
شبكة النبأ: بعد فسحة امل شهدها لبنان
خلال عقد التسعينات لم يشأ العنف في هذا البلد الا ان يستمر مرة على
صعيد الاستقطاب السياسي والمذهبي واخرى يتارجح بين المصالح الاقليمية
والعالمية وثالثة يستقبل عدوى الاقتتال الداخلي التي ابتدات في العراق
وفلسطين وهي الان تطرق ابوابه بقوة.
وكان كثير من اللبنانيين يأملون في أن تعينهم أشهر الصيف القادمة
على محو الذكريات الأليمة لحرب الصيف الماضي بين حزب الله واسرائيل
ولكن اشتباكات اليومين الاخيرين في شمال لبنان أحيت من جديد ذكريات
أكثر ايلاما هذه المرة وهي ذكريات الحرب الاهلية. حيث يتوقع الكثير من
اللبنانيين ان يتحول لبنان الى عراق جديد تعمه الفوضى والعنف الاعمى.
فقد قال مصطفى غرة (21 عاما) في مدينة طرابلس الشمالية حيث اشتبك
الجيش مع مسلحين متشددين يوم الاحد "هذه اسوأ من حرب العام الماضي
لاننا كنا نعرف من هو العدو الان لا نعرف من هو العدو."
وقتل 71 شخصا على الاقل من ضمنهم 24 مدنيا خلال يومين من القتال بين
الجيش ومتشددين من جماعة فتح الاسلام في مخيم نهر البارد وفي مدينة
طرابلس وهي أسوأ اشتباكات داخلية منذ الحرب الاهلية في لبنان التي
اندلعت بين عامي 1975 و1990.
وقال اسعد طالب 48 عاما وهو مدرس كان يملا سيارته بالوقود على طريق
يقود إلى المخيم حيث يشتبك مقاتلو فتح الاسلام مع جنود الجيش اللبناني
"أنا لست خائفا فقط أنا مصدوم. هذه بداية لحرب اهلية ثانية." واضاف
"التاريخ يعيد نفسه اظن باننا نتجه نحو الهلاك."
وقصفت دبابات الجيش المخيم الساحلي ورشقت المنظمة السنية الجنود
بالنيران. ومن المعروف أن فتح الاسلام تضم مسلحين لبنانيين وسوريين
وفلسطينيين. وتجمع عدد من المواطنين في متجر قريب لمشاهدة الاشتباكات
في المخيم الذي يضم نحو 40 الف لاجيء.
وقال عيسى الغزاوي (18 عاما) الذي كان من بين عشرات اللبنانيين
الذين كانوا يشاهدون الدخان الاسود المتصاعد من بين الابنية المكتظة
على ساحل البحر المتوسط "قلبي يقول لي ان لا اخاف اذا اعطاني الجيش
سلاحا سوف اقاتل ايضا."
وفي طرابلس وهي ثاني اكبر مدينة في لبنان وتبعد حوالي عشر دقائق عن
المخيم غامر اللبنانيون بالنزول إلى الشوارع وهم يحاولون استيعاب مناظر
الزجاج المهشم والبيوت التي تناثرت على واجهاتها ثقوب الاعيرة النارية
خلال اشتباكات الاحد التي قام خلالها الجيش بمهاجمة ابنية كان مسلحون
يتحصنون بها. وقد سيطرت على المدنية المعروفة بمينائها الحافل بالنشاط
ومنتجعاتها الساحلية القريبة حالة من عدم الارتياح بسبب الحواجز
الامنية التي وضعها الجيش الذي يقوم بتفتيش السيارات والمارة وتتمركز
دباباته على جوانب الطرق.
وقالت فاطمة حمود (28 عاما) وهي موظفة في طرابلس "السنة الماضية كنا
خائفين ولكنها كانت حربا اسهل لاننا كنا نحارب عدوا معروفا لكن اذا
اشتعلت الحرب هنا فان ذلك يعني أن الجيش يقاتل اناسا من ارضه."
ووصف محمد علي وهو محام من طرابلس الاشتباكات الاخيرة بأنها حزن
وكابة وخوف من المستقبل. وقال "هذا القتال سوف يجرنا إلى كوارث. الحرب
الاخيرة كانت دفاعا عن النفس اما هذا فهو فقط قتال مع بعضنا البعض."
هدنة للخروج من مخيم نهر البارد
وخرج الاف اللاجئين الفلسطينيين من مخيم نهر البارد في شمال لبنان
مستغلين هدنة هشة في المعارك بين الجيش اللبناني ومقاتلي فتح الاسلام.
وقال مسؤول فلسطيني هو الحاج رفعت ان "الاف اللاجئين من رجال ونساء
واطفال بدأوا عند المساء يفرون من نهر البارد (يقيم فيه نحو 30 الف
شخص) سيرا او في سيارات ولجأوا الى مخيم البداوي المجاور". حسب فرانس
برس.
واضاف الحاج رفعت المنتمي الى حركة فتح برئاسة الرئيس الفلسطيني
محمود عباس في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس "نستضيفهم في مدارس مخيم
البداوي (16 الف نسمة) لكنها لن تتسع لهم لانهم يصلون في اعداد كبيرة".
