آثار ومستلزمات وأسباب قبول الدعاء

تحقيق: عصام حاكم

شبكة النبأ: قد يذهب الكثير من المحققيين الى تغليب الرأي القائل بان الكلمة والدعاء هما توأم واحد، ويتجهان كلاهما صوب حالة التعبير عن ما يجول في النفس البشرية، حيث شكّل الدعاء والكلمة في بادىء الامر منعطفا استراتيجيا عندما اخترق صومعة الصراع العضلي الذي يرتكز على بناء الجسد حين ذاك، الى بوابة الحوار الفكري الذي تفرضه الحاجة الملحّة للتعبير عن مكامن الذات الانسانية.

ومن هنا نستشف بأن ثقافة الدعاء هي أقرب ما تكون الى حالة إذكاء المشاعر والاحاسيس بنيّة صادقة او بمعنى أدق، هي حالة تعبير او إفضاء خالص من خلال أستنطاق الحقيقة الغائرة في متاهات الجنوح الانساني وتوجيهها توجيها صحيحا بما يعزز العلاقة بين الخالق والمخلوق.

وللوقوف عند مستلزمات او آثار الدعاء كانت لـ(شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الاشارة لاستعراض مجمل المعاني والدلالات المتضمنة لذلك الموقف العبادي فكانت الحصيلة ما يلي:

محطتنا الاولى مع السيد (يحيى الموسوي) الذي قال: الانسان في طبيعته كائن متمرد على الذات وهو يمتلك خصائص انسانية تتناغم في احيان كثيرة مع المشاعر، وهذا ما يجعله يبتعد كثيرا عن الله (سبحانه وتعالى) وذلك من خلال الانصهار في ملذات الحياة ولا يمكن باي حال من الاحوال ان نستشعر مكامن الخطر والخوف إلا عبر الولوج اليه، وهذه الاشارة البسيطة هي دلالة على ان الانسان عندما يعرض عن الله تعالى في مواطن السرور ولا يلجأ اليه إلا في اوقات الشدة، فنحن جميعا بحاجة الى بارئنا، وما يمر به العراق اليوم من ظروف صعبة هو عنوان لحالة الابتعاد عن الله لذا يجب ان نوثق علاقتنا مع الله من خلال الدعاء والتوسل والتضرع اليه.

واضاف لـ شبكة النبأ: هناك قصص كثيرة تصب بهذا الاتجاه ولكن سوف نستعرض لكم واحدة من هذه القصص، وهي في زمان السيد المجدد الشيرازي (قدس سره) في سامراء، حيث تعرضت تلك المنطقة الى وباء الطاعون المميت، فعندها جاء الناس الى السيد المجدد الشيرازي (قدس سره)، يشكون له الحالة فقال لهم هل تطيعون اذا ابلغتكم بأمر، فقالوا نعم: قال لهم أخرجوا الى الصحراء ولمدة أربعين يوما ورددوا  زيارة عاشوراء ومن ثم توجهوا الى الله (سبحانه وتعالى) وفعل القوم ما أمرهم به السيد الشيرازي وفعلا استجاب الله(سبحانه وتعالى) الدعاء وانقذهم من ذلك المرض بفضل الدعاء. فنحن اليوم ايها المسلمين وايها الشيعة على وجه الخصوص بأمسّ الحاجة الى الدعاء والخشوع الى الله تعالى ان يخلصنا من هذا الوباء وهذا الاجرام والقتل والدمار تحت عناوين الدين والقومية والتكفير.

محطتنا التالية مع الشيخ (حسن عبد الله الجشعمي) الذي قال لـ شبكة النبأ: يجسد الدعاء معاني كثيرة ومنها التضرع والتوبة الى الله(سبحانه وتعالى) وهذا التضرع وهذه التوجه يكون في كل لحظة من لحظات الانسان، فبعض الاخوة يدرك او يفهم الدعاء بانه ملاذ آمن فقط في اوقات الشدة وما عداها لايشكل أي ضرورة، وفي حقيقة الامر ان الدعاء هو وجه من اوجه الصلة مع الله ونحن في أمسّ الحاجة الى الدعاء لله وكذلك نحتاج الى الانبياء والى أهل البيت(عليهم السلام)، ولكن قبل الدخول بالدعاء هناك ثمة مقدمة للدعاء، وكما نعلم نحن عند الصلاة نستعرض امور كثيرة ومنها الوضوء، وكذلك الدعاء فانه يحتاج الى مقدمة وهي تتضمن معرفة الله(سبحانه وتعالى) لذا فنحن في الادعية نقول(اللهم عرفني نفسك فأنك أن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك) ومن خلال هذا الحديث الشريف ندرك بأننا لحد الان لم نفهم الله(سبحانه وتعالى)حتى نفهم مسألة الدعاء، وهناك حديث يقول(من عرف نفسه فقد عرف ربه).

لذا يجب علينا عندما نتوجه الى الله ان نتوجه بالقلب واذا كان التوجه باللسان فعندها لا يتحقق الدعاء.

الشيخ (كاظم ساهي) قال لـ شبكة النبأ: بالتاكيد هناك اشارات مؤكد لاستجابة الدعاء كما في الاية(أدعوني أستجب لكم) والاية (واذا سألك عبادي عني فاني قريب) وتلك الايات هي دلالات واضحة للاشارة الى قرب البارىء من الانسان، وفي مواطن اخرى من النص القراني نرى ان الانسان قريب من الله (سبحانه وتعالى) كقرب حبل الوريد، ولكن في واقع الحال لم يتوجه الى الله(سبحانه وتعالى)، وثمة تسائل يقول هناك احكام او ضوابط محددة تحكم الدعاء وهي صفاء القلب والذهن الى الله تعالى وإلا لم يعد الدعاء يشكل انموذج لحالة التواصل الحقيقي مع الله تعالى.

سألنا الشيخ (علي عبد الحسين) عن ماهية الآثار المادية والمعنوية المترتبة على الانسان لقرأته الدعاء؟

فأجاب شبكة النبأ قائلا: من المؤكد ان الدعاء لم يكون سلوك عفوي بل هو يخضع لمنظومة دقيقة وهو يحمل معان وفيض من الخصال الحميدة واقل ما فيها الاشارة الى الرابط القوي بين العبد وربه، واقرب مثال الامام زين العابدين عليه السلام حيث يلقب بسيد الساجدين، ولهذا عندما نقف امام الصحيفة السجادية للامام زين العابدين عليه السلام فنحن نقف امام هذا الفيض الزاخر من المعاني المشبعة بحالة الارتباط وبالمقابل فهي تؤكد على عناوين تستل من النفس البشرية الرغبة في تغيب الحقيقة المطلقة، وهي تتمثل في تعزيز المد الايماني بالنضج الى تصيير العمل صوب ثواب الآخرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26 نيسان/2007 -8/ربيع الثاني/1428