هل تحقق الانتخابات الرخاء والتغيير لفقراء الجزائر ومعدميها

 شبكة النبأ: تشير الاحصائيات الى ان اكثر من ربع سكان الجزائر تحت مستوى خط الفقر مع ان فائض ميزانية الدولة في تزايد مستمر خلال السنوات الاخيرة التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق باسعار النفط حتى وصل الى 75 مليار دولار كأحتياطي وطني نهاية عام 2006.

وتتفاقم حالة الفقر لدى الشعب الجزائري، على الرغم من الأرباح الكبيرة التي تجنيها الدولة من خلال الارتفاع المتواصل لأسعار النفط. وهو ما يجعل الكثير من الجزائريين يتساءلون عمَّا يحصل في الواقع بالدولارات النفطية.

وحين تزور أكواخ (حي كاميكازي) الفقير في العاصمة الجزائرية سترى قدرا كبيرا من الفقر وعدم الرضا. ولكن الأصعب ان تكتشف أي توقعات بان تحدث الانتخابات البرلمانية التي تجري هذا الاسبوع تغييرا إلى الافضل.

مثل كثيرين في الجزائر الغنية بالنفط يستبعد سكان في هذا الجيب الحضري الفقير ان تتسم الانتخابات بالشفافية ويشعرون ان هذا البرلمان لا فائدة منه.

وقال سعيداني حمود (23 عاما) وهو من سكان الحي لرويترز "اعتقدنا ان المرشحين أو بعضهم على الاقل سيزور الحي ويتحدث للناس. لم يأت أحد فلماذا أذهب لادلي بصوتي."

وأطلق على الحي اسم كاميكازي ومعناها الانتحاري باللغة اليابانية حيث نشأ فيه مروان بودينة أحد ثلاثة مهاجمين فجروا أنفسهم في الجزائر العاصمة في 11 ابريل نيسان مما اسفر عن سقوط 33 قتيلا.

ويضم الحي نحو 200 بيت مبنية من الطوب أو الحديد المموج والاغطية البلاستيكية وكان يطلق عليه ربما كنوع من التيمن البستان.

ولا يتعشم السكان ان تكون الانتخابات التي تجري في 17 مايو ايار بداية لايجاد حلول لمشكلتي البطالة والتشرد.

وتوفير فرص عمل وتحسين المساكن والصحة والتعليم والحد من الاعتماد على النفط خطوات مهمة لتحقيق الاستقرار في مجتمع عانى من أعمال العنف في التسعينات وصدمه تجدد التفجيرات التي تنفذها مجموعات اسلامية مسلحة.

وكلف الصراع بين الجيش الجزائري والجماعات الاسلامية المسلحة الذي استمر عقدا البلاد أكثر من 200 الف قتيل وسبب اضرارا تقدر بما يصل الى 20 مليار دولار. وكان من أكثر الصراعات التي شهدتها القارة الافريقية وحشية.

وهناك قناعة دائمة وان لم يفصح عنها بان السلطة التنفيذية القوية تهيمن على البرلمان الذي يضم 389 عضوا من ساسة يسعدون بالتصديق على قرارات الحكومة.

ويميل سكان (حي كاميكازي) للشعور بان النسيان طواهم حتى بعد حادث 11 ابريل الذي أعلن جناح القاعدة في شمال افريقيا مسؤوليته عنه ليشتهر الحي لفترة قصيرة وان كان بشكل سلبي.

وقال عبد الحميد بوهالة (39 عاما) "الفجوة بين مستوى المعيشة والساسة كبيرة.

"في الواقع نحن نعيش في عالمين مختلفين ونعتقد ان الانتخابات لن تحسن ظروف الحياة اليومية."

وتذكر التفجيرات بان المشاكل الاجتماعية التي ساعدت في صعود الاحزاب الاسلامية في الثمانينات وأوائل التسعينات لازالت متفشية رغم وفرة عائدات النفط والغاز.

ويلقي منتقدون المسؤولية على أسلوب غير كفء في ادارة الدولة للاقتصاد والاعتماد علي نظام سوفيتي الطابع للتحكم في الاقتصاد.

وقال عبد الحميد وهو حارس أمن "لن أكون ارهابيا ولكن ابني قد يصبح واحدا من هم. أريد أن أحسن تنشئته وتربيته وتعليمه. ولكن لست واثقا من امكانية تحقيق ذلك ونحن قابعون في حي فقير."

يقع الحي فوق هضبة صغيرة تعرف بناحية واد اوشيح في منطقة القبة وهو محروم من وسائل الراحة الاساسية مثل الماء والصرف الصحي وعلى مقربة منه فيلات أنيقة في منطقة يطلق عليها اسم (دالاس) المأخوذ من أسم مسلسل امريكي شهير عن اباطرة النفط في ولاية تكساس الامريكية.