وافاد مراسل لوكالة فرانس برس ان مئات الفلسطينيين اتجهوا ايضا نحو
طرابلس كبرى مدن الشمال التي شهدت معركة الثلاثاء ايضا بين القوى
الامنية اللبنانية واحد مسلحي حركة فتح الاسلام الذي كان تحصن في مبنى
في المدينة. ثم فجر نفسه بعد ان احكمت القوى الامنية الطوق عليه.
وقالت المتحدثة باسم وكالة الامم المتحدة لغوث اللاجئين (انروا) هدى
سمرا ان القافلة تمكنت من توزيع مواد غذائية وادوية مؤكدة ان المنظمة
الدولية ستحاول تأمين مزيد من المساعدات الاربعاء. الا ان الموكب اضطر
لعودة ادراجه من دون انزال حمولته من المياه. وقالت هدى سمرا "هؤلاء
الناس يعتمدون علينا وهم محرومون من الماء والكهرباء والهاتف وبدأ ينقص
لديهم الطعام والادوية".
وكان عدد من المسؤولين الفلسطينيين والهيئات الانسانية حذر من خطورة
الوضع الانساني في مخيم نهر البارد المحاصر من الجيش اللبناني الذي
يقوم بقصف مواقع فتح الاسلام فيه التي ترد على مواقع الجيش بالمثل.
ونفى الجيش اللبناني ان يكون يستهدف مدنيين او اماكن عبادة في
عمليات القصف.
ودخلت المساعدات الانسانية الى المخيم بعد ان اعلن المتحدث باسم فتح
الاسلام ابو سليم طه مبادرة حركته الى الالتزام بوقف لاطلاق النار
ابتداء من الساعة 14,30 بالتوقيت المحلي (11,30 تغ).
وبدا ان الهدنة كانت لا تزال قائمة قبل منتصف الليل. وقال متحدث
باسم الجيش ان الهدوء مسيطر في محيط المخيم ولم يحصل اطلاق نار على
الجنود. بينما اكد متحدث باسم فتح الاسلام التزام الجانبين بوقف اطلاق
النار.
سوريا وفتح الاسلام
وفي معرض نفيه اتهامات بأن سوريا كان لها صلات بجماعة فتح الاسلام
التي تقاتل الجيش اللبناني قال السفير السوري بشار الجعفري ان بضعة
اعضاء بالجماعة قضوا "ثلاثة أو أربعة اعوام" في السجون السورية "قبل
عامين" بسبب روابط مع القاعدة ثم افرج عنهم وغادروا البلاد. واضاف
قائلا للصحفيين "اذا عادوا الي سوريا فانهم سيودعون السجن... انهم لا
يقاتلون لمصلحة القضية الفلسطينية. انهم يقاتلون لمصلحة القاعدة."
وقال ان معظم قادة الجماعة فلسطينيون أو اردنيون او سعوديون وربما
أن "اثنين منهم" سوريان. واضاف انه بعد اطلاق سراح قادة الجماعة بدأوا
"ممارسات ارهابية" ودربوا "عناصر جديدة" لمصلحة القاعدة لكنهم غادروا
سوريا حتى لا يتعرضوا للسجن مرة اخرى.
وأغلقت سوريا معبرين حدوديين مع شمال لبنان يوم الاحد بسبب مخاوف
امنية بشان الاشتباكات. ويقول وزراء في الحكومة اللبنانية ان سوريا
تستخدم فتح الاسلام لزعزعة الاستقرار في مسعى لعرقلة جهود الامم
المتحدة لانشاء محكمة دولية لمحاكمة المشتبه بهم في اغتيال رئيس وزراء
لبنان الاسبق رفيق الحريري في عام 2005.
كبح المتطرفين في لبنان
من جهته قال الرئيس الامريكي جورج بوش ان المتطرفين الذين يحاولون
الاطاحة بالحكومة في لبنان "يجب كبحهم". حسب تقرير لرويترز.
ومع استمرار الاشتباكات لليوم الثاني بين الجيش اللبناني ومتشددين
يستلهمون افكار القاعدة قال بوش لرويترز في مقابلة على متن طائرة
الرئاسة ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أطلعته على الوضع. وقال بوش
"المتطرفون الذي يحاولون الاطاحة بتلك الديمقراطية الشابة يجب كبحهم.
بالتأكيد نحن نمقت العنف عندما يموت ابرياء. وانه لوضع محزن ان تتعرض
هذه الديمقراطية الشابة في لبنان لضغوط من قوى خارجية." ولم يصل بوش
الي حد اتهام دمشق بالضلوع في الصراع. ونفت سوريا اتهامات بأنها كان
لها صلات بجماعة فتح الاسلام التي تقاتل الجيش اللبناني.
وايدت الولايات المتحدة رد القوى الامنية اللبنانية على مجموعة "فتح
الاسلام" الاصولية في مخيم نهر البارد في شمال لبنان مشددة على ان هذه
الحركة "ارهابية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك "يبدو ان
القوى اللبنانية تسعى في شكل مشروع الى ضمان مناخ آمن ومستقر للبنانيين
بعد استفزازات وهجمات قام بها متطرفون عنيفون يتحركون خارج حدود مخيم
للاجئين قرب طرابلس".
وذكر المتحدث بان المعارك اندلعت حين سرق عناصر من المجموعة
الاصولية مصرفا في طرابلس ولاحقتهم القوى الامنية اللبنانية. حسب فرانس
برس. |