أوربا تضيق الخناق على المسلمين بالمآذن والحجاب

 

شبكة النبأ: ما من شك بان الاعتدال الاسلامي يتخذ له مكانا رصينا في تفاعله مع العالم الغربي وفق الصيغ الاجتماعية المتحضرة والبرلمانية وسلوك الخط القويم في العلاقات الانسانية وعلى هذا فانه يصل الى المبتغى بيسر وسلاسة ويعطي للاسلام بعده الانساني والمبدأي ويحقق مكاسبه على الارض.

ورغم ان محاولات الانسجام الانسانية مع حضارة المجتمع الغربي تصطدم بميول بعض الشرائح ذات الميول العنصرية او المعادية للاسلام هناك الا ان اغلب المواطنين من المسلمين في اوربا  يودون العيش بسلام وانسجام وهم يناضلون من اجل نشر واظهار الصفات الحسنة والسمحاء للدين الاسلامي الحنيف رغم ما نقله التطرف والارهاب من سوء سمعة اعطت طابعا عنفيا للدين الاسلامي.

وهذا ما فعلته النساء المسلمات على الوجه السياسي في الدانمارك وهنّ يدافعن باسلوب متحضر عن المثل والسلوكيات الاسلامية المثلى.

فقد اظهر استطلاع للرأي في كوبنهاغن ونقلته الفرانس برس عن ان الدنماركيين منقسمون الى فريقين بشأن ارتداء الحجاب في البرلمان، وذلك مع احتمال دخول اول سيدة محجبة الى الجمعية الوطنية في الدنمارك وفي اوروبا.

وستسعى دنماركية من اصل فلسطيني، هي اسماء عبد الحميد، التي ترتدي الحجاب، الى الحصول على مقعد في البرلمان في الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في فبراير (شباط) 2009 على ابعد تقدير، ورشحها في السادس من مايو (ايار) حزبها لائحة الوحدة (شيوعيون سابقا) وتملك فرصا كبيرة للفوز في حال حافظ حزبها على عدد مقاعده الحالي في البرلمان (6 من 179 مقعدا).

ورأى 48 في المائة من المستطلعين ان المرأة تملك حق ارتداء الحجاب في البرلمان، في حين عارض ذلك 48 في المائة ولم يدل اربعة في المائة برأيهم.

ومعارضة ارتداء الحجاب هي اقل بين الشبان الذين تراوح اعمارهم بين 18 و35 عاما (62 بالمائة) وناخبي اليسار المتطرف (81 في المائة) واشتراكيي الشعب (74 في المائة) والاشتراكيين الديمقراطيين (55 في المائة).

وفي المقابل، بدا الاكبر سنا اكثر معارضة للأمر (56 في المائة لدى من تتجاوز اعمارهم 65 عاما) ومثلهم ناخبو اليمين وحزب الشعب الدنماركي (82 في المائة) والليبراليون (70 في المائة) والمحافظون (63 في المائة).

وردا على سؤال وكالة الصحافة الفرنسية اثناء مؤتمر لحزبها اليساري قالت عبد الحميد «ليس المهم ما نضعه على رأسنا بل ما نحمله داخلنا».

واجري الاستطلاع بين 7 و10 مايو وشمل 924 شخصا، وقد نشرته صحيفة «يلاندس بوستن» التي كانت اول من نشر رسوما كاريكاتورية تسيء الى النبي محمد واثارت موجة استياء عارمة في العالم الاسلامي.

ومن المحتمل جدا ان تصبح هذه الشابة اول امراة محجبة تشغل مقعدا في برلمان دولة اوروبية بعد ان تم تعيينها مرشحة عن حزبها «لائحة الوحدة» (يسار متطرف) في السادس من مايو.

ووصلت اسماء، المولودة من ابوين فلسطينيين، الى الدنمارك في الخامسة من عمرها، وهي مستشارة للشؤون الاجتماعية عن مدينة اودينسي وقد برزت شخصيتها من خلال التزامها «الحق في الاختلاف» ازاء منتقديها الذين يرون فيها امرأة مقموعة.

وبحسب استطلاع للراي، احتلت اسماء المرتبة الثانية في قائمة المرشحين عن حزبها في كوبنهاغن للانتخابات التشريعية التي ستجرى في مطلع فبراير 2009، ما يعني انها قد تنتخب بسهولة.

يذكر ان اسماء، المتحدثة باسم 11 جمعية مسلمة، رفعت دعوى على الصحيفة التي كانت قد نشرت الرسوم المسيئة للنبي، وذلك بعد ان شكلت سابقة في العام 2006 حين اصبحت اول مقدمة برامج محجبة على التلفزيون الدنماركي.

وفي اول رد فعل على احتمال دخول امرأة محجبة الى البرلمان، وصف المتحدث باسم حزب الشعب الدنماركي (يمين متطرف) سورين كراروب الحجاب بانه «رمز استبدادي» يشبه «الصليب النازي المعقوف».

