
شبكة النبأ: يرى الشيعة في لبنان ان
النظام السياسي الذي تشكل إثر قيام الدولة اللبنانية الحديثة عام 1943
قد حرمهم من امتيازات السلطة السياسية والاقتصادية بما لا يتناسب
ووزنهم الديمغرافي الحقيقي حيث انهم يشكلون ثلث نفوس لبنان.
كما يعتبرون انهم في خطر داهم نتيجة التدخلات الدولية التي تفرضها
سياسة الغرب على الداخل اللبناني وهو ما أوجد شرخا كبيرا بين الكتل
السياسية الممثلة في البرلمان والحكومة، ومع استمرار تزايد حدة
الخلافات بينهم يخيم شبح عودة الحرب الاهلية على هذا البلد ذو الاربعة
ملايين نسمة.
فلا توجد إشارات على قرب انتهاء الازمة السياسية في لبنان وقد يقود
الصراع بين التحالف الحكومي ومنافسيه بما فيهم حزب الله إلى تشكيل
حكومتين في وقت لاحق هذا العام مما يزيد من فرص الصراع.
ويقول محللون إن حل الازمة المستمرة منذ أكثر من خمسة اشهر يبدو
معلقا على الصراع في المنطقة بين ايران والولايات المتحدة اللتين تدعم
كل منهما فريقا من الفريقين المتنافسين. بحسب رويترز.
وفشلت الشهر الماضي محادثات لحل أسوأ أزمة سياسية يعيشها لبنان منذ
الحرب الاهلية التي اندلعت بين عامي 1975 و1990. وتطالب المعارضة التي
تضم جماعات مؤيدة لسوريا بحق النقض (الفيتو) في الحكومة وهو ما يخولها
عرقلة القرارات المهمة. ورفضت الحكومة المدعومة من الغرب هذه المطالب.
وقال محللون إن احتمالات اندلاع حرب أهلية اخرى قد تضاءلت لأنه لا
قوى التحالف الحاكم ولا معارضيه يريدون القتال وانصب اهتمام الفريقين
على محاولة اكتشاف اتجاه السياسة الامريكية ازاء ايران وسوريا والعراق.
ويتهم الفرقاء المتنافسون بعضهم البعض بالعمل وفقا لجدول أعمال
أجنبي على حساب لبنان. ويصف حزب الله الحكومة بأنها دمية بيد الولايات
المتحدة بينما يقول التحالف الحكومي إن المعارضة تتلقى الأوامر من
ايران وسوريا.
وقال أسامة صفا المدير العام للمركز اللبناني للدراسات السياسية
"هناك لعبة شراء وقت حتى يروا على ما سيستقر وضع المنطقة. الكل يراهن
على صدمة في المنطقة."
وأضاف صفا أن المعارضة تتمنى أن يتم "تركيع الامريكيين في العراق"
ويقول حزب الله إن التحالف الذي يعرف بحركة الرابع عشر من اذار يراهن
على ضربة أمريكية وشيكة لايران التي هي على خلاف مع الغرب على خلفية
برنامجها النووي.
وقال حسن نصر الله أمين عام حزب الله يوم الاحد لفريق الرابع عشر من
اذار إنه "سيكون على حسابكم" في حالة انهزام الولايات المتحدة في حربها
مع ايران أو في حالة حصول تسوية.
وقال إنه اذا ما كان الخيار بين حرب اهلية او ابقاء الوضع على ما هو
عليه فليبق الوضع هكذا مضيفا "الحوار وصل إلى طريق مسدود ماذا سنفعل."
وقتل عشرة أشخاص منذ بداية الازمة معظمهم في شهر يناير كانون الثاني
عندما اندلع صدام بين مناصرين للقادة المتنافسين من المسلمين السنة
والشيعة. والحديث عن تسلح الاطراف المتنافسة جعل اللبنانيين في توتر
وزادت الخشية من امكانية اندلاع حرب اهلية.
وقال ساطع نور الدين كاتب العمود في جريدة السفير "مازال هناك
(احتمال) لكن الجميع داخل وخارج لبنان خائفون من هذا الخيار."
وقد يضع انتهاء مدة ولاية الرئيس المؤيد لسوريا اميل لحود في نوفمبر
تشرين الثاني المقبل حدا لأشهر من الشلل ويزيد من فرص العودة إلى
العنف.
وقال لحود إنه لن يسلم سلطاته إلى الحكومة الحالية التي يصفها بأنها
غير شرعية في خطوة اجرائية لانتخاب رئيس جديد للبلاد. ومن الممكن بدلا
من هذا أن يعين حكومة بديلة جديدة يسلمها سلطاته تاركا البلاد في ظل
حكومتين.
وقال هلال خشان استاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية في
بيروت "تعيين حكومة جديدة من قبل الرئيس المغادر لا تعني الحرب فورا
ولكنه يهيء الأرضية لمواجهة عسكرية."
