الجيش والاقلية العلمانية يفرضان ارادتهما على الشعب والانتخابات في تركيا

 شبكة النبأ: يعاني الاتراك منذ تاسيس التوجه العلماني في تركيا على يد مصطفى كمال اتاتورك في بدايات القرن الماضي من تجاذبات تقودها المؤسسة العسكرية النافذة في الدولة والمجتمع من جهة، واحزاب اسلامية ذات توجهات دينية تحاول الحفاظ على ما تبقى من ارث الاسلام في هذه الدولة ذات الاغلبية المسلمة والتي كانت يوما عاصمة للدولة الاسلامية ابان الحكم العثماني.

وبدأت المؤسسة العسكرية في تركيا منذ عدة اشهر بالتحشيد من خلال المظاهرات التي تدعو للعلمانية ورفض الشريعة الاسلامية تارة وبالتهديدات بانها ستقف بالقوة امام ارادة الاتراك اذا ما قرروا اختيار رئيسا جديدا ذو توجهات اسلامية تارة اخرى.

وتجمع أكثر من 100 ألف من العلمانيين في مدينة ازمير التركية احتجاجا على الحكومة التي يسيطر عليها الاسلاميون في حشد يأمل منظموه أن يوحد صفوف المعارضة قبل الانتخابات التي تجرى في يوليو القادم.

وشاب التجمع الذي من المتوقع أن يصل المشاركون فيه الى مليونين طبقا لتقدير المنظمين تفجير السبت في المدينة والذي أسفر عن مقتل رجل واصابة 14. ولم يتسن على الفور معرفة الجهة التي تقف وراء التفجير.

وغطى الشوارع والمباني في ثاني أكبر المدن التركية خضم متلاطم من الاعلام التركية الحمراء وصور لمصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا العلمانية الحديثة.

وردد المحتجون هتافات قالوا فيها تركيا علمانية وستظل علمانية...لا للشريعة.

وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية المنتمي الى يمين الوسط من المرجح أن يفوز بأغلب الاصوات في يوليو تموز ولكنه قد لا يحصل على أغلبية كافية مما سيجبره على تشكيل حكومة ائتلافية.

وساعدت سلسلة من التجمعات الحاشدة المعارضة لحزب العدالة والتنمية على مدى الشهر الماضي في أن تظهر مجددا الانقسام الكبير بين الاتراك الذين يمثل المسلمون الاغلبية الساحقة منهم بشأن دور الدين وسط التغير الاقتصادي والاجتماعي السريع.

وفي سياق متصل أكد مسؤول عسكري بالجيش التركي أن ما يزيد على 1.5 مليون شخص، شاركوا فيما تعد أكبر مظاهرة للعلمانيين ضد حكومة حزب العدالة والتنمية، شهدتها مدينة إزمير، ثالث أكبر المدن التركية. حسب تقرير للـCNN.

وتأمل المعارضة، أن يشكل هذا الاحتجاج وسيلة للضغط على الحكومة "ذات الجذور الإسلامية"، في ظل تصاعد التوتر السياسي قبل الانتخابات العامة التي تقرر اجراؤها مبكراً في 22 يوليو/ تموز المقبل.

كما يأتي الاحتجاج، الذي يعد الأكبر للمعارضة التركية، بعد تظاهرات أخرى جرت في وقت سابق الشهر الماضي، في كل من العاصمة أنقرة ومدينة اسطنبول ثاني أكبر مدينة في تركيا.

وقال مسؤول عسكري، رفض الكشف عن هويته بدهوى أنه غير مخول للتحدث إلى وسائل الإعلام، إن التقديرات تشير إلى أن المظاهرة ضمت أكثر من مليون ونصف المليون شخص.

وكانت مدينة إزمير، الواقعة على بحر "إيجه" غربي تركيا، قد شهدت السبت انفجار قنبلة وضعت على دراجة هوائية، مما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل، وأصابة نحو 14 آخرين.

وذكرت محطة ‏NTV التلفزيونية التركية، إن الانفجار يتوقع أن يكون الهدف منه "إحداث ضجة ما"، مشيراً إلى أن الانفجار ‏وقع قبل يوم من تظاهرة حاشدة، من المخطط لها أن تجمع مئات الآلاف، احتجاجاً على ما تعتبره المعارضة "توجهات إسلامية للحكومة التركية."

جاء الهجوم بعد قليل من إعلان وزير الخارجية التركي عبد الله غول، الذي أخفق مرتين في الحصول على موافقة البرلمان على ترشحه لرئاسة الجمهورية، أن ترشحه في أي اقتراع شعبي مباشر لا يزال قائماً.

ونتيجة لمقاطعة المعارضة التي تخشى من أن تؤدي ميوله الإسلامية إلى إبعاد البلاد عن مسارها العلماني، فقد أعلن غول في وقت سابق، سحب ترشيحه لرئاسة تركيا، إلا أنه عاد الجمعة ليعلن استمراره في الترشح للمنصب، ضمن اقتراع مباشر.

وأقر البرلمان التركي الأسبوع الماضي مجموعة من التعديلات الدستورية، كمخرج لحكومة حزب العدالة والتنمية، التي يرأسها رجب طيب أردوغان، من أزمة الانتخابات الرئاسية التي تتمثل في فشل الحزب في تحقيق النصاب الدستوري المطلوب في جولة الانتخابات الأولى.

وتتضمن التعديلات خمسة قوانين أساسية هامة إلا أن تعديلاً واحداً فقط كان الهدف منها جميعاً وهو انتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر من قبل الشعب.

ولكن ما تزال هذه التعديلات في حاجة إلى توقيع رئيس الجمهورية لإقرارها، وهو أمر غير مرجح، في ضوء تمسك الرئيس أحمد نجدت سيزر بالعلمانية في البلاد، وتهديد الجيش بالتدخل العسكري في حال المساس بها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثلاثاء 15 آيار/2007 -26/ربيع الثاني/1428