يجلس سليمان عبد الغني (23 عاما) في سيارة دفع رفاعي سوداء جديدة وبفضل ثراء والده يمكنه العيش في دالاس ولكنه يعتقد انه على الحكومة السعي لحل مشكلة الفقر بفعالية أكبر.

ويقول "أعتقد أن مهمة الحكومة الاساسية تخفيف معاناة الناس.. الجزائر بلد غني ولكن الافا من مواطنيه يعيشون في أحياء فقيرة. هذا غير معقول."

وتفيد أرقام رسمية أن نسبة البطالة بين من هم دون الثلاثين بلغت 75 في المئة في عام 2005 ارتفاعا من 73 في المئة في عام 2004.

ولحل هذه المشاكل الاجتماعية يقود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خطة انعاش اقتصادي تتكلف 140 مليار دولار لتوفير مليوني فرصة عمل وبناء مليون منزل.

ولكنه لم يحقق نجاحا يذكر في انعاش القطاع الخاص بعيدا عن قطاع الطاقة والذي لا يوفر سوى عددا قليلا من الوظائف.

وقال الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري "لا يمتزج النفط بالاصلاحات الاقتصادية ومازالت الجزائر بدون اقتصاد منتج. لا تنتج سوى النفط وتستورد كل احتياجاتها من القمح والحليب الى الادوية.

"سيستمر تصاعد الضغط الاجتماعي وليس امام الحكومة بديلا عن تلبية احتياجات السكان والا سنشهد انفجارا اجتماعيا في يوم من الايام."

ولكن المسؤولين الجزائرين لا يرون ان الفقر يفرز الارهاب.

وفي الآونة الاخيرة صرح رئيس الوزراء السابق أحمد أو يحي للصحفيين بأن الفقر لا يمكن ان يبرر الارهاب وتساءل عن تفسير انخراط عدد من السعوديين الاثرياء في الارهاب.

ويرى عبد الحميد ان هدم الحي سيكون مفيدا.

وقال "فعلها المغاربة" في اشارة لعملية ازالة احياء فقيرة في الدار البيضاء العاصمة التجارية للمغرب عقب مقتل 45 شخصا من بينهم 12 مهاجما انتحاريا في عام 2003. وجاء المفجرون من أحياء الدار البيضاء الفقيرة.

وأضاف عبد الحميد "ينبغي ان تفعل حكومتنا نفس الشيء."

ويضيف تقرير اخر لرويترز عن الازمات التي تعصف بفقراء الجزائر من قبيل البطالة ونقص السكن بأن الجزائريون الذين يعانون أزمات متعددة ويساورهم القلق بشأن العنف السياسي يريدون حدوث تغيير لكنهم لا يعتقدون أن البرلمان الجديد الذي سينتخب يوم 17 مايو أيار الجاري سيأتي بهذا التغيير.

ويبدو أن شعور اللامبالاة تولد عند جزء كبير من نحو 33 مليون نسمة من قناعة واسعة النطاق بأن البرلمان المؤلف من 389 مقعدا يخضع لسيطرة السلطة التنفيذية ويشغل مقاعده سياسيون على استعداد للموافقة على قرارات السلطة التنفيذية دون مناقشة.

وقال زهير عمراني (21 عاما) وهو طالب يدرس العلوم السياسية "النواب لا يكترثون بنا. وأنا لا أكترث بهم."

ومنصب الرئيس هو الاقوى نفوذا في البلد الذي يورد النفط والغاز لامريكا الشمالية وأوروبا. ويلعب رئيس الوزراء الذي يختاره الرئيس دور المنسق بين الحكومة والرئاسة.

وقال محمد حمدان وهو رجل أمن بشركة السكك الحديدية الوطنية "عمري 39 عاما ولدي زوجة وثلاثة أطفال. مازلت أعيش مع أهلي في شقة صغيرة للغاية. لا أزال أنتظر ردا للحصول على مسكن (تموله الدولة). قدمت الطلب قبل عشرة أعوام. لذا فلماذا يجب علي ان أصوت.. لا فائدة من ذلك ولن يكون له أي تأثير على حياتي."

ومن العاصمة المكتظة بالسكان الى بلدتي أدرار وحاسي مسعود حيث توجد حقول للنفظ والغاز في الصحراء سيختار 18 مليون ناخب من بين 12229 مرشحا من 24 حزبا سياسيا لشغل مقاعد البرلمان للسنوات الخمس المقبلة.

ومن المتوقع أن يحتفظ حزب جبهة التحرير الوطني بسيطرته على البرلمان كما من المرجح أن يحل حزب التجمع الوطني الديمقراطي وهو حزب موال للحكومة أيضا في المركز الثاني.

وتشغل جبهة التحرير الوطني 199 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته بينما يشغل التجمع الوطني الديمقراطي 47 مقعدا. ويشكل الحزبان مع حزب اسلامي معتدل ائتلافا حكوميا.

