الغرب يحجم روسيا بالدرع الصاروخي وحجّة حقوق الانسان

شبكة النبأ: تصاعدت بالاونة الاخيرة وتعددت اوجه الخلافات بين امريكا والاتحاد الاوربي من جهة وبين الجارة الشرقية القوية روسيا من جهة اخرى، والقت تلك الخلافات ظلالا قاتمة على اعمال القمة التي جمعت بينهم حيث تبادل الطرفان اتهامات عديدة تتعلق باهداف الدرع الصاروخي الامريكي، وحقوق الانسان من جهة روسيا، والمعاهدة العسكرية الاستراتجية التي تهدد موسكو بالانسحاب منها اذا ما تواصلت انتهاكات الحدود القومية التابعة لها حسب التصريحات المتواترة للمسؤولين الروس.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن خطة الولايات المتحدة لبناء درع للدفاع الصاروخي في شرق اوروبا جزء من مخطط لتطويق روسيا. حسب تقرير لرويترز.

وكان لافروف ووزيرة الخارجية الامريكية رايس قد اخفقا في تجاوز الخلافات القائمة منذ فترة طويلة بشأن الخطط الامريكية لنشر عشرة صواريخ اعتراضية في بولندا وشبكة رادار في جمهورية التشيك في اطار نظام لحماية اوروبا من الهجمات الصاروخية.

وقال لافروف لقناة تلفزيون البي بي سي العالمية بالانجليزية ان "تلك المواقع التشيكية والبولندية تتناسب بشكل تام مع المخطط العالمي الشامل للدفاع الصاروخي الامريكي الذي يطوّق الاجزاء الخارجية للحدود الروسية.

"اذا احتفظتم بهم في بولندا وجمهورية التشيك فهو مكان مثالي لاعتراض الصواريخ الروسية الذاتية الدفع الموجودة في الجزء الشمالي الغربي من روسيا."

وتأتي تصريحات لافروف بعد ثلاثة ايام من اعلان رايس ان البلدين اتفقا على التخفيف من حدة بياناتهما. واثارت تصريحات تم الادلاء بها في الاونة الاخيرة ذكريات الحرب الباردة.

اتهامات متبادلة

من جهة اخرى تتصاعد وتيرة الخلافات بين موسكو والغرب حيث وصلت الى تبادل زعماء الاتحاد الأوروبي من جهة ورئيس جمهورية روسيا من جهة اخرى انتقادات حادّة حول حقوق الانسان خلال قمة كشفت عمق الخلافات بين الطرفين.

وقد أعربت المستشارة الألمانية أنجلا ميركل عن "قلقها" من احتجاز ناشطين سياسيين في روسيا أرادوا التظاهر ضد حكومتهم. حسب تقرير للبي بي سي.

لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رد قائلا إن مواطني إستونيا الروسيين يتعرضون للاضطهاد.

ويقول المراسلون إن تبادل الاتهامات أظهر المزاج السيء في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وجارته الشرقية القوية.

وثمة مجموعة من القضايا الشائكة بين الطرفين، منها ما يتعلق بالتجارة، وإمدادات الطاقة، فضلا عن وضع كوسوفو.

ولم يتم التوصل إلى إعلان مشترك قبل بدء القمة قرب مدينة سامارا الروسية، كما كان معتادا في لقاءات مشابهة.

وبدت التوترات واضحة خلال المؤتمر الصحافي بعد القمة، حسبما قال مراسلنا في موسكو روبيرت وينغفيلد هايز. فقد اتهم بوتين إستونيا ولاتفيا وهما عضوان في الاتحاد الأوروبي، بانتهاك الحقوق الأساسية للاقلية الروسية لديهما.

وقال بوتين: "نعتقد أن ذلك غير مقبول وغير جدير بأوروبا."

ويأتي ذلك بعد اشتداد التوتر بين روسيا واستونيا بسبب إزالة تمثال يعود لما بعد الحرب العالمية الثانية في إستونيا ويمجّد جنود الجيش الأحمر (السوفياتي)، ما أدى إلى اشتباكات ومقتل مواطن إستوني من الأقلية الروسية.

نوازع تتعلق بالمصالح

وفي مقابلة مع بي بي سي عقب انتهاء القمة، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الشعب الصربي هو من يجب أن يقرر مستقبل كوسوفو.

وقال إن الذين يعتقدون أن وضع كوسوفو يمكن أن تحدده روسيا أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، إنما هم مثقلون بالنوازع الاستعمارية.

