شيعة الكويت والطموح للحصول على المواطنة الحقيقية الكاملة

 شبكة النبأ: رغم انهم يتمتعون بمستوى مرضي من الحريات المدنية في الكويت الا ان الطريق لايزال طويلا لنيل حقوق الشيعة كاملة في المساواة بينهم وبين المذاهب الاسلامية الاخرى وبالخصوص جانب التربية والتعليم والسماح لهم بتسنم المناصب العليا في البلد وممارسة الطقوس الدينية الخاصة بهذه الشريحة الواسعة في الكويت التي يصل تعدادها حسب تقرير الحرية الدينية في العالم لعام 2006 الى اكثر من30% من السكان هناك.

ويشكل الشيعة جزءاً مهماً من نسيج المجتمع الكويتي، وهم مشاركون في الحياة السياسية، ولهم وجود نافذ في الحقل الاقتصادي، وحقوقهم الدينية في الأغلب مصانة الى حد ما، إلا أن العلاقة بين السنة والشيعة في الكويت شهدت توتراً طائفياً بتأثير تداعيات حرب العراق، حسب تقرير لـ .CNNنشر مؤخرا.

واستوطن الشيعة الكويت منذ فترة طويلة، ورغم أن الامارة شهدت حراكاً سياسياً منذ ثلاثينيات القرن العشرين، إلا أن شيعة الكويت، وحتى انبثاق الثورة الإسلامية في إيران، "لم يكونوا جزءاً من المعارضة السياسية، خلافاً لشيعة البحرين والسعودية."

ومنذ الثمانينيات نما توتر بين الشيعة والسنة في الكويت، وقد أسهم عاملان معاً في نشوء هذا التوتر هما: نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، والتمييز الذي مارسته الحكومة الكويتية ضد الشيعة، بسبب توجسها من تأثير الثورة الإيرانية في المجتمع الشيعي الكويتي.

وعزز موقف الحكومة الكويتية المؤيد والداعم للعراق في حربه ضد إيران، وأعمال العنف التي قامت بها مجموعات شيعية ثورية في الإمارة ( وعلى رأسها حزب الله/ الكويت، وحزب الدعوة الإسلامية)، مخاوف الحكومة من الشيعة، ومشاعر التمايز الطائفي لديهم (الشيعة)، في آن معاً.

إلا أن موقف شيعة الكويت المناوئ للاحتلال العراقي لبلدهم عام 1990، شكَّل مرحلة جديدة في البناء والاندماج الوطني.

بيد أن حرب العراق عام 2003، وتداعياتها قد تركت تأثيراتها في المجتمع الشيعي الكويتي ذاته من جهة، وفي العلاقة بين الشيعة والسنة من جهة ثانية.

وأخذت تظهر في السنوات القليلة الماضية بعض التوترات المستندة إلى أساس مذهبي، وخصوصاً أن الشيعة الحركيين أخذوا يرفعون سقف مطالباتهم ذات الطابع المذهبي، مثل المطالبة بجعل يوم عاشوراء إجازة رسمية في البلاد، وإدخال المذهب الجعفري في المدارس وكليات الشريعة ليدرسه الطلاب من السنة والشيعة معاً.

وقد برر رجل الدين الشيعي البارز، محمد باقر المهري، في تصريحات لصحيفة "الحياة" اللندنية في 22 سبتمبر/ أيلول 2004، هذه النزعة الجديدة، بقوله إن "التغير السياسي في العراق، ومطالبات المجتمع الدولي لحكومات المنطقة بضمان الحريات الدينية، بات حافزاً للشيعة في الكويت لتحقيق مطالب قديمة لها."

ونظراً إلى أن الكويت تجاور كتلتين شيعيتين كبيرتين في إيران والعراق، فإن وضع الشيعة في الكويت وعلاقتهم بمواطنيهم السنة، وبالسلطة، يتأثر كثيراً بما يحصل في البلدين المجاورين.

وفي أكثر من مناسبة حذر أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد، من تداعيات الصراع الطائفي في العراق على الكويت.

