدام القهر لانتزاع اعترافات واعداد قوانين لمكافحة الارهاب تفرض قيودا على الهجرة على أسس مشكوك فيها. بحسب رويترز.

ولكن الفنلندي مارتن شينين وهو محقق للامم المتحدة بشأن حقوق الانسان في مكافحة الارهاب ان نتائجه لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الذي يتخذ من جنيف مقرا له لا تعني ان" الولايات المتحدة اصبحت عدوا لحقوق الانسان."

واضاف في تقرير مبدئي يقع في 12 صفحة بشأن زيارة استغرقت عشرة ايام للولايات المتحدة انها"بلد مازال لديه قدر كبير يفخر به" ولاسيما في مجال ممارسة حرية الصحافة. وسيتم تقديم تقريره الكامل الى المجلس في وقت لاحق من العام الجاري.

ولكن زلماي خليل زاده سفير الولايات المتحدة بالامم المتحدة رفض هذه المزاعم قائلا" لدينا وجهة نظر مختلفة.

"اننا نفعل ذلك بموجب القوانين والاجراءات الامريكية وسلطات اتخاذ القرار الشرعية الموجودة في الولايات المتحدة.

"اننا بلد سيادة القانون وقراراتنا تستند الى سيادة القانون."

وتحدث شينين الى مسؤولين من ادارات الامن الداخلي والدفاع والعدل واعضاء بالكونجرس واساتذة جامعات وجماعات غير حكومية. ولكنه لم يذهب الى السجن العسكري الامريكي في جوانتانامو بكوبا لانه لم يسمح له بمقابلة السجناء على انفراد.

ورغم ذلك قال ان التقارير التي تم الحصول عليها من المشتبه بأنهم ارهابيون باستخدام"اساليب استجواب معززة" تصل الى حد شكل من اشكال التعذيب او المعاملة غير الانسانية التي تعد غير قانونية بموجب القانون الدولي ولاسيما الاتفاقية الدولية بشأن الحريات المدنية والسياسية التي وقعت عليها الولايات المتحدة.

وقال تقريره إن الولايات المتحدة صنفت السجناء الذين يعتقلهم الجيش في جوانتانامو بأنهم"مقاتلون اعداء (أجانب) غير قانوننين " وهو ما وصفه شينين بانه"وصف ملائم" لانه لا يوجد مثل هذا التصنيف بموجب القانون الدولي.

واشنطن تعتبر العالم ساحة معركة

ووجه التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية انتقادات لاذعة للولايات المتحدة متهما اياها بانتهاك حقوق الانسان والتعامل مع العالم على انه "ساحة معركة كبيرة" في "حربها على الارهاب". بحسب فرانس برس.

واعتبرت المنظمة ان الحرب على العراق وجو الخوف الذي نشرته ادارة جورج بوش في العام اجمع زادت من الانقسامات الدولية.

واتهمت "واشنطن بازدواجية خطابها" حول حقوق الانسان من خلال تصوير نفسها على انها بطلة الدفاع عن هذه الحقوق ودولة القانون من جهة وتطبيق سياسات تنسف ابسط مبادىء القانون الدولي "في الوقت ذاته".

ويشدد التقرير على انه "بهذه الممارسات تعرض الولايات المتحدة الامن للخطر على الامد الطويل انما ايضا مصداقيتها على الساحة الدولية".

وقالت المنظمة انه "اواخر 2006 كانت الولايات المتحدة لا تزال تحتجز آلاف الاشخاص من دون ادانة او محاكمة في العراق وافغانستان وقاعدة غوانتانامو الاميركية في كوبا".

واسفت "لاصرار حكومة الولايات المتحدة على تطبيق سياسات وممارسات تتعارض مع المعايير" السارية في مجال حقوق الانسان "رغم العديد من القرارات القضائية المعارضة لذلك".

وجاء في التقرير ان ما من مسؤول كبير في الحكومة الاميركية "تمت محاسبته لاعمال التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها اشخاص اوقفوا في اطار الحرب على الارهاب رغم الادلة التي تشير الى ممارسة هذا العنف بطريقة منهجية".

سياسة الخوف تغذي الانقسامات

وقالت منظمة العفو الدولية إن سياسة الخوف تغذي انتهاكات حقوق الانسان وتخلق عالما منقسما بشكل خطير في تقييم كئيب لعدم انسانية البشر حول العالم.

وقالت ايرين خان الامينة العامة لجماعة الضغط المعنية بحقوق الانسان في أحدث تقرير سنوي "عالمنا يتسم بالاستقطاب بنفس الدرجة التي كان عليها في ذروة الحرب الباردة وهو الان أكثر خطرا بكثير من نواح متعددة."بحسب رويترز.

وأضافت أن الخوف كان دافعا ايجابيا للتغيير بشأن ارتفاع درجة حرارة الارض مع اضطرار السياسيين لاتخاذ اجراءات متأخرة حياله بسبب الضغط من الرأي العام.

لكنها قالت إن الخوف يستخدم للانتقاص من حقوق الشعوب باسم المزيد من الامن.

ومشيرة بأصابع الاتهام لكل أنحاء العالم من واشنطن إلى هاراري حملت منظمة العفو الدولية الحكومات مسؤولية اهدار حقوق الانسان وتغذية العنصرية بسياسات قصيرة النظر تروج للخوف وللانقسامات.