كذلك قال النائب في البرلمان الاوروبي عن الحزب ذاته موجينس كامري ان اسماء «بحاجة الى علاج نفسي».

اما زعيمة «حزب الشعب الدنماركي» بيا كييرسغارد التي بنت نجاح حزبها على رفض المهاجرين المسلمين، فاعترضت على هذا الترشيح معتبرة ان الحجاب «غالبا ما يفرض على فتيات بريئات من رجال متسلطين».

وقالت انها تشعر «بنوع من الشفقة» على امرأة «تحاول ان تقنعنا بأن الحجاب يحررها».

اما اسماء، فترد على هذا الهجوم بالقول «انني حرة حين اضع هذه القطعة من القماش على رأسي. انه خيار صائب بالنسبة لي. وانني افضل القاء التحية على الرجال بوضع اليد على قلبي لاظهر صدقي واحترامي. لكنني لن اطلب ابدا من (نساء) اخريات ان يقمن بالمثل».

وترى ان البرلمان «هو وسيلة لمسلمة دنماركية للنضال في سبيل افكارها مثل المساواة بين الرجل والمراة».

وتدافع اسماء عن «الفصل بين الدين والسياسة» وهي لا تنوي طلب مكان خاص للصلاة في البرلمان في حال تم انتخابها.

وفي رد فعل آخر على انتقادات اليمن المتطرف، ظهرت اليسبيت غيرنير نيلسن النائبة عن الحزب الراديكالي (معارضة) ووزيرة التربية السابقة، وهي ترتدي حجابا امام المصورين والصحافيين ودافعت عن «الحق في الاختلاف وحرية التعبير والتسامح»، داعية الى مواجهة اليمين «القومي المتطرف والمنغلق» الذي «يشوه صورة المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب».

حملة لمنع بناء المآذن

من جهة اخرى وفي اطار الحملات المعادية للاسلام قال زعيم حملة يقوم بها مجموعة من السياسيين اليمينيين في سويسرا، نقلا عن رويترز، إن المجموعة تجمع توقيعات لمحاولة الضغط من أجل اجراء استفتاء وطني على حظر بناء المآذن في البلاد.

وأثارت خطط بناء مآذن في بلدات سويسرية صغيرة احتجاجات محلية.

ويسعى مجموعة من السياسيين من الحزب القومي السويسري والاتحاد الديمقراطي الفدرالي لمنع انشاء المآذن بالقانون الوطني ويقولون انها رمز لسلطة وتهدد القانون والنظام في سويسرا.

ويتعين على الحملة جمع 100 ألف توقيع بحلول نوفمبر تشرين الثاني 2008 من أجل الدفع

باتجاه اجراء استفتاء بخصوص المبادرة التي ستتحول الى قانون اذا أيدتها الاغلبية.

وقال اولريخ شلوير زعيم الحملة وعضو البرلمان عن الحزب القومي السويسري "لا يساورنا أدنى شك في الوصول الى الهدف، اننا نجمع (التوقيعات) منذ أسبوع وحصلنا بالفعل على 10 الاف توقيع."

وتوجد حاليا مئذنتان فقط في سويسرا احداهما في زوريخ والاخرى في جنيف، ولا يرفع الاذان من المئذنتين.

غير أن الرئيسة السويسرية ميشيلين كالمي راي التي تتولى أيضا وزارة الخارجية وتنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي قالت ان حظر انشاء المآذن سيهدد أمن البلاد.

ونقلت وسائل اعلام محلية عن كالمي راي قولها "تعرض مثل هذه المبادرة المصالح السويسرية وأمن الشعب السويسري للخطر... حرية ممارسة الدين مكفولة في سويسرا."

منع بناء المآذن فكرة سيئة  

واكدت الرئيسة الاتحادية لسويسرا ميشلين كالمى راي بحسب ما نقلته (كونا) ان الاتجاه لجمع توقيعات لعمل استفتاء لمنع بناء المآذن فوق المساجد في سويسرا فكرة سيئة للغاية في اطار السياسة الخارجية السويسرية.

واضافت راي في ردها على سؤال في المؤتمر الصحافي السنوي لجمعية المراسلين الاجانب في سويسرا ان هذه المبادرة " تثير تساؤلات عن مدى اتفاقها مع الدستور السويسري" مشيرة الى ان بلادها مفتوحة وتتحدث مع الجميع وتحب ان تكون جسرا يربط بين الحضارات والثقافات والاديان.

واوضحت ان هذه المبادرة تهدد المصالح السويسرية في الخارج وتعرض السويسريين للخطر مؤكدة ان القضية هي قضية حرية الاديان وممارستها وهو امر يضمنه الدستور السويسري ولذلك فان هذه المبادرة تثير تساؤلات حول مدى اتفاقها مع الدستور السويسري.