وكان زعماء الاتحاد الأوروبي قد أعربوا مؤخرا عن قلقهم من تهديد روسيا باستخدام الفيتو ضد قرار لمجلس الأمن يقترح منح وضع استقلال فعلي لكوسوفو عن صربيا.

وقال لافروف: "وفقا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1224، والذي أقر إجماعا، ودعمته روسيا، ودعمه الاتحاد الأوروبي، ودعمته الولايات المتحدة، لابد من تسوية وضع كوسوفو في إطار التفاوض بين بلجراد وبريشتينا".

احتجاز المعارضة

ونبّه رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو روسيا إلى أن أي خطوة قد تتخذها موسكو ضد أي دولة في الاتحاد ستعتبر موجهة ضد الاتحاد ككل.

وقال باروزو: "من المهم جدا إذا أردنا أن تكون علاقتنا مبنية على التعاون الوثيق أن يكون واضحا ان الاتحاد قائم على مبادئ التضامن."

عندئذ تدخلت ميركل التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد، واشتكت من أن ناشطين في المعارضة الروسية تم منعهم من التوجه إلى موقع القمة لإبداء احتجاجاتهم.

وقالت: "إني قلقة من أن بعض الأشخاص واجهوا مشاكل في الوصول إلى هنا. آمل أن تعطى لهم الفرصة في التعبير عن آرائهم."

يذكر أن عددا من الناشطين المعارضين لبوتين، بمن فيهم بطل الشطرنج السابق غاري كاسباروف قد اعتقلوا في مطار شيريميتييفو في موسكو، كما منع عدد من الصحافيين من الوصول إلى القمة.

وقالت السلطات إن المعتقلين كان بحوزتهم أوراق ثبوتية مزورة.

غير أن ما بين 100 و500 معارض تجمعوا في ساحة في سامارا، وهتفوا شعارات مثل "روسيا بدون بوتين."

قمة متوترة

وقال بوتين في مؤتمر صحافي مع ميركل التي تترأس بلادها الاتحاد الاوروبي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروسو اثر قمة في منتجع فولكسي اوتس على بعد مئة كلم من سمارا على ضفاف الفولغا "روسيا لا تشكل استثناء".

وكما في كل خلاف مع الغرب رد بوتين على الانتقادات الموجهة لروسيا وخصوصا على صعيد قمع الشرطة للتظاهرات بالاشارة الى حوادث اخيرة في المانيا واستونيا العضوين في الاتحاد الاوروبي.

وقال انه خلال اعمال شغب في نهاية نيسان/ابريل في تالين اثر نقل نصب تذكاري للجيش الاحمر "لم يكتفوا بتفريق المتظاهرين بل قتلوا احدهم" في اشارة الى الشرطة الاستونية مطالبا بمعاقبة "المجرمين".

وكانت النيابة الاستونية نفت اي صلة بين مقتل المتظاهر الشاب وتحرك الشرطة.

واضاف بوتين متوجها الى ميركل "في هامبورغ (المانيا) تم اعتقال 140 شخصا في وقت نوقف عندنا نحو عشرة اشخاص لدى قيام تظاهرة من 200 شخص" وذلك بعد سلسلة من الاعتقالات خلال تظاهرات في المانيا لمناسبة الاول من ايار/مايو.

وكانت المستشارة الالمانية اعربت عن قلقها لمنع مجموعة معارضين من التوجه الى سمارا للمشاركة في تظاهرة مناهضة لبوتين بعد ظهر الجمعة وقالت "انني قلقة لكون البعض واجهوا مشاكل في المجيء وآمل ان يتمكنوا من التعبير عن رأيهم".

ومنع العديد من مسؤولي المعارضة بينهم بطل الشطرنج السابق غاري كاسباروف من السفر من موسكو الى سمارا. واشارت السلطات الى مشاكل في التذاكر لدى بعضهم والى حجوزات كثيفة. وفي ضوء ذلك لم يتجاوز عدد المشاركين في تظاهرة سمارا 300 شخص. وافاد مراسل وكالة فرانس برس ان هؤلاء ساروا في وسط المدينة وسط تدابير امنية مشددة.

كذلك اتهم بوتين استونيا ولاتفيا الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين العضوين في الاتحاد الاوروبي بعدم احترام حقوق الاقليات الروسية فيهما وقال "نعتبر ان (هذه الانتهاكات) غير مقبولة ولا تليق باوروبا".

لكن وزير الخارجية الاستوني اورماس باييت رفض الجمعة هذه الاتهامات.

