تجارة البشر من أجل العمل القسري جريمة تتفاقم في انحاء العالم

شبكة النبأ: بعد التغيير الذي حصل في العراق عام 2003 فتحت كثير من المكاتب والشركات الدولية والمحلية المشبوهة مستغلة الوضع الاقتصادي للبلد العراقي حيث كان يرزح تحت طائلة البطالة وعدم وجود متنفس اقتصادي للشباب القادرين على العمل، وكانت تلك المكاتب تحرض وتغري الشباب للعمل في دول اخرى من خلالها مدعية بانها مخولة من قبل الشركات الاجنبية مثلما اشيع عن العمل في سنغافورا والدول الآسيوية التي تقع قريبا منها.

وحتماً يقع كثير من الشباب في هكذا مصائد وفي الكثير من انحاء العالم وهي مصائد لاتخرج عن كونها تجارة بشرية غير انسانية مهما اختلفت عناوينها الرئيسية شانها شان التجارة الجنسية او تجارة المخدرات، وقد اهتمت الدول بمحاربة هذه الجريمة التي تحدث في اغلب ارجاء العالم.

تقول كراتينا كانغاسبونتا، رئيسة شعبة مكافحة الاتجار بالبشر في مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة إن الاتجار بالبشر من أجل العمل القسري قد يكون مشكلة أكبر من المشكلة المعروفة المتمثلة بالاتجار من أجل الاستغلال الجنسي.

وقالت في مقابلة مع موقع يو أس إنفو "إننا لا نعرف الكثير عن قضايا العمل القسري، لكن يبدو أن العمل القسري قد يكون جزءا من الاتجار البشري أكبر من الاتجار البشري من أجل استغلال جنسي.

واستشهدت بعدد كبير من الأماكن التي يمكنها أن تستوعب العمل القسري للرجال، والنساء والأطفال في المطاعم، الفنادق، الحانات، والعمل الزراعي، المنزلي والتعميري.

وأضافت، "معلوماتنا هي أن هناك المزيد من الاستغلال الجنسي، لكن غالبا ما تكون لدى الدول تشريعات تتناول الاستغلال الجنسي فقط، وقد يكون الأمر أن الاستغلال الجنسي يبلغ  عنه مرات أكثر،" وأضافت، إن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة يعمل بصورة وثيقة مع منظمة العمل الدولية التي ترى أن الاستغلال الجنسي هو جزء لا يتجزأ من العمل القسري، وذلك للحصول على صورة أوضح للمشكلة.

وأضافت، أن المعهد الوطني للعدالة، وهو الذراع البحوثي لوزارة العدل الأميركية، أجرى مؤخرا مراجعة لحوالي 24,000 مقال حول الاتجار بالبشر ووجدها غير مكتملة بسبب المنهجية الضعيفة في إجراء الدراسات.

وقالت كانغاسبونتا "إن تحديد الضحايا أمر مهم جدا وإلا فإننا لا نستطيع أن نساعدهم، وفي

الوقت نفسه علينا أن نحدد المتاجرين، وإلا فإننا لن نتمكن من محاكمتهم."

وقالت ايضا، "إن أحد الأسئلة الرئيسية التي لدينا هو، "لماذا يوجد هناك ذلك العدد الضئيل من الإدانات؟" وأضافت، "في كل مكان في العالم هناك إدانات قليلة. إنها بالطبع مسألة تدريب؛ وهي أيضا مسألة تحديد الضحايا، وتحديد  القضايا وتحديد المجرمين." وشددت على أن القوانين الحالية يجب أن تطبق بقوة أكثر.

وأضافت، "إننا لا نملك معلومات كثيرة عن الموضوع ولكن يبدو أن الفساد يلعب دورا كبيرا. إننا نحاول أن نطور أدوات من أجل فهم أكبر للصلة بين الاتجار والفساد،"وإن عمل شعبتها سيصبح أكثر بكثير نتيجة مبلغ ألـ 15 مليون دولار الذي تبرعت به دولة الإمارات العربية المتحدة للمبادرة العالمية لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة وذلك من أجل مكافحة الاتجار بالبشر، وهذا مبلغ كبير جدا لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، لأن ميزانية مشاريعنا هي عادة حوالي نصف مليون دولار أو أقل."