وقالت ان "بناء المآذن يتفق مع قوانين البناء العادية في البلاد فلماذا نقوم بخلق قوانين غير عادية".

من جانبه قال مقرر حقوق الانسان لحق الغذاء جان زيجلر على هامش المؤتمر ان المبادرة لمنع بناء المآذن مخالفة للدستور السويسري مشيرا الى ان الدستور السويسري يضمن حرية الاديان وان الاسلام دين رائد فى السماحة اذن فمنع المسلمين من اقامة مآذنهم هو بمثابة اهانة  لحضارة عظيمة ومسألة غير معقولة في اطار الثقافة العالمية.

واضاف انه لابد ان نسعد من وجود المزيد من المساجد في بلادنا لاننا نحتاج الى الترابط ما بين العالم الاسلامي والهوية السويسرية مشيرا الى وجود اكثر من 300 الف مسلم ومسلمة في سويسرا فلماذا لا يتمتعون بمساجدهم ومقابرهم ومراكزهم الثقافية.

وقال زيجلر ان علينا ان نقاوم هذه المبادرة والقضاء عليها وسأقوم بمقاومتها كما سيقوم الحزب الاشتراكي بمقاومتها موضحا ان بناء الكنائس يتلقى دعما من المال العام فلماذا لا يحظى بناء المساجد بنفس هذا الحق.

واكد انه يقف ضد هذه المبادرة بصلابة واصفا المبادرة بانها عنصرية وتمثل نوعا جديدا من العنصرية في اوروبا فهم يتحدثون عن معاداة السامية واصبح الان ما يمكن ان يوصف بمعاداة الاسلام مشيرا الى اعتقاده بان على مجلس حقوق الانسان الوقوف ضد هذه المبادرة.

يذكر ان اليمين المتطرف في سويسرا يعمل على جمع مائة الف توقيع من اجل عمل استفتاء يمنع بناء المآذن في البلاد.

مراقبة المساجد المتشددة

وتاتي هذه الخطوة بالتاكيد من جراء التشويه المتعمد الذي تقوم به المنظمات الارهابية محاولة منها لطمس الروح الاسلامية في التسامح والتواصل الانساني مع الآخر، فقد دعم وزراء داخلية أكبر الدول الأوروبية خطة أمنية جديدة لتكثيف الرقابة على مساجد القارة الأوروبية وتحديد الأئمة الراديكاليين لكبح تهديدات تنامي الإرهاب الداخلي بحسب ما نقلته CNN.

وقال مفوض العدل والشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي، فرانكو فراتيني، إن المشروع سيركز على مهام أئمة المساجد ومؤهلاتهم وقدراتهم على التخاطب باللغة المحلية فضلاً عن مصادر تمويلهم، نقلاً عن الأسوشيتد برس.

وجاءت تصريحات المفوض الأوروبي في اختتام مؤتمر "مجموعة الستة" الذي شاركت فيه كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا فضلاً عن بولندا.

وشدد فراتيني على الحاجة إلى حوار معمق مع المجتمعات المسلمة في القارة الأوربية "لتفادي بعث شارات تؤجج مشاعر الكراهية والعنف."

وصرح وزير الداخلية الإيطالية، غوليانو آماتو أن لأوروبا تجربة واسعة بشأن "سوء استغلال المساجد"، واستخدامها لأغراض تنافي دورها كدور عبادة.

وأضاف منوهاً "المؤتمر أثار وضعاً يهم جميع دولنا وهذا يتضمن احتمالات هجمات وتنامي شبكات تستخدم دولة للإعداد لهجمات على دولة أخرى."

وأثارت الهجمات التي استهدفت شبكات النقل العام في العاصمتين البريطانية والإسبانية، فضلاً عن مخططات أخرى جرى إجهاضها، مخاوف في القارة الأوروبية بشأن مدى تأثر الأجيال المسلمة الشابة بالقيادات الدينية المتشددة والأئمة الراديكاليين.

وتزعم الشرطة البريطانية أن منفذي الهجمات الإنتحارية، التي استهدفت خطوط قطارات الأنفاق في السابع من يوليو/تموز عام 2005، دأبوا على الاستماع إلى مواعظ الإمام المتشدد، أبوحمزة المصري.

ويقضي المصري عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات لفتواه باستباحة قتل غير المسلمين.

ووصف عادل سميث، ناشط مسلم في إيطاليا، خطة الاتحاد الأوروبي بالتمييز الديني قائلاً إن المساجد هناك عرضة أصلاً لرقابة أمنية مكثفة.

وعلق قائلاً "هذا هراء.. أعتقد أن المساجد هناك مراقبة جيداً منذ عدة أعوام.. إنه ضرب من أشكال التمييز الديني."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20 آيار/2007 -2/جمادي الأول/1428