وقالت خان في تقرير عام 2007 للجماعة التي تضم 2.2 مليون عضو في أكثر من 150 دولة "سياسات الخوف تغذي اتجاها حلزونيا اخذا في الانحدار من انتهاكات حقوق الانسان التي لا يصان فيها أي حق... (الحرب على الارهاب) والحرب على العراق بقائمتيهما من انتهاكات حقوق الانسان خلقتا انقسامات عميقة تلقي بظلالها على العلاقات الدولية."

واتهمت المنظمة الرئيس الامريكي جورج بوش باستغلال الخوف من الارهاب لدعم سلطاته التنفيذية. وقالت "حديث الادارة الامريكية المزدوج كان مشينا بدرجة مذهلة."

الحكومات تعمد إلى التخويف للإفلات من العقاب

تشير أمنستي إلى أن الحكومات القوية والجماعات المسلحة تعمد إلى إثارة الخوف من أجل إهدار حقوق الانسان وخلق عالم يتسم بالاستقطاب.

وقالت الأمينة العامة للمنظمة إيرين خان بالمناسبة إن بعض الحكومات تهدر سيادة القانون وتغذي العنصرية وكراهية الأجانب من خلال ما تنتهجه من سياسات تتسم بقصر النظر ونشر الخوف والانقسام.

وجاء في تقرير أمنستي أن ما يسمى الحرب على الارهاب والحرب في العراق بما حفلت به من انتهاكات جسيمة أدت إلى تعميق الانقسامات والقاء ظلال قاتمة على العلاقات الدولية مما يجعل من الصعب حل النزاعات وحماية المدنيين.

وفي كثير من الأحيان كان المجتمع الدولي المنقسم على نفسه عاجزا أو ضعيف الارادة في مواجهة الأزمات الكبرى لحقوق الانسان كما تقول نيكول تشوري المتحدثة المتحدثة باسم المنظمة.

واستعرضت الامينة العامة لأمنستي البؤر المشتعلة حول العالم التي تداس فيها حقوق الانسان، دون نسيان ما سمته بالنزاعات المنسية كالصراع في الشيشان وسريلانكا.

وحظي موضوع الحرب في لبنان بنصيب الأسد في المناطق التي ارتكبت فيها جرائم ضد الانسانية برأي المنظمة دون أن يلقى أي من الجانبين (إسرائيل وحزب الله) أي محاسبة.

وفي الشأن الفلسطيني قالت المنظمة إن المجتمع الدولي لم يبد أي اهتمام للتصدي لكارثة حقوق الانسان الناجمة عن القيود الشديدة المفروضة على تنقل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أو الهجمات التي يشنها الجيش الاسرائيلي دون تقدير للعواقب أو التقاتل فيما بين الفصائل الفلسطينية.

ومن البؤر الأخرى التي لامسها تقرير أمنستي اقليم دارفور، حيث اعتبر التقرير أن الوضع هناك جرح نازف في ضمير العالم وأن المجتمع الدولي ما زال يواجه عقبات بسبب عدم الثقة وبسبب المعايير المزدوجة التي تنتهجها أقوى الدول الأعضاء فيه.

وبدورها انتهكت الجماعات المسلحة في انحاء مختلفة من العالم انتهاكات صارخة من حدود باكستان إلى القرن الافريقي.

وفي العراق، عملت قوات الأمن على إثارة العنف الطائفي بدلا من أن تسعى إلى كبح جماحه. كما تواصلت ممارسات كانت سائدة في عهد الرئيس السابق صدام حسين مثل التعذيب والمحاكمات الجائرة وعقوبة الاعدام والاغتصاب دون عقاب أو مساءلة.

وفي كثير من البلدان أدت البرامج السياسية القائمة على دوافع الخوف إلى تأجيج التمييز وتوسيع الفجوة بين الميسورين والمعوزين، مما خلف ضررا واضحا في أوساط الفئات الأكثر تهميشا.

ولجأ بعض السياسيين إلى استغلال الخوف من الهجرة كمبرر لفرض اجراءات أشد على اللاجئين وطالبي اللجوء السياسي في بلدان أوروبا الغربية. بينما ترك العمال الوافدون عرضة للاستغلال.

وتعرضت حرية التعبير للقمع بأشكال متعددة تراوحت ما بين اضطهاد بعض الكتاب والمدافعين عن حقوق الانسان في تركيا وقتل نشطاء سياسيين في الفلبين والتضييق على الحقوقيين في الصين واغتيال الصحافية انا بولتيكوفسكايا في روسيا.

كما أصبحت شبكة الانترنت واجهة جديدة للنضال من اجل اقرار حقوق الانسان حيث القي القبض على عدد من النشطاء وتواطأت بعض الشركات مع الحكومات في فرض قيود على الوصول إلى المعلومات عبر الانترنت في بلدان عدة مثل الصين وايران وسوريا وفيتنام وروسيا البيضاء. بينما اكتسبت الاشكال القديمة للقمع زخما جديدا تحت ستار مكافحة الارهاب في بلدان مثل مصر وليبيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28 آيار/2007 -10/جمادي الأول/1428