تهويد القدس يعود بقوة وسط الاقتتال الداخلي الفلسطيني

 شبكة النبأ: في خطوة خطيرة تتخذها اسرائيل لتحقيق هدفها الاستيطاني، وتثبيت مآل احياء القدس لليهود، عمدت الحكومة الاسرائيلية الى تكثيف انشاء مساكن مدعومة لتسكين اليهود فيها، وذلك لتحقيق المقولة الاسرائيلية بان القدس هي العاصمة الابدية للكيان الصهيوني، ويأتي هذا الاجراء من خشية ان الفلسطينين يتكاثرون وسيصبحون قريبا غالبية لتشكيل طوبغرافيا غير مرغوبا فيها داخل القدس.

ياتي هذا وسط انشغال فلسطيني بقتال داخلي اهلي بين فتح وحماس استغلته اسرائيل بحملة استيطانية واسعة تركز على القدس بالخصوص.

وان بدا القرار صادما للكثيرين، فانه لم يكن كذلك بالنسبة الى من يتابع السياسة الاسرائيلية في المدينة المقدسة منذ احتلالها عام 1967. فمنذ الايام الاولى لاحتلال القدس اتبعت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة سياسة تقوم على تقليص عدد المواطنين العرب وزيادة السكان اليهود في المدينة التي اعلنتها عاصمة ابدية لها، وشملت هذه السياسة خطوات سياسية وقانونية وعمرانية وثقافية واجتماعية.

وعلى هذا فقد اعلنت اسرائيل انها ستخصص نحو مليار ونصف مليار دولار لتطوير الاحياء اليهودية في القدس تحسبا من زيادة عدد السكان العرب بما يهدد السيادة اليهودية عليها، وذلك في الذكرى الاربعين لما تسميه "اعادة توحيد" المدينة التي احتلت جزأها الشرقي في 1967.

وجاء هذا الاعلان خلال اجتماع خاص عقدته الحكومة بالمناسبة في مركز رئيس الوزراء الاسبق مناحيم بيغن الذي صدر في عهده في 1980 قانون يعتبر القدس "العاصمة الموحدة والابدية لاسرائيل". حسب تقرير لفرانس برس.

وقال رئيس الوزراء ايهود اولمرت في بداية الاجتماع ان "الحكومة ستوافق على خطط لتطوير القدس وستخصص 5,75 مليارات شيكل (1,4 مليار دولار) لهذا الهدف".

كما اعلن اولمرت عن تخفيضات ضريبية وحوافز في الاطار نفسه.

واستولى الجيش الاسرائيلي على الجزء الشرقي من المدينة في السابع من حزيران/يونيو 1967 في اليوم الثالث من الحرب قبل ان تعلن اسرائيل ضمه، ولا تعترف الاسرة الدولية بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل.

وشدد رئيس بلدية القدس اوري لوبوليانسكي المشارك في الاجتماع الحكومي على ضرورة تعزيز عدد السكان اليهود في المدينة المقدسة.

وقال ان "المشكلة الديموغرافية مسألة صعبة جدا بالنسبة لنا، ورغم اننا نتحدث عن السيادة اليهودية تفيد الاحصاءات ان القدس قد لا تبقى الى الابد تحت السيطرة والسيادة اليهودية".

واضاف رئيس بلدية القدس ان "القدس قد تسقط في ايدي حماس التي تعرف انه ليس عليها ان تسيطر على القدس عن طريق الحرب ولكن عن طريق النمو السكاني، حماس تعرف انه خلال 12 سنة يمكنها ان تستولي على القدس من خلال الزيادة السكانية".

ويسعى الفلسطينيون الى جعل القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية في اطار حل للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني.

وافاد تقرير لمعهد القدس للدراسات الاسرائيلية ان عدد السكان العرب في القدس ارتفع اكثر بمرتين عن ارتفاع عدد اليهود خلال السنوات العشر الماضية.وخلال السنوات الاربعين الماضية ارتفع عد السكان العرب بمعدل 257 في المائة من 68 الفا الى 245 الفا في حين ارتفع عدد اليهود بمعدل 140 في المائة من 200 الف الى 475 الفا.

