غزّة مهددة بالموت عطشاً

 تقرير: رامي الغف

شبكةالنبأ: أن مواجهة الأوضاع المائية والبنية التحتية الحرجة والخطيرة في كافة مناطق قطاع غزة، وتفادي تكرار حدوث كارثة قرية أم النصر، ومناطق الأحواض في شمال القطاع، يلقي على السلطة الفلسطينية واجبات ومسؤوليات كبيرة وهامة للغاية في هذا المجال يجب الالتزام بتنفيذها، وخاصةً ما يتعلق بالجوانب الأمنية، وتوفير الأموال لاستكمال تنفيذ المشاريع الطارئة والمركزية في مجال تطوير البنية التحتية لقطاعي خدمات المياه والصرف الصحي.

ففي ظل غياب المعالجات الصحيحة والجذرية لأزمة المياه، للحد من السحب الزائد، من خلال تطوير مصادر مياه جديدة، في مقدمتها المشاريع المركزية لإقامة وحدات تحلية لمياه البحر، ونقل كميات كبيرة من المياه من مصادرها في الضفة الغربية، والإسراع في إقامة محطات معالجة مياه المجاري، بهدف منع تلوث إلى المياه الجوفية، في هذه الحالة فإن المخاطر ستزداد واحتمالات دمار النظام المائي الجوفي بأكمله، سيكون حتمياً ومسألة وقت لا أكثر.

وبحسب تقرير السيد رامي الغف، فأن المهندس فضل كعوش رئيس سلطة المياه أكد: أنه إذا لم يتم تدارك المخاطر، التي تواجه مصادر المياه الجوفية في قطاع غزة، والشروع في اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة تعمل على الفور، سيحدث دمار شامل وكامل للنظام المائي الجوفي، وبالتالي فقدان المصدر الوحيد للمياه العذبة، المتاح لأهالي القطاع.

وشدد كعوش في هذا الصدد، على أهمية تعاون الجميع دون استثناء، بما في ذلك السلطة الوطنية، وإسرائيل والمجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، من أجل تفادي حصول دمار شامل وكامل للنظام المائي الجوفي.

ولفت رئيس سلطة المياه، إلى أن هذه المخاطر الحقيقية أصبحت تتزايد في ظل التراجع الكبير في مستوى ضخ مياه الآبار إلى معدلات عالية، حيث وصلت حالياً إلى 13 متر تحت سطح البحر، خلال السنوات العشرة الأخيرة في مناطق رفح بمعدل متر سنوي، وإلى 11 متر في مناطق الوسط، وبمعدل 80 سم في السنة، وثمانية أمتار في مناطق شمال القطاع، وبمعدل 60 سم في السنة، يصاحب ذلك اتساع في مناطق الملوحة العالية، وظهور مؤشرات لوجود تلوث، خاصةً في معدل النيترات وغيره.

وبين أن هذا يحصل مع ازدياد عمليات الضخ الجائر من الأحواض الجوفية، والذي وصل حالياً إلى 160 مليون متر مكعب، وتراجع ملحوظ لمعدلات التغذية المتاحة من مياه الأمطار إلى أقل من 50 مليون متر مكعب في السنة، خلال السنوات العشرة الماضية.

ووفق الدراسات الميدانية التي أعدتها الإدارة العامة للمصادر في سلطة المياه، فإن مؤشرات قوية سجلت بشأن اتساع مناطق التلوث للمياه الجوفية في مناطق عديدة في قطاع غزة، خاصةً تلك التي تقع ضمن مناطق الكثبان الرملية ذات النفاذيه العالية، والتي تشمل جميع الطبقات الصخرية المحاذية للمياه الجوفية، ذات النوعية الجيدة، وهذا التلوث ينتج بصورة واضحة في المناطق غير المخدومة بشبكات الصرف الصحي، والتي تزيد نسبتها عن 40% من المناطق السكنية، بالإضافة إلى مناطق أحواض التشريب العشوائية الموجودة بالقرب من أحواض مياه المجاري في مناطق بيت لاهيا شمالاً، وفي مناطق الوسط وخان يونس ورفح.

