الفلسطينيون يبيعون ذهبهم من أجل العيش وخسائر الاقتصاد 16 مليار دولار

 شبكة النبأ: لا يضع الحاج خالد سوى عدد قليل من المشغولات الذهبية في واجهة محله ببلدة جنين بالضفة الغربية فهو يعرف أن الزبائن ستقبل على البيع لا الشراء.

وتسببت الازمة الاقتصادية الطاحنة في الاراضي الفلسطينية التي تحتلها اسرائيل في افقار العديد من الناس لدرجة دفعتهم لبيع حلي زواجهم ليواصلوا العيش حسب رويترز.

وقال خالد وهو يجلس في محله الصغير في هذه البلدة التي كانت مركزا تجاريا في يوم من الايام بشمال الضفة الغربية "أعمالي تدهورت الان لان الناس لم يعد لديهم أي ذهب يبيعونه."

وانهار اقتصاد جنين منذ الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000. وهاجمت القوات الاسرائيلية مخيم اللاجئين بالبلدة في عام 2002 قائلة انه نقطة انطلاق مهمة "للانتحاريين".

وزادت الحواجز الاسرائيلية والبوابات المعدنية ونقاط التفتيش من صعوبة الوصول الى باقي مناطق الضفة الغربية كما عزلت جنين عن البلدات الاسرائيلية التي كان الفلسطينيون يجدون فيها عملا. وتبدو الايام التي كان يعبر فيها عرب اسرائيل واليهود الخط الاخضر لشراء البضائع الرخيصة واصلاح سياراتهم في جنين مجرد ذكرى شاحبة.

وقال الصائغ الذي يبلغ من العمر 55 عاما "الاوضاع تدهورت كل عام منذ الانتفاضة...قبل عدة أعوام كان لدي أكثر من 20 كيلوجراما من الذهب المخزن. أما الان فلدي نحو كيلوجرامين أو ثلاثة."

وزادت مشاق الحياة منذ فازت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية العام الماضي. وأوقفت القوى الدولية المساعدات للحكومة الجديدة بسبب رغبتها في اعتراف الحركة الاسلامية باسرائيل وإعلانها نبذ العنف وقبول اتفاقات السلام المؤقتة.

وأدت المقاطعة والاقتتال الداخلي بين الفصائل الفلسطينية ومداهمات الجيش الاسرائيلي الى الاضرار بالاقتصاد الهش بالفعل.

ورغم أن جهات مانحة حاولت ايجاد طرق أخرى لتقديم المساعدات فان الموظفين الحكوميين وعددهم 161 ألفا يعيلون نحو مليون شخص لم يقبضوا رواتبهم كاملة منذ عام.

وقالت لينا بدارنة وهي سكرتيرة تنفيذية بمكتب وزارة الزراعة في جنين "أتقاضى أقل من نصف راتبي..الشهر الماضي تقاضيت 380 شيقل (90 دولارا) بدلا من 1600 شيقل."

وأضافت أن زوجها وهو مهندس كمبيوتر عاطل حاليا عن العمل وأنها هي التي تتولى الانفاق على المنزل وعلى أطفالهما الاربعة.

وقالت لينا التي تدين بأموال كثيرة للبقالات والصيدليات والاقارب انها باعت مشغولاتها الذهبية عندما أصيبت بالمرض واحتاجت لدواء باهظ الثمن.

وأضافت "الان لم تعد لدي سوى هذه الخواتم وهي ليست من الذهب أو الفضة لكنها قديمة وأنا أحبها."

وذكرت أن أصحاب المتاجر توقفوا عن التعامل معها ببيع الأجل. وباتت زيارة الاقارب خارج جنين ضربا من ضروب المستحيل.

وقالت "لم أخرج من جنين منذ زرت شقيقتي في نابلس قبل خمسة أعوام. نضطر للتفكير في أجرة التاكسي..الاهم بالنسبة لنا أن نشتري الطعام ومستلزمات المدارس."

وأضافت "لم أستطع حتى الذهاب الى عرس احدى قريباتي هنا لاننا لم نستطع شراء هدية."

وتقول الامم المتحدة مستشهدة بإحصاءات فلسطينية ان ثلثي أربعة ملايين نسمة يقطنون الضفة الغربية وقطاع غزة يعيشون في فقر ويعاني نصفهم تقريبا من نقص الغذاء.