وتراوح معدل الولادات بين العرب خلال السنوات العشر الماضية بين 3 و4 في المائة اي اكثر بمرتين من معدل الولادات لدى اليهود، وفي حال استمر الاتجاه على ما هو عليه سيشكل العرب خمسين في المائة من سكان المدينة بحلول عام 2035 وفق التقرير نفسه.

وسيشارك اولمرت في احتفال اخر بالذكرى عند حائط المبكى في البلدة القديمة، وتشهد شعبية اولمرت تدهورا كبيرا جراء سلسلة من الفضائح واثر نشر التقرير حول اخفاقات الحرب على لبنان الصيف الماضي.

واستعاد الاسرائيليون السيطرة على حائط المبكى اكثر الاماكن المقدسة بالنسبة لهم بعد الاستيلاء على القدس باكملها.

وستحتفل اسرائيل بيوم القدس وهو يوم الاحتفال رسميا بالذكرى الاربعين للاستيلاء على القدس تبعا للتقويم العبري.

ورفض ممثلوا السلك الدبلوماسي الاوروبي المعتمدون لدى اسرائيل قبول دعوات للمشاركة في البرلمان الاسرائيلي في جلسة لاحياء هذه الذكرى بسبب حساسية هذه المسالة في هذا النزاع.

وابلغت السفارة الالمانية السلطات بذلك كون المانيا تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي.

وانتقد الوزير المكلف قضايا القدس ياكوف ايديري قرار الدبلوماسيين الاوروبيين في تصريح للاذاعة العسكرية، وقال الوزير الاسرائيلي "اعرب عن اسفي وآمل ان يعودوا عن قرارهم .. وآسف خصوصا لان المانيا هي التي تقود هذه الخطوة".

حجة توسيع القدس

وقال أولمرت انه سيسعى لتوسيع رقعة القدس وأنه يأمل في أن يقبل العالم في نهاية الامر الحكم الاسرائيلي للمدينة. كما نقلت رويترز.

وقال  في حفل بمناسبة ذكرى استيلاء اسرائيل على القدس الشرقية وضمها في عام 1967 "لم تكن الاعوام الاربعون الماضية سوى بداية، أعتقد وآمل وأصلي من أجل ان

نواصل العمل معا لتوطيد دعائم القدس وتوسيع رقعتها وتثبيت أركانها وبناء أحيائها."

وأضاف أولمرت في الحفل الذي أقيم في القدس ان اسرائيل تأمل في الوصول الى قبول العالم بحكمها للمدينة من خلال احترام مكانتها الدينية بالنسبة لليهودية والمسيحية والاسلام.

وتابع "اذا فعلنا ذلك بحكمة وحذر فسنحافظ على المدينة دائما تحت سيادتنا كاملة وموحدة ومقبولة للعالم بأسره.. هذا هو هدفنا."

وانتقل قرابة 200 الف اسرائيلي الى أحياء أنشأتها اسرائيل في القدس الشرقية العربية منذ ضمت المنطقة بعد حرب عام 1967 وجعلتها جزءا من عاصمتها في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي.

ويقيم في المدينة 230 الف فلسطيني يعيش أغلبهم في انفصال عن الاسرائيليين.

وقالت اسرائيل ان لديها خططا لبناء 20 الف وحدة سكنية أُخرى في القدس الشرقية وهو ما قوبل بالادانة من جانب المسؤولين الفلسطينيين الذين وصفوه بأنه عقبة أمام الجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لاحياء محادثات السلام المتوقفة.

وتدعو مبادرة السلام العربية التي قال اولمرت انه يرى بها نقاطا ايجابية الى إقامة علاقات طبيعية كاملة بين اسرائيل والعالم العربي مقابل انسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي التي احتلتها في عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية.

وعبرت وزارة الخارجية الاسرائيلية في وقت سابق عن اسفها لان بعض الدبلوماسيين الاوروبيين رفضوا دعوات لحضور جلسة احتفالية برلمانية بمناسبة ذكرى الاستيلاء على القدس الشرقية.

اظهر تقرير لمركز ابحاث اسرائيلي وافادت به الفرانس برس ان عدد سكان القدس من العرب شهد نموا يبلغ ضعفي نمو عدد السكان اليهود خلال العقد الاخير.

