فيروس الارهاب السعودي الأصل يفتك بصنّاعه

شبكة النبأ: تلوح في الافق أسئلة كثيرة محقّة تدور حول جدية السلطات السعودية في دورها الذي تلعبه لمكافحة الارهاب الذي هو نتيجة تبنّي الافكار الاسلامية المتطرفة من قبل بعض الجهات الدينية في المملكة، مضافا اليه النهج التربوي والتعليمي الذي يكفّر كل الديانات والطوائف المخالفة للشريعة الوهابية.

وقال محللون لـ(شبكة النبأالمعلوماتية)، ان بريطانيا احتاجت الى عشرين سنة للقضاء على إرهاب الجيش الجمهوري الايرلندي السرّي، وايطاليا احتاجت إلى حوالي عشر سنوات للقضاء على «الألوية الحمراء»، وكذلك ألمانيا للقضاء على منظمة «بادر ماينهوف»، وفي كل مرة كانت هذه الدول تنتهج اسلوب مختلط عماده القوة، والحلول السياسية، والتركيز على الرعاية والارشاد التربوي والتعليمي للشباب لعدم اعطاء الفرصة في غسل ادمغتهم وجرّهم الى مهاوي العنف والتطرف والقتل.

بينما نجد ان اصل هذه الافكار الهدّامة لا يزال هو نفسه في السعودية منذ عشرات السنين لم يحاصر ولم يخضع الى مسائلة او عقوبة او تصحيح، عدا بعض التغييرات في المناهج التعليمية التي تبقي على الجوهر المعادي لكل مخالف. بل امتد فايروس الارهاب من السعودية ليشمل جميع انحاء العالم، وخصوصا العمليات المروعة التي تجري في العراق ويذهب ضحيتها يوميا العشرات من المواطنين الابرياء في تفجيرات انتحارية أوجدتها ثقافة الاسلاميين المتشددين المتطرفين.

ويضيف المحللون، لعل كون المملكة هي المصدّر الاول للنفط في العالم، وتاثيرها المادي الكبير، هو الذي يغمض عيون العالم المتحضّر عن انتقادها او الضغط عليها لمكافحة الجهات الدينية التي تتبنى الافكار المتشددة، وهي جهات مقربة للسلطة بطبيعة الحال، لأن الكل يعلم ان ارادة السلطة ذات الحكم الشمولي سوف تتم اذا ما أمرت بشيئ رغم اية اعتراضات او عرقلة من الداخل خصوصا.

ودعا مؤخراً نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي رجال الدين الى المساعدة في اجتثاث "فيروس" الاسلامية الراديكالية الذي قال انه ما زال باقيا في المملكة رغم الحملة الأمنية.

وقال نايف في تصريحات نشرتها صحيفة الرياض "لازالت الفئة الضالّة تعمل وتخطط."

وعادة ما يستخدم المسؤولون السعوديون عبارة "الفئات الضالة" للإشارة الى المتشددين الاسلاميين الذين يهدفون الى الإطاحة بالأسرة الحاكمة وطرد الغربيين من السعودية مهد الاسلام.

وقال نايف ان رجال الدين في حاجة لإظهار المزيد من العزم لدحض آراء الراديكاليين في المملكة والخارج والذين أصدروا فتاوى تربط الهجمات على الحكومة السعودية والأجانب بالجهاد.

وقال "نحن في الأمن نقوم بعون الله بما يطلب منّا لكن الأمن كالطبيب الجراح يستأصل الورم لكن الفيروس الذي يجب أن يقضى عليه في جسد أولئك الشباب لا يزال باقيا وهذا ما ندعو لاجتثاثه حقيقة."

وشن متشددون موالون للقاعدة حملة دموية في عام 2003 للاطاحة بالأسرة الحاكمة الحليفة للولايات المتحدة. وتضمنت الحملة تنفيذ تفجيرات انتحارية على مؤسسات أجنبية وحكومية بما في ذلك صناعة النفط.

وساهمت الإجراءات الأمنية المشددة في الحد من العنف لكن محللين ودبلوماسيين يقولون ان الأيدلوجية الاسلامية الراديكالية والغضب تجاه السياسة الغربية ما زالا قويين.

وقال الأمير نايف "لابد أن يقتنع الجميع أنه لن يقضى على هذه الفئات التي ضلّت إلا بتعاون الجميع، فهؤلاء يتلقون الدعم خاصة من الخارج فضلا عمّن بالداخل يدعمونهم وللأسف بالمال والفتاوى."

وقال ان بعض المواطنين السعوديين ما زالوا يتسترون على متشددين مطلوبين للحكومة.

وأشار الوزير السعودي في هذا الصدد الى المشتبه به الذي قتل الاسبوع الماضي والذي كان مطلوبا فيما يتعلق بمقتل أربعة مواطنين فرنسيين في فبراير شباط.

واضاف نايف في تصريحات نشرتها صحيفة عكاظ اليومية "لم نكن نستبعد ان يرتكب جرائم أخرى فارتكب هذا العمل ... كيف يسكن ويأكل وهل يعقل أن أحدا لا يعرفه هذا أمر غير معقول ومؤكد أن هناك من يعرفه ثم ان الامتناع عن الارشاد اليه جريمة بحق الدين والوطن."

وكان الهجوم الذي استهدف الفرنسيين خلال رحلة لهم بالصحراء هو الاول على أجانب منذ عام 2005.

