تنزيه الشيعة من التهم الشنيعة

حسين ابو سعود

وهو ما املاه استاذنا العلامة والحبر الفهامة على جملة من تلاميذه وعلى اتباعه ومريديه فجاءت رسالة سديدة بمطالب جديدة  سماها (تنزيه الشيعة من التهم الشنيعة والافتراءات الوضيعة) وهي بشكلها المختصر فاقت كل تفصيل معتبر.

الحمد لله الذي خلق الانسان،،علمه البيان وجعل لكل شئ قدرا وميزان، والصلاة والسلام على خير العباد في كل آن، وعلى كل من سمع الكلام واتبع احسنه ونبذ الخصام واستهجنه، وهو الذي جعل اصحاب العقل  فئة راشدة وجعل معهم الجاحدة والملاحدة، ولوشاء  لجعل الناس امة واحدة، وان الاسلام دين وحبل متين  ليس فيه فرق ولا مذاهب ولا اهواء ولا مشارب ولكن الناس اختلفوا ولم يأتلفوا خلافا لاية الاعتصام وسنة الالتزام، وبقيت منهم طائفة جعفرية سموا الامامية الاثنا عشرية، تركوا تناقضات الرواة والتزموا بالائمة الثقاة والاعلام الهداة، ولكن مما اقتضت به سنة الحياة ان علقت بطريقتهم بعض هنات هينات، فصاروا عرضة للعتاب واللوم من خواص وعوام القوم، وتمحور المخالفون حول بعض التهم والظنون، منها شبهة النيل من اكارم الصحابة المتصف منهم بالنبل والنجابة، وهي تهمة مردودة ومحاولة غير محمودة، فمواقف الامام منهم اشهر مما على العلم من نار من يوم ماصار في السقيفة ما صار  حتى ساعة  ما حدث في فتنة الدار، والشيعة على نهجه سائرون  منذ حقب وقرون.

وما اثير من غبار حول المتعة، اريد منها التشويش وتشويه السمعة، وغاية الامر انه مباح ونوع مشروح من انواع النكاح، فلا يؤثم تاركه ولا يحمد سالكه، وهم يرغبون في العقد الدائم، تجنبا للزيغ والشبهات والمآثم، ولا ينبغي الخلاف على موجود فقد او على مفقود وجد، ثم ان الامر فيه تفصيل واسهاب وتطويل.

واما السجود على التربة، طلبا للمثوبة والقربة، فهو من (جعلت لي الارض مسجدا وطهورا ) ومن تركه لم يلق في ذلك آثاما وشرورا، فتجزئ لذلك الورقة من النبات او الكاغد قبل تحبيره بالدواة، وانما توضع التربة طلبا للخشوع، وابتغاء الانكسار والخضوع، فهو بذلك مندوب وامر مشروع.

وما يقال عن العزاء  واللطم ويزعمون ان الدين به لايستقم، فعندنا ما نلزم به الخصم، فمايقولون: في الصوفية  وما يفعلون، فما جاء نتيجة لثورة العواطف تشبه ما ينتج عن فورة العواصف، وما يقبح فعله عند المخالف يحسن صنعه عند الموالف، وهل فيما يفعله الناس على الدين جريرة ؟، ومن فقد منهم البصر لا يحرم البصيرة.

وما روجه البعض من تحريف القران، مردود عليهم بقدرة الرحمن، وما عليه الاجلاء والعلماء، هو امر  واضح بجلاء وهو ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ) والشيعة على هذا الدرب سائرون، ولهذه الاية محافظون، ومن اراد الحق الصريح فليعمد الى الدليل بلا تهجم وتجريح، ويقارن بين مصاحفنا ومصاحفهم، فيجدها عينها  لا تخالفهم، وينتهي بذلك كل قول سقيم، يطلقه مارد او شيطان رجيم، طلبا لشق الصفوف بتحريف الكلم والحروف.

وتبقى قضية الروايات الضعيفة، وفرزها من الاحاديث النبوية الشريفة، فقد وضع الائمة  لها احسن ميزان، وهو عرض الحديث على آيات القران، فان وافق فبها وانعم وان لم يوافق فلا تحلل ولاتحرم، واضربها عرض الجدار، بلا تردد في الامر ولا انتظار، ونطالب اهل الانصاف والدراية بترك التعصب وفنون الغواية،  وعدم خلط  روايات الغلاة والمفوضة، وما فيها من اخبار محرضة ومغرضة، باحاديث النبي وآله  التي تبين حرام الدين وحلاله، بأتم شكل وصورة، لم تبق غامضة او مستورة، الا وكشفت عنها الغطاء، وقدمتها  للناس بابهى حلة واجمل رداء، وقد نبه الائمة الكرام الى كثرة الوضاعين وصانعي الكلام، وكشفوا عن وجوههم القناع لكي يعرف الحق من الباطل اذا اشتد الصراع ودعوا الى الإخبار بمحاسن الحديث ونبذ الضعيف والخفيف والغثيث.

فيا ايها الناس انتبهوا  من الدسائس الوضيعة وتقربوا من بعضكم البعض سنة وزيدية وشيعة، وتخالطوا بالمعروف وانبذوا التخاطب بالرماح والسيوف، وهذه دعوة صادقة للتآلف ونداء للتكاتف والتحالف، وترك ما حدث في الماضي الباهت السحيق والنظر الى الغد المشرق ذو اللمعة والبريق، واطلبوا بذلك وجه الرحمن، ورضاه في كل حين وآن، فهو الداعي الى الاعتصام، بحبله  المتين والالتئام.

ووقانا الله شر الدنيا  الفانية واسكننا جنة قطوفها دانية.ثم الصلاة على المصطفى سيد البررة والكرام وآله ومن تبعه باحسان من الانام.

تمت.

(وبعد فقد رأينا كتابة شروحات وافية مستفيضة عن كل شبهة اوردها الاستاذ في رسالته لاجلاء الغبار عن الغوامض من الاراء والاخبار،اذا امهلنا العمر واسعفتنا الصحة في قوادم الايام، طالبين بذلك وجه الله بغرض التقريب بين اراء المسلمين وتهوين الخلافات القائمة منذ قرون،متطلعين الى الغد الذي يتطلب الاتحاد والتكاتف ولاسيما نحن نعيش العولمة باجلى صورها، حيث صار التعايش أمرا محتما ليس بين المذاهب فحسب بل وبين الاديان المختلفة، وحتى بين المؤمن والمشرك ولاسيما في بلاد المهجر  حيث الجار من اليمين يهودي ومن اليسار بوذي ويسكن في نفس الشارع نصارى ومجوس وملاحدة، وكم هوّن الامام علي عليه السلام هذا الامر واختصره قبل اربعة عشر قرنا بقوله الرائع : الناس صنفان، اما أخ لك في الدين واما نظير لك في الخلق).

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 15 نيسان/2007 -24/ربيع الاول/1428