روسيا والحنين القديم الى الديكتاتورية

شبكة النبأ: يخشى المواطنين في روسيا عودة القمع الذي كان يسيطر على الوضع في الاتحاد السوفيتي السابق رغم ان التحول نحو الديمقراطية قطع شوطا كبيرا في جمهورية روسيا في ظل الولاية الثانية لحكم الرئيس فلاديمير بوتين. وينتقد الغرب السياسة الروسية التي تستخدمها موسكو في مجال الطاقة للضغط على جيرانها وخصوصا المتعاونين مع الولايات المتحدة.

وانتقد البيت الأبيض، عمليات القمع التي مورست في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، في حق مظاهرات للمعارضة الروسية نفذت في العاصمة موسكو ومدينة سان بطرسبرغ التاريخية.

وكان المئات من المتظاهرين المنتمين لحركة "روسيا الأخرى" اشتبكوا مع عناصر شرطة مكافحة الشغب، بعد يوم من مظاهرة مماثلة نفذّت في موسكو.

واتهم المتظاهرون حسب تقرير للـ CNN،الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتراجع الإصلاحات الديمقراطية في البلاد وقيامه بمحاكمة خصومه السياسيين.

وقالت الناطقة بإسم البيت الأبيض دانا بيرينو إن الإدارة الأمريكية تؤكد على حق التعبير السلمي للمتظاهرين وهو عنصر رئيسي للديمقراطية.

واتهمت بيرينو السلطات الروسية "بنشوء نمط من استخدام للقوة المفرطة من قبل السلطات كرد ضد أحداث مماثلة" واصفة مسألة اعتقال صحفيين يغطون المظاهرات بانها "لا تحتمل."

هذا ولم يتسنّ الإطلاع بعد على أي رد فعل من الحكومة الروسية على موقف واشنطن.

وكانت الشرطة الروسية اعتقلت خلال مظاهرة في موسكو زعيم المعارضة وبطل الشطرنج السابق غاري كاسباروف، فيما اعتقل منظم المظاهرة آدوارد ايمونوف وآخرين في سان بطرسبرغ.

يُشار إلى أن المظاهرات التي كانت الحكومة الروسية قد أعلنت حظرها، تم تفريقها إثر إنزال العشرات من عناصر شرطة مكافحة الشغب.

ويسعى المتظاهرون المعارضون لبوتين حشد دعم الشارع الروسي استباقا للانتخابات التشريعية المتوقعة في نهاية العام الجاري، والانتخابات الرئاسية المتوقعة في مطلع العام المقبل، رغم أن أكثرية مهمة من الشعب الروسي تدعم بوتين الذي يُنسب له فضل الازدهار الاقتصادي النسبي والاستقرار الاجتماعي الذي تشهده البلاد بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991.

الجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي بوش كان أعلن إثر أول لقاء له مع بوتين عام 2001 أن

الأخير استطاع أن ينال إعجابه، فيما تعتبر الإدارة الأمريكية رسميا الرئيس الروسي والعميل السابق في جهاز الاستخبارات KGB حليفا مهما لها في حربها ضد الإرهاب.

إلا أن الحرب في العراق التي عارضتها روسيا والمخاوف من تشديد القبضة على وسائل الإعلام الروسية ومحاكمة الخصوم السياسيين لبوتين، كلها مسائل وتّرت العلاقة بين واشنطن وموسكو.

وكان بوتين اتهم في فبراير/شباط الماضي وخلال كلمة أثناء وجوده في ألمانيا، الولايات المتحدة بحالة عدم الاستقرار التي تسيطر على العالم عبر استخدامها (واشنطن) القوة العسكرية وخلق عالم "لا يمتّ للديمقراطية بصلة."

وفي سياق متصل ذكر تقرير للـ(الحياة) أنباء عن توقيف زعيم تنظيم يساري روسي فيما انهالت الشرطة الروسية ضرباً على متظاهرين مناهضين للرئيس فلاديمير بوتين لليوم الثاني على التوالي، واعتقلت حوالي 150 معارضاً بينهم الكاتب ادوارد ليمونوف الذي يتزعم حزباً يسارياً متطرفاً، منضوياً تحت لواء حركة «روسيا الأخرى» التي فرقت السلطات تظاهرة لها في موسكو مؤخرا.