وكشف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يشغل منصبه لفترة ولاية ثانية تنقضي عام 2009 النقاب عن خطة خمسية للتنمية الاقتصادية كلفتها 140 مليار دولار من أجل التصدي للمشاكل الاجتماعية.

لكن لا يتوقع كثيرون أن يشرف البرلمان على تنفيذ هذه الخطة بشكل فعال بسبب النظرة لنواب البرلمان على أنهم تابعون للسلطة التنفيذية.

وتعد مسألة توفير الوظائف وتحسين المساكن والصحة والتعليم من الامور الضرورية لارساء الاستقرار في مجتمع لايزال يعاني من اثار عقد من العنف خلال التسعينيات ومن صدمة عودة التفجيرات التي تنفذها جماعات اسلامية مسلحة.

وأدى الصراع الذي نشب خلال التسعينيات بين الجيش والجماعات الاسلامية المسلحة الى سقوط ما يقدر بنحو 200 ألف قتيل وحدوث خسائر قيمتها 20 مليار دولار.

وتسببت ثلاثة تفجيرات انتحارية أعلن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي مسؤوليته عنها في مقتل 33 شخصا في العاصمة في أبريل نيسان الامر الذي أثار المخاوف من اندلاع العنف مرة أخرى على غرار ما حدث في التسعينيات.

لكن المشاكل الاجتماعية لا تزال الشغل الشاغل للجزائريين.

ووفقا للارقام الرسمية فقد وصلت نسبة البطالة بين من تقل أعمارهم عن 30 عاما الى 75 في المئة في 2005 مقارنة مع 73 في المئة خلال 2004.

وأثار نقص المساكن التوتر الاجتماعي لسنوات ورغم خطة الحكومة لبناء مليون وحدة سكنية جديدة بحلول 2009 فلا تزال هناك الكثير من العقبات التي تقف في وجه التوصل لحل.

ومما زاد من عدم اكتراث البعض بالانتخابات اتهام الاسلاميين الحكومة بمنع حزب حركة الاصلاح الوطني أكبر أحزاب المعارضة من المنافسة في الانتخابات.

وفازت حركة الاصلاح الوطني الاسلامية بثلاثة وأربعين مقعدا في الانتخابات الاخيرة عام 2002 لكنها تقول ان الحكومة جعلت من المستحيل خوض المنافسة في انتخابات 17 مايو أيار بعد أن اعلنت في الاونة الاخيرة أن رئيس الحركة عبد الله جاب الله لم يعد زعيمها المفوض.

واعتبر المراقبون الاعلان حظرا فعليا على مشاركة الاصلاح في الانتخابات لان جاب الله مؤسس الحركة يتمتع بدعم واسع النطاق داخلها.

ويقول بعض المنتقدين ان غياب الحركة أضعف العملية الانتخابية. وقال المحلل السياسي والمدرس بجامعة الجزائر محمد لاقب ان ان هناك ثلاثة أسباب وراء "عدم اهتمام الناس بالانتخابات."

وقال "أولا معظم الخطابات السياسية عفا عليها الزمن. ثانيا الشباب يعتبر أنه لا يوجد أي  تشويق في (التنافس) على الانتخابات. ثالثا أوضاع المعيشة لا تزال سيئة رغم الطفرة في مجال النفط والغاز."

أما محمود بلحيمر وهو محرر بصحيفة الخبر فقال ان الانتخابات في الجزائر لا تفضي لاي تغيير حقيقي على النقيض من الانظمة الديمقراطية ولذا يتساءل الشباب.. لماذا نتكبد عناء التصويت."

وتشير الاحصائيات الى ان اكثر من ربع سكان الجزائر تحت مستوى خط الفقر مع ان فائض ميزانية الدولة في تزايد مستمر خلال السنوات الاخيرة التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق باسعار النفط حتى وصل الى 75 مليار دولار كأحتياطي وطني نهاية عام 2006.

وتتفاقم حالة الفقر لدى الشعب الجزائري، على الرغم من الأرباح الكبيرة التي تجنيها الدولة من خلال الارتفاع المتواصل لأسعار النفط. وهو ما يجعل الكثير من الجزائريين يتساءلون عمَّا يحصل في الواقع بالدولارات النفطية، حسب تقرير نشره موقع الـ قنطرة نت.

وتتدفق الدولارات النفطية بازدياد على الجزائر التي تعتبر من أهم الدول المنتجة للنفط وثاني أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي إلى أوروبا بعد روسيا. منذ بداية أزمة النفط وارتفاع الاسعار في العام 2003.

وبلغت احتياطيات الجزائر النقدية 32 مليار دولار في العام 2004، و75 مليار دولار مع نهاية عام 2006 ومن المتوقَّع أن تبلغ 160 مليارا في العام 2010.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثلاثاء 15 آيار/2007 -26/ربيع الثاني/1428