وقالت، "إننا نحاول تطوير سياسات من أجل المناطق، وخطط عمل إقليمية، بدعم من وكالات دولية أمثال لجنة الجريمة، إن أحد أكبر أجزاء عملنا  هو دعم نشاطات التعاون الفني التي تنفذ على مستوى البلدان، إنها تطور وتنفذ من قبل مكاتبنا الميدانية أل 22 حول العالم، ومكتبنا يدعمها بصورة جوهرية كي تعالج القضايا الصحيحة بالطرق التي وجدنا أنها ناجحة.

وقالت كانغاسبونتا إنه بينما يزداد وعي الرأي العام بالاتجار بالبشر، يساعد المزيد من الشركات الخاصة على مكافحة المشكلة.

ومن الأمثلة التي قدمتها: إن شركة كاريسون التي تملك فنادق عديدة حول العالم، نظمت برنامجا تدريبيا لمدرائها حول كيفية معرفة ومنع استغلال الأطفال، وتعمل شركة الخطوط الجوية الفرنسية على إعداد بيانات حول الخدمات العامة لتعرضها أثناء رحلاتها.، وتعد MTV أشرطة فيديو لتحذير الشبيبة من الوقوع في شرك المتاجرين، وتدرب شركة ميكروسوفت للكمبيوتر عناصر تنفيذ القانون في الهند على استعمال الكمبيوتر من أجل التحقيق في قضايا الاتجار بالبشر.

وقالت ايضا ، إن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة يشجع المدراء التنفيذيين في الشركات الخاصة على أن يصبحوا أكثر إدراكا للكيفية التي يمكن أن يلعب فيها العمل القسري دورا في صناعتهم، وقالت إن بعض صانعي السجاد في الهند وباكستان وبنغلادش بذلوا جهودا لإنهاء عمالة الأطفال وتسويق منتجاتهم بملصقات تشهد أن عمالة الأطفال لم تستخدم في صناعتهم.

صرّح مسؤول أميركي بأن الأرباح التي يجنيها المتعاطون بتجارة البشر إنّما تصعّب مكافحة

هذه الآفة، لكن إصدار تشريعات متشددة لا سيما تلك التي ترمي الى مكافحة السياحة الجنسية

التي تستغل الأطفال  يمكن أن يكون تدبيرا ناجعا.

وقال المسؤول، السفير غريغوري شولتي، إنه "طبقا لمكتب المباحث الجنائية الفدرالي (الأميركي) فان هذه التجارة الراهنة تولّد أرباحا تقدر ببلايين الدولارات في كل عام ويسخّر جزء لا يستهان به منها لتمويل الجريمة المنظمة.

وأضاف شولتي انه في تجارة البشر، وعلى عكس تجارة المخدرات، يمكن بيع، وإعادة بيع، الرقيق" إلى أن يعتبر المتاجرون هؤلاء عديمي القيمة بسبب اعتلال صحتهم او تقدمهم بالسنّ او وفاتهم."

وتحدّث شولتي عن مساع تشريعية على الصعيدين القومي والدولي لمكافحة هذه المشكلة. فلفت الى انه في العام 2003 وقّع الرئيس بوش على قانون "بروتكت" الذي يجرّم اي شخص يأتي الى الولايات المتحدة او اي مواطن يسافر الى الخارج لغرض سياحة الجنس التي تطال الأطفال او الأحداث، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، زادت وزارة العدل الأميركية أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الدعاوى القضائية التي رفعتها ضد أشخاص ينظمّون او يرعون سياحة الجنس والذين  يواجهون احكاما بالسجن تصل الى 30 عاما.

وقد التقى خبراء من جميع أنحاء العالم في فيينا، سعيا لطرق لإنهاء تجارة المخدرات واستغلال الأطفال، وعلى مدى أسبوع كامل حضر هؤلاء مؤتمر الأمم المتحدة الذي استقطب مئات الدبلوماسيين، والقضاة، والمحامين، وضباط الشرطة، وواضعي سياسات تتناول العدالة الجنائية وأفرادا من منظمات غير حكومية.

وفي كلمته التي افتتح بها الحدث وصف المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، أنتونيو ماريا كوستا، تجارة الأطفال التي شبهها بفخّ لملايين الفتيان والأطفال حول العالم لأغراض الاستغلال الجنسي والعمالة في ظروف شبيهة بظروف النخاسة والرقّ، بأنها  "الإنسانية في أبشع صورها".

وأشار كوستا الى ان 111 دولة أبرمت بروتوكول الأمم المتحدة الذي يحرّم تجارة البشر الا انه ما زال هناك عمل كثير للقيام به لمساعدة الحكومات على تنفيذ البروتوكول، وناشد حكومات العالم والمدارس والأسر والأفراد على تبنّي مبدأ ان استغلال الأطفال "مجرد أمر لا يمكن قبوله".