وهاجمت عناصر مكافحة الشغب المتظاهرين الذين بلغ عددهم حوالي ثلاثة آلاف في مدينة سان بطرسبورغ عاصمة الشمال الروسي، في إطار حملة المعارضة للمطالبة بـ «الديموقراطية» والسماح بـ «تنافس نزيه» خلال الانتخابات الرئاسية المقرر في آذار (مارس) 2008.

وسعت قوى الأمن الى تفريق المتظاهرين في سانت بطرسبورغ على رغم سماح سلطات المدينة بتنظيم التظاهرة، خلافاً لتظاهرة موسكو التي لم تحظ بتصريح. وأفادت وكالة أنباء «نوفوستي» بأن معظم المتظاهرين توجهوا إلى محطات المترو بعد انتهاء التظاهرة في سانت بطرسبورغ، غير أن بعضهم حاول اختراق حواجز للشرطة في المدينة.

وكما في تظاهرة موسكو، اتهمت السلطات المعارضة بمحاولة استفزاز قوى الأمن، لافتعال اضطرابات. ونقلت «نوفوستي» عن مصادر رسمية «اعتقال أكثر من 100 شخص، ونجاح الشرطة في وقف كل أنواع الشغب».

ويضيف تقرير لرويترز عن توبيخ الولايات المتحدة لروسيا بسبب قيام الشرطة الروسية بقمع مظاهرات مناوئة للكرملين واصفة هذا المسلك بأنه غلظة يثير شكوكا جديدة حول مدى التزام موسكو بالديمقراطية.

ويمثل رد الفعل الامريكي أعنف انتقاد لحكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ اتهامه واشنطن في فبراير/ شباط الماضي بمحاولة فرض ارادتها على العالم ومن الممكن أن يزيد

من توتر العلاقات المتوترة أصلا بين البلدين.

وكانت شرطة مكافحة الشغب قد ضربت متظاهرين معارضين في بالهراوات وركلتهم وطاردتهم بعد يوم واحد من احتجاز السلطات عدة مئات من المتظاهرين في موسكو من بينهم بطل العالم السابق في الشطرنج جاري كاسباروف.

وانضم شون مكورماك المتحدث باسم الخارجية الامريكية الى منتقدي روسيا قائلا "على أقل تقدير هذا يتنافى مع القيم الديمقراطية التي ترددها الحكومة الروسية."

ودافع الكرملين عن الاجراءات التي اتخذتها الشرطة مع الاحتجاجات الاخيرة قائلا انها كانت تحاول منع "الراديكاليين المتشددين" من انتهاك القانون والنظام.

وقالت ألمانيا التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي ان القمع الروسي "غير مقبول" وطالبت موسكو بتقديم توضيح لما حدث. واحتجزت الشرطة أيضا صحفيين من بينهم مراسلون للتلفزيون الالماني داخل مركز احتجاز.

وقالت بيرينو "نشدد على ان السماح بحرية الرأي بوسائل الاحتجاج السلمية مكون أساسي من مكونات الديمقراطية وحقوق الانسان المعترف بها عالميا."

ودعت موسكو الى "التأكيد مجددا على التزامها" بالاحترام الكامل للمعايير الدولية لحرية التعبير والصحافة والتجمع.

وعلى مدى العام المنصرم اتهم مسؤولون أمريكيون الرئيس بوتين بالنكوص عن الاصلاحات الديمقراطية واستخدام موارد روسيا الضخمة في مجال الطاقة للضغط على جيرانها. لكن تلك الانتقادات الشفوية تراجعت حدتها بسبب سعي الرئيس الامريكي جورج بوش للحصول على دعم روسيا لكبح الطموحات النووية لايران وكوريا الشمالية.

وتحلت ادارة بوش بالحرص في ردها على انتقادات لاذعة لبوتين خلال مؤتمر بميونخ اتهم فيها واشنطن باتباع سياسات تهدف الى جعلها "السيد الاوحد".

وعبر كثير من الروس عن شكوكهم في أن جهود الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية في بلدان الكتلة الشرقية السابقة انما هي محاولة للتعدي على مناطق نفوذهم التقليدية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19 نيسان/2007 -28/ربيع الاول/1428