السائرون.. نياماً

شهد أحمد الرفاعى

دوماً..تحيرنى البداية..وأحياناً يخوننى التعبير..ولكننى هنا أجدنى أغرق فى الحيرة لا أعلم من أين أبدأ.. لكى أتحدث عن تلك الفترة المريرة والقاسية التى تمر بها الآن المنطقة العربية.. وما يعتريها من خنوع وتغييب عن الواقع كمن يخضع لحالة من التنويم المغناطيسى.

ويحيرنى أكثر أننا شعوب أليفة تنصاع و تفعل كل ما يرغبه الزعماء بل وأولادهم وآحفادهم.. ويسعدهم ونجتهد فى توفير كل سبل الراحة لهم من اصوات مجانية تجعلهم يمكثون فوق رقابنا وتكميم أنفاسنا..إلى أن نكون موطأ للنعال الحكومية وببصمة أصواتنا الوردية.

أنظمة يحيرنا منهم أنهم لا يستجيبوا للنصح ولا يلتفتوا لآمال الشعوب الراضخة تحت وطأة قهر حكوماتهم..

 ولعل قمة النكبة العربية کانت فرصة أخيرة لزعماؤنا..السائرين نياماً.. للخروج بشىء ما يحفظ ماء الوجه امام العالم..وأمام الشعوب التى تنتظر قرارات فعلية وليست توصيات أو شجب وإستنكار..ولكن للآسف قد تعودنا الإستنكار والتنديد والشكوى..ومعظم الحمقى هم من يفعلون ذلك.

الزعماء الافاضل ما يسعدهم وما يريح سريرتهم..كل ما من شانه توفير الآمان لأنظمتهم ولكراسى محملة فوقها قناطير مقنطرة من المصالح والحسابات والارصدة البنكية..

فلا يشغلهم أن المنطقة بأسرها فى مخاض عنيف ولكن آشياء آخرى قد تكون فى بؤرة إهتمامهم..

 ويتبقى السؤال عن الجنين هل سيكون مكتمل النمو..أم مشوهاً؟؟؟ الله أعلم..وهم أيضاً يعلمون..

 أجد اننا اى الشعوب هى المسئولة عما يحدث لها..فالحاكم لا يلتزم بالوفاء بالوعد لشعبه طالما أن الشعب لم يحترم نفسه فى أبسط سلوكياته فى الحياة اليومية..

من قول الصدق..عندما يذهب ليعطى صوته مخالفاً لما يريد (رأى مزيف) فى إقتراع ما..قد يمس حياته ومستقبل وطن بأكمله.

وقد لا يعلم المواطن الحر الواعى أنه بالإمتناع عن التصويت أحياناً ينتخب فى الوقت نفسه المسئول السىء..وعندما نعيش بأقنعة تخفى ذواتنا ونعيش نقول ما لا نفعل..ونردد أقوال لا نلتزم بها..

 اللامبالاة ،..عندما نتجاهل الانصات للغير وأفكاره ونتعمد عدم الفهم بل ننفذ ما يملى علينا من أوامر. ونسير فى حياتنا كالنيام ونعيش مثل النعام..

ونصر على المكوث داخل توابيت وأكفان.. نترك الحاضر والمستقبل ونظل أسرى الماضى وذكرياته وأمجاده..نردد..أمجاد يا عرب أمجاد.. مثبتين الخطى وبشراسة بالماضى وأفكارنا متمحورة حول زمن مضى.. يتملكنا الخوف من المضي للأمام ومحاولة التغيير..

نعيش بعقول الامس ونخشى الإقتراب من الغد..نهوى المكوث فى ترانزيت الحاضر دون إستكمال لرحلة جديدة.

عميان البصيرة..يدفعنا كبت آسلافنا المُركب نحو نهايات مرسومة نساق نياماً..نكرر المآساة المرة تلو المرة..دون أن ندرك أننا أطراف فى هذه اللعبة.

فمتى يستيقظ يوما ما الشارع العربى الاصيل لينتفض على الواقع المرير..ويصبح أكثر وعياً..؟؟

 فنحن بالفعل لدينا أزمة وعى بما يدور حولنا من اشياء وتطورات..بمختلف أنواعها..

وأمنية أكبر ولكنها تترتب على الآولى..أن تقترب الحكومات من الشعوب..وتحاول النزول من بروجها العاجية..ولکن دوماً نتمنى..ودوماً تذهب الأمنيات أدراج الرياح..فأى أمنية هى فى الأصل وهم مؤقت..إلى أن تتحقق وتصير واقعاً..فتتحول إلى وهم واقعى خيالى أكبر من تصورنا.

فهل الافضل أن نظل نحلم بضوء يأتى من بعيد من هناك يوماً بالامل..؟؟

أو..نظل نمشى فى طريق مقفر نياماً ، نبحث عن المآوى.مكبلين بالماضى وأفكاره..؟؟

أم نحاول بأيدينا وتحدينا وبكل ما أوتينا من عزم وتصميم وقوة تغيير واقعنا للأحسن؟؟؟؟

تساؤلات تحتاج لنهضة فكرية ووعى حتى لا تأتى الإجابات مترنحة لأوطان شعوباً وأنظمة معاً تسير نحو الهاوية نياماً.

* كاتبة مصرية

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 27 نيسان/2007 -8/ربيع الثاني/1428