وتؤثر المشاكل الاقتصادية في الاراضي الفلسطينية على جميع مظاهر الحياة من الرواتب وحتى امدادات الكهرباء.

ولم تدخل الكهرباء قرية رمانة التي تقع على بعدة عدة كيلومترات من جنين منذ ثلاثة أسابيع.

وكانت الكهرباء تدخل القرية ثلاث ساعات في اليوم من مولد مجلس البلدية. لكن المجلس لم يعد لديه أموال لشراء الوقود ولم يعد بإمكان سكان القرية دفع فواتير الكهرباء.

وبالنسبة لمحمود علي وهو محاسب جمع ما يكفي من الاموال خلال اقامته في السعودية لتأسيس أسرة في قرية رمانة فإن الأمسيات التي يقضيها على ضوء الشموع تزيد من احساسه بأنه مقيد.

وقال وهو يحتسي القهوة في باحة منزله "أتمنى لو يكون هناك أمل" مضيفا أنه لم يعد يقدر على منح أولاده أي مصروف يومي أو شراء مستلزماتهم المدرسية.

وأضاف "كنا نأكل اللحم أو الدجاج أربعة أيام في الاسبوع. أما الان فهي مرة واحدة أو لا يوجد على الإطلاق."

هذا وكشف تقرير حديث أن خسائر الاقتصاد الفلسطيني المباشرة وغير المباشرة خلال الست سنوات الماضية من 29/9/2000 إلى 28/9/2006، بلغت حوالي 16.563.200.000 مليار دولار ( ستة عشر مليار وخمس مائة وثلاث وستون مليون ومائتا ألف دولار أمريكي)، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني، والتدمير المنهجي والأوتوماتيكي للبنى التحتية بكافة مستوياتها وتشعباتها، فضلاً عن سياسة الحصار المضروب على الفلسطينيين. 

وذكر التقرير الصادر عن مركز المعلومات الوطني في الهيئة العامة للاستعلامات، أن معدلات البطالة بسبب سياسات الحصار والإغلاق من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن عدوانها المستمر على الشعب الفلسطيني وبناه التحتية وكل ما يملك، معدلات البطالة ارتفعت إلى نسب غير معهودة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أكثر من ثلاثة عقود، من 14% عام 1999 قبل الانتفاضة إلى 28% عام 2005، إلى أكثر من 38% حالياً.

وتشير البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء عن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في الأراضي الفلسطينية بنسبة 7.8% بين الربعين الثاني والثالث للعام الجاري ليصل إلى 212 ألف عاطل، ما يعني ارتفاع نسبة الأفراد الذين لا يعملون من 28.6% في الربع الثاني 2006 إلى 30.3% في الربع الثالث 2006، إلا أن الإحصاءات الصادرة عن مؤسسات حكومية فلسطينية وبعض المؤسسات الدولية تقدر نسبة البطالة خلال العشرة شهور الأولى من عام 2006 بنحو 38%، في حين أن نسبة البطالة في الضفة الغربية، ارتفعت من 18% في الربع الثاني من العام 2006 إلى 19.1% في الربع الثالث من العام الحالي. وفي قطاع غزة ارتفعت النسبة من 34% في الربع الثاني من العام 2006 إلى 36.3% في الربع الثالث من العام الحالي.

كما يفيد التقرير أن نحو مليون وسبعين ألف نسمة من سكان قطاع غزة يعانون من الفقر، وأن نسبة الفقر المدقع بين السكان الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ارتفعت لتصل إلى أكثر من 67% بعد تراجع الدول المانحة عن التزاماتها. ويقصد بالفقر المدقع الوضع الذي يكون فيه نصيب الفرد من الاستهلاك اليومي هو أقل من 2 دولار و10سنتات أمريكية يومياً. وترتفع نسبة الفقر المدقع في قطاع غزة عنها في الضفة الغربية كما تزيد نسبة اللاجئين الذي يعيشون في فقر مدقع في قطاع غزة عن غير اللاجئين بنحو 5%، وبلغت نسبة الارتفاع 64% مقارنة مع العام الماضي وهذه زيادة كبيرة في الأراضي الفلسطينية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 18 آذار/2007 -28/صفر/1428