وعزت سلطة المياه، ما تشهده مناطق قطاع غزة حالياً من مخاطر كبيرة، إلى تجميع مياه المجاري غير المعالجة في أحواض كبيرة غير آمنة، وبدون وجود تصريف لهذه المجاري، بما يتوافق مع حجم التدفقات اليومية المتزايدة، مما يشكل تهديداً آخر للبنية والصرف الصحي، وخاصةً لمصادر المياه ولحياة الناس.

وأكدت السلطة أن هذه التراكمات القائمة والخطيرة، ناتجة بالدرجة الأولى عن الأوضاع السياسية والأمنية الصعبة والمستمرة، التي تفرضها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، والتي حالت دون تمكن الفلسطينيين من إقامة مشاريع البنية التحتية وفي مقدمتها مشاريع المياه والصرف الصحي.

ولفتت إلى أعمال حفر الآبار العشوائية المنزلية وغير المنزلية، والتي بلغت وتجاوزت أعدادها ألفي بئر، حيث ألحقت هذه الآبار أضرارا بالغة بالنظام المائي الجوفي إلى حد كبير.

وأوضحت أن إنشاء مناطق تجمعات سكنية ضخمة مثل الإسكان السعودي، إسكان الشيخ خليفة، وإسكان الشيخ زايد وغيرها، لم يتم التشاور منذ البداية، عند إعداد هذه المشاريع مع سلطة المياه، حول خدمات التزود بالمياه ومصادره، وخدمات الصرف الصحي ونوعها ومخارج التصريف والمعالجة، وما شابه ذلك، سيضاعف من مشاكل خدمات هذه المرفقية في تلك المناطق.

ورأت أن مواجهة الأوضاع المائية والبنية التحتية الحرجة والخطيرة في كافة مناطق قطاع غزة، وتفادي تكرار حدوث كارثة قرية أم النصر، ومناطق الأحواض في شمال القطاع، يلقي على السلطة الوطنية واجبات ومسؤوليات كبيرة وهامة للغاية في هذا المجال يجب الالتزام بتنفيذها، وخاصةً ما يتعلق بالجوانب الأمنية، وتوفير الأموال لاستكمال تنفيذ المشاريع الطارئة والمركزية في مجال تطوير البنية التحتية لقطاعي خدمات المياه والصرف الصحي.

وبينت سلطة المياه في هذا الصدد، أنه يتوجب على إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني، وفق القانون الدولي، ووقف عملياتها العسكرية على حدود القطاع، وداخله، وتسهيل دخول البضائع والمعدات وغير ذلك.

وأضافت بأن المجتمع الدولي ممارسة الضغط على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفع الحصار ودعم السلطة الوطنية وحكومة الوحدة الوطنية، وتقديم العون والمساعدات المالية، خاصةً في مجال البنية التحتية، وتدارك المخاطر البيئية والصحية التي تهدد حياة المواطن في قطاع غزة.

وشددت على ضرورة الإسراع في البدء في مساعدة سلطة المياه في التصدي للآبار العشوائية غير المرخصة، وإغلاقها وتقديم ومحاسبة أصحابها، وإعداد خطة عاجلة للبدء في إغلاق كافة الآبار الزراعية ومياه الشرب ذات الملوحة العالية.

كما لفتت إلى ضرورة العمل على إنشاء محطات مركزية لتحليه مياه البحر، بقدرة إنتاجية تدريجية تصل إلى 100 مليون متر مكعب على المدى البعيد، والعمل على استكمال إقامة محطات معالجة الجاري في كافة مناطق القطاع، وتجهيزها بمنشآت كاملة لما يلزم لإعادة الاستخدام أو تصريفها إلى البحر.