وقال نايف لصحيفة عكاظ "نطالب ..علماءنا ودعاتنا ورجال القلم في بلادنا ان يعملوا على توعية المواطن وان يكثفوا القناعة في ذهنه ان ما يرتكبونه هو جريمة بحد ذاتها بايوائهم أو تعاطفهم مع هؤلاء."

واكد نايف بن عبد العزيز تعهده في تقرير لرويترز، بالحمل على رجال دين متشددين حملهم مسؤولية تحريض الشبان على الانضمام الى متشددين اسلاميين يسعون لاسقاط الاسرة الحاكمة في المملكة.

وقال نايف "اذا لم يكن هناك عمل فكري قادر ومن رجال قادرين على دحض هذه الافكار الدخيلة على العقيدة الاسلامية وعلى الاخلاق وقيم مجتمعنا...سيبقى لدينا قصور في هذا المجال...وبما ان الفكر المتشدد المطروح كما يدعون انه فكر اسلامي وهو أبعد ما يكون عن الاسلام.. والاسلام منه براء وانما هو اساءة للاسلام وقد يكون من وراء ذلك من يريد الاساءة للاسلام."

وأضاف "نحن نطالب المؤسسات العلمية ان تقوم بهذا الدور وان تساعد في تصحيح مفاهيم هؤلاء الشاذين...الذين يعتبرون انفسهم موجهين أو مفتين ان يكفوا عن هذا العمل ويعودوا الى صوابهم والجهات المسؤولة وراءهم ولن تتركهم ونحن نراهم أخطر ممن يقومون بالفعل نفسه."

واختتم نايف بحسب رويترز ان "فيروس" التطرف مازال نشطا في المملكة العربية السعودية حليفة الولايات المتحدة وأكبر مصدر للنفط في العالم رغم نجاح السلطات في الحد من الهجمات التي ينفذها الموالون لتنظيم القاعدة.

وأصدر رجال دين متشددون في المملكة وفي الخارج من قبل فتاوى تربط بين الجهاد والهجمات التي تشن على الحكومة السعودية والسكان الاجانب من مواطني الدول الغربية.

وفي عام 2003 شن متشددون تابعون لتنظيم القاعدة حملة عنف لاسقاط الاسرة الحاكمة في السعودية المتحالفة مع الولايات المتحدة وشنوا هجمات انتحارية على الاجانب والمباني الحكومية بما في ذلك صناعة النفط.

ويقول دبلوماسيون غربيون ان أي جهود من جانب السلطات السعودية لمحاربة رجال الدين المتطرفين قد تتعطل بسبب اتباع المملكة لمذهب متشدد في الاسلام وتأثير ذلك الكبير على مناهج التعليم.

وتحظر المملكة على سبيل المثال الاختلاط بين الجنسين وتمنع المقيمين الاجانب من غير المسلمين من اداء مناسك ديانتهم علنا او تنظيم احتفالات.

وسألت صحفية الامير نايف عما اذا كان يؤيد فكرة عقد مؤتمر خاص بالمرأة والاعلام فقال "الحقيقة وهذه وجهة نظري الخاصة ان فكرة فصل المرأة عن الرجل أمر غير صحيح فالمجتمع مكون من رجال ونساء...أرجو الا نكرس مفهوم الفصل في مجتمعنا."

يذكر ان القتيل وليد بن المطلق الردادي المتهم في استهداف اربعة فرنسيين في صحراء سعودية كان على قائمة أهم المطلوبين منذ ما يقرب من عامين، حيث ورد اسمه في قائمة الـ36، التي اصدرتها وزارة الداخلية السعودية في منتصف 2005، ضمن المطلوبين داخليا، وظل مختفيا منذ ذلك الحين وحتى يوم قتله.

ويضيف تقرير للحياة، عن غموض شخص سعودي ساعد اردنيين على القتال في العراق، وحيّر وضعه المحققين، وحال دون تمكن عمان من مطالبة دمشق بتسليمه.

وأصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية حكمها على ثلاثة أردنيين، بعد إدانتهم بتهمة «القيام بأعمال لم تجزها الحكومة، عكّرت صفو العلاقات مع دولة أجنبية، وعرّضت الأردن لخطر أعمال عدائية». وحكمت المحكمة حضورياً بسجن الأردني حمزة عبدالعزيز النوايشة (19 عاماً) ثلاث سنوات وأربعة أشهر، وغيابياً بسجن الأردنيين محمد حجاج وعبدالله الفسفوس خمس سنوات لكل منهما. 

وتشير لائحة الاتهام التي قدمها المدعي العام إلى محكمة أمن الدولة في عمّان، إلى أن النوايشة قام بتجنيد شابين فارين من وجه العدالة هما: محمد حجاج وعبدالله الفسفوس، وإرسالهما إلى سعودي لم تكشف هويته يكنى  بـ «أبي أحمد»، يقيم في سورية منذ منتصف عام 2006.

وأوضحت اللائحة أن السعودي «أبا أحمد» أمّن إدخال الشابين إلى العراق لمقاتلة القوات الأميركية هناك، «ما عكّر صفو العلاقات الأخوية الأردنية - العراقية، وعرّض الأردن للأخطار».

يذكر أن عدد السعوديين الذين صدرت بحقهم أحكام من محكمة أمن الدولة الأردنية خلال السنوات الثلاث الأخيرة يبلغ خمسة أشخاص.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12 نيسان/2007 -21/ربيع الاول/1428