الى ذلك قال إريك زويتلر، رئيس دائرة الجريمة المنظمة في مكتب المباحث الجنائية الفدرالي  النمساوي، ان الأطفال الذين يستقدمون الى النمسا لاستغلالهم جنسيا يستخدمهم ايضا أسيادهم لأنواع أخرى من الجرائم، ويصّح ذلك في حالة الأطفال الذي يستقدمون من رومانيا وبلغاريا الذين يتعاطون جرائم أخرى مثل النشل، هذا الى جانب ممارستهم الدعارة.

وشدّد زويتلر على أنه من أجل ضبط هذه المشكلة من الأهمية الحاسمة بمكان ايجاد تعاون

فعال بين اجهزة تنفيذ القوانين في كل من البلدان التي هي منشأ، ووجهة، الفتيان الذين يمارسون الدعارة، كما ان ما هو ضروري هو الدعم الاجتماعي اذ غالبا "ما يبيع الوالدون أطفالهم فيما يتعذّر إعادة هؤلاء الأطفال اليهم بعد بيعهم."

وقال مدير دائرة العمليات في مكتب الأمم المتحدة المختص بمكافحة المخدرات والجريمة، جيفري أفينا، إنه يتحتم توفر المزيد من الموارد والبيانات والتنسيق الأفضل لمكافحة مشكلة الاتجار بالأشخاص.

وقد تجمع المئات من الدبلوماسيين والقضاة والمحامين وضباط الشرطة وصناع سياسة القضاء الجنائي وممثلي المنظمات غير الحكومية في فيينا، لحضور الدورة السادسة عشرة  للجنة الأمم المتحدة حول منع الجريمة وتطبيق العدالة الجنائية. ويتصدر موضوع الاتجار بالبشر، الذي تشير تقديرات الحكومة الأميركية إلى أنه يجبر عددا يتراوح بين 600 إلى 800 ألف شخص سنويا حول العالم على العيش في ظروف عبودية.

وقال المسؤول الأممي إن المعرفة تشكل أمرا حاسم الأهمية في محاربة مشكلة ما، غير أن البيانات المؤكدة المتوفرة حول المتاجرة بالبشر، التي يتفق الخبراء أنها متصلة بالجريمة المنظمة، ما زالت ناقصة بعض الشيء.

"وفي مجال مكافحة الجريمة"، أوضح أن "هناك أقل فرصة لتوفر قاعدة بيانات موحدة تتمتع بنفس الكفاءة في مختلف البلدان وبنفس الطريقة التي قمنا فيها بوضع مجموعة من البيانات خاصة بإنتاج المخدرات والى حد ما حركة المخدرات عبر البلدان.

وقال إن "اتفاقيتي الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومكافحة الجريمة المنظمة لا تزالان حديثتي العهد وتحتاجان متسعا من الوقت لتطوير إجماع حول أنواع المعلومات التي يتعين جمعها، ونحن لا نزال بصدد القيام بذلك. "ونتيجة لذلك، فنحن غير قادرين على أن نكون فعالين بقدر ما لو كانت هناك مجموعة بيانات موحدة، ومنهجية موحدة وجمع وتصنيف".

وذكر المسؤول في مكتب الأمم المتحدة المختص بمكافحة المخدرات والجريمة أن العديد من المنظمات، على كل حال، قد أنجزت الكثير من العمل في هذا المجال، ومنها منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للهجرة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وقال إن جميع هذه المنظمات أعضاء في اللجنة التوجيهية للمبادرة العالمية.

وكما هو الحال دائما، فإن أية مشكلة كبيرة بحجم مشكلة الاتجار بالبشر تتطلب الكثير من التمويل.

وأقر أفينا "أن تكلفة التطبيق والتدريب لكي يكونا مؤثرين تكون بالضرورة مرتفعة، وكذلك

تكلفة برامج حماية الضحايا عندما يتم إنقاذ الضحايا في البلدان التي نقلوا إليها".

وأشاد مدير دائرة العمليات في مكتب الأمم المتحدة بحكومة الإمارات العربية المتحدة على تبرعها السخي بمبلغ 15 مليون دولار لإطلاق هذه المبادرة، وقال إن الولايات المتحدة هي الأخرى تعتبر واحدة من أكبر المانحين، وقال إنه مع ذلك، "ليس هناك ما يكفي من المال للتخلص من هذه المشكلة".

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 2 آيار/2007 -13/ربيع الثاني/1428