ويضيف تقرير الـ CNN: يمثل الشيعة في الكويت أقلية، فوفقاً لتقرير "الحرية الدينية في العالم" لعام 2006، الذي تصدره الخارجية الأمريكية، يشكل الشيعة نسبة 30 في المائة من عدد السكان المواطنين، الذين يبلغ عددهم 973 ألفاً، علماً أن العدد الإجمالي لسكان الكويت، (مواطنين ووافدين)، يصل إلى مليونين و900 ألف تقريباً.

ويذكر التقرير ذاته أيضاً أن هناك 100 ألف شيعي مقيم لا يحمل الجنسية الكويتية. كما يوجد نحو عشرة آلاف من طائفة البهرة (الشيعية) الهنود.  

ويذكر الباحث الكويتي المعروف الدكتور فلاح المديريس في كتابه "الحركة الشيعية في الكويت" الصادر عام 1999، أن شيعة الكويت ينقسمون على أساس عرقي إلى شيعة من أصل عربي، وشيعة من أصل إيراني.

فالشيعة العرب ينحدرون من شرق الجزيرة العربية، والذين يطلق عليهم "الحساوية"، نسبة إلى منطقة الأحساء بالسعودية، أو "البحارنة" نسبة إلى البحرين، وفئة قليلة منهم جاءت من جنوب العراق، ويطلق عليهم "البصاروة" أو "الزبيرية"، نسبة إلى البصرة أو الزبير بالعراق.

أما الشيعة الذين جاؤوا من إيران فيطلق عليهم "العجم"، وهم يشكلون نسبة كبيرة من شيعة الكويت، وقد توالت هجرة هذه الجماعات منذ القرن التاسع عشر، وأبرزها عائلات معرفي وبهبهاني وقبازرد.

ويتركز أغلب الشيعة في العاصمة والمناطق المجاورة لها، مثل الرميثية والشرق والدسمة والقادسية والجابرية وحولي وبنيد القار، وتوجد أقلية شيعية في محافظة الجهراء.

ويمارس الشيعة في الكويت شعائرهم بحرية. وفي عام 2006 سمحت الحكومة للشيعة، وللمرة الأولى، بإقامة موكب عزاء حسيني في الرميثية، بمناسبة الاحتفال بعاشوراء، ووفرت الحماية الأمنية لهم.

ويعد حادث الاعتداء على أحد مساجدهم في الجهراء في أكتوبر/ تشرين الأول 2005، من قبل مجموعة سنية متطرفة، حادثاً فردياً منعزلاً.

ومقارنة بألف مسجد للسنة، يملك الشيعة 35 مسجداً، وأكثر من 65 حسينية، بحسب تقرير وزارة الخارجية الأمريكية.

وينتقد الشيعة بطء إجراءات الحكومة في ترخيص بناء مساجد جديدة، وإصلاح القائم منها، إلا أن الحكومة منذ العام 2001 منحت ست رخص لبناء مساجد جديدة.

ويُسمح للشيعة أن يحتكموا في قضايا الأحوال الشخصية أمام محكمة جعفرية، ابتدائية واستئنافية.

وفي عام 2003 وافقت الحكومة على احتكامهم في مثل هذه القضايا أمام محكمة تمييز جعفرية. وفي العام نفسه أيضاً أقرت الحكومة تأسيس هيئة تتولى إدارة الأوقاف الجعفرية والإشراف عليها.

اما المنهج الديني الذي يدرس في المدارس الحكومية في الكويت فهو يستند إلى المذهب السني، وقد ناشدت شخصيات شيعية وزارة التربية حذف إشارات من المنهج تصف الشيعة بأنهم غير مؤمنين، فتم تشكيل لجنة حكومية لمراجعة المنهج، وحذف الأجزاء التي تمس المذهب الشيعي.

ورغم أن القانون الكويتي لا يجيز تشكيل الأحزاب السياسية، فإن الحكومة تتسامح مع إقامة التجمعات السياسية، والشيعة مثل باقي مواطنيهم لهم تشكيلاتهم السياسية.

