الحروب الدامية تقتل الصومال وسط تفرج الامم المتحدة

شبكة النبأ: قيل ان بين الحقيقة والظن اصبعين! والاصبعين هي المسافة الرمزية بين الرؤية والسمع الذي يتلقى الخبر من افواه الآخرين.

وقطعا هناك فرق شاسع ان تسمع او ان ترى، فالمشاهدة هي الوسيلة الاكثر تفاعلا مع الاحداث والتاثر بصورة حميمية اكثر صدقا، واوقع اثراً مما لو استمع المتابع الى اخبارها.

وقد تكون المذبحة والمعاناة بالصومال الاسوأ منذ أكثر من عشر سنوات لكن من الصعب أن تدركها من خلال اطلاعك على نشرات الاخبار الليلية في هذا البلد الافريقي الفقير الواقع في اتون حرب داخلية لا تنتهي.

ولجملة من الاسباب مجتمعة بدءاً من الكلل الذي أصاب الناس ازاء صراع اخر في أفريقيا وحتى الانقسامات والاحباط الدبلوماسي الدولي.

فقد فشلت حرب تحصد مدنيين وتتسبب في أزمة لاجئين كبيرة في لفت انتباه العالم أو استنفار الاطراف العالمية المؤثرة.

المحاكم الاسلامية تعتزم استئناف القتال في مقديشو

اكد المسؤول الثاني في المحاكم الاسلامية ورئيس البرلمان الصومالي السابق ان مقاتلي المحاكم في مقديشو ينوون تغيير استراتيجيتهم وشن "هجمات حرب عصابات" على القوات الاجنبية في العاصمة.

وقال الرئيس السابق للبرلمان شريف حسن شيخ عدن والمسؤول الثاني في المحاكم الاسلامية شيخ شريف شيخ احمد في بيان نقلته وكالة الفرانس بريس في اسمرة ان "رجال المقاومة غيروا استراتيجية المواجهة المباشرة الى هجمات حرب عصابات".

واضافا ان "مجموعات المقاومة الصومالية قامت بعمل دفاعي جيد ضد الغزو الاثيوبي ما تسبب في مقتل عدد كبير من الاثيوبيين".

وحذر القائدان من ان "المقاومة لن تتخلى ابدا عن مهمتها في مقاتلة قوات الغزاة" في اشارة الى الجيش الاثيوبي وعناصر القوة الافريقية للسلام المنتشرين في الصومال. وقالا "نحث الشعب الصومالي على عدم الركوع ابداً امام الاثيوبيين".

وكان الرئيس الصومالي عبد الله يوسف احمد اعلن ان القوات الحكومية المدعومة من الجيش الاثيوبي انجزت بنجاح عملياتها العسكرية ضد المتمردين في مقديشو.

واستولى الجيش الاثيوبي في شمال العاصمة على ابرز معاقل المتمردين. وبدأ مئات الاشخاص العودة الى العاصمة بعد معارك استمرت تسعة ايام اسفرت عن مقتل اكثر من 400 شخص.

ومنذ بداية شباط/فبراير غادر بسبب المعارك حوالى 400 الف شخص مقديشو التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة كما تقول الامم المتحدة.

وفي سياق متصل دعا مجلس الامن الدولي اطراف النزاع في الصومال الى ابرام وقف لاطلاق النار وطلب زيادة المساعدة الانسانية لهذا البلد.

وفي اعلان غير ملزم اعرب المجلس عن "قلقه العميق" حيال اعمال العنف الاخيرة في الصومال وعبر عن الاسف للخسائر في الارواح ودان "القصف المنهجي للاحياء المكتظة في الصومال".

وشدد ايضا على ضرورة تأمين مساعدة انسانية للصومال "تتضمن مساعدة لمئات الاف المهجرين" ويدعو الدول الاعضاء الى "دعم هذا النوع من العمليات بسخاء".

ويؤكد الخبراء ان المتمردين يشكلون مجموعة غير متجانسة من عناصر الميليشيات الاسلامية وزعماء الحرب والزعماء التقليديين وخصوصا قبيلة الهوية المسيطرة في مقديشو.

وقد تدخل الجيش الاثيوبي رسميا في الصومال اواخر 2006 لاخراج المحاكم الاسلامية التي كانت تسيطر منذ اشهر على القسم الاكبر من وسط الصومال وجنوبها التي تشهد حربا اهلية منذ 1991.

واكد الاعلان ايضا على اهمية الانتشار "الكامل والفعلي لقوات الاتحاد الافريقي في الصومال ودعا البلدان المساهمة في القوات الى ارسالها.

وينوي الاتحاد الافريقي نشر قوة لحفظ السلام يبلغ قوامها ثمانية الاف رجل في الصومال ارسلت اوغندا منهم 1500 فقط.