ويقع قطاع غزة في الجزء الجنوبي من فلسطين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتبلغ مساحته حوالي 365 كيلو متراً مربعاً، وهو عبارة عن شريط ساحلي يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويبلغ طوله حوالي واحداً وأربعين كيلو متراً، وعرضه يتراوح بين سبعة كيلو مترات واثني عشرة كيلو متر، ويحده الخط الأخضر (الحدود الإسرائيلية حسب قرار التقسيم الصادر في عام 1947) من الشرق والشمال، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب مصر، ويتمتع القطاع بمناخ شرقي البحر الأبيض المتوسط، حيث يكون الطقس ممطراً بين شهري نوفمبر ومارس، ومعتدل وحار بين شهري أبريل وأكتوبر.

تطور التعداد السكاني للقطاع خلال العقود الخمسة الماضية بشكل عكس التطورات السياسية التي حدثت في فلسطين، ومثل التطور الهائل في عدد السكان عام 1948 والناتج عن نزوح وهجرة آلاف اللاجئين الفلسطينيين من أراضيهم التي احتلت في العام 1948 السمة الرئيسية للوضع الديمغرافي لقطاع غزة.

كما زاد عدد السكان عشية احتلال القطاع وأصبح حوالي 280000 نسمة، منهم حوالي 90000 نسمة من السكان الأصليين، وبلغ حوالي 380.8 في العام 1968.

وشهد التعداد السكاني لقطاع غزة انخفاضا حاداً في العام 1971، إذ بلغ حوالي 340 ألف نسمة، بينهم 220 ألف من اللاجئين، ويعود ذلك إلى موجة هجرة السكان من القطاع بسبب الوضع الأمني الناشئ عن المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي، إذ هجر ونزح ما يقرب من سبعين ألف شخص منذ حزيران 1967 وحتى 1971، بينما غادر القطاع بقصد الزيارة أو العمل أو التعليم عشرات الآلاف، ولم يتمكن العديد منهم من العودة إلى منازلهم بسبب

القيود والإجراءات الإسرائيلية التي فرضتها لمنعهم من العودة.

تطور عدد السكان خلال السنوات اللاحقة بشكل كبير، وبلغ حوالي 450600 نسمة في سنة 1980، وارتفع إلى 518500 نسمة سنة 1985، و626600 نسمة عام 1990، وقدر عددهم في عام 1992 بحوالي 800000 نسمة. وقد دلت الإحصاءات السكانية التي قامت بها دائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية في العام 1996 أن عدد سكان القطاع بلغ 936028 نسمة.

وبلغ عدد سكان القطاع أكثر من مليون نسمة، وفقاً لنتائج المسح الشامل للسكان والمساكن والمنشآت الذي قامت به دائرة الإحصاء المركزية في أواخر ديسمبر 1997.[1] وتطور عدد سكان القطاع ليصل إلى 1337236 نسمة في منتصف العام 2004، و 1389789 نسمة في منتصف العام 2005، ويتوقع أن يصل إلى 1443814 نسمة في منتصف العام الحالي. وتشكل الكثافة السكانية لقطاع غزة أحد أهم مشكلاته الرئيسية التي يواجهها، والتي لا تتناسب مع حجم الأراضي التي يقيم عليها سكان القطاع، حيث بلغت الكثافة السكانية للقطاع 3663.7 فرد/ كم2.

وتبلغ مساحة قطاع غزة 365000 دونم، كانت تشكل فيه المستوطنات الإسرائيلية، قبل تنفيذ خطة الفصل أحادي الجانب في 12/9/2005، ما مساحته 37000 دونما قبل توقيع اتفاقيات أوسلو، أما الباقي فموزع على النحو التالي: 168000 دونم أراضي زراعية للفلسطينيين، 56500 دونم أراضي سكنية، و 103500 دونم هي تلال رملية وأراضي قاحلة. وقد شكلت مساحة الأراضي التي كانت تحت السيطرة الأمنية لقوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي حوالي 42% من إجمالي مساحة القطاع. ويعتبر مؤشر النمو السكاني للقطاع من أعلى النسب في العالم، والذي يبلغ 4.7%، وهو أعلى من نظيره في الضفة الغربية الذي يبلغ 3.5%.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 2 آيار/2007 -13/ربيع الثاني/1428