لمكافحة الفقر الصين تستعين بالجمعيات الأهلية

 ربما لا تكون تشانج فنجياو خبيرة في مجال التنمية ولكنها تعلم أنها تحتاج لتحسين وضعها والذي يتركز حول شق طريق ملائم لقريتها حتى يمكنها نقل المنتجات التي تزرعها الى السوق بسهولة نسبية.

أصبحت أمنيتها على وشك التحقق في اطار مشروع رائد يتلمس بحذر مدى احتمالات تعاون الحكومة الصينية مع المنظمات غير الحكومية في مواجهة الفقر في أكبر دول العالم سكانا.

وقالت تشانج وهي تبلغ من العمر 37 عاما ولديها اثنان من الابناء في الوقت الذي كان يختلس فيه اثنان من جيرانها النظر فضولا "اذا كان من الممكن اتمام شق هذا الطرق فسيحدث ذلك فارقا كبيرا." بحسب رويترز.

تضطر تشانج حاليا للسير على الاقدام لمسافة كيلومترين ونصف بامتداد طريق موحل بين منزلها والجزء الرئيسي من جينتشو وهي قرية نائية في الجزء الجبلي من اقليم جيانجشي في جنوب الصين.

ولكن الوعد بشق طريق جديد منح تشانج وزوجها ثقة كافية لزرع حديقة من أشجار "ليتشي" الصينية وغيرها من المنتجات التي يمكن أن تجلب أسعارا أعلى ولكنها معرضة للخطر أكثر من المحاصيل الزراعية الاخرى مثل الارز اذ ان من الصعب الوصول الى السوق.

كون أن الحكومة الصينية ستدفع تكلفة شق هذا الطريق لا يمثل شيئا جديدا نظرا لخوفها من خطر الاضطرابات التي قد تنشأ عن تزايد الفجوة بين الفقراء والاغنياء وبدأت في زيادة الانفاق على المناطق الريفية خاصة في مجالي الصحة والتعليم.

ولكن الذي يجعل هذا المشروع الرائد مختلفا عن باقي المشاريع هو أنه يتعامل مع الحاجة لبذل المزيد من الجهود الجادة لمساعدة 21.5 مليون شخص ممن يعيشون تحت خط الفقر الذي يبلغ 683 يوان (90 دولارا) سنويا(الدولار يساوي 7.73 يوان)، والذين تكتظ بهم مناطق يصعب الوصول اليها.

هنا جاء دور المنظمات غير الحكومية. أصبحت الحكومة تدرك بشكل متزايد القوة التي تمتلكها تلك المنظمات في الوصول الى الفئات المهمشة داخل المجتمع لهذا فانها تحاول تجربة هذا الموضوع في جيانجشي مع التعاقد مع بعض المنظمات غير الحكومية من الباطن للقيام بأعمال الاغاثة في المناطق الفقيرة.

تتوجه المنظمات غير الحكومية التي وقع عليها الاختيار الى القرى المحددة للاستماع للسكان حول الطريقة التي يريدون بها انفاق مبلغ 500 ألف يوان من المساعدات الحكومية. بعد ذلك تساعدهم هذه المنظمات في تنفيذ خططهم.

تحصل كل جمعية أهلية على ما يصل الى 50 ألف يوان لكل قرية لتغطية تكلفتها وهي مبالغ يوفرها البنك الاسيوي للتنمية الذي يساعد في المشاريع بدعم من أموال بريطانية.

قال كريس سبور وهو خبير اقتصادي في البنك الاسيوي للتنمية في بكين ان استعداد الحكومة لقبول المنظمات غير الحكومية كشركاء يظهر التزامها تجاه نشر تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية بشكل أكبر. وأضاف سبور "هذا يشير الى أن مصطلحات مثل (اقامة مجتمع متجانس) و(تحويل دور الحكومة) ليست مجرد كلمات جوفاء ولكن على الاقل يجري بحث امكانية تحقيقها بحذر مع المضي قدما في تنفيذها" مشيرا الى عبارتين تستخدمهما القيادة في تحديد أولوياتها من أجل الاصلاح.

ان ما يحدث في 19 قرية باقليم جيانجشي التي تمثل جزءا من المشروع لا يبدو يمثل شيئا ثوريا يذكر اذ ان سكان جينتشو مثلا يستخدمون أموالهم في المساعدة في شق طريقين وتحديث شبكات المياه واقامة جسر صغير ودورة مياه عامة.

ولكن خطوة تحويل أموال الحكومة الى حساب بنكي لمنظمة من منظمات المجتمع المدني حتى تنفقها بالنيابة عن المواطنين يمكن أن ينظر له على أنه يحد من سلطة الحكومة المحلية في السيطرة على الاموال.

خلال جلسة تدريبية أجريت مؤخرا للمشروع في جيانجشي كان العاملون في المنظمات غير الحكومية ومسؤولي التنمية المحليين صرحاء بشكل مذهل بشأن نقاط القوة والضعف لدى الطرف الاخر.

وأبدى تشانج تشيهاو رئيس مكتب مكافحة الفقر في جيانجشي سروره لتنفيذ مشروع من شأنه المساعدة في تحقيق اكبر أولويتين لبكين.

قال الكثير من المنظمات غير الحكومية المشاركة انها ترى المشروع طريقة لرفع مكانتها في الوقت الذي ستجد فيه مصدرا اكثر استقرارا للدخل بخلاف المساعدات الدولية.

وقال سبور من البنك الاسيوي للتنمية ان المشروع من الممكن أن يكون أيضا نموذجا للحكومات المحلية والمجتمع المدني لتقديم خدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم الاساسي على المستوى الشعبي وهو الامر الذي قال انه تم بنجاح في دول من بنجلادش الى كوريا الجنوبية.

وأردف قائلا "المستفيدون في نهاية الامر هي القرى الفقيرة ذاتها."

وأشار هويان تشين وهو مسؤول أحد المشاريع في منظمة غير حكومية الى وجود اختلافات في مواقف الكثير من سكان جينتشو خلال العام الماضي.

فعندما توجه هويان لأول مرة هناك لمساعدة تشانج فنجياو وجيرانها في التفكير في كيفية انفاق 500 ألف يوان كان الكثير منهم متشككون فيما اذا كان النظام الذي يعمل على تحويل مخلفات الخنازير الى غاز للطهي يستحق العناء.

وبعد زيارة قرية أخرى لمعرفة مدى نجاح المشروع أضافوه الى قائمة رغباتهم وقال "الآن هم يفكرون أكثر بشأن كيفية تغيير حياتهم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 15 نيسان/2007 -24/ربيع الاول/1428