من جهة اخرى نقلت رويترز عن رئيس مؤسسة بحثية سياسية في مقديشو رفض الكشف عن اسمه بسبب الوضع الامني المضطرب في البلاد قوله ان هناك مأساة كبرى تتكشف في مقديشو.. ولكن بسبب الصمت العالمي.. قد تعتقد أن ما يحدث هو عيد الميلاد.

والصوماليون المحاصرون وسط أسوأ أعمال عنف في مقديشو منذ 16 عاما يدركون بأسى موقعهم على جدول الاعمال الدولي.

وقال عبد الرحمن علي (29 عاما) وهو أب لاثنين ويعمل حارس أمن في مقديشو "لا أحد يأبه بالصومال.. حتى اذا قتلنا بالملايين."

وقال ليبان ابراهيم (30 عاما) ويعمل سائق حافلة في العاصمة الصومالية "لا يلقي العالم بالا لمحنتنا، الامم المتحدة مشغولة باصدار بيانات فيما يقتل مدنيون أبرياء يوميا."

وبدأ أحدث اندلاع للعنف عقب هجوم للقوات الحكومية وحلفائها من القوات الاثيوبية بدعم من الولايات المتحدة مطلع العام الجاري أنهى حكم الاسلاميين لمقديشو الذي استمر ستة أشهر.

ويقول مسؤولون ونشطاء محليون ان قرابة 1300 شخص قتلوا خلال الشهر الماضي في معارك بين القوات الحكومية وحلفائها الاثيوبيين من جهة والاسلاميين ومقاتلي عشيرة الهوية الساخطين من جهة أخرى.

ودقت منظمات الاغاثة ناقوس الخطر بخصوص النزوح الجماعي لقرابة 321 ألفا من مقديشو

وصدرت دعوات من أجل التهدئة من الامم المتحدة وجامعة الدول العربية. لكن محللين يقولون ان شيئا لم يحدث مثل التعبئة العالمية أو القلق الذي يصاحب عادة أحداثا بهذا الحجم.

وقال دبلوماسي غربي يقيم في نيروبي طلب عدم الكشف عن اسمه "الناس في واشنطن .. بالطبع .. مشغولون بالعراق وبانتخاباتهم الوشيكة بدرجة تمنعهم من ايلاء أي انتباه لاي أنباء جديدة بشأن قتل الصوماليين بعضهم بعضا."

وأضاف "واذا كان لديهم قليل من الوقت ليمنحوه لافريقيا .. فسيكون لدرافور بسبب الابعاد الدولية التي حدثت وبسبب نفوذ جماعات الضغط."

وتلعب الممارسات الاعلامية دورها، فمقديشو تمثل خطورة كبيرة للغاية بالنسبة لاغلب الصحفيين الغربيين بينما أغلق مكتب قناة الجزيرة الفضائية.

ولذلك فأغلب الاخبار يأتي عن طريق مجموعة من الصحفيين المحليين الذين يتسمون بالشجاعة وينقلون الاحداث الى وكالات الانباء الدولية.

والمشاهد التي تهز الضمير منتشرة في كل مكان من الجثث الملقاة بالشوارع الى المباني المدمرة والرضع الجرحى واللاجئين الذين يحتمون بالاشجار وصولا الى ردهات المستشفيات التي تملؤها الصرخات والدماء.

لكنها الى حد كبير لا تصل الى الخارج بسبب مخاطر تصوير مثل تلك اللقطات وقلة عدد المصورين هناك.

وفي منطقة القرن الافريقي انسحبت اريتريا من الهيئة الحكومية للتنمية (ايجاد) التي تشعر انها تنصاع للمصالح الاثيوبية بخصوص الصومال.

وقال مايكل واينشتاين وهو خبير أمريكي في شؤون الصومال بجامعة بوردو: ان المجتمع الدولي قيد نفسه بدعم حكومة لا تتمتع بتأييد وطني واسع.

وكانت حكومة الرئيس عبد الله يوسف قد شكلت خلال محادثات سلام حظيت بتأييد دولي في كينيا في عام 2004 في المحاولة الرابعة عشر لاستعادة الحكم المركزي للبلاد لاول مرة منذ عام 1991.

وقال واينشتاين "يواجه الزعماء الكبار (في العالم) حرجا كبيرا بخصوص الصومال... لقد

ألزموا أنفسهم بدعم الحكومة المؤقتة.. وهي حكومة لا تتمتع بشرعية واسعة.. حكومة فاشلة."

وأضاف "هذا هو جوهر المشكلة... لكن الزعماء الغربيين لا يمكنهم التراجع الان.. ولذلك فمن مصلحتهم بالطبع بنسبة 100 في المئة عدم لفت الانتباه العالمي للصومال."

وأردف يقول "لا شك أن وسائل الاعلام الكبرى وزعماء العالم قد نحوا الصومال جانبا.. وترك الشتات الصومالي يصرخ في البرية."

شبكة النبأ المعلوماتية- االجمعة 4 آيار/2007 -15/ربيع الثاني/1428