وقد يهتز الجمود السلمي مع أي محاولة من قبل الامم المتحدة لتشكيل
محكمة دولية خاصة بمقتل رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري عام
2005.
وبينما يدعم حزب الله مبدأ تشكيل محكمة غير أنه عبر عن مخاوفه من
محاولات مدعومة من الولايات المتحدة لاستخدامها كسلاح سياسي ضده.
ويقول قادة قوى الرابع عشر من اذار إن الهدف الاساسي للمعارضة هو
عرقلة خطط تشكيل المحكمة لحماية دمشق التي يتهمونها باغتيال الحريري.
وتنفي سوريا أي تورط لها.
ومن المفروض أن يوافق لبنان على خطط تشكيل المحكمة قبل تشكيلها
الفعلي. وفي ظل عدم وجود توافق لبناني على المحكمة تطالب قوى الرابع
عشر من اذار مجلس الامن بالتصديق على القرار بموجب الفصل السابع.
وقال خشان "اذا قامت الامم المتحدة بفعل شيء ما تحت الفصل السابع
فان ذلك يؤذن بمتاعب في لبنان."
ويجعل الفصل السابع قرارات مجلس الامن الزامية بموجب القانون
الدولي.
وحمّل الأمين العام لـ حزب الله حسن نصر الله الاكثرية النيابية
اللبنانية وصول الحوار إلى طريق مسدود مشيرا الى ان الحل لا يكون الا
بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وقال نصر الله في خطاب ألقاه في الضاحية الجنوبية لبيروت : "إذا
كانت لديهم القدرة على اتخاذ قرار شجاع بشأن اجراء انتخابات مبكرة، لأن
الشعب هو مصدر السلطات، فليفعلوا ذلك، وإلا سننتظر سنتين لإجراء
الانتخابات في موعدها، وعندها نرى من الذين سيحاسبهم الشعب".
واشار نصر الله الى ان "فريقه السياسي يرفض استخدام أي شكل من أشكال
الاقتتال الداخلي في هذه الأثناء".حسب تقرير نقلته رويترز.
وصعد نصر الله لهجته ضد منتقدي حزب الله الذين يصفوه بانه دولة داخل
الدولة، فقال: "عندما تصبحون دولة تعالوا وطالبونا بألا نكون دولة في
داخل الدولة. الدولة التي تتواطأ على شعبها وأهلها وأشرف مقاومة في
بلدها ليست دولة، ففي مسألة المقاومة لا تتعبوا أنفسكم لا بالحرب عليها
ولا بعزلها ولا بتحريض الناس عليها".
واوضح نصر الله كلامه بالاشارة الى ان "الحل بالنسبة لحزب الله هو
ان تكون هناك دولة قوية وجيش قوي يشعر معه الشعب اللبناني بأن الجيش
يستطيع ان يواجه أي عدون إسرائيلي على لبنان، وأن يسقط أهداف أي عدوان،
كما فعلت المقاومة في حرب تموز".
"دولة تواطئ وجباية"
وهاجم الأمين العام لحزب الله بقوة الدولة اللبنانية واصفا اياها
بدولة تواطئ وجباية.
واشار نصر الله إلى أنه "لايمكن لأحد أن يقضي على حيوية حزب الله
لانه يمثل حركة شعبية لديها قضية واضحة" على حد وصفه.
وقال نصر الله إن حزب الله "لا يستمد شرعيته من نشاطه العسكري
وتصديه لإسرائيل فحسب، بل ومن اهتمامه بالبنية التحتية الإنسانية في
النواحي الاجتماعية ومساعدة الناس قائلا " لاتفرقة في هذا بين شيعي
وسني او مسلم ومسيحي ودرزي".
واتهم من وصفهم " بالفريق السياسي الذي جاء بعد مقتل الحريري" في
إشارة للحكومة اللبنانية الحالية بالمزايدة على حساب مقتل الحريري
واتهمهم بأنهم "مارسوا الخداع السياسي على حزب الله حينما قالوا إنهم
ينوون التحالف معه لتشكيل حكومة وحدة وطنية".
كما عبر عن تأييده المطلق لرئيس الجمهورية إميل لحود ووصفه بأنه
الوحيد في السلطة " الذي دافع عن الثوابت اللبنانية في الخارج".
وفي ما يتعلق بالمحكمة الدولية التي يراد تشكيلها بخصوص مقتل
الحريري، قال نصر الله إنها على الشكل المقترح حاليا من شأنها " إلغاء
هيبة القضاء اللبناني".