وكما في مسألة حقوق الانسان انتهت القمة بفشل في قضايا خلافية اخرى اولها الحظر الروسي على اللحوم البولندية.

واعتبر باروسو ان "لا سبب لمنع اللحوم البولندية" علما ان هذه القضية تعطل المفاوضات حول شراكة جديدة بين اوروبا وروسيا وخصوصا في موضوع الطاقة بعدما رفض البولنديون بدء هذه المفاوضات مع استمرار الحظر الروسي.

وكان رد بوتين "ينبغي عدم المبالغة في طرح هذه القضية على الاتحاد الاوروبي اولا ان يعالج مشكلاته الداخلية" راميا الكرة في الملعب الاوروبي. واضاف كمن يبرىء نفسه "البولنديون لا يتحدثون الينا منذ ستة اشهر".

وخلال المؤتمر الصحافي اخفق بوتين وباروزس وميركل في اخفاء توترهم مشيرين على التوالي الى "مشاكل" و"صعوبات" في العلاقة بين الاتحاد الاوروبي وروسيا. لكنهم رفضوا المبالغة في اظهارها.

وفي هذا الاطار علقت ميركل "واجهنا مشكلات ايضا داخل الاتحاد الاوروبي واحرزنا تقدما في النهاية نستطيع تجاوز صعوباتنا" مع روسيا.

وسئل بوتين عما يدفع موسكو الى محاورة الاتحاد الاوروبي فاجاب "سواء اردنا ذلك او لا فان تطور علاقاتنا سيستمر".

وتظاهر نحو خمسمئة معارض للكرملين الجمعة في سمارا على ضفاف نهر الفولغا فيما منعت السلطات الروسية قادة من المعارضة من الانضمام اليهم مما اثار انتقادات المستشارة الالمانية انغيلا ميركل. حسب تقرير لفرانس برس.

وقد سارت مجموعة المتظاهرين الصغيرة في وسط سمارا (جنوب)، بمراقبة اعداد كبيرة من عناصر الشرطة على ما افاد مراسل لوكالة فرانس برس.

وقالت نتاليا سوروتشان (27 عاما) التي كانت تحمل لافتة تدعو الرئيس فلاديمير بوتين للاستقالة "لا اؤيد ما يجري في روسيا اليوم اريد روسيا اخرى حرة".

وقبل ساعات قليلة من التظاهرة منعت الشرطة بعض قادة المعارضة بينهم بطل الشطرنج السابق غاري كاسباروف من الصعود الى الطائرة التي كانت ستقلهم الى سمارا.

وقد منع كاسباروف احد زعماء حركة "روسيا الاخرى" وزعيم الحزب الوطني البولشفي ادوارد ليمونوف وكذلك رئيس منظمة حقوق الانسان ليف بونوماريف مع عدد من الاشخاص الاخرين من الصعود الى الطائرة التي انطلقت بتأخير خمسين دقيقة كما قال ليمونوف لوكالة فرانس برس هاتفيا.

واوضح ليمونوف "لقد منعونا من المرور مع كاسباروف. لم يصعد نحو 25 شخصا الى الطائرة".

وقد نظمت حركة روسيا الاخرى المؤلفة من منظمات معارضة للرئيس فلاديمير بوتين هذه "المسيرة الاحتجاجية" المأذون بها في سمارا.

وكان تم توقيف عدد اخر من منظمي التظاهرة خلال الاسبوعين الماضيين. وكانت التجمعات السابقة لحركة روسيا الاخرى بقيادة كاسباروف فرقت بعنف من قبل شرطة مكافحة الشغب.

وتساءلت نينا (61 عاما) "مم هم خائفون؟ لسنا كثيرين هنا" آخذة على الكرملين عدم ضمان توزيع الثروات النفطية الهائلة للبلاد على جميع فئات المجتمع.

وقد عقدت قمة روسيا والاتحاد الاوروبي على بعد نحو مئة كلم في منتجع فولسكي اوتس على ضفاف الفولغا الذي شيد في السبعينات للقادة السوفيات في احد اجمل المواقع في المنطقة.

ومع بدء المؤتمر الصحافي الختامي عبرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل عن "قلقها" لهذا الوضع وقالت "انني قلقة بالفعل لكون البعض واجهوا مشاكل في المجيء وآمل ان يتمكنوا من التعبير عن رأيهم".

وهذا الانتقاد العلني سلط الضوء على معارضة ضعيفة تفتقر الى التمويل ولا تتمكن عمليا من الوصول الى التلفزيون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20 آيار/2007 -2/جمادي الأول/1428