الالغام والقنابل العنقودية الاسرائيلية تفتك بابناء الجنوب اللبناني

شبكةالنبأ: لا تزال حتى الساعة تداعيات الاعتداء الاسرائيلي على لبنان في العام الماضي تؤثر بالمجتمع والبنية التحتية خاصة في منطقة الجنوب الذي تلقى معظم الهجمات الجوية والقصف الصاروخي، اضافة الى شبح الالغام والقنابل العنقودية المدمر الذي لا يزال يفتك بارواح الناس هناك.

وقال محللون لشبكة النبأ، بالرغم من استمرار حملات المتطوعين الداخلية من الشباب اللبناني في الجنوب ومعونة بعض المنظمات الدولية المتخصصة لازالة القنابل العنقودية الا انه مايزال الطريق طويلا للقضاء على هذا الخطر المحدق حيث يقدر عدد القنابل الملقاة على لبنان باكثر من مليون قنبلة تم ازالة 16 الف منها فقط لحد الان، فضلا عن وجود الاف الالغام من مخلفات الجيش الاسرائيلي.

ويكمن خطر الالغام والقنابل العنقودية في كونها تفاجئ الاهالي في جوار منازلهم او حقولهم الزراعية وتؤدي الى بتر اطراف المزارعين ورعاة الماشية والاطفال في الطرقات والحدائق العامة. الامر الذي دعى الى رواج صناعة الاطراف البلاستيكية وتركيبها حيث افتتح العديد من المشاغل التي تعنى بهذا العمل لمحاولة تعويض المعاقين عن يد او ساق مبتورة.

ويتزايد الاقبال على مشاغل الاطراف الاصطناعية في جنوب لبنان مع ارتفاع عدد الاشخاص الذين يفقدون ذراعا او ساقا من جراء انفجار قنابل عنقودية القت اسرائيل حوالى مليون منها قبل ثمانية اشهر في حرب تموز العام الماضي.

ففي مدينة النبطية افتتحت جمعية رعاية المعاق الخيرية مطلع الاسبوع الحالي مشغلا للاطراف الاصطناعية تموله كندا كما ذكر لوكالة فرانس برس بسام سنجر المشرف على المشروع.

ويؤكد الطبيب طلال بري مدير مشغل للاطراف الاصطناعية في بلدة الصرفند الساحلية ان الطلب ازداد بشكل ملحوظ بعد الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان في 12 تموز/يوليو الماضي واستمرت 34 يوما.

وكان هذا المشغل قد انشئ بعد بضعة اشهر على انتهاء عملية "عناقيد الغضب" التي شنتها اسرائيل على جنوب لبنان عام 1996.

ويشدد سنجر وبري على ان الطلب على الاطراف الاصطناعية ازداد بعد الحرب وخصوصا على الاطراف السفلى بسبب انفجارات القنابل العنقودية التي يشهدها جنوب لبنان بشكل شبه يومي وتفاجئ الاهالي اما في جوار منازلهم او في حقولهم الزراعية.

ويقول سنجر "مضى يومان فقط على انطلاق عملنا وقد تلقينا خلالهما 35 طلبا لتركيب اطراف اصطناعية".

ويشير الطبيب بري الى ان حالات بتر القدم او الساق "بلغت 171 حالة" وقعت 96 منها خلال الحرب التي انتهت في 14 آب/اغسطس.

وكان ضباط اسرائيليون قد قدروا ان اكثر من 1,2 مليون قنبلة عنقودية القيت على لبنان خلال حرب الصيف الماضي.

وتؤكد داليا فران مسؤولة الاعلام في مكتب نزع الالغام التابع للامم المتحدة (ماك) في صور الذي يديره فريق بريطاني "تم تحديد 488 موقعا للقنابل العنقودية في جنوب لبنان". وتقول "فجرنا حتى الان 16 الف قنبلة".

ويضاف الى القنابل العنقودية حوالى 450 الف لغم ارضي معظمها مضاد للافراد خلفها الجيش الاسرائيلي وراءه بعد انسحابه من جنوب لبنان عام 2000 بعد احتلال استمر 22 عاما.

واحصت فران اصابة 222 شخصا من بينهم 190 مدنيا في الاشهر الستة الاخيرة من جراء انفجار القنابل العنقودية والالغام الارضية وتؤكد ان 110 منهم يحتاجون الى تركيب اطراف اصطناعية.

ويتدرب محمد نحلة (31 عاما) على السير بساقه الاصطناعية ممسكا بيد والدته نمرة.

وتقول الوالدة لوكالة فرانس برس "تطوع ابني في الدفاع المدني لمساعدة الاهالي. وبترت ساقه عندما داس احدى القنابل خلال مهمة قام بها ابان حرب الصيف الماضي".

ويؤكد بري ان مشغل الصرفند "غارق في الطلبات" موضحا بان هذا المشغل يعمل باشراف طبيبين لبنانيين يساعدهما اطباء فرنسيون وستة تقنيين تم تدريبهم في ايطاليا والمانيا.

في هذا المشغل حصل حسين جواد (42 عاما) على ذراعه الاصطناعية. وكان قد اصيب خلال الحرب وهو متوجه الى قريته البياض قرب صور. فقد انتزعت قنبلة القتها طائرة اسرائيلية ذراعه وهو واقف قرب سيارته التي يوزع فيها الخبز.

وتتراوح كلفة الساق الاصطناعية بين 1000 و1800 دولار وفق سنجر وهو مبلغ يعتبر ثروة بنظر اهالي جنوب لبنان.

وقد تبنت 46 دولة من اصل 49 اواخر الشهر الماضي اعلانا مشتركا يدعو الى حظر القنابل العنقودية بحلول 2008 خلال مؤتمر دولي عقد في اوسلو.

ويدعو الاعلان الى "منع استخدام وانتاج ونقل وتخزين القنابل العنقودية التي تلحق اضرارا غير مقبولة بالمدنيين".

لكن دولا اساسية في هذا المجال مثل اسرائيل والولايات المتحدة امتنعت عن التوقيع على الاعلان الذي رحبت به المنظمات الانسانية.

ويمكن لقنبلة عنقودية ان تحتوي على 650 قنبلة صغيرة تنتشر عند الانفجار على مساحة واسعة. وفي معظم الاحيان لا تنفجر القنابل الصغيرة لدى ارتطامها وتبقى مكانها سنوات لتنفجر لاحقا لدى لمسها فتبتر اطراف المزارعين ورعاة الماشية والاطفال.

وكان الامين العام للامم المتحدة كوفي انان دان استخدام اسرائيل للقنابل العنقودية لان "مثل هذه الاسلحة ما كان يجب ان تستخدم ضد المدنيين والاماكن الاهلة" مطالبا اياها بتسليم خرائط عن اماكنها "للتحرك بسرعة جدا من اجل نزعها".

ووصف منسق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة يان ايغلاند القاء القنابل العنقودية بانه "غير اخلاقي" لانه يهدد الاف المدنيين.

كذلك دانت منظمات دولية للدفاع عن حقوق الانسان استخدام اسرائيل اسلحة انشطارية وابرزها "هيومن رايتس ووتش" و"هانديكاب انترناشونال" التي تدافع عن حقوق المعوقين.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 19 آذار/2007 -29/صفر/1428