وحسب الحياة، فان الأوساط السياسية في لبنان ومعها جهات ديبلوماسية
عربية وأوروبية نافذة، تبدي قلقها حيال المستقبل الذي ينتظر الوضع
الداخلي في ظل وصول الحوار إلى طريق مسدود، أفسح في المجال أمام تصاعد
وتيرة تبادل الحملات السياسية والاتهامات بين الأكثرية والمعارضة،
والتي من شأنها ان تزيد الاحتقان المذهبي والطائفي، على رغم تأكيد
الأمين العام لـ «حزب الله» انه ضد الاقتتال الداخلي، وأنه لن يسمح
بإحداث فتن مذهبية وطائفية. وقوبل هذا الموقف بترحيب من قياديين بارزين
في الأكثرية.
ولعل مشاركة الجهات الديبلوماسية للأوساط السياسية مخاوفها على
الوضع الداخلي، تكمن في شعور مشترك من الارتدادات السلبية لتوقف الحوار
بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد
الحريري على الساحة المحلية، على رغم انهما لم يبادرا إلى نعي الحوار
واستبعاد استئنافه كلياً، بخلاف نصر الله الذي حمّل الأكثرية مسؤولية
مباشرة إزاء تعطيل الحوار و «الوصول به إلى طريق مسدود، بسبب
ارتباطاتها والتزاماتها الخارجية»، خصوصاً مع الولايات المتحدة، بحسب
قوله.
كما ان الجهات الديبلوماسية تشارك الأوساط السياسية مخاوفها من ان
تعطيل الحوار سينتج حالاً من الشلل تعم البلد، وقد تشمل الانكفاء عن
تدبير شؤون اللبنانيين والاهتمام بمشكلاتهم اليومية، ان لم تتصاعد
باتجاه وقوع لبنان في فراغ سياسي قاتل، لن يكون في إمكان القوى المحلية
السيطرة عليه او استيعاب مضاعفاته... خصوصاً إذا تسارعت التطورات على
طريق تعليق الحلول للأزمة الى أمد طويل، مع تراجع الاهتمام العربي
والدولي بالوضع، بحثاً عن مخارج للمشكلة قبل استسلامها للقضاء والقدر.
حرب سرية ضد حزب الله
بدوره قال الشيخ نعيم قاسم نائب الامين العام لحزب الله اللبناني في
مقابلة نشرتها صحيفة "الغارديان" الاربعاء ان الحكومة الاميركية تشن
"حربا سرية" ضد حزب الله عن طريق تسليح مليشيات في لبنان مناهضة للحزب.
ولم يستبعد الشيخ قاسم في المقابلة التي جرت في جنوب بيروت نشوب
نزاع بين حزب الله واسرائيل الصيف المقبل.
ونقلت الصحيفة عن قاسم قوله ان نائب الرئيس الاميركي "ديك تشيني
اصدر اوامر بشن حرب سرية ضد حزب الله (...) وهناك برنامج اميركي يقضي
باستخدام لبنان لتحقيق اهدافها (واشنطن) في المنطقة".
واشارت الصحيفة الى معلومات اعلامية تفيد ان وكالات الاستخبارات
الاميركية حصلت على تخويل بتقديم التمويل "غير القتالي" للجماعات
المناوئة لحزب الله في لبنان وللنشطاء الذين يؤيدون حكومة فؤاد
السنيورة التي يدعمها الغرب.
الا ان الشيخ قاسم اتهم حكومة السنيورة بالاستمرار في تسليح
المجموعات في كافة انحاء لبنان. وقال ان "ذلك يحدث بمعرفة رئيس الوزراء
وبتسهيل من قوى الامن التي تحت قيادته".
واضافت الصحيفة ان الادارة الاميركية خصصت ستين مليون دولار لتعزيز
قوى الامن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية اللبنانية والتي وصفها
الشيخ قاسم بانها تنحاز بشكل متزايد ضد حزب الله.
وقال ان "قوى الامن الداخلي لم تنجح في لعب دور متوازن (...)
والمسالة الطائفية حساسة جدا عندما يتعلق الامر بالاجهزة الامنية".
واتهم الشيخ قاسم واشنطن باحباط محاولات الحكومة اللبنانية
والمعارضة التي يقودها حزب الله للتوصل الى تسوية حول الازمة السياسية
بشان المشاركة في الحكومة.
واوضح ان "اميركا تجبر القوى الحكومية على اطالة هذه الازمة لانهم
يريدون ثمنا لها (...) فهم يرغبون في ربط لبنان بمفاوضات تصب في مصلحة
اسرائيل وفي مصلحة خطة اقامة شرق اوسط جديد".
وقال الشيخ قاسم ان حزب الله لا يستبعد مواجهة جديدة مع اسرائيل
الصيف المقبل.
واضاف "نحن مستعدون لاي مغامرة محتملة اخرى او لطلب للسياسة
الاميركية يمكن ان يدفع الجيش الاسرائيلي في ذلك الاتجاه". |