وبحسب توقعات مؤسسة القدس للدراسات الاسرائيلية في حال استمر النمط الحالي سيشكل اليهود بحلول العام 2020 60% من سكان القدس في مقابل 66% حاليا في حين ان نسبة العرب ستتراوح بين 34 و40%.

ويبلغ عدد سكان القدس حاليا 720 الف نسمة، ويشمل هذا العدد القسم الشرقي من المدينة التي احتلتها اسرائيل وضمتها في 1967 فضلا عن الاحياء التي بنتها الدولة العبرية في هذا القسم من المدينة.

ومنذ اربعة عقود زاد عدد السكان العرب بنسبة 257% وانتقل عددهم من 68 الفا الى 245 الفا حاليا في حين ان السكان اليهود عرفوا نموا بلغ 140% وانتقل عددهم من 200 الف الى 475 الفا.

وبلغ نمو الولادات في صفوف العرب خلال العقد الاخير 3 الى 4% اي ضعف النسبة عند اليهود، وفي حال تواصل هذا الميل سيشكل العرب نسبة 50% في 2035 على ما جاء في التقرير.

وتأثر النمو الديموغرافي في المدينة ايضا بانتقال عشرات الالاف من العائلات اليهودية الى بلدات او مستوطنات واقعة في الضفة الغربية عند حدود القدس حيث يمكنها ايجاد مساكن باسعار افضل.

يهود العالم يتجندون لتهويد المدينة

بجرّة قلم قررت الحكومة الاسرائيلية رفع عدد السكان اليهود في مدينة القدس الى مئة الف مستوطن يهودي جديد بمشروع لبناء 20 الف وحدة سكنية في جزء المدينة الشرقي الذي احتله الجيش الاسرائيلي في حزيران (يونيو) 1967، ويأتي هذا القرار بعد ايام قليلة على ظهور تقرير يشير الى تزايد نسبة المواطنين العرب في المدينة مقابل اليهود.

ويتوقع مراقبون حسب تقرير لـ(الحياة) ان يجري اتمام بناء الوحدات السكنية بسرعة قياسية نظرا لحاجة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، المُلاحق بالفضائح والهزائم، الى ما يثبت أحقيته في القيادة.

وعلى الصعيد السياسي اتخذت اسرائيل قرارا بتوحيد شطري القدس الغربي والشرقي واعلنتها عاصمة ابدية لها، وفي وقت لاحق اتخذ البرلمان (الكنيست) قرارا يقضي بعدم تقسيم المدينة مستقبلا وذلك لقطع الطريق على اية فرصة للتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين بشأنها.

وقانونيا اتخذت السلطات الاسرائيلية رزمة خاصة بالقدس منها قانون يجيز للسلطات سحب بطاقة اي مقدسي ومنعه من دخول البلاد في حال غيابه سبع سنوات عن المدينة، حتى لو كان يسكن في مدينة مجاورة مثل رام الله.

ولا تتردد السلطات الاسرائيلية في تجريد اي مقدسي من حقه في الاقامة في المدينة اذا وجدت ما يثبت انه يعيش خارج المدينة.

وتشمل رزمة القوانين اوامر عسكرية لها قوة القانون بينها امر يقضي بمصادرة بطاقة كل مقدسي يحمل جواز سفر اجنبيا او ينتمي الى ما تسميه اسرائيل «منظمة ارهابية».

وفي هذا السياق سحبت اسرائيل قبل اشهر بطاقات اربعة نواب مقدسيين ينتمون الى حركة «حماس».

وفي وقت سابق سحبت بطاقة زوجة الدكتور فتحي الشقاقي الامين العام السابق لحركة الجهاد الاسلامي الذي اغتالته اسرائيل في العام 96 في جزيرة مالطا.

وحسب تقارير اعدتها مؤسسات حقوقية فقد سحبت اسرائيل بطاقات 16 الف مواطن مقدسي منذ العام 67 ودفعتهم للعيش خارج المدينة.

ويقول خليل التوفكجي رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس، عضو الوفد المفاوض في شأن الاستيطان والقدس ان اسرائيل توظف كل مؤسساتها السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والاسكانية لطرد وابعاد اهل المدينة العرب واحلال مستوطنين يهود محلهم.