ومنذ عام 1963 مثلت "جمعية الثقافة الاجتماعية" الواجهة الحركية الرئيسية للشيعة في الكويت.

وبعد عام 1991 تم تشكل "الائتلاف الإسلامي الوطني"، الذي ضم في صفوفه القوى الدينية والسياسية والاجتماعية الشيعية، على اختلاف توجهاتها السياسية، والذي تحول في عام 2005 إلى "التحالف الإسلامي الوطني"، الذي يعد أبرز التعبيرات السياسية للشيعة حالياً، والذي يضم خمسة تيارات شيعية.

ومن أهداف هذا التحالف - كما ينقل تقرير "الخليج في عام 2005-2006"، الصادر عن مركز الخليج للأبحاث في دبي، عن المهري - "توحيد جهود الطائفة الشيعية والمطالبة بحقوقها وتعزيز الإصلاحات داخل البلاد."

وفيما يخص التوجهات الاجتماعية والسياسية للشيعة الكويتين، فيلاحظ أن الناشطين الشيعة ينقسمون إلى اتجاهين: الأول يمثله ما يسمى "بالحركيين"، والذين كانوا سابقاً يعرفون بالثوريين، وهؤلاء يرتبطون بالمرجعية الدينية، ويغلب عليهم الاتجاه الديني المحافظ، ويميلون بشكل عام إلى المعارضة.

أما الاتجاه الآخر فيمثلهم العلمانيون، وخصوصاً الليبراليون، والذين هم في الأغلب مستقلون، وغالبا ما يحسبون على الحكومة، ومنهم طبقة التجار في الدولة.

والتيار الأخير يعارض سيطرة رجال الدين على العمل الشيعي، كما ظهر ذلك واضحاً في قضية الوقف الجعفري، حيث رفض إنشاء هيئة للأوقاف الجعفرية مستقلة عن وزارة الأواقاف والشؤون الإسلامية، كما طالب بذلك التيار الديني. 

وعلى الصعيد السياسي، فللشيعة تمثيلهم في السلطتين التشريعية والتنفيذية.

ففي انتخابات مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) الأخيرة، في يونيو/ حزيران 2006، فاز الشيعة بأربعة مقاعد (مقعدان لحركيين تابعين للتحالف الإسلامي الوطني، ومقعدان لمستقلين).

أما في الحكومة التي تشكلت في يوليو/ تموز2006، برئاسة الشيخ ناصر الصباح، فهم ممثلون بوزيرين، هما: معصومة المبارك وزيرة الاتصالات، وعبد الهادي الصالح، وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة.

وللشيعة وجود أيضاً في السلك الدبلوماسي، وفي الشرطة والجيش، وتقلد واحد منهم منصب رئيس أركان الجيش، إلا أن وجودهم في جهاز الأمن الوطني محدود.

وعلى الصعيد الاقتصادي استفاد الشيعة من توزيع الثورة النفطية، بل إنهم يحتلون مكانة اقتصادية متميزة. فبعض العائلات الشيعية تعد من كبار الفئة التجارية في الكويت، ومنها: الوزان وبهبهاني ودشتي ومعرفي.

واستفاد الشيعة أيضاً من مجانية التعليم وحريته بالكويت، في تطوير وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.  

ومن الشخصيات الشيعية المؤثرة في الكويت، السيد محمد باقر المهري، الأمين العام لتجمع علماء المسلمين الشيعة، والوكيل المعتمد للمرجع آية الله العظمى علي السيستاني في الكويت، وأيضاً حسن جوهر، النائب في البرلمان الحالي، وهو مستقل لكنه مقرب من التحالف الإسلامي الوطني، ويعد من أبرز المعارضين.

وكذلك صالح عاشور، نائب في البرلمان الحالي، وهو مستقل محسوب على الحكومة، وعدنان عبد الصمد وأحمد حاجي لاري، وهما نائبان حاليان من التحالف الإسلامي الوطني.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 18 آذار/2007 -28/صفر/1428