وعمرانيا أعلنت اسرائيل عن سلسلة من مشاريع الاسكان الهادفة الى زيادة وتعزيز الوجود اليهودي في القدس.

وحمل أحد المشاريع الحكومية شعارا يقول: «اشتر بيتا في القدس»، وتضمن هذا المشروع تقديم قروض مجزية بفوائد رمزية لليهود الراغبين في السكن في القدس، ومنها ايضاً اقامة مشاريع اسكان جماعية ومصادرة أراض وبيوت عربية وتحويلها لملكية اليهود.

والى جانب الجهد الحكومي نشطت مؤسسات اهلية يهودية في الاستيلاء على الاراضي والعقارات العربية في القدس، واستخدمت هذه المؤسسات - مثل «العاد» و «عطاريت كوهانيم» وغيرهما مبالغ مالية طائلة في مشروعاتها التي تضمنت اعمال تزوير يقوم بها موظفون يهود في الدوائر الرسمية مثل دوائر املاك الغائب والطابو (السجل العقاري). ونشرت صحف عبرية تحقيقات اظهرت ان هذه الجمعيات دفعت مئات ملايين الدولارات لشراء وتزوير اراض وعقارات عربية في القدس.

ووظفت هذه المؤسسات شبكة عملاء عرب لمساعدتها في الايقاع ببعض كبار السن وتزوير توقيعاتهم على عقود بيع وشراء عقارات يمتلكونها.

واستولت اسرائيل بموجب هذه السياسة على عشرات المنازل في البلدة القديمة من المدينة، وهي الحي الذي يضم المقدسات الاسلامية والمسيحية واليهودية ويعيش فيه 24 الف فلسطيني، وحتى وقت قريب كان جميع سكان هذه البلدة من الفلسطينيين.

وحمل مشروع آخر شعار: «احفر نفقا في القدس». وتضمن هذا المشروع اقامة عشرات الانفاق بهدف اضعاف وتقويض اساسات المسجد الاقصى والبيوت العربية في المدينة القديمة.

وعلى الصعيد الاجتماعي اتبعت اسرائيل سياسية تقوم على تمزيق النسيج الاجتماعي العربي في المدينة عبر نشر المخدرات وغيرها.

وثقافيا اتبعت سياسة تقوم على اسّرلة الثقافة العامة لأهالي المدينة عبر فتح اندية ومؤسسات ثقافية تبث الفكر الصهيوني بين الاجيال الجديدة.

ولتغيير المظهر العربي في المدينة عمدت السلطات الاسرائيلية الى «عبرنة» اسماء الاماكن في المدينة، اي اطلاق اسماء عبرية عليها بدلا من اسمائها العربية، فشارع الواد اصبح اسمه شارع «يشاي»، وحارة السعدية اصبح اسمها حارة «الحشمونئيم»، واسم المدينة «القدس» يتراجع اليوم ليحل محله «اورشليم» وهكذا.

واكثر ما يثير قلق اهالي القدس في هذه المرحلة هو بناء الجدار الذي يفصل الغالبية العظمى من اهالي المدينة خلفه.

ويقول التوفكجي ان الجدار يعزل حوالي 200 الف من سكان القدس ويبقي فقط على اقلية من 80 الفاً فيها.

وأدت السياسة الاسرائيلية هذه الى تغيير ديموغرافي عميق في المدينة التي كان يعيش فيها 70 الف مواطن عربي فقط عند احتلالها عام 67.

واليوم اصبح يعيش فيها 182 الفاً، واعلنت اسرائيل العام الماضي، سعيا منها لتوسيع مساحة القدس على حساب باقي اراضي الضفة الغربية، عن توسيع حدود المدينة لتشمل 12 كليومتراً مربعاً جديداً، وتضمنت الخطة المذكورة التي أطلقت عليها اسم E1 قرارا باقامة اربعة الاف وحدة سكنية واربعة فنادق للمستوطنين اليهود.

ومع هذا القرار باتت القدس تشكل 15 في المئة من مساحة الضفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 18 آيار/2007 -29/ربيع الثاني/1428